المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

عناصر المناخ - الرياح - سرعة الرياح واتجاهاتها
29/11/2022
مكافحة الآفات والأمراض Pathogens control
2024-08-26
René Descartes
15-1-2016
وجود مجموعة مشتقة جانبية كبيرة الحجم على سلسلة البوليمر
28-11-2017
فينيسيا هولندا
6-10-2016
احمد دقلسة بك
10-8-2016


الاكتئاب المقنع  
  
2507   01:49 صباحاً   التاريخ: 16-2-2021
المؤلف : د. اكرم احمد ادريس
الكتاب أو المصدر : الاكتئاب؛ قصة الصراع بين اليأس والأمل
الجزء والصفحة : ص53ـ58
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /

انه لأمر غريب ان يكون للاكتئاب هذا العدد الكبير من الاصناف والانواع، والملفت اكثر ما ذكرته احدى الاحصاءات في احدى دول شمال اوروبا من ان خمس سكانها مصاب سابقا او حاليا او سيصاب بالمستقبل بالاكتئاب.

وان كان الاكتئاب المقنع الذي سنتحدث عنه اليوم يشكل حوالي 30% من حالات الاكتئاب الموجودة، والمريض الذي يراجع الطبيب شاكيا من عذاب نفسي وتشاؤم من الحياة الحاضرة والمستقبل ومن همود حركي عام وفقد الاهتمام تدريجيا بالمحيط ، فان الطبيب الخبير سرعان ما يشخص هذه الحالة على انها اكتئاب حاد ويعطيها العلاج المناسب، وللإشارة اقول : ان الدراسات قد بينت ان 50% من مرضى الاكتئاب يُشفون تماما بعد 6 شهور من العلاج، و70% يُشفون بعد سنة، و80% بعد سنتين، و90% يُشفى بعد خمس سنوات، فعليه فان اكثر حالات الاكتئاب تتطور للشفاء العفوي او بالعلاج (إن لم يفكر المريض بالانتحار).

اذن الشفاء هو القاعدة، ولكن بسبب بقاء الاسباب المهيئة للاكتئاب في المنزل في العمل والعلاقات العامة فإن كثيرا ما ينكس بعد سنة او سنتين او اكثر، ولكن بنوبات اقل حدة، واقصر مدة، ويتعلم المريض مع الزمن كيف يتأقلم معه، ويعيش حياة شبه طبيعية.

إذن مريض الاكتئاب كثيراً ما يصرح عن مرضه ويطلب المساعدة، ويعالج ويستفيد.

أمّا الاكتئاب المقنع الذي سنتحدث عنه فإن الاعراض السابقة لا تظهر على المريض ، فهو غالبا يأكل وينام ويشرب، ويذهب الى عمله، واداؤه المهني او الدراسي جيد، ولكن يشكو من اعراض جسدية مريرة لا تخضع لأي شكل من العلاج، تعب مزمن لا يؤثر به النوم وان طال، قلق مزمن لا تنفع كثيرا فيه المهدئات، ضيق صدر، الام صدرية ضاغطة وخفقان، بل وتعرق بارد احيانا وشقيقة متكررة وعدم اتزان بالمشي، بل ودوار احيانا، وغيرها وغيرها.

فترى المريض في حيرة من أمره، يراجع طبيب الهضمية فيرجع خالي الوفاض، يقول له الطبيب : لا شيء سوى تشنج بسيط بالكولون وغازات (بالمناسبة فالكولون اكبر عضو في الجسم واكثرها أعصاباً) ويقول له : لا تقلق، ويعطيه بعض الدواء فلا يستفيد شيئا كذلك يذهب الى طبيب الامراض القلبية بعد ان يعاني من الالم صدرية ضاغطة وخفقان وتعرق وهو يرتعد مذعورا، وبعد التخطيط والايكو القلبي يقول له الطبيب: لا يوجد شيء، تسرع قلب بسيط قد يكون عصبياً، يذهب الى طبيب البلعوم والحنجرة يشكو من تضخم اللوزات واحتقان بلعوم لا يطاق، فتوصف له اقوى المضادات ومضادات الاحتقان، ولكن عندما يراجع طبيبه بعد اسبوع يفاجأ طبيبه بوضعه، فيقول له : الأعراض هي هي :

يجري الصور والتحاليل المتكررة والمتنوعة دون ان يجد شيئا، ولا صور الجيوب الانفية يظهر فيها شيء، وقد يراجع من اجل البرود الجنسي، ولا يجد الطبيب لديه شيئا ويقول له : خذ هذه المقويات والفيتامينات، ولكن لا شيء البتة يتحسن.

اخيراً وبعد ان يمل من مراجعة الاطباء وبعد انفاق أموال طائلة ثمنا للأدوية يقول : سأجري جميع التحاليل الموجودة مهما بلغت التكاليف ولكن يفاجئ بان الطبيب يقول له : لا يوجد شيء لا في البول ولا في الدم ولا في غيره ابدا ابداً، هؤلاء المساكين يشكلون على الاقل 15% من مراجعي العيادة ومراكز التصوير الطبي حول العالم انهم ضحايا الاكتئاب المقنع بكل معنى الكلمة، واليكم القصة التالية:

ع. س مهندس شاب يبلغ من العمر 38 سنة تعرض منذ سنتين لحادث سير ادى لكسر الحوض، وبالتالي البقاء على الفراش ثلاثة شهور، ثم شفي تماما من الكسر، بعد اربعة شهور من الشفاء عاد للعمل بشكل طبيعي بدأ يشكو من تعب شديد، وانهاك لا يطاق عند اقل جهد، بدأ يأخذه القلق من كل شيء، ركوب السيارة، السير بالشوارع اصبح يتأخر عن عمله، قلت شهيته للطعام، وأشد ما شكا منه آلام بطنية مبرحة ومتكررة مع نوب تجشؤ وإقياء وتنميل حول الفم والذراع خاف المريض كثيرا راجع طبيب الهضمية فقال له : لا تقلق تشنج كولون عادي، واعطاه مضادات تشنج وإقياء، ولكن الالم لم يخف ابداً فأعطاه أدوية أشد وطأة، أجرى له تنظيراً للكولون دون جدوى، أخيراً نصحه بمراجعة طبيب الامراض العصبية بسبب الارق، وقلة الشهية، ولم يستحسن، اخيرا استفاق في منتصف إحدى الليالي وهو يشكو من ألم صدري ضاغط وتعرق بارد فطلبت زوجته الإسعاف، وعندما وضع في غرفة العناية القلبية المركزة، لم يجد الطبيب أي احتشاء قلبي، اعطاه مهدئا ونصح بخروجه للمنزل صباح اليوم التالي.. أخيرا بعد شهر انهار، بدأ يلوم ذاته ويبكي ويعتبر نفسه مسؤولاً عن مرضه وانقطع نهائيا عن عمله، وانعزل عن الناس، بل وفكر بالانتحار للتخلص من مرضه ومعاناته.

إذن لقد انكسرت المعاوضة النفسية للمهندس الشاب، وأسفر الاكتئاب المقنع عن وجهه ورمى قناعه، وظهر بوجهه الحقيقي على شكل اكتئاب ارتكاسي حاد.

أصبحت المهمة يسيرة على الطبيب عولج ع. س بمضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة فتحسن وضعه كليا بعد ثلاثة اسابيع من العلاج، وعاد الى عمله بعد شهر، وعولج لمدة ستة شهور، وشفي بعدها تماماً.

اذن هذا هو الاكتئاب المقنع يتدثر بعباءة الامراض الجسدية، وقد يبقى اعواما واعواماً على شكل شكاوى عضوية (جسدية). قبل ان يتحول الى اكتئاب حاد وسافر، اذن هو كجبل الجليد في اعالي البحار وربعه عائم وثلاثة ارباعه مغمور تحت الماء.

فالجزء العائم هي الاعراض الجسدية والتي سنتحدث عنها لاحقا، اما الجزء الاكبر الغاطس فهو الاكتئاب الحقيقي الذي سيظهر لاحقاً.

وان اكثر التشخيصات التي سادت في القرن التاسع عشر؛ كاضطراب الجهاز العصبي النباتي (نظير الودِّي) أو باسم اضطرابات الجملة الودية، ما هي إلا حالات اكتئاب مقنع وخفي ليس إلا.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.