كيف نجمع بين كون آباء النبي صلى الله عليه واله موحّدون وبين تسمية عبد المطلب ابنه بعبد العزى ؟ |
3280
12:29 صباحاً
التاريخ: 29-8-2020
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-18
750
التاريخ: 2024-05-21
526
التاريخ: 2024-06-19
668
التاريخ: 2024-06-05
610
|
السؤال : عندي سؤال حيّرني ، وأرجو أن أجد عندكم :
بما أنّ آباء النبيّ صلى الله عليه وآله من آدم عليه السلام موحّدون ، ومن البعيد جدّاً أن يختار الله تعالى الأنبياء من نطف غير طاهرة قد دنّستها الأرجاس ، فما علّة تسمية عبد المطلب لابنه المعروف بأبي لهب بعبد العزّى؟
الجواب : ممّا يجب أن نعرفه قبل الخوض في التسمية ومشروعيتها : أنَّ هناك أدلّة عديدة نؤمن بها بأنّ آباء الأنبياء والأئمّة عليهم السلام موحّدون مؤمنون ، وهم من أصلح وأفضل أهل زمانهم ، قال تعالى : {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ } [الحج: 78] ، وكذلك قوله تعالى : { وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ } [الشعراء: 219].
وقد جاءت أحاديث كثيرة تتضمّن هذه المعاني ، فنذكر منها اختصاراً :
روى ابن جرير الطبري الشيعي : « قذفنا في صلب آدم ، ثمّ أخرجنا إلى أصلاب الآباء وأرحام الأُمّهات ، لا يصيبنا نجس الشرك ، ولا سفاح الكفر ، يسعد بنا قوم ، ويشقى بنا آخرون » (1).
وورد في تاريخ اليعقوبي : فكانت قريش تقول : عبد المطلب إبراهيم الثاني (2).
وكذلك قصّته المشهورة ، وقوله العظيم في وجه أبرهة الحبشي : للبيت ربٌّ يحميه ، واستسقائه بالنبيّ صلى الله عليه وآله عند الجدب والمجاعة ، وتوجّهه إلى الكعبة ، والتوجّه والتوسّل به إلى الله تعالى.
وقال الشيخ المفيد : واتفقت الإمامية على أنّ آباء رسول الله صلى الله عليه وآله من لدن آدم إلى عبد الله بن عبد المطلب مؤمنون بالله عزّ وجلّ موحّدون له.
واحتجّوا في ذلك بالقرآن والأخبار ، قال الله عزّ وجلّ : {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} [الشعراء: 218، 219].
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : « لم يزل ينقلني من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهّرات ، حتّى أخرجني في عالمكم هذا » (3).
وروى الشيخ الصدوق بإسناده عن الإمام علي عليه السلام أنّه قال : « والله ما عبد أبي ولا جدّي عبد المطلب ولا هاشم ولا عبد مناف صنماً قط ».
قيل له : فما كانوا يعبدون؟ قال : « كانوا يصلّون إلى البيت على دين إبراهيم عليه السلام متمسّكين به » (4).
وقد روى أهل السنّة في تفاسيرهم ما يدعم صلاحهم ومدحهم ، ونقتصر على هذه الرواية :
روى السيوطي عن ابن مردويه عن ابن عباس قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت : بأبي أنت وأُمّي أين كنت وآدم في الجنّة؟ فتبسّم حتّى بدت نواجذه ثمّ قال : « إنّي كنتُ في صلبه ... ولم يلتقِ أبواي قطّ على سفاح ، لم يزلِ الله ينقلني من الأصلاب الطيّبة إلى الأرحام الطاهرة ، مصفّى مهذّباً ، لا تتشعّب شعبتان إلاّ كنت في خيرهما » (5).
وبعد هذه المقدّمة والتسليم بها ، ينبغي علينا إحسان الظنّ بهم ، وتأويل بعض الأسماء مثل « عبد العزّى » التي وردت عنهم ، خصوصاً أنّ أبا لهب هذا من الكفّار ، وليس والداً للنبي صلى الله عليه وآله ، ولا للأئمّة عليهم السلام ، ولله الحمد والمنّة.
ومع ذلك نقول : بأنّ الأسماء عند العرب من أقسام الألفاظ المرتجلة التي لا تدلّ فيها الألفاظ على معانيها بل على مسمّياتها ، ومنها أسماء الأعلام والبلدان والآلات والأدوات وغيرها.
فمثلاً مَن سمّى ابنه جميلاً لا يجعله بهذه التسمية جميلاً واقعاً ، بل قد يكون غيرَ جميلٍ واقعاً ، ومن سمّى ابنه عبد الله قد يكون عدّواً لله ، فلم يدلّ الاسم على مسمّاه وهكذا.
بالإضافة إلى أن مفردة « العُزّى » غير مختصّة بالآلهة في أصل وضعها في اللغة العربية ، فإنّها تعني العزيزة الشريفة ـ مؤنث الأعز ـ ، فيكون معنى « عبد العزّى » خادم العزيزة ، وليس عبداً بمعنى العبادة ، كما في عبد المطلب نفسه.
وكذلك تسمية هذا الابن من بين أبنائه السبعة بهذه التسمية ، لها دلالتها على علم عبد المطلب بجحده وكفره بالرسالة العظيمة في مستقبله ، ويدعم هذا الرأي تسمية عدو الله أبي لهب بعبد العزّى ، وتسمية أبي رسول الله صلى الله عليه وآله بعبد الله.
وربما علمه وفعله في هاتين التسميتين ناتجة عن المداراة والمصلحة والتقية ، مع ذلك المجتمع القبلي الجاهلي الظالم ، فلولا هذه التغطية بعبد العزّى ، والتي قد يقصد منها « خادم العزيزة » ، وظاهرها اعترافه بآلهتهم كما كان أبو طالب يفعل ذلك معهم حمايةً للرسول صلى الله عليه وآله ، لما استطاع التسمية بعبد الله والحفاظ عليه وعلى نفسه من هؤلاء المشركين ، ليكون نبيّنا صلى الله عليه وآله بأبهى صورة ، وأجمل الأسماء وأحبّها إلى الله تعالى ، والله العالم.
__________________
1 ـ دلائل الإمامة : 158.
2 ـ تاريخ اليعقوبي 2 / 11.
3 ـ أوائل المقالات : 45.
4 ـ كمال الدين وتمام النعمة : 174.
5 ـ الدرّ المنثور 5 / 98.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|