المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



قتال ابي عبدالله وشجاعته في الطف  
  
4321   03:34 مساءً   التاريخ: 8-04-2015
المؤلف : الشيخ عباس القمي
الكتاب أو المصدر : منتهى الآمال في تواريخ النبي والآل
الجزء والصفحة : ج1,ص536-539.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء /

[لما قتل عبدالله الرضيع ] ركب فرسه و تقدم الى قتال هؤلاء المنافقين قائلا:

كفر القوم و قدما رغبوا                   عن ثواب اللّه ربّ الثقلين‏

قتل القوم عليا و ابنه‏                       حسن الخير كريم الأبوين‏

حنقا منهم و قالوا أجمعوا                 احشروا الناس الى حرب الحسين‏

ثم وقف قبالة القوم و سيفه مصلت في يده آيسا من الحياة عازما على الموت و هو يقول:

انا ابن عليّ الطهر من آل هاشم‏           كفاني بهذا مفخرا حين أفخر

و جدي رسول اللّه أكرم من مشى‏         و نحن سراج اللّه في الخلق يزهر

و فاطمة امّي من سلالة أحمد             و عمّي يدعى ذا الجناحين جعفر

و فينا كتاب اللّه أنزل صادقا                و فينا الهدى و الوحي بالخير يذكر

و نحن أمان اللّه للناس كلهم‏                نسرّ بهذا في الانام و نجهر

و نحن ولاة الحوض نسقي ولاتنا         بكاس رسول اللّه ما ليس ينكر

و شيعتنا في الناس أكرم شيعة            و مبغضنا يوم القيامة يخسر

ثم انّه دعا الناس الى البراز فلم يزل يقتل كل من دنا منه حتى قتل منهم مقتلة عظيمة فلم يجرأ أحد بعد على مبارزته، ثم حمل على الميمنة و هو يقول:

الموت خير من ركوب العار                و العار أولى من دخول النار

ثم حمل على الميسرة و هو يقول:

انا الحسين بن عليّ‏                         آليت أن لا أنثني‏

أحمي عيالات أبي‏                           أمضي على دين النبي‏

قال بعض الرواة : فو اللّه ما رأيت مكثورا قط قد قتل ولده و أهل بيته و أصحابه أربط جأشا منه (عليه السلام)، و ان كانت الرجال لتشدّ عليه فيشد عليها بسيفه فتنكشف عنه انكشاف المعزى اذا شدّ فيها الذئب، و لقد كان يحمل فيهم و قد تكاملوا ثلاثين ألفا فينهزمون بين يديه كأنهم الجراد المنتشر، ثم يرجع الى مركزه و هو يقول: «لا حول و لا قوة الا باللّه العليّ العظيم». 

يقول المؤلف : من الجدير بالذكر هنا ما قاله (جيمز كاركرن) من طائفة الهندوس في الهند في باب شجاعة الحسين (عليه السلام) فنقل شيخنا المرحوم في كتابه اللؤلؤ و المرجان عن هذا الرجل المذكور انّه قد ألّف كتابا في تاريخ الصين بلغة الاردو- التي تتداول في الهند الآن- وقد طبع، فذكر في الجزء الثاني منه في باب الشجاعة ما ترجمته : «قد اشتهرت شجاعة رستم و بطولته في الآفاق و في جميع أقطار العالم لكن نرى في صفحات التاريخ رجالا قد مضوا و هم في أسمى درجات الشجاعة والبطولة بحيث لا يقاس بهم رستم و أمثاله، كما في الحسين بن عليّ (عليه السلام) الذي تقدم في الشجاعة على جميع الشجعان فمن يذكر اسم رستم في مقابل اسم الحسين (عليه السلام)- مع صموده و شجاعته و بطولته في تلك الصحراء العارية من الماء و الغذاء و في ذلك الحر الشديد- لا علم له بالتاريخ.

أيّ قلم يتمكن أن يكتب أحوال الحسين (عليه السلام)؟ و أي لسان يقدر على وصف و مدح اثنين و سبعين رجلا صامدا امام ثلاثين الف رجل قاس لا يدركون من العاطفة و الرحمة شيئا؟.

وأي فكر رقيق يقدر أن يرسم ما في قلوب هؤلاء الليوث من زمن قدوم عمر بن سعد الى كربلاء في عشرة آلاف رجل الى أن حزّ الشمر الملعون رأس الحسين (عليه السلام)، و في المثل المشهور ان علاج الواحدان يصير اثنين (مثل هندي) ومعناه ان الانسان الواحد لا يمكنه عمل شي‏ء الّا بان يساعده شخص آخر، و غاية المبالغة أن يقال انّ الشخص الفلاني حاصره العدو من أربع جهات، فكيف بالحسين و أصحابه و قد حوصروا بأعداء ثمانية، و مع هذا بقوا صامدين و لم تهزّهم العواطف، حوصروا بعشرة آلاف جندي يزيدي من أربع جهات و قد اسودت السماء من رمي السهام و النبال عليهم، حتى يخيل للناظر وقوع عاصفة عظيمة سوداء.

والعدو الخامس هو شدّة حرارة شمس العرب التي لا يوجد مثلها في أي نقطة من هذا الفلك الدوار الّا في أرضهم، و العدو السادس هو الرمل الحار المحرق في أرض كربلاء بحيث يتصور الماشي عليه كأنّه يمشي على الرماد الحار أو على الجمر أو كأنّ الارض بحر موّاج يفور و يغلي من شدّة الحر و تحرق رماله اقدام بني فاطمة من شدّة حرارتها.

وهناك عدوّان آخران أظلم و أقسى من سائر الاعداء و هما العطش والجوع بحيث ما انفكّا عنهم ولا للحظة يسيرة في ذلك الحر الشديد حتى تفطرت ألسنتهم من شدّة العطش.

فمن وقفوا في هذه المعركة امام الآلاف من الكفار و المنافقين هم حقيقية الشجاعة و قد ختمت بهم».

تم موضع الحاجة من هذا الكلام المتين الذي صدر عن هذا الهندي الوثني و كلامه هذا بمنزلة الدرّة الثمينة بين الحصى الكثير.

نرجع بالكلام الى سياقه الاول روى ابن شهرآشوب (في المناقب) و غيره انّه : لم يزل يقاتل حتى قتل الف وتسعمائة و خمسين رجل سوى المجروحين، (فعلم ابن سعد لعنه اللّه شدّة صولته (عليه السلام) وشجاعته وانّه لو استمر على القتال لم ينج منهم أحدا) فقال عمر بن سعد لقومه: الويل لكم أتدرون من تقاتلون؟.

هذا ابن الانزع البطين، هذا ابن قتال العرب، فاحملوا عليه من كل جانب.

وكانت الرماة أربعة آلاف فرموه بالسهام فحالوا بينه و بين رحله‏ .

أعياهم أن ينالوه مبارزة                    فصوبوا الرأي لما صعّدوا الفكرا

ان وجّهوا نحوه في الحرب أربعة        السيف و السهم و الخطّى و الحجرا

وحمل بعضهم على الخيام، فصاح بهم الحسين (عليه السلام): و يحكم يا شيعة آل ابي سفيان ان لم يكن لكم دين و كنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحرارا في دنياكم وارجعوا الى أحسابكم ان كنتم أعرابا.

فناداه شمر فقال : ما تقول يا ابن فاطمة؟.

قال : أقول: أنا الذي أقاتلكم و تقاتلوني و النساء ليس عليهنّ جناح فامنعوا عتاتكم عن التعرض لحرمي ما دمت حيّا.

فقال شمر : لك هذا، ثم صاح شمر : إليكم عن حرم الرجل فاقصدوه في نفسه فلعمري هو كفو كريم.

فحمل عليه القوم وهو يقاتلهم كاللّيث الغضبان و يبدّدهم تبديدا، فكلّما هجم عليهم تفرقوا عنه كأنهم جراد منتشر، وقد غلبه (عليه السلام) العطش و كانوا يعلمون انّه لو شرب الماء لزاد في قوته و نشاطه و لقتلهم عن آخرهم فكلّما كان يحمل بفرسه على الفرات حملوا عليه بأجمعهم حتى أجلوه عنه، و كان الأعور السلمي و عمرو بن الحجاج الزبيدي في أربعة آلاف رجل على الشريعة، فصاحوا بالرجال : و يحكم لا تدعوا الحسين ينفذ الى الشريعة، و لكن الحسين (عليه السلام)‏ هجم عليهم كالليث الغضبان و مزّق صفوفهم حتى وصل الى المشرعة و أقحم الفرس على الفرات، فلما أولغ الفرس برأسه ليشرب قال : أنت عطشان وأنا عطشان واللّه لا ذقت الماء حتى تشرب، فلمّا سمع الفرس كلام الحسين (عليه السلام) شال برأسه و لم يشرب كأنّه فهم الكلام.

فقال الحسين (عليه السلام): فأنا أشرب، فمد الحسين (عليه السلام) يده فغرف من الماء، فقال فارس : يا أبا عبد اللّه تتلذذ بشرب الماء وقد هتكت حرمك، فنفض الماء من يده و حمل على القوم، فكشفهم فاذا الخيمة سالمة.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.