أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-5-2020
8957
التاريخ: 16-5-2020
5527
التاريخ: 6-5-2020
6372
التاريخ: 7-6-2020
7260
|
قال تعالى:{ وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (9) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (10) إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [هود: 9 - 11]
بين سبحانه حال الإنسان فيما قابل به نعمة من الكفر فقال:{ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة} أي: أحللنا به نعمة من الصحة والكفاية والسعة من المال والولد وغير ذلك من نعم الدنيا {ثم نزعناها منه} أي :سلبنا تلك النعمة .عنه إذا رأينا المصلحة فيه {إنه ليئوس} أي: قنوط وهوالذي سنته وعادته اليأس {كفور} وهو الذي عادته كفران النعمة ومعنى الآية مصروف إلى الكفار الذين هذه صفتهم لجهلهم بالصانع الحكيم الذي لا يعطي ولا يمنع إلا لما تقتضيه الحكمة من وجوه المصالح.
{ولئن أذقناه} أي: أحللنا به وأعطيناه {نعماء بعد ضراء مسته} أي:بعد بلاء أصابته {ليقولن} عند نزول النعماء به { ذهب السيئات عني} أي: ذهبت الخصال التي تسوء صاحبها من جهة نفور طبعه عنه وهوهاهنا بمعنى الشدائد والآلام والأمراض عني فلا تعود إلي ولا يؤدي شكر الله عليها {إنه لفرح فخور} يفرح به ويفخر به على الناس فلا يصبر في المحنة ولا يشكر عند النعمة {إلا الذين صبروا} معناه: إلا الذين قابلوا الشدة بالصبر والنعمة بالشكر {وعملوا الصالحات} أي: واظبوا على الأعمال الصالحة {أولئك لهم مغفرة وأجر كبير} وهو الجنة .
_________________
1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي ،ج5،ص247-248.
{ولَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ}. إذا رزق الإنسان البسطة في الصحة ، والسعة في المال ، والبر في الأهل ، ثم أصيب بشيء بها أوبشيء منها بسبب من الأسباب الجارية - إذا كان كذلك قطع الرجاء من رحمة اللَّه ، وكفر بنعمه ، حتى ما تبقّى له من نعم {ولَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ}. وإذا خرج من عسر إلى يسر ، ومن خوف إلى أمن أخذته النشوة وتعاظم على الناس ، ونسي ما كان فيه بالأمس . وقدمنا مرارا ان اللَّه يسند الأحداث كلها إليه من باب اسناد الشيء إلى سببه الأول ، وخالق الكون بما فيه .
ولا بد من الإشارة إلى أن القرآن ينظر إلى الإنسان من خلال عقيدته وسلوكه ، بماذا يؤمن ؟ وما ذا يعمل ؟ . وهذه النظرة نتيجة لازمة لطبيعة القرآن من حيث إنه كتاب دين وهداية . وعلى هذا الأساس يحكم على الإنسان بأنه صالح أوطالح طيب أوخبيث . ومعلوم ان العقيدة التي دعا إليها هي الايمان باللَّه ورسله واليوم الآخر ، وان العمل الذي أمر به هوالعمل الصالح : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ - 7 البينة} . . وبكلمة ان الإسلام يوجه الإنسان إلى الغاية التي يجب أن يكرس حياته من أجلها ، فإن انحرف عنها نعته القرآن بأقبح الأوصاف كالظالم والخاسر والكافر والجاهل والطاغي والكنود ، وما إلى ذلك من الرذائل .
ان هذه الأوصاف ليست تحديدا لطبيعة الإنسان وماهيته ، وانما هي تفسير لسلوكه في بعض مواقفه ، ويدلنا على ذلك ان كل صفة ذكرها القرآن مقرونة بحادثة من الحوادث ، فلقد وصف الإنسان باليأس إذا نزلت به نازلة ، وبالفرح والبطر إذا استغنى ، وبالجزع والهلع إذا مسه الضر ، ونحوذلك . وقد خفيت هذه الحقيقة على كثيرين ، وظنوا ان هذه الأوصاف وردت في القرآن تحديدا لحقيقة الإنسان وماهيته وأخذوا ينعتونه بها في غير المناسبات التي جاءت في كتاب اللَّه . . ولوصدق ظنهم لما جاز أن يؤاخذ اللَّه على الكفر والطغيان ، وكان قوله : ولَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ}تكريما للكفر والظلم . . تعالى اللَّه عن ذلك علوا كبيرا .
وعلى هذا يكون المراد بالإنسان في قوله : {ولَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسانَ}من لا يؤمن باللَّه ، أوآمن به نظريا لا عمليا ، لأن من آمن به حقا فإنه يتوكل عليه وحده في جميع حالاته ، ويشكره في السراء والضراء ، ويخشى ويتواضع إذا استغنى ، ويصبر ويرجوإذا افتقر ، فإن الايمان نصفان : نصف خوف ، ونصف رجاء .
والذي يؤكد ان المراد بالإنسان من ذكرنا ، وليس مطلق الإنسان قوله تعالى بلا فاصل : {إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وأَجْرٌ كَبِيرٌ}.
صبروا على ما أصابهم من الضراء ايمانا باللَّه وطمعا بثوابه ورضوانه ، وعملوا الصالحات في الشدة والرخاء ، وهذه هي سمة أرباب العقائد والمبادئ ، لأن العقيدة متى استقرت في القلب تصبح كالروح في الجسم لا تفارقه إلا بالموت .
______________
1- التفسير الكاشف، محمد جواد مغنية،ج4 ،ص212-214.
قوله تعالى:{ وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ} قال في المجمع،: الذوق تناول الشيء بالفم لإدراك الطعم، وسمى الله سبحانه إحلال اللذات بالإنسان إذاقة لسرعة زوالها تشبيها بما يذاق ثم يزول كما قيل: أحلام نوم أوكظل زائل والنزع قلع الشيء عن مكانه، واليئوس فعول من يئس - صيغة مبالغة - واليأس القطع بأن الشيء المتوقع لا يكون ونقيضه الرجاء. انتهى.
وقد وضعت الرحمة في الآية مكان النعمة للإشعار بأن النعم التي يؤتيها الله الإنسان عنوانها الرحمة وهي رفع حاجة الإنسان فيما يحتاج إليه من غير استحقاق وإيجاب والمعنى: أنا إن آتينا الإنسان شيئا من النعم التي يتنعم بها ثم نزعناها يئس منها واشتد يأسه حتى كأنه لا يرى عودها إليه ثانيا ممكنا وكفر بنعمتنا كأنه يرى تلك النعمة من حقه الثابت علينا ويرانا غير مالكين لها فالإنسان مطبوع على اليأس عما أخذ منه والكفران، وقد أخذ في الآية لفظ الإنسان - وهولفظ دال على نوعه - للدلالة على أن الذي يذكر من صفته من طبع نوعه.
قوله تعالى:{ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ}قال في المجمع،: النعماء إنعام يظهر أثره على صاحبه والضراء مضرة يظهر الحال بها لأنهما أخرجتا مخرج الأحوال الظاهرة مثل حمراء وعيناء مع ما فيهما من المبالغة، والفرح والسرور من النظائر وهو انفتاح القلب بما يلتذ به وضده الغم - إلى أن قال: - والفخور الذي يكثر فخره وهو التطاول بتعديد المناقب وهي صفة ذم إذا أطلقت لما فيها من التكبر على من لا يجوز أن يتكبر عليه. انتهى.
والمراد بالسيئات بقرينة المقام المصائب والبلايا التي يسوء الإنسان نزولها عليه، والمعنى: ولئن أصبناه بالنعمة بعد الضراء ليقولن ذهب الشدائد عني، وهو كناية عن الاعتقاد بأن هاتيك الشدائد والنوازل لا تعود بعد زوالها ولا تنزل بعد ارتفاعها ثانيا.
وقوله:{إنه لفرح فخور} بمنزلة التعليل لقوله:{ذهب السيئات عني} فإنه يفرح ولا يزال على ذلك لما ذاقه من النعماء بعد الضراء، ولوكان يرى أن ما عنده من النعماء جائز الزوال لا وثوق على بقائه ولا اعتماد على دوامه، وأن الأمر ليس إليه بل إلى غيره ومن الجائز أن يعود إليه ما تركه من السيئات لم يكن فرحا بذلك فإنه لا فرح في أمر مستعار غير ذي قرار.
وإنه ليفخر بما أوتي من النعماء على غيره، ولا فخر إلا بكرامة أومنقبة يملكها الإنسان فهويرى ما عنده من النعمة أمرا بيده زمامه ليس لغيره أن يسلبه وينزعه منه ويعيد إليه ما ذهب عنه من السيئات ولذلك يفخر ويكثر من الفخر.
قوله تعالى:{ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}ذكر سبحانه ما الإنسان مطبوع عليه عند الشدة والبلاء من اليأس والكفر وعند الرخاء والنعماء من الفرح والفخر، ومغزى الكلام أنه مخلوق كليل البصر قصير النظر إنما يرى ما يجده في حاله الحاضرة، ويذهل عما دون ذلك فإن زالت عنه نعمة لم ير لها عودة وأنها كانت من عند الله سبحانه، وله تعالى أن يعيدها إليه إن شاء حتى يصبر على بلائه ويتعلق قلبه به بالرجاء والمسألة، وإن عادت إليه نعمة بعد زوالها رأى أنه يملكها ففرح وفخر ولم ير لله تعالى صنعا في ذلك حتى يشكره عليها ويكف عن الفرح وعن التطاول على غيره بالفخر.
استثنى سبحانه طائفة من الإنسان ووصفهم بقوله:{الذين صبروا وعملوا الصالحات}ثم وعدهم وعدا حسنا بقوله:{أولئك لهم مغفرة وأجر كبير}وذلك أن التخلص من هذا الطبع المذموم إنما يتمشى من الصابرين الذين يصبرون عند الضراء فلا يحملهم الجزع على اليأس والكفر، ويعملون الصالحات من الشكر بثنائه تعالى على ما كشف الضراء وأعقب بالنعماء وصرف نعمه في ما يرضيه ويريح خلقه فلا يحملهم الاستغناء على الفرح والفخر.
وهؤلاء هم المتخلصون الناجون يغفر لهم ربهم بإمحاء آثار ذلك الطبع المذموم ووضع الخصال المحمودة موضعه ولهم عند ربهم مغفرة وأجر كبير.
وفي الآية دلالة على أن الصبر مع العمل الصالح لا ينفك عن الإيمان فإنها تعد هؤلاء الصابرين مغفرة وأجرا كبيرا، والمغفرة لا تنال المشركين، قال تعالى:{إن الله لا يغفر أن يشرك به:}النساء: - 116.
وقد ورد الوعد بعين ما ذكر في هذه الآية أعني المغفرة والأجر الكبير للمؤمنين في قوله تعالى:{ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ:}فاطر: - 7، وقوله تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ:}الملك: - 12.
واتصال الآيات الثلاث بما قبلها ظاهر فإن الكلام كان في الآيات السابقة مسوقا في كفر الكافرين ورميهم الوعد بالبعث بالسحر ومقابلتهم الإيعاد بنزول العذاب بالاستهزاء، فذكر سبحانه أنهم على حالهم الطبعي لا يرون لما عندهم من نعمة الله زوالا بنزول العذاب ولا لما بهم من رث الحال تبدلا إلى العيش الهنيء والمتاع الحسن الذي وعدهم الله به في صدر السورة.
_________________
1- تفسير الميزان ،الطباطبائي،ج10،ص121-123.
ومن نقاط الضعف عند هؤلاء قلّة الصبر بوجه المشاكل والصعاب وانحسار البركات الإِلهية. حيث نجد في الآية التالية قوله تعالى عنهم:{ وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ}.
وبالرغم من أنّ هذا التعبير يتناول الإِنسان بشكل عام، لكن ـ كما أشرنا إِليه سابقاً ـ المراد من الإِنسان في مثل هذه الآيات هوالافراد الذين لم يتلقوا تربية سليمة والمنحرفون عن جادة الحق، لذلك يتطابق هذا البحث مع البحث السابق عن الأفراد غير المؤمنين.
ونقطة الضعف الثّالثة عند هؤلاء أنّهم حين يتنعمون بنعمة ويشعرون بالترف والرفاه يبلغ بهم الفرح والتكبر والغرور درجة ينسون معها كل شيء، ولذلك يشير القرآن الكريم إِلى هذه الظاهرة بقوله تعالى:{ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ}.
وهناك احتمال آخر في تفسير هذه الجملة{ليقولن ذهب السيئات عني}وهوأن مثل هؤلاء الأشخاص حين يُصابون بالشدائد ثمّ يبدل الله بلطفه هذه الشدائد نعمّا من عنده يقول هؤلاء: إِنّ الشدائد السابقة كانت كفارة عن ذنوبنا وقد غسلت جميع معاصينا، لذلك أصبحنا من المقربين إِلى الله، فلا حاجة للتوبة والعودة إِلى ساحة الله وحضرته.
ثمّ يستثني الله سبحانه المؤمنين الذين يواجهون الشدائد والمصاعب بصبر، ولا يتركون الأعمال الصالحة على كل حال، فهؤلاء بعيدون عن الغرور والتكبر وضيق الأفق، حيث يقول سبحانه:{ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}.
هؤلاء لا يَغترّون عند وفور النعمة فينسون الله، ولا ييأسون عند الشدائد والمصائب فيكفرون بالله، بل إِن أرواحهم الكبيرة وافكارهم السليمه جعلتهم يهضمون النعم والبلايا في أنفسهم دون الغفلة عن ذكر الله واداء مسؤولياتهم ولذلك فإِنّ لهؤلاء ثواباً ومغفرة من الله{ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}.
____________________
1- تفسير الامثل،مكارم الشيرازي،ج6،ص27-28.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|