أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-5-2018
2377
التاريخ: 27/12/2022
1249
التاريخ: 11-12-2018
1877
التاريخ: 8-10-2020
5313
|
كلمة الأم، عزيزة ومقدسة. لأن قلب الأم هو ينبوع لأجمل وأعذب وأنقى العواطف الإنسانية، قلب الأم يفيض بالمحبة الإلهية وهي التي تغذي طفلها من هذا الينبوع وتمنحه الحياة. إن كلمة الأم هي كلمة عزيزة وجليلة لأنها تربي الإنسان والإنسانية، فلولا وجود الأم لقضت أحداث الزمن على هذا الإنسان وبالتالي على البشرية بأسرها. فالأم هي التي ضحت بنفسها من أجل أن يعيش طفلها بسعادة وينمو ويكبر وهي التي تشقى وتسهر الليالي وتتحمل أنواع المصاعب والعناء لكي تحافظ على طفلها من بلايا الدهر وحوادث الأيام وهي التي تبقى جائعة ظمآنة من أجل أن يأكل طفلها ويشرب ويعيش مرتاحاً والأهم من ذلك كله، فهي تستلذ بكل هذه التضحية وهذا البذل والعطاء والمحبة والخدمة والإيثار وتشعر بالسعادة والنشاط والفرح. فهل يجب أن نقول للأم: (عليك أن تحبي طفلك)؟ كلا! لا ضرورة أن نقول لها ذلك، لأن مشاعر وأحاسيس الأم ومحبتها لأولادها هي أمور غريزية أودعها الله سبحانه وتعالى في قلب الأم. المحبة التي في قلب الأم هي قانون الخلقة الحكيم، وإن الله العليم الحكيم جعل هذا الينبوع وهذه العين الفياضة في قلب الأم وصدرها لكي يرضع طفلها مع حليبها وينمو مع مشاعر العاطفة والمحبة والنظرة والبسمة، أي أن ينمو جسمه وتتسامى روحه وتسكن وتهدأ. حتى الحيوانات التي لا تشاهد بينها مظاهر التعاون وأواصر الصداقة والمحبة - فإن لديها غريزة الأمومة حيث إن أنثى الحيوان هي أم حنونة ومضحية. إذن فليست هناك ضرورة بأن نوصي الأم أن تظهر المحبة لطفلها وأولادها. ولكن من الضروري أن نوصي الأمهات لكي يعرفن قدر هذه العاطفة والمحبة الإلهية ويثمن هذه الجوهرة السماوية بأن يظهرن ويبدين هذه العاطفة والمحبة تجاه أولادهن من خلال تقبيلهم والنظر إليهم والابتسام في وجوههم والتقرب إليهم وأيضاً من خلال الكلام والعمل وعليهن أن يزدن من محبتهن تجاه أولادهن. حيث إن رسول الإسلام العظيم ومربي الإسلام المبعوث من قبل الله قد أوصانا بإظهار المحبة لأولادنا وصغارنا وقال: [أكثروا من قبلة أولادكم فإن لكم بكل قبلة درجة في الجنة مسيرة خمسمائة عام](1).
ويقول الإمام جعفر الصادق عليه السلام: [إن الله ليرحم العبد لشدة حبه لولده](2).
وقال أبو عبد الله عليه السلام: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقبّل الحسن والحسين عليهم السلام. فقال الأقرع بن حابس: إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحداً منهم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: [من لا يرحم لا يُرحم](3). وكان النبي صلى الله عليه وآله في كل صباح يقبل أولاده وأحفاده وكان صلى الله عليه وآله يقول ما مضمونه: (إذا أحببتم أحداً فصارحوه بمحبتكم وأظهروا محبتكم له لأن ذلك يقوي العلاقات بين الأفراد ويزبد من المحبة ويخلق لألفة والصفاء والطمأنينة)(4).
ومن الضروري أن نوصي الأم بأن تظهر المحبة بالشكل الصحيح وبالقدر اللازم لتروي بذلك ظمأ أولادها (في مرحلة الطفولة وفي مرحلة الكبر) وتجعلهم يشعرون بالاستقرار والهدوء وتنمي في داخلهم براعم التقدم والرُقي. يجب على الأم أن تنتبه إلى أن النقص في المحبة وفقدان العاطفة هو أكثر ألماً من الجوع وأكثر حرقة من الظمأ، إن فقدان العاطفة والمحبة تجاه الأبناء يؤدي إلى ذبول براعم النمو واضمحلال دعائم الشخصية عندهم ويجعلهم يصابون بالكآبة والخمول. لاحظوا الرسالة التالية:
الرسالة:... تحية لكم ولجميع الإخوة والأخوات الذين بجدون ويسعون من أجل تحقيق مستقبل أكثر إشراقاً ووطن أكثر تقدماً وازدهاراً وشعب أكثر سلامة ونشاطاً وحيوية. قبل أن أدخل في صلب الموضوع أريد أن أعرف عن نفسي. أنا فتاة شابة إسمي... أبلغ من العمر... وأسكن في مدينة... منذ أن عرفت الوعي وأسرتي تعاني من التشتت ويسود أسرتي جوّ من التربية الخاطئة غير الصحيحة. أشعر بشيء في أعماقي يقض مضجعي ويعذبني وكأني أشعر بأن شيئاً ما ينقصني في وجودي ولكني كنت عاجزة عن فهم ذلك الإحساس المؤلم، فهماً واضحاً حتى أدركت بعد فترة بأنني - نتيجة للخلافات الموجودة بين والدي ووالدتي وانفصالهما عن بعضهما والنتائج السيئة التي ترتبت على هذا الانفصال - إنسانة مريضة نفسياً أعاني من التعب والكآبة إن تشتت الاسرة له بالتأكيد عواقب ونتائج أخرى أكثر مرارة وأسىً وقد ذقت بنفسي جميع هذه المآسي والصعوبات كلها وبشكل مستمر ومتواصل...
وتمر الآن... سنوات على طلاق والدتي وقد تحولت من طفلة بريئة وطاهرة إلى شابة منهكة كئيبة وفي نفس الوقت متمردة وغاضبة... اسمحوا لي أن أتحدث قليلاً عن والدتي: إن والدتي تنظر أكثر ما ننظر إلى نمط حياة خالتي (أختها) وكانت تطلب من والدي - وهو رجل كادح - باستمرار نفس الأشياء التي تتمتع بها أختها، كالسفر وحضور الحفلات وتبادل الدعوات كما كانت والدتي تطلب من والدي أن يشتري لها نفس الملابس والمجوهرات والحلي التي كانت موجودة عند أختها وكانت والدتي تشكو باستمرار من العيش مع والدي وتعرب عن تذمرها وعدم رضاها وكانت تقول: لماذا تملك أختي كل تلك الأشياء ولا أملك أنا شيئا منها؟! هل أنا أقل منها شأناً؟! وكانت والدتي تتحسّر وتحترق لأن أختها تعيش في المستوى الفلاني وان زوجها يعرف قدرها... لقد تخلت والدتي عن جميع واجباتها ومسؤولياتها وكانت تمتنع حتى عن إظهار أقل قدر من المحبة والحنان لولديها ولا سيما أنا التي كنت ابنتها... وأخيراً طلبت والدتي الطلاق وذهبت وتركتنا وحيدين وبالطبع فهي لم تحقق حتى الان ما كانت تصبوا إليه، بل...
قبل كل شيء أقول هل من الصحيح أن نطلق تسمية الأم، هذه التسمية المقدسة على هذه المرأة الشيطانية؟! والنقطة الأخرى هي أن النظر إلى ما عند الآخرين وإلى أسلوب معيشتهم والتحسر على ما يملكونه من ثروة ومال وحياة مرفهة، يُعمي بصيرة الإنسان ويجعل ينبوع العاطفة والمحبة لديه يجف وينضب وتكون نتيجة ذلك أن مثل هذه المرأة ومن أجل أن تحقق أحلامها وآمالها في الوصول إلى الثروة والذهب والمجوهرات تنزع عن صدرها جوهرة الأمومة المقدسة الفريدة من نوعها وتنقض عهد الزواج المقدس وتتخلى عن رباط الزوجية وتحطمه وتنسلخ عن محيط أسرتها وأولادها وتترك أولادها وأطفالها الأبرياء وحيدين ليس لهم من يحميهم ويأويهم وتتجه إلى صحراء الجفاء القاحلة أملاً في الوصول إلى سراب الماء وفي نهاية المطاف تبقى مثل هذه المرأة وحيدة منهكة وحزينة لا مأوى لها . يقول رسول الله صلى الله عليه وآله: [من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات ومن أتبع بصره ما في أيدي الناس طال همه، ولم يشف غيظه. ومن لم يعرف أن لله عليه نعمة إلا في مطعم ومشرب قصر أجله ودنا عذابه]. يقول تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 131].
فمثل هذه المرأة ومن أجل أن تحقق آمالها وتطلعاتها إما أنها تضغط على زوجها وتحمّله أكثر من طاقته وتنغص بذلك حياة الأسرة وتجعلها مرة. وإما أنها تنسلخ وتبتعد عن زوجها وأولادها وبيتها وفي كلتا الحالتين فهي تثير غضب الجبار، حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وآله: [من كانت له امرأة ولم توافقه ولم تصبر على ما رزقهُ الله وشقت عليهِ وحملته ما لم يقدر عليه لم يقبل الله لها حسنة تتقي بها النار وغضب الله عليها ما دامت كذلك](5).
وقال صلى الله عليه وآله: (خير نسائكم الولود الودود الستيرة العفيفة العزيزة في أهلها الذليلة مع بعلها الحصان مع غيره، التي تسمع له وتطيع أمره، إذا خلا بها بذلت ما أراد منها)(6).
وحبذا لو قرأت والدتك هذه السطور وهذا الكلام القيم لرسول الله صلى الله عليه وآله لتدرك وتعي الإحساس المؤلم بالتشرد والضياع الذي تشعر به ابنتها وحبذا لو استمعت إلى نداء الضمير وعادت إلى بيتها معززة مكرمة لتضيء أكنافه وكل زاوية من زواياه بوجودها ومحبتها. وتبلسم جراح أولادها ويا حبذا لو سمعت هذه الأم ما تقوله ابنتها:
بقية الرسالة:... نعم! إن الإحساس الوحيد الذي يؤلمني هو إحساسي بالتشرد والضياع وفقدان المحبة ولا سيما المحبة من جانب والدتي بالذات. أما والدي فرغم أنه رجل طيب وكادح فهو منهمك في العمل والسعي، حيث يخرج من البيت في الصباح الباكر ويعود في وقت متأخر من الليل وهو تعبان ومنهك، وبالتالي فنحن نعيش وحيدين تماماً... في البداية لم أكن أهتم بهذه التغيرات وبهذا القلق والاضطراب لأني كنت أتصور أن بالإمكان العيش بدون أم وبدون محبتها وحنانها وعطفها. ولكن الآن أرى بأن نفسيتي وشخصيني قد تحطمت ووصلت إلى قمة الأس والأسى، لقد حل في وجودي الضعف وعدم الإرادة بدل الإيمان والسعي والعمل... أشكركم كثيراً على قراءتكم لرسالتي وإصغائكم لكلامي وإني أنتظر توجيهاتكم وإرشاداتكم لأني ليس لي شخص حنون ومخلص أتحدث معه واستشيره لا في داخل البيت ولافي خارجه...
يا حبذا لو كان هناك شخص مصلح وإنسان واع حلّال للمشاكل (أحد الأقارب أو الجيران أو أحد الأصدقاء) يخطو في طريق الخير ويقوم بعملية إصلاح ذات البين لأن: «صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام)(7).
أما أنت أيتها الأخت الكريمة المرهفة الإحساس والمشاعر:
١- لا تسمحي أبداً لليأس والقلق أن يتغلبا عليك. اكتشفي القدرات والإمكانات التي أودعها الله فيك وكوني واثقة من أنك ومن خلال تلك القدرات والإمكانات، بإمكانك التعويض عن كل ذلك الجفاء وعدم المحبة من جانب والدتك. استعيدي بالاتكال على الله وألطافه الخفية شخصيتك الإنسانية السامية وابني مستقبلك بأروع وأعظم ما يمكن وكوني على ثقة بأن الصعوبات التي تمرين بها هي صعوبات عابرة وستمر مر السحاب وعندما تتزوجين رجلاً أميناً وفياً وعاقلاً فإن كل هذا القلق سيتحول إلى نشاط وفرح. اتكلي على الله واطلبي منه العون وكوني على ثقة بأن الله الذي خلقك وسواك لن يتركك وحيدة دون مأوى ولا معيل.
٢- لا تبقي وحدك في المنزل، اشغلي نفسك بعمل مفيد، وأقيمي علاقات تعارف مع الأخوات المؤمنات، عليك أن تصادقيهن وترافقيهن وأن تبني حياتك ومستقبلك بقلب مفعم بالأمل والرجاء بالله سبحانه وتعالى وبكل ثقة واطمئنان.
________________________________
(1) بحار الأنوار ، ج١٠٤ ص٩٩ وسائل الشيعة ج٢١ ص٤٨٥.
(2) وسائل الشيعة ، ج٢١ ، ص٥٨٣.
(3) وسائل الشيعة ، ج٢١ ، ص٤٨٥.
(4) مستدرك وسائل الشيعة ج٢ ص٦٧.
(5) بحار الأنوار ، ج١٠٣.
(6) بحار الأنوار ، ج ١٠٣ص٢٣٩ باب ٦٠ ح٥٠.
(7) نهج البلاغة ،ص٥٦٥ رقم ٢٨٥ ط الأعلمي – بيروت.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|