المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 6234 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

اسلوب التوكيد
21-10-2014
موسى بن شاكر (وبنوه الثلاثة)
1-12-2015
طرق قياس وظائف الكلية
6-7-2016
System or Instrument Blank
25-2-2018
معنى (الشيعة والتشيع) في اللغة والاصطلاح
7-1-2019
فضل سورة الكوثر وخواصها
2-05-2015


آداب الدعاء  
  
1920   03:58 مساءً   التاريخ: 10-7-2021
المؤلف : السيد عبد الاعلى السبزواري
الكتاب أو المصدر : الاخلاق في القران الكريم
الجزء والصفحة : 495 - 503
القسم : الاخلاق و الادعية / آداب / آداب الدعاء /

الأدب المبحوث عنه في كتب الأخلاق وما ورد فيه في كتب الدعاء إنما هيئة حسنة ، والصفة الخاصة التي يتلبس بها الداعي أو الشخص لملاقات شخص عظيم بلا فرق بين أن تكون في المنظر أو اللباس أو الأفعال والأقوال فتختص بما إذا كان الفعل محبوباً في حد نفسه فلا تشمل الممنوعات شرعاً وتشمل جميع الأفعال الاختيارية الحسنة وهذا مما اتفق عليه العقلاء وإن اختلفت المجتمعات في مصاديقها فالأدب محبوب بذاته، تدعو إليه الفطرة ويتعاملها العقلاء ويستحسنونه مطلقاً واختلافهم في المصاديق والأفراد لا يضر بأصل حسنه بحيث يكون أدب كل مجتمع حاكياً عما عليه من العادات والتقاليد والأخلاق .

إلا إن في الإسلام آدابا خاصة تنبئ عن حقائق متأصلة وهي عامة تشمل جميع مظاهر الحياة وتدل على كمال الإسلام ورقيه عن جميع ما يكون مبتذلا ، ولما كانت دعوة الإسلام إلى التوحيد وتطبيقه في الاعتقاد والعمل به في جمع وجوه الحياة الدنيوية فكان الأدب في الإسلام موظفاً في هذا السبيل بحيث يرجع العبد في تطبيقه للأدب إلى جعل نفسه عبداً خاضعاً لله تعالى تظهر سمات العبودية على جميع جهات وجوده وأطواره ظاهراً وباطناً، فكل من اشتد تأدبه مع الله تعالى كانت سمات العبودية عليه أظهر ولا ريب أن الأنبياء والأولياء والصالحين من عباده لهم الحظ الأوفر وهم الأساس المتين في العبودية فيكون أدبهم مع الله تعالى أشد وأظهر وأعمق ولذا صاروا مربين ومعلمين لأممهم بهم يقتدى في عنوان العبودية ومظاهرها ويتعلم منها سمات الأدب لأنهم علموا وعملوا بما علموه فصاروا مظاهر قدوة لغيرهم وتأثرت نفوسهم القدسية فصاروا مظاهر العبودية لخالقهم وتهذبت بالتعاليم الربانية واشتغلوا بالطاعة لبارئهم فتأثرت النفوس المستعدة بهم فكانوا مربين حقيقيين وانقادت النفوس إليهم ومن المستحيل أن ينقاد شخص لآخر في العظة والنصيحة ، والواعظ لم يعمل بما يعظ به غيره وهذا أمر فطري مركوز في النفوس لقد أرشد إلى هذه الفطرة قوله تعالى : { أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [يونس : 35].

وقد أكد الإسلام على العمل ولم يكتف بالقوانين العامة والكليات العقلية ما لم تنطبق على المجالات العملية ولذا كان المربي في الإسلام قدوة حسنة في العلم والعمل وفيه شروط معينة لا يمكن أن يكون مربياً ما لم يكن متصفاً بما يصفه للمتعلم و متلبساً بما يريد أن يخلعه على غيره.

ويمكن تقسيم الأدب إلى أقسام متعددة كالأدب العملي المنطبق على العمل والأدب القولي الذي يتحقق في القول الذي يحكي طبيعة نفس المتكلم ويدور فيها من كفر أو نفاق أو إيمان فإن في الكلام الصادر من كل متكلم جهتين متميزين الدلالة الوضعية التي تلازم جهة الصلاح غالبا ؛ والدلالات الالتزامية التي تدل على ما يكمن في النفس من الصفات ولا يمكن أن يعرفها إلا من كان على بصيرة من الأمر ، وقد قال تعالى في وصف المنافقين {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد: 30] ، وإذ تتبعنا كلامه عز وجل في ما يحكى عن حالات الأنبياء والمرسلين - يتنضح ما يتجلى فيها من غاية الأدب الإلهي في جميع حالاتهم مع الله تعالى أو مع الخلق وهي شواهد صدق على حسن تأدبهم وإن بنفسها تعليماً عملياً لغيرهم ممن يريد الأسوة الحسنة وقد قال تعالى في حق أنبيائه الكرام  { أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90] ، ولا ريب أن الهداية المأمور بالانتداب إنما هي الهداية إلى التوحيد ونبذ الشرك وقد ذكرنا أنه لا بد من أن تظهر في الأعمال والأقوال والاعتقاد وتكون حاكية عن الاعتقاد الخالص الذي يتجسم في العمل فكان كل واحد منهما حاكياً ومرآة للتوحيد التام.

ومن هنا ترى أنهم في أدبهم العام في حياتهم العملية أنهم على خضوع وخشوع لله عز وجل فتراهم سجداً وبكيا ولا شبهة أنهما من أقوى مظاهر التوحيد واستيلاء صفة العبودية على جميع مشاعرهم ونفوسهم القدسية فلا يفترق عندهم الحال بين الخلوة مع الله العزيز المتعال أو مع خلقه ، فهم في جميع الأحوال على أدب إلهي مع الله ومع الناس جميعا وجميع أطوارهم على نهج واحد ، وهذا الأدب إن كان انفرادياً لكل رسول ونبي ولكنهم لم يخرجوا عن المجتمع فهم من أفراده ولهم أدب خاص وهم المسمى بالأدب الاجتماعي وقد جمعهما الله تعالى في آيات متعددة في القرآن الكريم.

قال عز وجل : {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون: 51، 52] ، فقد أمرهم عز وجل بالأكل من الطيبات والتصرف فيها والتنزه عن الخبائث التي تتنفر منها الطباع وإتيان العمل الصالح الذي يجعل الإنسان من الصالحين وما ينبغي أن يكون صالحاً لأن يقدمه إلى رب العزة والجلال ، وهذا الأدب مما يتعلق بالأفراد منهم ( صلوات الله عليهم أجمعين).

وأما الأدب الذي يتعلق بالناس بينهم بأن يكونوا أمة واحدة لا اختلاف فيها بلا فرق بين الرسول والمرسل إليهم وأن يجتمعوا على عبادة الرب ويتفقوا على كلمة التقوى وبذلك ينقطع دابر الفرقة والاختلاف بينهم فيتحقق مجتمع توحيدي لا اختلاف بين أفراده الذين اتفقوا على عبادة الله الواحد الأحد وقد سرى الأدب الإلهي بين الأفراد في جميع أحوالهم وأطوارهم فلا تتعدى السعادة عنهم حينئذ أبدا ، والآيات في ذلك كثيرة.

وأما أدب الدعاء الذي امتاز الأنبياء والمرسلون به فقد بلغ أعلى مراتبه وأقصى درجات العبودية والخلوص والإخلاص فيه ، وقد حكى عز وجل جملة منها في كتابه الكريم ولا نريد أن ندخل في تفاصيل أدب كل رسول كما حكاه عز وجل في كتابه الكريم وما ورد في السنة الشريفة ، إلا أننا نذكر ما يتعلق بعيسى ابن مريم (عليه السلام) وحالاته مع الرب العظيم وقد تجلى فيه الأدب الإلهي على مظاهر وجوده الشريف ، وندع غيره في المواضع المناسبة إن شاء الله تعالى.

فالآيات الكريمة التي وردت في هذه السورة المباركة قد بينت كثيرا من الوجوه من حياته الشريفة و الانقطاعيه مع الله عز وجل وما تضمنته أفعاله وأقواله من الأدب الجليل العميق الظاهر عليه سمات العبودية المحضة الدالة على غاية الخضوع والخشوع إلى الله المتعال وحسن تأدبه معه وقد تقدم في قصة المائدة إذ قال عز وجل حكاية عنه : {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ } [المائدة: 114].

فإنه (عليه السلام) استعمل في كلامه ما يدل على غاية خضوعه وخشوعه لخالقه العظيم بعد مواجهته لسؤال الحواريين عنه في نزول المائدة وما تضمن سؤالهم من الجفاء بظاهره وما لا يوافق الأدب العبودي وإن كان اصل قصدهم معروفاً عنده ، مضافاً إلى أن طلبهم كان اقتراحاً منهم لآية جديدة مع آياته الكثيرة الباهرة الواضحة التي استوعبت أغلب مجالات حياتهم المادية وأحاطت بهم من كل جهة وقد عددها عز وجل قبل قصة المائدة تسجيلا عليهم لإتمام الحجة عليهم ورفع كل ريب وشك فكان اختيارهم لآية جديدة يعود نفعها لأنفسهم يشبه اللعب بالآيات وهم منزهون عنه كما قال (عليه السلام) عند الاستخبار عن نواياهم {اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 112] فأظهروا منوياتهم فاستجاب لطلبهم ودعا الله تعالى بدعاء ذي أدب رفيع وأدرج فيه اقتراحهم بما يناسب مقام العظمة والكبرياء ونحن نذكر السمات المشتركة في أدب الأنبياء أولا ثم نذكر الأدب الخاص به (عليه السلام) من جمع الآيات الواردة في شأنه.

الأول : إظهار العبودية المحضة الشاملة لجميع مظاهر وجودهم المبارك قال تعالى حكاية عنه : {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ } [مريم: 30، 31] ، ومن لوازم مثل هذه العبودية السمع والطاعة فقالوا  { سمعنا واطعنا } لا كغيرهم إذ قالوا {سمعنا وعصينا}.

الثاني : إبطال شأنهم مقابل معدن الكبرياء والعظمة فقال : {مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} [المائدة: 116] فقد عرفت أنه لم يجعل لنفسه مرتبة حتى ينفي القول عن نفسه بل نفاه بنفي لازمه وهذا من الأدب العبودي المتصف به هو وسائر الأنبياء العظام ، ومن لوازم هذا النوع أن الأنبياء كلهم لم يتمنوا على الله بإيمانهم وطاعتهم شيئاً بل كانت طاعتهم عبادتهم عبادة الأحرار كما وصفها أمير المؤمنين بأنه " وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك " وفي الآيات الكريمة ما فيه الإشارة إلى ذلك فقال حكاية عنهم  { غفرانك ربنا } بخلاف غيرهم فإن عبادتهم تختلف وقد حكى عز وجل عن اليهود حيث قالوا { سيغفر لنا }.

الثالث : تنزيه ساحة الكبرياء والعظمة عن كل ما يتوهم النقص فيه كما قال عيسى (عليه السلام) : " سبحانك ربنا ".

الرابع : اشتمال كلامهم على منتهى الثناء والابتهال بأبلغ بيان وأحسن وجه كما عرفت في آخر آيات هذه السورة وغيرها ، وقال تعالى حكاية عن داود وسليمان (عليه السلام) : {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ} [النمل : 15].

الخامس : تصدير دعواتهم المباركة بكلمة الرب كما قال عيس (عليه السلام) : " اللهم ربنا أنزل علينا مائدة " الدال على حضوره عز وجل ومراعاة خلقه وتربيتهم لهم كما في دعوات إبراهيم المباركة { رب إني أسكنت} وكذا غيره من الأنبياء والمرسلين.

السادس : إن جميع أحوالهم والفاظهم تشتمل على ما يوافق آداب الحضور فكأن كل واحد منهم حاضر لدى جنابه عز وجل كما ذكرنا في قوله : {وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [المائدة : 114].

السابع : اشتمال دعواته المباركة على ما يرجع إلى الصالح العام ، قال (عليه السلام) : " إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " .

وقد عرفت أنه كان هذا الدعاء منه بأسلوب إيكال الأمر إليه عز وجل حتى لا يدخل في ضمن الدعاء للكافرين المرغوب عنه واستعمل من الأسماء العظام بما يناسب المقام وهم قد ألهموا علم الأسماء فيعلمون كيف يستعملون أسمائه المقدسة التي لها آثار خاصة ، وقد قال تعالى حكاية عن إبراهيم (عليه السلام) : " رب ارزق أهله من الثمرات " وقال أيضاً : " رب اغفر لي ولوالدي ولجميع المؤمنين "، إلى غير ذلك من الايات الكثيرة ، وفي دعوات نبينا الأعظم (صلى الله عليه واله) ما يبهر العقول.

الثامن : إنهم إذا أرادوا حاجة لأنفسهم أشركوا معهم غيرهم ليعم النفع وقد عرفت دعاء إبراهيم (عليه السلام) : " رب اغفر لي لوالدي ولجميع المؤمنين " ، وفي دعاء عيسى (عليه السلام) : " وارزقنا وأنت خير الرازقين ".

التاسع : أنهم إذا أرادوا من الله شيئاً بما يرجع على أممهم عند المخالفة الإمساك عن طاعتهم فلم يبق بعد الجهد الأكيد في التبليغ أن يرجعوا إلى الله تعالى بعد إتمام الحجة عليهم ونفاذ كل الوسائل في هدايتهم لم يستعملوا الألفاظ الصريحة بل هم يكنون في دعواتهم فقد حكي عز وجل عن موسى بن عمران عندما أمر قومه بالدخول إلي القرية {إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا} [المائدة: 24] ، فقال موسى : {قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي } [المائدة: 25] فقد كنى عن الامساك عن أمرهم وتبلغيهم ما أمره ربهم مرة أخرى بعد تلك المواجهة العنيفة منهم ، ومن ذلك أيضا دعاء شعيب على قومه إذ قال : {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف : 89] ، فإنه استنجاز منه للوعد الإلهي بعد اليأس من نجاحه دعوته فيهم ، نعم ورد في قصة نوح (عليه السلام) التصريح بطلب العذاب لكنه بين السبب في ذلك ، فكان من أدب دعائهم بالشر أن تذكر الأمور التي يبعث إلى الدعاء بالكناية بخلاف الدعاء بالخير فإن التصريح بالأسباب ادعى في المطلوب كما في دعاء موسى (عليه السلام) حيث قال تعالى حكاية عنه : { لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ } [يونس: 88] عند دعائه على فرعون ولم يأت بتفاصيل أخرى بخلاف الدعاء في طلب الخير فقد حكى عز وجل دعاء عيسى في نزول المائدة التي ذكر فيها التفاصيل فراجع.

العاشر : إنهم كانوا يراعون منتهى الأدب مع قومهم وهو يرجع إلى التبلغ العملي الذي يضاهي التبلغ القولي ، وفي القرآن الكريم الشيء الكثير.

قال تعالى حكاية عن نوح في المحاورة التي جرت بينه وبين قومه : {قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ * وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [هود: 32 - 34] ، فهي محاورة عجيبة تعج بالأدب الجميل والثناء والتبليغ مع الله تعالى والأدب اللطيف الذي يقبله مع طغاة قومه ، ولذا كان نوح أول الأنبياء الذي فتح باب الاحتجاج في الدعوة إلى التوحيد ويعثر المتمعن في محاوراتهم على لطائف دقيقة.

ومن فروع هذا الأدب الرفيع أنهم لم يستعملوا في كلماتهم وأقوالهم ما يسوء المخاطبين وإن كانوا من العتاة والجهلة والجبابرة ولم يخاطبوهم بكلمات نابية تدل على الإهانة والازدراء والشتم ، وقد نال منهم المخالفون بشتى أنوع السب والشتم والاستهزاء والسخرية ولكنهم لم يجابهوهم إلا بالتي هي أحسن ، قال تعالى حكاية عن عاد قوم هود {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ } [هود: 54، 55] ، وقال تعالى حكاية عن فرعون : {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ * قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ } [الشعراء: 23 - 28] ، وقال تعالى حكاية عن قوم خاتم الانبياء : { إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا * انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا } [الإسراء: 47، 48] ، وغير ذلك من الآيات التي تحكي عن الأمم في محاوراتهم ومحاججتهم مع أنبيائهم المشتملة على أنوع الإهانة والشتم.

وكان من أدبهم أنهم ينزلون أنفسهم منزلة آحاد الناس يكلمون كل طبقة منهم على قدر معرفة ومنزلته من الفهم وقد قال (صلى الله عليه واله) : " إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم ".

ومن أدبهم أنهم كانوا يتحملون أنوع الأذى في سبيل هداية الخلق وإرشادهم إلى الحق فليس لهم هم إلا التبلغ والإرشاد فهم تلبسوا بالحق وتنزهوا عن الباطل بكل أنحائه ولأجل ذلك أنهم كانوا متصفين بصراحة القول وصدق اللهجة وإن كان في بعض الموارد لا يقتضي ذلك كما هو الحال في المجتمعات غير الدينية التي تتبع سنة المداهنة والتساهل والأدب الكاذب ولهذا الأدب الاجتماعي وجوه مختلفة تجلت في معاشرتهم مع الناس بجميع طبقاتهم الفقير والغني والحاكم والمحكوم والعبد والمولي ، والرجل والمرأة والصغير والكبير فقد كانوا مثالا للحق بكل معنى الكلمة هذا بالنسبة إلى أدب الأنبياء الذين تأدبوا بالأدب الإلهي بجميع أنحائه وأطواره.

 

 

 




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.