المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



لا تكن مستبداً!  
  
1707   04:00 مساءً   التاريخ: 16-5-2022
المؤلف : محَّمد الكَاتب
الكتاب أو المصدر : كيف تُسعِدُ ابناءَكَ وتُربيهُم بِنجاح؟
الجزء والصفحة : ص35 ـ 41
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-4-2016 2231
التاريخ: 17-2-2020 3923
التاريخ: 2024-11-08 199
التاريخ: 2024-09-24 202

نزل صديق لي ضيفاً على بيتنا ـ ذات يـوم ـ وكان قد أصبح أباً منذ أيام ليست بعيدة، حيث رزق بوليد لأول مرة.

طلب مني هذا الصديق أن يستعير كتاباً حول تربية الأبناء وقبل أن أقـوم بتلبية طلبه، ارتأيت استغلال الفرصة والإفادة منه فوجهت إليه سؤالاً وقلت:

ـ قبـل ذلك أود أن أسألك سؤالاً.. ترى أي الطريقة التي ستعتمـد للتعامل مع أبنائك؟

رفع رأسه في تفكير، وتأفف بحسرة ثم قال بإيجاز:

- طريقتي - التي سأعتمدها ـ في تربية أبنائي أن لا أكون مستبدأ معهم.

من خلال هذه الإجابة وطريقة طرحها لمست شيئاً، وبدا واضحاً لي ان هذا الصديق لربما مر بهذه التجربة حين صباه وذاق مرارتها من قبل أحـد أبويه.

ولما كان ـ هو غاية الصراحة معي وجهت إليه السؤال التالي وقلت:

ـ هل كان أبوك مستبداً في معاملتك؟

أجاب قائلاً:

لقد وضعت يدك على الجرح.. إنك تستطيع أن تقول أن أبي كان حاكماً دكتاتوراً !

ولما طلبت منه التفصيـل أخذ يحدثني بصراحة، وإليك قصتـه كما رواها: (كان أبي مستبداً بـرأيه في كل الأمور الكبيرة منها والصغيرة، إذ لم يكن يأخذ برأي أي أحد من أبنائه، منذ يوم كنا صغاراً وحتى أصبحنا رجالاً کبار.

وأتذكر أنه لم يلبّ لنا طلباً يوم كنا صغاراً، فهو الذي كان يصدر الأوامر وكان علينا التنفيذ بدون نقاش.

حتى أنـه أخـذنـا ذات يوم في رحلة سيـاحيـة ـ وكنت حينهـا في سن الخامسة عشر ـ فطلبنا منه أن يأخذنا الى مصيف شهير كـان هدفنا الوحيـد من الرحلة، لكنه أومأ لنا بالرفض وأخذنا الى مكان كان هو يهوى الذهاب اليه، وفي ذلك المكان، كان هنالك نهراً رقراقاً، وكانت الأجواء قائضة، فطلبنا - انا واخواني - أن يأذن لنا بالسباحة، لكنه رفض أيضاً.

لقد كان والدي ـ في تلك الرحلة التي من المفترض أن تكون لنـا ـ لا يذهب بنا إلا الى المكان الذي يرغب هو إليه، ولا يدخلنا مطعماً إلا المطعم والطعام الذي يشتهيـه ولا يسمح لنا بفعل أو اقتناء أي شيء من الألعـاب والحاجيات، إلا ما كان يتوق له ويرضيه.

وبالطبع فلم يكن والدي يتنازل عن أي قرار يتخذه، حتى ولو توسلنا به وزدنا في الإلحاح، بـل ولم يكن يسمح لأي أحـد أن يجعل من كلمتـه كلمتين.

ولقد ذقنا مرارة استبداده طوال أيام الطفولة والكبر وكان هو بذلك يسيء في معاملتنا أي إساءة.

وحينما كنا نرى بعض أبناء الجيران كيف كانوا يتنعمون بـالـحـريـة، ويرفلون بأجواء الديمقراطية، كان ذلك يثير فينا الألم والحسرة المرة، ولمرات كثيرة كنا نغبط أبناء الجيران على آبائهم، وكم تمنينا أن يقتدي أبونا بآبائهم ولكن بلا جدوى.

إذن الآباء المستبـدون هم الذين يفـرضـون قـدراً كبيراً من السيطرة المتطرفة على الأبناء، ويتعاملون معهم بصرامة وتهديد، وتأنيب أو يحاولون دفع أبنائهم الى مستويات وآراء لا تلائمهم، ولا تتفق مع آرائهم المشروعة.

ويفرز هذا الاستبداد النتائج السلبية التالية:

1ـ يحاول الأبناء مقاومة السيطرة الأبوية فتتحول هذه المقاومة غالباً الى نضال من أجل النفوذ بين أنفسهم وبين آبائهم.

2ـ أن السيطرة الأبوية المتطرفة تحول بين الابن ورغبته في الاستقلال حتى يستطيع أن يأخذ مكانته كفرد ناضج ومستقل في المجتمع.

3ـ ولادة الحقد والكراهية في نفوس الأبناء تجاه آبائهم، والتخلص من رقبتهم ويحدث كثيراً ان الطفل يتمنى موت أبيه ليس لأجل التركة، وإنما من أجل التحرر والخلاص.

على ضوء ذلك لا أعتقد أن أحداً يؤمن بالدكتاتورية كما لا أحـد يؤمن بالحرية المطلقة للأبناء، ولكن أمر بين أمرين.

أي أن من حق الأب الشرعي تجاه أبنـائـه أن يمنعهم من فعـل بعض الأمور ويضع حداً لهم تجاه بعض القضايا التي يراها تضر بأنفسهم ومصالحهم ولكن ليس للأب الحق في منعهم وفرض رأيه عليهم في كل شيء.. حتى في نوعية اللعبة الصالحة.

بـل وليس له الحق في أن يفرض رأيـه حتى في بعض العـادات والتقاليد.

يقول الإمام علي (عليه السلام) في كلمة رائعة: (لا تقسـروا أولادكم على آدابكم فـإنهـم مخـلوقون لـزمـان غير زمانكم)(1).

وعلى سبيل المثال: فإذا كان الأب يتناول الطعام بيده وأولاده يأكلون بالملاعق، فليس له حق منعهم أو إلزامهم الاقتداء به، وكذلك الأمر في الآداب الأخـرى سواء في طرق استخـدام مـواصـلات السفـر وكيفيـة السكن والملبس أو العادات الأخرى طالما هي في طول الشريعة الإسلامية لا في عرضها.

 أي ما دام هي صالحة ومحللة أو مباحة، ولكن للأب الحق بـل ويجب عليه فرض رأيه حينما. يسيء الأبناء الطريق المستقيم أو منعهم لكي لا يضلوا الطريق منذ البداية

ولكن ما هو المانع من أن يدع الأباء أبناءهم يختارون الآداب المخالفة لآدابهم ما لم تكن تخالف شريعة الله (عز وجل)؟

بالطبع.. لا يحدث أي شيء!

بل أن الأب الكريم سيجني نتائج طيبة من ذلك، فإنه لو أرخى الحبل وترك الحرية لأبنائه في كل الأمور الجزئية التي لا تضر ولا تنفع، فإنه بالتأكيد سينجح في شد الحبل في الأمور الكبيرة والهامة الأخرى.

تماماً.. يكون بعكس ذلك الذي يشد في كل شيء.

وهذه العملية تشبه عملية الخطابة، فإن الخطيب الناجح هو الذي يشـد على بعض الكلمات ويرخي البعض الآخر دائماً خـلال حديثه.

بينما الخطيب الفاشل هو ذلك الذي يبدأ خطابه بالصراخ والشـد على مخارج الكلمات في حنجرته، حتى نهاية خطابه.

إن سياسة اللين في مقابل الشدة (لها الأثـر البـالـغ لاحتـواء الأبنـاء وامتصاص أي بوادر للنقمة في نفوسهم).

يقول الحديث الشريف: (لا تكن يابساً فتكسر ولا تكن ليناً فتعصر)

والمطلوب أن يكون الأب ليناً حتى في الأمور التي يرى من الضروري أن يشد الحبل فيها، ويأخذ برأيه خلافاً لآراء أبنائه.

فإذا كان من حقه ـ مثلاً ـ أن أمراً بالرفض، فليس من حقه أن يستخدم العنف والقوة إذا كان للرفق الى ذلك سبيل.

هب إنك أردت منع ولدك من ارتياد أماكن اللهـو، ونهيه عن سماع الأغـاني، أو أردت أن يستجيب لك في إداء عمل الخير والصلاح، فهل هنالك خير من إستخدام الرفق واللباقة وفن الإقناع في ذلك؟

والسؤال الآن هو: كيف يتصرف الآباء تجاه طلبات أبنائهم؟

هل ينفذون كل أوامرهم؟

أم يمتنعون؟

يقول أحد خبراء التربية: (ليس من الصحيح أن يكون الطفـل جهازاً تشريعياً، كمـا ليس من المطلوب أن يكون الوالدان جهازاً تنفيذياً، يقـوم بتنفيذ كل الأوامر والقوانين التي تملى عليه.

والوالدان اللذان يكونان جهازاً تنفيذياً، فإنهما يسيئان الى أبنائهما وأنفسهما معاً.

كمـا وليس من الصحيح أن يكون الوالدان حكومة دكتاتورية مستبـدة تحكم بقوة الحديد والنار، ويكون الأبناء شعباً مضطهداً مسلوب الحرية.

وإنما السليم والمطلوب أن يكون الوالدان حكومة تمنح شعبهـا الحرية والديمقراطية ضمن شروط وحدود وضعتها شريعة السماء.

قال لي أحد الآباء عن تجربته في التعامل مع الأبناء وبالخصوص حينما يقـدمـون طلباتهم قـال يجب، أن لا يتعودوا على الإستجابـة الفـوريـة لكـل طلباتهم).

وأضاف قائلا:

كنت أعرف صديقاً لي كان يشغل وزوجته مناصب كبيرة في الدولة، وكانا يدران - شهرياً ـ أموالاً طائلة، وحينما وجهت إليهما سؤالاً وقلت: هل يغنيكما معاشكما؟ فقالا: (لا إن نصف الراتب الشهري لا يكاد يفي لشراء حاجيات أبنائنا وقضـاء طلباتهم فقط!).

وأقول: هذا بالإضافة إلى أن الطفل أو الطفلة المدللة حينمـا تكـبـر وتنتقل الى بيت الزوجية، فإنها ستكون من أصناف النساء اللواتي يقصمن ظهور أزواجهن بكثرة طلباتهن، وإسرافهن في شراء الفساتين والحلي وأدوات الزينة وقد تبين حسب ما أكدته الدراسات والبحوث أن الزوجة القانعة بالكفاف هي تلك الطفلة التي لم تتعود على إستجابة. جميع طلباتها حين الصغر.

إن أفضـل قاعـدة للتعامل مع كل شيء هي قاعـدة: (لا إفراط ولا تفريط).

ونحن هنا ننصح بإتباع هذه القاعدة الذهبية في التعامل مع الأبناء حينما يقدمون طلباتهم، لأن خير الأمور أوسطها (كما يقول الحديث الشريف).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 1ـ شرح ابن أبي الحديد ج20، ص267. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.