المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



إيجاد شبكة اتصالات مع الشيعة  
  
3497   04:23 مساءً   التاريخ: 2-08-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيرة الائمة-عليهم السلام
الجزء والصفحة : ص561-564
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي العسكري / قضايا عامة /

اتّسعت رقعة التشيع في عهد الإمام العسكري وامتدت إلى مدن ومناطق مختلفة ومركز الشيعة في عدة مدن ؛ فقد كانت الكوفة ، بغداد، نيشابور، قم، آبه آوه المدائن، اليمن، الري، آذربايجان، سامراء، جرجان والبصرة تعد جميعاً من مراكز الشيعة، و قد كانت سامراء، الكوفة، بغداد، قم، نيشابور، تتمتع ولأسباب خاصة بأهمية كبيرة من بين تلك المدن وقد أوجب تباعد المراكز الشيعية وجود شبكة اتصالات منظمة تؤمّن اتصال الشيعة بالإمامة من جهة واتّصالهم ببعض من جهة أُخرى، ويتم من خلال ذلك توجيههم دينياً وسياسياً وتعبوياً كانت الحاجة إلى هذه الشبكة ملحّة وماسّة منذ عهد الإمام التاسع (عليه السَّلام) ، وكما أشرنا في حياة ذلك الإمام (عليه السَّلام) والإمام العاشر فانّ إيجاد شبكة الاتصال النيابية ونصب الوكلاء في مختلف المناطق منذ ذلك العهد إنّما كان بهدف إيجاد هذا الجهاز وقد طبق هذا المنهاج في عهد الإمام العسكري أيضاً، فقد انتخب الإمام (عليه السَّلام) شخصيات شيعية بارزة، ليكونوا وكلاءه في مناطق عديدة، وكان على اتصال بهم، وبذلك كان يراقب أوضاع الشيعة فيها من خلال ذلك، والوثائق والروايات التاريخية تؤكد ذلك .

ويمكن الإشارة إلى إبراهيم بن عبده ممثل الإمام في نيشابور من بين ممثليه وخلال رسالة تفصيلية إلى إسحاق بن إسماعيل وشيعة نيشابور وبعد ان بيّن دور الإمامة في هداية الأُمّة الإسلامية وقيادتها والتأكيد على ضرورة إطاعة الأئمّة والتحذير من مغبة عصيان أوامرهم كتب الإمام (عليه السَّلام) : يا إسحاق أنت رسولي إلى إبراهيم بن عبده وفقه اللّه أن يعمل بما ورد عليه في كتابي مع محمد بن موسى النيسابوري ؛ وأن يعمل كلّ من خلفك ببلدك بما ورد عليكم في كتابي المذكور ؛ ويقرأ إبراهيم بن عبده كتابي هذا و من خلفه ببلده حتى لا يسألوني ولا يتساءلون وعلى إبراهيم بن عبده سلام اللّه ورحمته وعليك يا إسحاق وعلى جميع موالي السلام كثيراً وكلّ من قرأ كتابنا هذا من موالي أهل بلدك و من هو بناحيتكم ونزع عما هو عليه من الانحراف عن الحقّ، فليؤد حقوقنا إلى إبراهيم بن عبده، وليحمل ذلك إبراهيم إلى الرازي أو إلى من يسمّي له الرازي، فانّ ذلك عن أمري ورأيي .

ويفهم من هذه الرسالة مضافاً إلى قضية جمع أموال الشيعة التي كان لها دور كبير في تقوية البنية الاقتصادية للجبهة الشيعية انّ وكلاء الإمام كانوا يتمتعون بدرجات مختلفة من الوظائف والمسؤولية، وانّ لكلّ واحد منهم مجالاً خاصاً لنشاطاته، وكانت الأموال المأخوذة يجب أن تنتهي في النتيجة إلى الوكيل والممثل الرئيسي، ومنه تنتقل إلى الإمام (عليه السَّلام) .

وكتب الإمام ولعلّه لتقوية مكانة إبراهيم بن عبده وموقعيته وتحديد مجال وظيفته رسالة إلى عبد اللّه بن حَمْدويه البِيْهَقي: فقد نصبت لكم إبراهيم بن عبده ليدفع النواحي وأهل ناحيتك حقوقي الواجبة عليكم إليه، وجعلته ثقتي وأميني عند مواليّ هناك، فليتقوا اللّه وليراقبوا، وليؤدّوا الحقوق، فليس لهم عذر في ترك ذلك، ولا تأخيره .

ويبدو انّ بعض الشيعة كان قد شكّ في أن يكون ما ذكر حول إبراهيم هو نفس خط الإمام (عليه السَّلام) ، واحتمل أن يكون مزوراً ، ولهذا كتب الإمام في رسالة مستقلة:  وكتابي الذي ورد على إبراهيم بن عبده بتوكيلي إياه لقبض حقوقي من مواليّ هناك، نعم هو كتابي بخطي .

ومن وكلاء الإمام وممثّليه أحمد بن إسحاق بن عبد اللّه القمي الأشعري، الذي كان من خواص أصحاب الإمام، و من الشخصيات الشيعية البارزة في قم وقد اعتبره بعض علماء الرجال حلقة الوصل بين الإمام والقميين ومن خواص أصحابه غير انّ البعض الآخر منهم عدّه من وكلاء الإمام و نوابه ويبدو من رواية في بحار الأنوار انّه كان وكيلاً للإمام في الأوقاف بقم وكتب محمد بن جرير الطبري: كان أحمد بن إسحاق القمي الأشعري أُستاذ الشيخ الصدوق ووكيل الإمام أبي محمد العسكري، ولمّا قضى الإمام أصبح وكيلاً لصاحب الأمر، وظهرت من ناحيته (عليه السَّلام) تواقيع باسمه، وكان يجمع الحقوق من قم ونواحيها ويرسلها إلى الإمام (عليه السَّلام) .

وكان مع أحمد بن إسحاق ـ من أموال قم ـ جراب قد ستره بكساء طبري، وكان فيه مائة وستون صرة من الذهب والفضة دفعها إلى الإمام ،ويدلّ هذا المبلغ الكبير على الحقوق المأخوذة من الشيعة .

ومن وكلاء الإمام إبراهيم بن مهزيار الأهوازي فقد اجتمعت لديه حقوق وأموال ولم يوفّق في دفعها إلى الإمام العسكري، و لمّا مرض إبراهيم بعد استشهاد الإمام (عليه السَّلام) أوصى ابنه بأن يأخذها إلى صاحب الزمان (عليه السَّلام) ، ففعل ونصب وأُقيم مقام أبيه من قبل الإمام الثاني عشر وقد كان على رأس وكلاء الإمام محمد بن عثمان العمري الذي كان حلقة الوصل بينهم و بين الإمام، فكانوا يأتون بالأموال إليه، وهو بدوره يدفعها إلى الإمام (عليه السَّلام) .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.