أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-05-2015
3858
التاريخ: 2-03-2015
2551
التاريخ: 2024-01-09
1552
التاريخ: 2024-01-29
1255
|
لقوله تعالى : { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } [النحل : 98] .
ما ذا تعني الاستعاذة ؟ هل هي مجرد الصيغة التي وردت في روايات أهل البيت (عليه السلام) «أعوذ باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم» (1)
أم إنها ليست مجرد ألفاظ وإنما هي سلوك لإزالة ما يقف حاجزا أمام فهم القرآن من وساوس الشيطان! والحقيقة إن الاستعاذة وبمجرد اللفظ ليست واجبة قبل قراءة القرآن وإنما هي مستحبة بلا خلاف في الصلاة وخارج الصلاة كما ذكر ذلك صاحب مجمع البيان.
«إنما هي راجحة للقراءة حيث القراءة في نفسها غير واجبة إلا قدر الواجب من المعرفة فكيف تجب الاستعاذة وبالأحرى في غير قراءة ولكنها قلبيا وعمليا واجبة إرشادية لكي لا يقع المؤمن في فخ الشيطان».(2)
وتأكيد القرآن عليها لإزالة كل ما يعترض فهم الإنسان لينفتح قلبه على هذا الكتاب، ويرتفع الحجب، والحواجز النفسية.
لذا ورد في الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) : «فقارئ القرآن يحتاج إلى ثلاثة أشياء قلب خاشع وبدن فارغ وموضع خال فإذا خشع للّه قلبه فرّ منه الشيطان قال اللّه تعالى : {فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ}». (3)
والاستعاذة تعني فصل الشيطان عن قارئ القرآن أثناء قراءته، وهي نوع من الالتماس والطلب والدعاء إلى اللّه بإلحاح في إبعاد الشيطان وأحابيله وفي رفع تلك الحجب التي تشكل خطرا على الفهم واستيعاب آيات اللّه وبالتالي إبقاء الإنسان على حالة الجهل لمعالم هذا القرآن الكريم.
وهنا الاستعاذة بالقلب وسائر الأحوال الباطنية والظاهرية فيما سوى اللسان، تحلّق على جو القراءة على أية حال وهي باللسان كإذاعة لما في الجنان تكون في البداية والنهاية دون حال القراءة حذرا من الاختلاط فقل : أعوذ باللّه .. أولا وقل أعوذ باللّه آخرا، وكن أعوذ باللّه في نفسك وكل كيانك أولا وآخرا وفيما بينهما.(4)
والشيطان حقيقة واضحة وهو عدو الإنسان { إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [يوسف : 5] فيحتاج هذا العدو إلى مقاومة فعلية ليستطيع الإنسان أن يحول بينه وبين نفسه حين القراءة والتأمل في آيات اللّه لفظا ومعنى.
فالقراءة التأملية التي تعطي لهذا القارئ أثرا روحيا تبعد الشيطان وخطره عن الإنسان بالاستعاذة منه، يقول ربنا سبحانه وتعالى : {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} [الإسراء : 45]
والشيطان الذي يستعيذ منه الإنسان بقراءته للقرآن يتوخى بتلك الاستعاذة الشر والخطر المحدق الذي يترصد به للإنسان هو وأولياءه فقد يجنّد الشيطان هؤلاء لحجبه عن قراءة القرآن، فيقول سبحانه وتعالى : {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ } [المؤمنون : 97، 98] وأشدّ خطرا حينما يتجسد في صورة القوى الفاسدة، فيدخل الخوف والجبن في قلب الإنسان، فيتحدى بذلك إرادته بالضرب على نقاط ضعفه التي هي من طبيعة هذه النفس، فتكون الاستعاذة هنا هي العلاج المباشر حيث هي طلب ملح من اللّه لدفع مشكلة الخوف والجبن من مواجهة الحقيقة.
فالاستعاذة، قد تشكل نوعا من المواجهة العقائدية مع الشيطان لأنه تحدى الإنسان في عقيدته، أراد أن يهدم البنية التحتية له، فهو يراقب مركز الحياة عند الإنسان وهو قلبه،
فعن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) : «إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم فإذا ذكر اللّه خنس» (5) .
فإذا أردنا أن نبعد الشيطان وأفكاره الباطلة، وننتصر عليه في هذه المواجهة، فما علينا إلا أن نلتجئ إلى اللّه سبحانه وتعالى :
{ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأعراف : 200] فإن الشيطان لا يقوى على مقاومة المؤمن { إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل : 99] لأن قدرة الشيطان لأولئك الذين فقدوا كل موازين الحياة، وخارت عزيمتهم، وإرادتهم، وعشش الجهل في أدمغتهم فلم يستخدموا عقولهم، ولم يفتحوا قلوبهم على كتاب ربهم، فهؤلاء يتسلط عليهم الشيطان {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} [النحل : 100] .
______________________
1. مجمع البيان (ج5- 6) ص 593 .
2. الفرقان في تفسير القرآن ( ج 13- 14) ص 480 .
3. مصباح الشريعة ص 97 .
4. الفرقان في تفسير القرآن ( ج 13- 14) ص 479 .
5. نور الثقلين ( ج 5) ص 735 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|