كارل ماركـس  (1818-1883)

ولد من اسرة يهودية في ترييف في المانيا وهو المؤسس لفكرة الاشتراكية ونتيجة العداء للسامية الذي كان يمارس في المانيا (عداء طائفي) أدى الى اجبار كارل ماركس ان يكون مسيحياً وهو السبب في الطرف في افكاره ، درس في الجامعات الالمانية وحصل على الدكتوراه ، وتأثر بافكار الفيلسوف هيجل وكانت افكاره متميزة ولا تتواكب مع وضع الالمان في تلك الحقبة الزمنية⁽¹⁾ ، لم يستطيع الحصول على عمل في الجامعة فلجأ الى الاعلام وقد استمال اليهود الى الاعلام منذ وقت مبكر لكونه يؤثر صياغة الافكار لصالحهم واصبح محرر لجريدة الريف ، وقد حوربت افكاره فترك المانيا متوجهاً الى فرنسا (باريس) ودخل في سجال وابدى افكاره لمفكرين من ذوي الشأن ويهمهم اصلاح ما افسدته البرجوازية من مشكلات اقتصادية وسياسية ولم يروق لهم سماع الآراء كونها لا تتطابق مع آرائهم ولم يستطع اقناعهم في ذلك بسبب تطرف الآراء ، التقى فريدريك انجلز وكان الآخر يحمل نفس الافكار ومشابهة له ⁽²⁾ فصار رفيق دربه وبدأ المشوار فسارا معاً وارتبطت افكارهما وأصبحت النظرية الماركسية باسمهما وأطلقوا عليها بالاشتراكية العلمية وكان ماركس السباق في الافكار ، وحينما توفي ماركس في عام 1883م اخذ فريدريك انجلز على عاتقه انجاز آرائه ونشر أطروحاته .

ظهرت آراء كارل ماركس على اثر التطور الحاصل في اوربا ، وبسبب الثورة الصناعية والتطور الذي جعل الرأسمالي يرغب في تنمية امواله بسرعة وان اساس تكوين الرأسمالية هي افكار ميكافيلي في كتابه الامير اي تشريع الاستغلال ورفعهم شعار الغاية تبرر الواسطة وعليه لم ينظر الرأسمالي بالأضرار التي يسببها للآخرين في جمعه لرأس المال فاستُغل العامل ابشع استغلال وعلى اثرها حصلت الكثيرمن الثورات في اوربا ففي عام 1848م حصلت ثورة في فرنسا وثورة في المانيا ومن اسبابها البطالة بسبب إحلال الآلة محل العامل وهذا نتاج التطور ، وبدأ ينخفض أجر العامل وزادت ساعات العمل اليومي لأكثر من عشر ساعات في اليوم الواحد بدون توفير البيئة المناسبة لعمل العامل وعدم إعطاءه الأجر على ساعاته الاضافية وساءت احوالهم المعيشية ولم ينظر الرأسمالي الى متطلبات العمال ولا الى بيئة العمل المناسبة ، اقد انهارت ثورات 1848 فانتقل ماركس⁽³⁾ الى لندن سنة 1849 .

بدأ كارل ماركس يعمل على نظريته في المذهب الماركسي وفي عام 1867م اصدر كتابه (رأس المال) واصدر سنة 1885 الجزء الثاني من كتابه رأس المال ، لكن في الجزء الثاني كان الدور لرفيقه انجلز في صدوره ⁽⁴⁾، بدأ ماركس في فرنسا ونشر مقالاته ضد الألمان فطرد من فرنسا الى بلجيكا .

وفي عام 1848 أصبح وضع اوربا مضطرب واشتد الصراع في العقد الخامس من القرن التاسع عشر باضطرابات مثير للجدل بلغت ذروتها في نفس العام 1848 حتى سمي ذلك العام بعام الثورات حتى بدأت اثورات في اسبانيا وبولونيا وانكلترا وفرنسا ، وكانت ثورة فرنسا اقوى الثورات وكان اسباب الثورات الاقتصادية بسبب البطالة وانخفاض اجر العامل وكثرة ساعات العمل وسوء ظروف العمل ، اختتمته بشعار الدولة وموالاتها للرأسمالية فقد تأسست جمعية سرية تحت اسم (عصبة العدول) في عام 1848 وكان سبب تأسيسها الاضراب الحاصل في اوربا وأعلنت عن تسمية حركتها وطلبت من ماركس وانجلز ان يكتب بيان يجمل معاني الثورة فأصدرو البيان الشيوعي واختتمه بشعار خطير له صداه عند الشيوعيين آنذاك وهو : (ان افراد البروليتاريا لن يفقدوا سوى أغلالهم وامامهم عالم يكسبونه ، يا عمال العالم اتحدوا) ، وبعد انهيار الثورة⁽⁵⁾ انتقل ماركس الى انكلترا وقضى بقية حياته في تهذيب المذهب الذي دعا اليه ، وهو يحتوي الكثير من المفاهيم الاقتصادية وتأثيرها على استغلال طبقة العمال منها ، حيث ينظرماركس للمادية ووفق نظاره الخاص يرى فيها الطريقة التي تبحث في العلاقة بين الانسان والبيئة المحيطة به وهو يعد فكرته عن المادية التاريخية اسلوب عملي يمارس فيه التحليل الاجتماعي التاريخي ، لقد كانت النظرية الماركسية متأثرة بأفكار هيجل بقوله ( ان تاريخ البشرية عملية واحدة التكرار فيها تخضع لقوانين تشبه قوانين علم النبات) وحاول ماركس ان يطبقها على تطور المجتمع على اساس اهتمام المجتمع بالأشياء₍₆₎ ، وقد توصل اليها عن طريق الملاحظات والاستنتاجات.

لقد كان الهدف من تسميتها بالنظرية العلمية لكي يتم تمييزها عن الاشتراكيات الخيالية ، لقد كانت اطروحات ماركس تمثل وثيقة وضح بها الكيفية التي يستغل بها الرأسمالي للعامل بأسلوب علمي وبمنهج اكاديمي وقال فيه الثورة الصناعية جعات الصناعات المحلية والمانيفكتورات تختفي لتحل محلها الصناعات ذات الانتاج الواسع والذي تشغل فيه عدد كبير من الأيدي العالملة يُطلق عليه جيش العاملين وفي مثل هذه الحالة يفرز المجتمع عدد من العلملين العاطلين عن العمل ، وهذا لموضوع خلق ازمات اقتصادية متسلسلة والسبب في ذلك زيادة الانتاج وقد حاول كارل ماركس الاستفادة من آراء المفكرين الذين سبقوه فتأثر بأفكارهم واضاف اليها افكاره الشخصية فظهرت ، وتوفي كارل ماركس في عام 1883 ولم يرى نتاج عمله حيث لم يكن لأفكاره تأثيرعلى المجتمع الاوربي في حياته وتأثر بافكاره رفيقه فريدريك لنجلز ، واكمل مشوار نظريته الأكثر جدلاً والتي لاقت القبول والاستحسان من قبل مجموعة من العاملين وبعض المنظرين من الطبقة الرأسمالية وكان الآخرين الرافضين لآرائه ووصفوا نظريته بالفوضوية ، كما وان الأسس التي بنى عليها كارل ماركس نظريته ومعظم افكاره كان نتيجة لتطور الافكار الكلاسيكية وقد اخذ جوهر نظريته من الكلاسيك وبالأخص ما يبحث في الملكية والانتاج وفائض القيمة اي العوائد المتحققة من العملية الانتاجية كجزء من الربح والفائدة والريع والتي تؤثر بدورها على امكانيات النمو الاقتصادي⁽⁷⁾ . 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ جورج سول ، المذاهب الاقتصادية الكبرى ، ترجمة راشد الراوي ، مكتبة النهضة المصرية ، 1953 ، ص94 . 

2ـ كريم مهدي الحسناوي ، مبادئ علم الاقتصاد ، مصدر سابق ، ص255 .

3ـ جورج سول ، المذاهب الاقتصادية الكبرى ، مصدر سابق، ص116 . 

4ـ لبيب شقير ، تاريخ الفكر الاقتصادي ، مكتبة النهضة العربية ، القاهرة ، 1986 ، ص223 .  

5ـ نفس المصدر السابق ، ص228 .

6ـ نفس المصدر السابق ، ص228 . 

7- عادل حمزة ، تفسير البطالة في الاقتصاد السياسي ، مجلة الحوار المتمدن ، العدد 4065 ، والصادر بتاريخ نيسان من عام 2013  .