أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-10-2015
3319
التاريخ: 2023-10-29
1184
التاريخ: 29-01-2015
3545
التاريخ: 5-5-2016
3804
|
تمثّل أمام قريش الفشل في القضاء على المسلمين حقيقة واضحة ، ولكنّها الجاهلية والعناد والإصرار على الكفر ، فعادت قريش تتهيّا مرة أخرى لتوجيه الضربة القاضية للمسلمين ، وذلك بالتحالف مع القبائل الجاهلية الأخرى واليهود أيضا ، حتى بلغ عددهم عشرة آلاف يقودها أبو سفيان[1] ، وازداد غيظ وحقد المشركين حين واجهوا الأسلوب الدفاعي والتكتيك الحربي الّذي اتّخذه الرسول ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، بعد أن استشار أصحابه فأشار سلمان الفارسي رضى اللّه عنه بحفر الخندق ، غير أنّ الاندفاع والحماس والغرور بالعدّة والعدد كان قويّا في نفوس الأحزاب المجتمعة لقتال المسلمين والقضاء على الإسلام نهائيا .
وتمكّن بعض فرسان قريش من عبور الخندق من مكان ضيّق فيه ، فأصبحوا هم والمسلمون على صعيد واحد ، فازداد المسلمون خوفا على خوفهم وخرج عليّ بن أبي طالب في نفر من المسلمين حتى أخذ عليهم الثغرة التي أقحموا منها خيلهم .
فوقف عمرو بن عبد ودّ يطلب المبارزة ويتحدّى المسلمين ، وهدأت أصوات المسلمين أمام صيحاته وكأنّ على رؤوسهم الطير ، كلّ يفكر في نفسه ويحسب لهذا الفارس ألف حساب .
فقال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : هل يبارزه أحد ؟ فبرز إليه عليّ ( عليه السّلام ) فقال : أنا له يا رسول اللّه ، فأجلسه النبيّ ، وللمرّة الثانية والثالثة طالب عمرو المبارزة فلم يكن يجيبه إلّا عليّ ( عليه السّلام ) وفي كلّ مرّة كان رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) يطلب منه الجلوس[2] ثم أذن النبيّ لعليّ بعد أن عمّمه بعمامته وقلّده بسيفه وألبسه درعه ، ثمّ رفع يديه وقال : « اللّهم إنّك أخذت عبيدة يوم بدر وحمزة يوم أحد وهذا عليّ أخي وابن عمّي فلا تذرني فردا وأنت خير الوارثين »[3].
وبرز عليّ ( عليه السّلام ) إلى ساحة المعركة بعد أن قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : « برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه »[4].
وانحدر عليّ ( عليه السّلام ) نحو عمرو والثقة بنصر اللّه تملأ قلبه ، أمّا عمرو فقد كان لقاؤه مع عليّ مفاجأة له ، وفي هذا الموقف تردّد عمرو في مبارزة عليّ ( عليه السّلام ) فقال له : يا عمرو ، إنّك كنت في الجاهلية تقول : لا يدعوني أحد إلى ثلاثة إلّا قبلتها أو واحدة منها ، قال : أجل .
قال عليّ ( عليه السّلام ) : فإنّي أدعوك إلى شهادة أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمدا رسول اللّه وأن تسلم لربّ العالمين ، قال : أخّر عني هذه ، قال علي ( عليه السّلام ) : أما إنّها خير لك لو أخذتها ، ثمّ قال : ترجع من حيث جئت ، قال : لا تتحدّث نساء قريش بهذا أبدا ، قال عليّ ( عليه السّلام ) : تنزل تقاتلني .
فغضب عمرو عند ذلك ونزل عن فرسه وعقرها ، ثمّ أقبل على عليّ ( عليه السّلام ) فتقاتلا ، وضربه عمرو بسيفه فاتّقاه عليّ بدرقته ، فأثبت فيها السيف وأصاب رأسه ، ثمّ ضربه عليّ على عاتقه فسقط إلى الأرض يخور بدمه ، وعندها كبّر عليّ ( عليه السّلام ) وكبّر المسلمون خلفه ، وانجلت الواقعة عن مصرع عمرو ، وفرّ أصحابه من هول ما شاهدوه ، فلحق بهم عليّ فسقط نوفل بن عبد اللّه في الخندق فنزل إليه علي فقتله[5].
وتلقّت الأحزاب هذه الضربة القاسية بدهشة واستغراب ، لأنّها لم تكن تتوقّع أنّ أحدا يجرؤ على قتل عمرو بن عبدودّ ، فدبّ الخوف في نفوسهم ولم يجسر أحد منهم على تكرار المحاولة إلّا أنّهم بقوا محاصرين للمدينة فترة من الزمن حتى أذن اللّه بهزيمتهم حين استخدم رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) أسلوبا آخر لمحاربتهم .
وامتاز عليّ ( عليه السّلام ) على جميع من حضروا غزوة الخندق بأمور :
1 - مبادرته لحماية الثغرة التي عبر منها عمرو وأصحابه ، والتي تدلّ على الحزم والإقدام في مواجهة الطوارئ في ساحة المعركة .
2 - مبارزته عمرا وقتله ، وقد تردّد المسلمون في مبارزته فلم يخرج إليه أحد ، وقد قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) مشيدا بموقف عليّ ( عليه السّلام ) : « لمبارزة عليّ بن أبي طالب لعمرو بن عبدودّ يوم الخندق أفضل من عمل امّتي إلى يوم القيامة »[6].
3 - الشجاعة والقوّة الفائقة التي ظهرت منه ( عليه السّلام ) طوال المعركة تمثلت واضحة حينما لحق المنهزمين الذين عبروا مع عمرو بن عبد ود ، وهو راجل وهم فرسان .
4 - الأخلاق العالية التي كان يتميز بها ( عليه السّلام ) في شتّى المواقف ، مظهرا فيها عظمة الرسالة والرسول ، منها أنه لم يسلب عمرا درعه مع أنّها من الدروع الممتازة بين دروع العرب .
5 - إن قتله ( عليه السّلام ) عمرا ونوفلا ولحوقه بالمنهزمين كان سببا في إعادة الثقة للمسلمين بنفوسهم بعدما رأوا الجمع الكبير لقريش وأحلافها ، وأيضا كان سببا لهزيمة المشركين مع ما أصابهم من الريح والبرد وسبب خوفهم من أن يعاودوا الغزو .
6 - الشرف الرفيع الذي ناله عليّ ( عليه السّلام ) بشهادة الرسول حين قال ( صلّى اللّه عليه وآله ) عند مبارزة عليّ ( عليه السّلام ) : « برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه »[7].
[1] السيرة الحلبية : 2 / 631 .
[2] السيرة النبوية لابن هشام : 3 / 224 ، تاريخ الطبري : 3 / 172 ، والكامل في التاريخ : 2 / 180 ، والسيرة الحلبية : 2 / 318 .
[3]موسوعة التاريخ الإسلامي : 2 / 491 و 492 ، عن شرح نهج البلاغة : 19 / 61 ، وراجع المناقب للخوارزمي :
144 ، السيرة الحلبية : 2 / 318
[4] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 19 / 61 ، ينابيع المودة : الباب الثالث والعشرون ، رواه عن ابن مسعود ورواه الميلاني في قادتنا : 2 / 108 عن الدميري في حياة الحيوان : 1 / 248 وعن الفضل بن روزبهان : إنّه حديث صحيح لا ينكره إلّا سقيم الرأي ضعيف الايمان . ولكنه ليس نصّا في الإمامة .
[5] تاريخ دمشق : 1 / 150 ، وراجع أيضا موسوعة التاريخ الإسلامي : 2 / 495 .
[6] مستدرك الحاكم : 3 / 32 ، نقلا عن هامش تأريخ دمشق : 1 / 155 ، وفرائد السمطين : 1 / 255 حديث 197
[7] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 19 / 61 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|