المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

كيف خُلِق (عليه السلام)
20-01-2015
حكم من أجنب ليلا ثم نام ناويا للغسل حتّى أصبح
15-12-2015
البرازخ المائية
5-11-2014
Vowel qualities
2024-06-14
الوجود الشهوي
4-6-2018
الإِمامة قمة مفاخر إبراهيم (عليه السلام)
9-10-2014


تفسير آية (94-96) من سورة التوبة  
  
3041   01:14 صباحاً   التاريخ: 10-8-2019
المؤلف : إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .....
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف التاء / سورة التوبة /

 

قال تعالى : {يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (94) سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التوبة : 94 - 96] .

 

تفسير مجمع البيان

- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

ثم أخبر الله سبحانه عن هؤلاء القوم الذين تأخروا عن الخروج مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : {يعتذرون إليكم} من تأخرهم عنكم بالأباطيل والكذب ، {إذا رجعتم إليهم} أي : إذا انصرفتم إلى المدينة من غزوة تبوك {قل} يا محمد {لا تعتذروا لن نؤمن لكم} أي : لسنا نصدقكم على ما تقولون {قد نبأنا الله من أخباركم} أي : قد أخبرنا الله وأعلمنا من أخباركم ، وحقيقة أمركم ما علمنا به كذبكم . وقيل : إنه أراد به قوله سبحانه {لو خرجوا فيكم ما زادوكم الا خبالا} الآية .

{وسيرى الله عملكم ورسوله} أي : سيعلم الله فيما بعد ، ورسوله ، عملكم ، هل تتوبون من نفاقكم؟ أم تقيمون عليه ؟ وقيل : معناه سيعلم الله أعمالكم وعزائمكم في المستقبل ، ويظهر ذلك لرسوله ، فيعلمه الرسول بإعلامه إياه ، فيصير كالشيء المرئي ، لأن أظهر ما يكون الشئ أن يكون مرئيا ، كما علم ذلك في الماضي ، فأعلم به الرسول {ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة} أي : ترجعون بعد الموت إلى الله سبحانه الذي يعلم ما غاب وما حضر ، وما يخفى عليه السر والعلانية .

{فينبئكم بما كنتم تعملون} أي : يخبركم بأعمالكم كلها ، حسنها وقبيحها ، فيجازيكم عليها أجمع {سيحلفون بالله لكم} أي سيقسم هؤلاء المنافقون والمتخلفون فيما يعتذرون به إليكم أيها المؤمنون {إذا انقلبتم إليهم} أنهم إنما تخلقوا العذر {لتعرضوا عنهم} أي : لتصفحوا عن جرمهم ، ولا توبخوهم ، ولا تعنفوهم .

ثم أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين فقال : {فأعرضوا عنهم} أي : إعراض رد وإنكار ، وتكذيب ، ومقت . ثم بين عن سبب الإعراض فقال : {انهم رجس} أي : نجس ، ومعناه إنهم كالشيء المنتن الذي يجب الاجتناب عنه ، فاجتنبوهم كما تجتنب الأنجاس {ومأواهم جهنم} أي : مصيرهم ، ومآلهم ، ومستقرهم ، جهنم {جزاء بما كانوا يكسبون} أي : مكافاة على ما كانوا يكسبونه من المعاصي .

{يحلفون لكم لترضوا عنهم} أي : طلبا لمرضاتكم عنهم أيها المؤمنون {فإن ترضوا عنهم} لجهلكم بحالهم {فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين} الخارجين من طاعته إلى معصيته ، لعلمه بحالهم ، ومعناه : إنه لا ينفعهم رضاكم عنهم ، مع سخط الله عليهم ، وارتفاع رضاه عنهم ، وإنما قال سبحانه ذلك لئلا يتوهم أنه إذا رضي المؤمنون ، فقد رضي الله ، والمراد بذلك أنه إذا كان الله لا يرضى عنهم ، فينبغي لكم أيضا أن لا ترضوا عنهم .

وفي هذا دلالة على أن من طلب بفعله رضا الناس ، ولم يطلب رضا الله سبحانه ، فإن الله يسخط الناس عليه ، كما جاء في الحديث ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أنه قال من التمس رضا الله بسخط الناس ، رضي الله عنه ، وأرضى عنه الناس ، ومن التمس رضا الناس بسخط الله ، سخط الله عليه ، وأسخط عليه الناس .

___________________________

1. تفسير مجمع البيان ، ج5 ، ص 106-107 .

 

تفسير الكاشف

- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير هذه الآيات (1) :

 

{ يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ } يدل سياق الآية على أنها نزلت في أثناء عودة جيش المسلمين من غزوة تبوك ، حيث أخبرهم اللَّه سبحانه أنهم حين يصلون إلى المدينة يستقبلهم المنافقون معتذرين إليهم عن تخلفهم وقعودهم . . انهم يعتذرون ، ولكن بالكواذب والأباطيل ، ولذا قال اللَّه لنبيه :

{ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ } . هذا نهي منه تعالى أن يقبلوا عذرا من المنافقين ، وأمر للنبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يقول لهم : لا أصدقكم في شيء مما تعتذرون ، لأن اللَّه قد أوحى إليّ بما تخفي صدوركم من الشر والنفاق { وسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ ورَسُولُهُ } أي لا نقبل اعتذاركم ، حتى تثبتوا - فيما سيأتي - بالأفعال لا بالأقوال انكم صادقون في نواياكم وأهدافكم ، ومخلصون في الإيمان باللَّه ورسوله ، كما تزعمون .

{ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ والشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } . الغيب ما غاب علمه عن غير اللَّه ، والشهادة ما نعرفه ونشاهده . والمعنى انكم ستقفون غدا بين يدي اللَّه الذي لا تخفى عليه خافية ، فيخبركم بأعمالكم ، ويجازيكم عليها ، ان خيرا فخير ، وان شرا فشر .

{ سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ } أي رجعتم من غزوة تبوك { لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ } المراد بالإعراض هنا السكوت عن نفاقهم وعدم توبيخهم عليه { فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ } والمراد بهذا الإعراض إهمالهم احتقارا وازدراء ، وفي بعض الروايات ان النبي أمر المسلمين أن يقاطعوهم ، ثم بيّن سبحانه علة إهمالهم واحتقارهم بقوله : { إِنَّهُمْ رِجْسٌ ومَأْواهُمْ جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ } الرجس القذر ، وفي الحديث : أحكم الناس من فر من جهال الناس . وفي حديث آخر : إياكم ومجالسة الموتى . فقيل :

من هم يا رسول اللَّه ؟ قال : كل ضال عن الايمان ، جائر عن الأحكام .

{ يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ } حلفوا أولا - كما في الآية السابقة - طلبا للصفح وعدم مؤاخذتهم على الذنب ، كما دل قوله : { لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ } . وحلفوا ثانية طلبا للرضا وحسن المعاملة ، كما جاء في هذه الآية { لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ } . . ومن علامات المنافق كثرة الحلف لشعوره بأنه متهم بالكذب : { ويَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وهُمْ يَعْلَمُونَ } [المجادلة - 14] . ثم خاطب تعالى المؤمنين بقوله :

{ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهً لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ } . هذا التلطف في النهي أبلغ الأساليب على الإطلاق { فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهً لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ } . . ان رضا المؤمن من رضا اللَّه ، واللَّه لا يرضى عن الفاسقين ، فكيف يرضى المؤمن عنهم ؟ ومن ادعى الايمان باللَّه ، وهو راض على من غضب اللَّه عليه فإنه منافق . . ما في ذلك ريب .

_______________________

1. تفسير الكاشف ، ج4 ، ص89-90 .

 

تفسير الميزان

- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

قوله تعالى : ﴿يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم﴾ إلى آخر الآية . 

خطاب الجمع للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمؤمنين جميعا ، وقوله : ﴿لن نؤمن لكم﴾ أي لن نصدقكم على ما تعتذرون به بناء على تعدية الإيمان باللام كالباء - أو لن نصدق تصديقا ينفعكم - بناء على كون اللام للنفع - والجملة تعليل لقوله : ﴿لا تعتذروا﴾ كما أن قوله : ﴿قد نبأنا الله من أخباركم﴾ تعليل لهذه الجملة . 

والمعنى يعتذر المنافقون إليكم عند رجوعكم من الغزوة إليهم قل يا محمد لهم : لا تعتذروا إلينا لأنا لن نصدقكم فيما تعتذرون به لأن الله قد أخبرنا ببعض أخباركم مما يظهر به نفاقكم وكذبكم فيما تعتذرون به ، وسيظهر عملكم ظهور شهود لله ورسوله ثم تردون إلى الله الذي يعلم الغيب والشهادة يوم القيامة فيخبركم بحقائق أعمالكم . 

وفي قوله : ﴿وسيرى الله عملكم ورسوله﴾ إلخ في إيضاحه كلام سيمر بك عن قريب . 

قوله تعالى : ﴿سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم﴾ الآية أي لتعرضوا عنهم فلا تتعرضوا لهم بالعتاب والتقريع وما يتعقب ذلك فأعرضوا عنهم لا تصديقا لهم فيما يحلفون له من الأعذار بل لأنهم رجس ينبغي أن لا يقترب منهم ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون . 

قوله تعالى : ﴿يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين﴾ أي هذا الحلف منهم كما كان للتوسل إلى صرفكم عنهم ليأمنوا الذم والتقريع كذلك هو للتوسل إلى رضاكم عنهم أما الإعراض فافعلوه لأنهم رجس لا ينبغي لنزاهة الإيمان وطهارته أن تتعرض لرجس النفاق والكذب وقذارة الكفر والفسق ، وأما الرضى فاعلموا أنكم إن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عنهم لفسقهم والله لا يرضى عن القوم الفاسقين . 

فالمراد أنكم إن رضيتم عنهم فقد رضيتم عمن لم يرض الله عنه أي رضيتم بخلاف رضى الله ، ولا ينبغي لمؤمن أن يرضى عما يسخط ربه فهو أبلغ كناية عن النهي عن الرضا عن المنافقين . 

__________________________

1 . تفسير الميزان ، ج9 ، ص 302-303 .

 

تفسير الأمثل

- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

لا تصغوا إلى أعذارهم وأيمانهم الكاذبة :

تستمر هذه السلسلة من الآيات في الحديث عن الأعمال الشيطانية للمنافقين ، وتزيح الستار عنها الواحد تلو الآخر ، وتحذر المسلمين من الانخداع بريائهم أو الوقوع تحت تأثير كلماتهم المعسولة .

الآية الأولى تبيّن للمسلمين أن هؤلاء إذا علموا بقدومكم فسيأتون‏ {يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ‏} . إن التعبير ب (يعتذرون) بصيغة المضارع ، يظهر منه أن اللّه تعالى قد أطلع النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم من قبل على كذب المنافقين ، وأنّهم سيأتونهم ليعتذروا إليهم ، ولذلك فإنّه تعالى علمهم كيفية جواب هؤلاء إذا قدموا إليهم ليعتذروا منهم .

ثمّ يتوجه الخطاب إلى النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم- باعتباره قائد المسلمين- بأن يواجه المنافقين‏ {قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ}‏ لأنّا على علم بأهدافكم الشيطانية وما تضمرون وما تعلنون ، إذ {قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ‏} . إلّا أنّه في الوقت نفسه سيبقى باب التوبة والرجوع إلى الصواب مفتوحا أمامكم‏ {وسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ ورَسُولُهُ‏} .

واحتمل البعض في تفسير هذه الآية أنّ التوبة ليست هي المقصودة من هذه الجملة ، بل المقصود أن اللّه ورسوله سيطلعان على أعمالكم ويريانها في المستقبل كما رأياها الآن ، وسيحبطان كل مؤامراتكم ، وعلى هذا فلا يمكن أن تصنعوا شيئا ، لا اليوم ولا غدا ، ولنا بحث مفصّل حول هذه الجملة ، ومسألة عرض أعمال الأمة على نبيّها صلى اللّه عليه وآله وسلّم سيأتي في ذيل الآية (105) من هذه السورة .

ثمّ قالت الآية: إنّ كل أعمالكم ونياتكم ستثبت اليوم في كتبكم‏ {ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى‏ عالِمِ الْغَيْبِ والشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} .

وفي الآية التالية إشارة أخرى إلى أيمان المنافقين الكاذبين ، وتنبيه للمسلمين على أنّ هؤلاء سيتوسلون باليمين الكاذبة لتغفروا لهم خطيئاتهم وتصفحوا عنهم‏ {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ}‏ .

في الحقيقة ، إنّ هؤلاء يطرقون كل باب ليردّوا منه ، فتارة يريدون إثبات براءتهم وعدم تقصيرهم بالاعتذار ، وتارة يعترقون بالتقصير ثمّ يطلبون العفو عن ذلك التقصير ، إذ ربّما استطاعوا عن إحدى هذه الطرق النفوذ إلى قلوبكم ، لكن لا تتأثروا بأي أسلوب من هذه الأساليب ، بل إذا جاؤوكم ليعتذروا إليكم‏ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ‏ .

إنّ هؤلاء يطلبون منكم أن تعرضوا عن أفعالهم ، أي أن تصفحوا عنهم ، لكنكم يجب أن تعرضوا عنهم ، لكن لا بالصفح والعفو ، بل بالتكذيب والإنكار عليهم ، وهذان التعبيران المتشابهان لفظا لهما معنيان متضادان تماما ، ولهما هنا من جمال التعبير وجزالته وبيانه ما لا يخفى على أهل الذوق والبلاغة .

ولتأكيد المطلب وتوضيحه وبيان دليلة عقّبت الآية بأن السبب في الاعراض هؤلاء {إِنَّهُمْ رِجْسٌ}‏ ، ولأنّهم كذلك فإنّ مصيرهم‏ {ومَأْواهُمْ جَهَنَّمُ‏} لأنّ الجنّة أعدت للمتقين الذين يعملون الصالحات ، وليس فيها موضع للأرجاس الملوّثين بالمعاصي . إن كل العواقب السيئة التي سيلقونها إنما يرونها {جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ‏} .

في الآية الأخيرة التي نبحثها هنا إشارة إلى يمين أخرى من أيمان هؤلاء ، الهدف منها جلب رضى المسلمين‏ {يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ‏} .

الفرق بين اليمين في هذه الآية واليمين في الآية السابقة ، أنّ المنافقين في الآية السابقة أرادوا تهدئة خواطر المؤمنين في الواقع العملي أمّا اليمين التي في هذه فإنّها تشير إلى أنّ المنافقين أرادوا من المؤمنين مضافا إلى سكوتهم العملي إظهار الرضا القلبي عنهم .

الملفت للنظر هنا أن اللّه تعالى لم يقل: لا ترضوا عنهم ، بل عبّر سبحانه بتعبير تشم منه رائحة التهديد ، إذ تقول عزّ وجلّ : {فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضى‏ عَنِ‏ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ}‏ .

لا شك أن هؤلاء من الناحية الدينية والأخلاقية لا يعيرون اهتماما لرضى المسلمين ، بل إن الهدف من عملهم هذا هو رفع النظرة السلبية والغضب عليهم من أفكار وقلوب المسلمين ، ليكونوا في المستقبل في مأمن من ردود الفعل ضدهم إذا بدرت منهم أعمال منافية ، إلّا أن اللّه تعالى لما عبر بقوله : {لا يَرْضى‏ عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ}‏ نبّه المسلمين على أن هؤلاء فاسقون ، ولا معنى لرضاكم عنهم ، فإنّ هؤلاء دأبهم يضحكوا على الأذقان ، فانتبهوا وعوا أمر هؤلاء ولا تقعوا في شراكهم .

كم هو مهم وجيدّ أن يراقب المسلمون في كل زمان خطط المنافقين الشيطانية ويعرفوهم ، حتى لا يستفيدوا من الخطط السابقة للوصول إلى أهدافهم المشؤومة عبر هذه الوسائل والخطط الخبيثة .

______________________

1. تفسير الأمثل ، ج5 ، ص328-330 .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .