المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9095 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



سياسة الضغط الاقتصادي  
  
3619   03:11 مساءً   التاريخ: 17-04-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيرة الائمة-عليهم السلام
الجزء والصفحة : ص346-347.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام جعفر بن محمد الصادق / قضايا عامة /

كان أبو جعفر المنصور ثاني الخلفاء العباسيين ظالماً وقاسياً وسفّاكاً للدماء وقد جلب للمجتمع الإسلامي الويلات، وأكثر من مضايقاته للناس، وكان يجيب أقل اعتراض بالسيف، وكان مضافاً إلى ذلك محباً للمال بخيلاً وغاية في الحرص، وكان مشهوراً من بين الخلفاء العباسيين بالبخل والحرص وحب المال ممّا حدا بالمؤرخين أن ينقلوا قصصاً عن بخله وحرصه وحبه للمال، غير انّه لا يمكن تبرير تشديده وضغوطه المالية ومضايقاته الاقتصادية المفرطة في ضوء ما يتمتع به من البخل وحب الدنيا فانّه تسبب في أن يصاب اقتصاد المجتمع الإسلامي بالشلل في عهده، وجعل الناس يعيشون ظروفاً قاسية جداً، فهو لم يكتف باكتناز أموال المسلمين في خزينة الخلافة والامتناع عن صرفها في مجال العمران والبناء وتوفير العيش الرغيد للناس، بل راح يسلب حتى الأموال التي في أيديهم بالقوة دون أن يبقي لهم شيئاً بحيث بلغ مجموع الأموال التي أخذها بهذا النحو ما يناهز الثمانمائة مليون درهم، وفقاً لما كتبه المؤرّخون ؛ نعم كان هذا البرنامج الواسع متّبعاً في أرجاء البلاد، ذلك البرنامج الذي لا يمكن أن يقال انّ سببه هو مجرد بخل المنصور الذاتي وحبه المفرط للمال، بل هناك أدلّة وشواهد تدلّ على أنّ برنامج التجويع وتدمير الاقتصاد كان برنامجاً مدروساً وشاملاً أعدّه المنصور لأهداف خاصة ؛ وقد كان هدف المنصور من هذه السياسة المشؤومة هو أن يجعل الناس محتاجين وجائعين ومعتمدين عليه دائماً، وبالتالي يكون شغلهم الشاغل هو إشباع بطونهم دون أن يكون هناك مجال للتفكير في القضايا الاجتماعية الكبرى وقد قال يوماً بحضور عدة من رجال البلاط وبطريقة ساخرة ممّا يبين الدافع من وراء تجويع الناس بهذا النحو : صدق الأعرابي حيث يقول : أجع كلبك يتبعك فانزعج أحد الحاضرين من ذلك فقال : أخشى أن يلوّح له غيرك برغيف فيتبعه ويدعك .

ولم يكتف المنصور بتنفيذ سياسة التجويع السوداء هذه أبّان خلافته وحكمه فقط، بل راح يوصي ابنه المهدي بتلك السياسة اللا إنسانية، فقد قال في إحدى وصاياه إليه : إنّي تركت الناس ثلاثة أصناف : فقيراً لا يرجو إلاّ غناك، وخائفاً لا يرجو إلاّ أمنك، ومسجوناً لا يرجو الفرج إلاّ منك، فإذا وليت فأذقهم الرفاهية ولا تمدد لهم كل المد.

توضح لنا هذه الحقائق انّ هذه السياسة كانت بدافع تقوية حكم المنصور، وانّ الهدف منها هو الوقوف أمام تحرك الناس واعتراضهم من خلال إضعاف العناصر المناضلة وليس هو الاقتصاد في الأموال الحكومية .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.