المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



صلح الحديبية  
  
2253   01:45 صباحاً   التاريخ: 3-4-2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 1، ص161-164
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / قضايا عامة /

كادت تنقضي السنة السادسة للهجرة وكانت تلك السّنة سنة جهاد مستمر ودفاع مستميت بالنسبة للمسلمين . واهتم المسلمون بنشر الرسالة الإسلامية وبناء الانسان والمجتمع الإسلامي وتكوين الحضارة الاسلامية . وقد أدرك كل من كان في الجزيرة العربية عظمة هذا الدين وعرف أن من المستحيل استئصاله والقضاء عليه ، فالصراع مع قريش - وهي أكبر قوة سياسية وعسكرية آنذاك - ومع اليهود وباقي القوى المشركة لم يمنع من انتشار الإسلام وسطوع معانيه وبلوغ أهدافه .

ولم يكن البيت الحرام ملكا لأحد أو حكرا لمذهب أو أصحاب معتقد معيّن ، فقد كانت هنالك أصنام وأوثان متعددة يحج إليها من يعتقد بها ، إلّا أن طغيان قريش وعتوّها صدّ النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) والمسلمين عن زيارة البيت الحرام .

وفي هذه الفترة أدرك النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) حرج قريش في موقفها تجاه الإسلام فقرر أن ينطلق بالمسلمين في رحلة عبادية مؤديا العمرة ، ليعلن من خلالها مواصلته للدعوة الإسلامية ويوضح ما يمكنه من مفاهيم العقيدة الاسلامية ومعالمها واحترامها وتقديسها للبيت الحرام ، وتكون حركته هذه مرحلة انفتاح رسالي جديد وعهد انتقال من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الانتشار والهجوم .

سلك الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) وأصحابه طريقا وعرا ثم هبطوا إلى منطقة سهلة تدعى ب « الحديبية » فبركت ناقة رسول اللّه فقال ( صلّى اللّه عليه واله ) : « ما هذا لها عادة ولكن حبسها حابس الفيل بمكة » [1] ، فأمر ( صلّى اللّه عليه واله ) المسلمين بالنزول فيها - وقال ( صلّى اللّه عليه واله ) : « لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألونني فيها صلة الرحم إلّا أعطيتهم إياها »[2]  ، ولكنّ قريشا بقيت تترصد المسلمين ووقف فرسانها في طريقهم ، ثم بعثت إلى النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) بديل بن ورقاء في وفد من خزاعة لتستعلم هدف النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) وتصده عن دخول مكة ، وعاد الوفد ليقنع قريشا أن السلم والعمرة هدف النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) . واستكبرت قريش وبعثت بوفد آخر يرأسه الحليس - سيد الأحابيش - فلما رآه النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) مقبلا قال : « إن هذا من قوم يتألهون » ( أي يعظمون اللّه ) . فلما رأى الحليس الهدي رجع إلى قريش من دون أن يلتقي بالنبي ( صلّى اللّه عليه واله ) ليقنع قريشا ان النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) والمسلمين جاءوا معتمرين . ولكن لم تقتنع قريش فأرسلت مسعود بن عروة الثقفي الذي انبهر من مشهد المسلمين وهم يتسابقون لالتقاط القطرات المتناثرة من وضوئه ( صلّى اللّه عليه واله ) فعاد إلى قريش قائلا : يا معشر قريش إني قد جئت كسرى في ملكه وقيصر في ملكه والنجاشي في ملكه ، وإني واللّه ما رأيت ملكا في قوم قط مثل « محمد » في أصحابه ، ولقد رأيت قوما لا يسلمونه لشيء قط فروا رأيكم [3] .

وقد أعرب النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) عن احترامه للأشهر الحرم من خلال رحلة المسلمين العباديّة حيث لم يحملوا معهم سوى سلاح المسافر ، كما دعا القبائل المجاورة أن يكونوا إلى جانب المسلمين في هذه الرحلة رغم أنهم لم يكونوا مسلمين مؤكدا أن العلاقة بين الاسلام وباقي القوى غير قائمة على أساس الحرب .

واستنفر النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) ألفا وأربعمائة مسلم - على أقل التقادير - وساق الهدي أمامه ( سبعين بعيرا ) . وبلغ قريشا نبأ خروج النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) والمسلمين لأداء العمرة فأصبحت قريش في ضيق من أمرها وكان أمامها طريقان : إما أن تسمح للمسلمين بأداء العمرة وبذلك يتحقق للمسلمين أملهم في زيارة البيت الحرام ويحظى المهاجرون بالاتصال بأهلهم وذويهم وربما دعوتهم إلى الاسلام ، أو أن تمنع قريش المسلمين عن دخول مكة وبذلك ستتعرض مكانة قريش للاهتزاز وتكون محطّا للوم القبائل الأخرى بسبب سوء معاملتها لقوم مسالمين يبتغون أداء مناسك العمرة وتعظيم الكعبة المشرفة لا غير .

لقد أبت قريش إلّا العتو والمعاندة فأخرجت مجموعة من فرسانها تقدّر بمئتي فارس بقيادة خالد بن الوليد لمواجهة النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) والمسلمين . ولما كان النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) قد خرج محرما لا غازيا قال ( صلّى اللّه عليه واله ) : يا ويح قريش لقد أكلتهم الحرب ما ذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب فإن هم أصابوني كان الذي أرادوا ، وإن أظهرني اللّه عليهم دخلوا في الإسلام وافرين ، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة ، فما تظن قريش ؟ فو اللّه لا أزال أجاهد على الذي بعثني اللّه به حتى يظهره اللّه أو تنفرد هذه السالفة .

ثمّ أمر بالعدول عن طريق فرسان قريش تجنبا لوقوع قتال تتخذه قريش ذريعة لصحة موقفها وفخرا لها . وأرسل النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) خراش بن أمية الخزاعي ليفاوض قريشا في الأمر ، فعقروا ناقته وكادوا أن يقتلوه . ولم ترع قريش حرمة ولا ذمة للأعراف والتقاليد . ولم تلبث قريش أن كلفت خمسين رجلا للتحرش بالمسلمين عسى أن يبدر منهم ما ينفي صفة السلم عنهم . وفشلت خطتهم وتمكن المسلمون من أسرهم فعفا رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) عنهم مؤكدا بذلك هدفه السلمي[4]  .

وأراد النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) أن يبعث إلى قريش رسولا آخر - ولم يتمكن من إرسال علي بن أبي طالب ممثلا عنه ؛ لأنّ عليا كان قد وتر قريش بقتل صناديدها في معارك الدفاع عن الإسلام ، فانتدب عمر بن الخطاب ولكن عمر خاف من قريش على نفسه رغم أنه لم يقتل فردا من أفرادها واقترح على النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) أن يرسل عثمان بن عفان [5] ؛ لكونه أمويا وذا قرابة مع أبي سفيان . وتأخر عثمان في العودة من قريش واشيع خبر مقتله ، فكان هذا إنذارا بفشل كل المساعي السلمية لدخول مكة . ولم يجد الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) بدّا من التهيّؤ للقتال ، وهنا كانت بيعة الرضوان إذ جلس النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) تحت شجرة وأخذ أصحابه يبايعونه على الاستقامة والثبات مهما كلف الأمر ، وهدأ استنفار المسلمين بعودة عثمان . وأرسلت قريش سهيل بن عمرو لمفاوضة النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) .

 


[1] بحار الأنوار : 20 / 229 .

[2] الطبري : 3 / 216 .

[3] المغازي : 2 / 598 .

[4] تأريخ الطبري : 3 / 223 .

[5] السيرة النبوية : 2 / 315 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.