أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-10-2019
9576
التاريخ: 4-10-2020
2465
التاريخ: 2-10-2019
1905
التاريخ: 7-1-2019
3894
|
ﺛﺎﻧﻴًﺎ : اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﺤﻞ أزﻣﺎت اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ
ﺑﻌﺪ ﺗﻔﻬﻢ ﻋﻤﻴﻖ ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻴًﺎ اﺑﺘﺪاء ﻣﻦ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﺘﺠﺎرﻳﻴﻦ ﻣﺮورًا ﺑﺎﻟﻤﺬهـﺐ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ، أي ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺛﻢ إﻟﻰ اﻟﻜﻴﻨﺰﻳﺔ وﻣﻊ ﺣﺪوث اﻟﺜﻮرة اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻷوﻟﻰ واﻟﺜﻮرة اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ وﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﺬي ﺣﺪث ﻋﻠﻰ ﻗﻮى اﻹﻧﺘﺎج وكـﻨﺘﻴﺠﺔ ﻟﻜﻞ هـﺬﻩ اﻟﺘﻐﻴﺮات ﻓﻘﺪ زاد اﻹﻧﺘﺎج وﻓﺎض ﻋﻦ ﺣﺪﻩ ﻣﻤﺎ ﺗﺘﻄﻠﺐ ذﻟﻚ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ أﺳﻮاق ﺟﺪﻳﺪة ﺗﺴﺘﻮﻋﺐ هـﺬﻩ اﻟﺰﻳﺎدة ﻋﻦ ﺣﺎﺟﺔ اﻟﺴﻮق اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ وﻟﻬﺬا ﺑﺮزت اﻟﻈﺎهـﺮة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻧﺘﺸﺮت وﺗﻮﺳﻌﺖ ، وكـﺎن ذﻟﻚ هـﻮ اﻟﺴﺒﺐ ﻟﺘﺘﺤﻮل اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ إﻟﻰ أﻋﻠﻰ ﻣﺮاﺣﻠﻬﺎ أﻻ وهـﻲ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻻﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ وذﻟﻚ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﻮﺳﻊ واﻻﺣﺘﻼل وﻧﻬﺐ اﻟﺜﺮوات واﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮاد اﻷوﻟﻴﺔ ﻟﺸﻌﻮب ودول اﻟﺠﻨﻮب(1) . وإذا أﺧﺬﻧﺎ ﺑﻨﻈﺮ اﻻﻋﺘﺒﺎر أن اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻳﻌﺎﻧﻲ اﻟﻴﻮم ﻣﻦ أزﻣﺎت اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ (واﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ أزﻣﺎت اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ) ، ﻓﻌﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻻﻗﺘﺼﺎدي أﺻﺒﺤﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺗﺴﺘﻬﻠﻚ أكـﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﻨﺘﺞ وﺗﺴﺘﻮرد أكـﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﺼﺪر ، وﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة ﺳﺠﻠﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ أﻋﻠﻰ ﺣﺎﻻت ، اﻹﻓﻼس ﻓﻲ كـﻞ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ( أكـﺜﺮ ﻣﻦ 700 أﻟﻒ ﺣﺎﻟﺔ إﻓﻼس ) كـﺬﻟﻚ ﻋﺎﻧﺖ ﻣﻦ أكـﺒﺮ ﻋﺠﺰ ﻣﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ واﻟﺬي ﺗﺠﺎوز (400) ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ، أﻣﺎ دﻳﻮﻧﻬﺎ ﻓﺄﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﺠﺎوزت كـﻞ اﻷرﻗﺎم اﻟﻘﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﻌﺪ أن أﺻﺒﺢ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ (3) ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر أي أكـﺜﺮ ﻣﻦ (1.5) ﺿﻌﻒ إﺟﻤﺎﻟﻲ اﻟﺪﻳﻮن اﻟﻤﺘﺮﺗﺒﺔ ﻋﻠﻰ كـﻞ اﻟﺪول اﻷﺧﺮى ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ، وهـﻨﺎك اﻟﻴﻮم أكـﺜﺮ ﻣﻦ (15) ﻣﻠﻴﻮن ﺷﺨﺺ ﻋﺎﻃﻞ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ أي (8 % ﻣﻦ إﺟﻤﺎﻟﻲ ﻗﻮة اﻟﻌﻤﻞ) وﻗﺪ ﺗﺮاﺟﻌﺖ إﻟﻰ اﻟﺪوﻟﺔ رﻗﻢ (13) ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻻﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺤﺔ والـﺪوﻟﺔ رﻗﻢ (17) ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻻﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ رﻗﻢ (29) ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻋﺪد اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ إﺟﻤﺎﻟﻲ اﻟﺴﻜﺎن ﺣﻴﺚ ﻟﺪﻳﻬﺎ (55) ﻋﺎﻟﻤًﺎ وﻓﻨﻴًﺎ ﻓﻘﻂ ﻟﻜﻞ أﻟﻒ ﻧﺴﻤﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ (317) ﻋﺎﻟﻤًﺎ وﻓﻨﻴًﺎ ﻟﻜﻞ أﻟﻒ ﻧﺴﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻴﺎﺑﺎن . إذاً ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل أن اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮد اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ اﻟﻴﻮم ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ أزﻣﺎت وأن ﺣﻞ أزﻣﺎﺗﻬﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﻢ إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺼﺪﻳﺮ هـﺬﻩ اﻷزﻣﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ وﺁﻟﻴﺎﺗﻬﺎ ﺧﺎرج ﺣﺪودهـﺎ (2) .
إذاً اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ هـﻲ اﻋﻠﻲ ﻣﺮاﺣﻞ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ وﻇﻬﺮت اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﺘﻄﻮرﻩ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ وﺑﻤﺎ أن اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ أزﻣﺎت ﺣﺎدة وﺧﻄﻴﺮة ﻓﻬﻲ ﻇﺎهـﺮة اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺧﻄﻴﺮة ﻷﻧﻪ ﺗﺤﻤﻞ ﻓﻲ ﻃﻴﺎﺗﻬﺎ أزﻣﺎت اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺬي وﻟﺪت ﻓﻴﻪ وﻣﻦ أهـﻢ هـﺬﻩ اﻷزﻣﺎت هـﻲ أزﻣﺔ اﻟﺘﻀﺨﻢ أﻟﺮكـﻮدي (stagflation) اﻟﺬي ﻣﺎ أﻧﻔﻚ هـﺬا اﻟﻨﻈﺎم ﻣﻦ إﻳﺠﺎد ﺣﻞ ﻟﻬﺬﻩ اﻷزﻣﺔ دون ﺟﺪوى ﻓﻬﻮ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺘﻀﺨﻢ ﻣﻤﺎ اﻧﻌﻜﺲ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ أزﻣﺎت اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﻧﻔﺴﻴﺔ وﻏﻴﺮهـﺎ ، وأﺻﺒﺢ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ أزﻣﺎت ﻣﺴﺘﻌﺼﻴﺔ وداﺋﻤﻴﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺄن اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ وﻟﺪت ﻓﻲ رﺣﻢ ﻣﺮﻳﺾ وﻟﺪت وهـﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﻓﻨﺎﺋﻬﺎ ، كما أن اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ وﺑﺨﺎﺻﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻳﺴﻌﻰ داﺋﻤًﺎ إﻟﻰ ﺗﺼﺪﻳﺮ أزﻣﺘﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺧﻠﻖ اﻷزﻣﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ وﺧﻠﻖ اﻟﺤﺮوب اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ وﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﺠﻴﻊ اﻟﻨﺰاﻋﺎت اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ واﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ وﺧﻠﻖ اﻟﻔﺘﻦ اﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ واﻻﺛﻨﻴﺔ ﺑﻬﺪف إﺿﻌﺎف اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﻬﻞ اﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻴﻪ ، ﻓﻀًﻼ ﻋﻦ ﺗﺼﺮﻳﻒ ﻣﻨﺘﺠﺎﺗﻪ ﻣﻦ اﻷﺳﻠﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪر ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻃﺎﺋﻠﺔ ، إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺳﻌﻴﻪ اﻟﺤﺜﻴﺚ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎد ر اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﺑﺎﻷﺧﺺ ﻧﻔﻂ اﻟﺨﻠﻴﺞ كـﻞ ذﻟﻚ ﺳﻮف ﻳﻌﻤﻖ اﻟﺼﺮاع ﺑﻴﻦ ﺷﻌﻮب اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﺗﻌﻲ ﺧﻄﻮرة اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎدﺗﻬﺎ وﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻬﺎ وﺑﻴﻦ ﻣﺮوﺟﻲ اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ وﺑﺨﺎﺻﺔ أﻣﺮﻳﻜﺎ ، ﻓﻤﻬﻤﺎ ﺣﺎوﻟﺖ أﻣﺮﻳﻜﺎ إﺧﻔﺎء اﻟﺒﻮاﻋﺚ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﻌﻮﻟﻤﺔ ﻓﺴﻮف ﻻ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ أﻣﺪ ﻃﻮﻳﻞ وﻣﻬﻤﺎ ﻃﺎل اﻟﺰﻣﻦ ﻓﺄن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺳﻴﻜﺸﻒ زﻳﻒ وﺧﻄﻮرة اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ﻋﻠﻴﻪ وﻣﻬﻤﺎ اﺳﺘﻄﺎع اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ أن ﻳﺠﺪد ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب دول وﺷﻌﻮب اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﺄﻧﻪ ﺳﻮف ﻻ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ذﻟﻚ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ،وهـﺬا هـﻮ اﻟﻤﺄزق اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ اﻟﺬي ﺗﻌﻴﻪ أﻣﺮﻳﻜﺎ وﻣﻦ في ﻓﻠﻜﻬﺎ ﻣﻦ أن ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ ﻗﺎدﻣﺔ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ ﻣﻬﻤﺎ ﺣﺎوﻟﺖ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ أزﻣﺎﺗﻬﺎ اﻟﻤﺴﺘﻌﺼﻴﺔ اﻟﺤﻞ ﻹﺑﻘﺎء هـﺬا اﻟﻨﻈﺎم (3).
أن اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻨﺠﻢ ﻋﻦ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ـ اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﺬي ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺳﻴﺘﻢ ﺗﺴﺮﻳﺢ ﺟﻴﺸًﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎل ﺑﺴﺒﺐ اﺳﺘﻌﻤﺎﻻت اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻮى ﺣﻴﺚ ﺳﻴﻜﻮﻧﻮا ﻋﺒﺌًﺎ ﺛﻘﻴًﻼ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻴﺔ (ﺣﻴﺚ ان أكـﺜﺮ ﻣﻦ 40 ﻣﻠﻴﻮن إﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ وﻋﺸﺮﻳﻦ ﺑﻠﺪًا ﻣﻦ ﺑﻠﺪان اﻟـ *(OECD) ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ ﻋﻤﻞ وﻟﻢ ﻳﺠﺪوﻩ ، اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻌﺎﻧﻲ ﺟﺮاء ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺿﻌﻒ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﻤﻌﺎﺷﻲ واﻧﺨﻔﺎض اﻟﺪﺧﻞ ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺒﺐ ﻟﻬﻢ وﻟﻌﻮاﺋﻠﻬﻢ ﻣﻦ ﺗﺪﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺼﺤﻲ واﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ وﺳﻴﻨﻌﻜﺲ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻮاﻗﻊ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ، ﺑﺤﻴﺚ ﺳﻨﺮى أن ﻓﻲ ﺷﻮارع أورﺑﺎ أﻋﺪادًا كـﺒﺮى ﺟﺪًا ﻣﻦ اﻟﺒﺸﺮ ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ ﻋﻤﻞ وﺣﺘﻰ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ أن ﻧﺮى أﻧﺎﺳًﺎ ﻳﺘﺴﻮﻟﻮن أو ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺄﻋﻤﺎل ﻻ ﺗﻠﻴﻖ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن اﻟﻤﺘﺤﻀﺮ ، وهـﺬا ﺳﻮف ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﺮوﻗﺎت اﻟﻄﺒﻘﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﻓﻲ اﻟﺪول اﻟﺸﻤﺎل ، وكـﺬﻟﻚ ﻓﻲ دول اﻟﺠﻨﻮب ﻣﻤﺎ ﺳﻴﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺼﺮاع اﻟﻄﺒﻘﻲ داﺧﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻮاﺣﺪ وﺑﻴﻦ دول اﻟﺸﻤﺎل ودول اﻟﺠﻨﻮب أﻳﻀًﺎ وهـﺬا ﻣﺄزق ﺧﻄﻴﺮ ﺳﺘﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻪ اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ .
وﺑﻤﺎ أن اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل إزاﻟﺔ اﻟﺤﺪود ﺑﻴﻦ اﻟﺪول ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﺗﺴﻬﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻧﺘﻘﺎل رؤوس اﻷﻣﻮال واﻟﻌﻤﺎﻟﺔ واﻟﺒﻀﺎﺋﻊ واﻟﻤﻨﺘﻮﺟﺎت وﻓﻖ ﻗﻮاﻧﻴﻦ وﻗﻮاﻋﺪ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ (WTO) ، وهـﺬا ﻳﻌﻨﻲ اﻟﻐﺎء دور اﻟﺪوﻟﺔ واﻟﺘﺠﺎوز ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎدﺗﻬﺎ ﻣﻤﺎ ﺳﻴﻮﻟﺪ ردود أﻓﻌﺎل ﻋﻨﻴﻔﺔ ﻟﺪى اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺪول وﺣﺘﻰ ﺷﻌﻮب أورﺑﺎ اﻟﺘﻲ ﻧﺎﺿﻠﺖ وﻣﻨﺬ ﻋﻘﻮد كـﺜﻴﺮة ﻣﻦ أﺟﻞ ﺳﻴﺎدﺗﻬﺎ . وﺑﺬﻟﻚ ﺳﺘﻘﻒ هـﺬﻩ اﻟﺪول وﺑﻜﻞ ﻗﻮة ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﺳﻴﺎدﺗﻬﺎ وﺗﺮاﺛﻬﺎ وﻋﺎداﺗﻬﺎ وﺗﻘﺎﻟﻴ ﺪهـﺎ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ اﻟﻤﻮروﺛﺔ ﻋﺒﺮاﻷﺟﻴﺎل ، وهـﻨﺎ ﺳﻴﻜﻮن ذﻟﻚ ﻣﺄزﻗًﺎ ﺟﺪﻳﺪًا وﻣﻀﺎﻓًﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺄزق اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ واﻟﺬي ﺳﻴﺘﻌﻤﻖ هـﺬا اﻟﻤﺄزق ﺑﺰﻳﺎدة اﻟﻮﻋﻲ ﻳﻮﻣًﺎ ﺑﻌﺪ ﻳﻮم ﻟﻴﺸﻜﻞ ﺗﻴﺎرًا ﻋﺎرﻣًﺎ ﺿﺪ اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ .
وﻣﻦ اﻟﻤﻼﺣﻆ وﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة ﺗﻮﺟﻪ رؤوس اﻷﻣﻮال اﻟﻀﺨﻤﺔ إﻟﻰ أﺳﻮاق اﻟﻤﺎل واﻟﻤﻀﺎرﺑﺎت ﺑﺎﻷﺳﻬﻢ واﻟﺴﻨﺪات وﺑﻮﻟﻴﺼﺎت اﻟﺘﺄﻣﻴﻦ وﻏﻴﺮهـﺎ كـﻮﻧﻬﺎ ﺗﺪر أرﺑﺎﺣًﺎ ﺧﻴﺎﻟﻴﺔ وﺑﻮﻗﺖ ﻗﺼﻴﺮ ﺟﺪًا وﻣﺎ ﺳﻮق وول ﺳﺘﺮﻳﺖ ﻟﻸوراق اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ أكـﺒﺮ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻢ ﺗﺪاول أكـﺜﺮ ﻣﻦ 1.3 ﺗﺮﻟﻴﻮن دوﻻر ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﻮاﺣﺪ . وهـﺬا ﻣﻤﺎ ﺳﻴﺠﻌﻞ اﻧﺘﻘﺎل رؤوس اﻷﻣﻮال إﻟﻰ هـﺬﻩ اﻷﺳﻮاق واﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ اﻟﺘﻮﺟﻪ إﻟﻰ اﻹﻧﺘﺎج ، ﻣﻤﺎ ﺳﻴﺨﻠﻖ أزﻣﺔ إﻧﺘﺎج ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺪ اﻟﻤﻨﻈﻮر ، وهـﺬا ﺳﻴﺆدي إﻟﻰ أزﻣﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ كـﻮﻧﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑﺄزﻣﺔ اﻟﻜﺴﺎد ﻓﻲ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ، ﻣﻤﺎ ﺳﻴﺠﻌﻞ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ ﻳﺪﺧﻞ ﺑﺄزﻣﺔ ﺟﺪﻳﺪة إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أزﻣﺎﺗﻪ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﻌﺼﻴﺔ اﻟﺤﻞ ، وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺒﻄﺎﻟﺔ وﺗﺪﻧﻲ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺳﻮف ﻳﺘﺄﺛﺮ اﻟﻄﻠﺐ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ وهـﺬا ﻣﻤﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺼﺮاع اﻟﻄﺒﻘﻲ داﺧﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت وكـﺬﻟﻚ ﺑﻴﻦ دول اﻟﺸﻤﺎل ودول اﻟﺠﻨﻮب وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺳﻴﺆدي إﻟﻰ ﺗﺤﻮل اﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎت اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ إﻟﻰ ﺗﻨﺎﻗﻀﺎت ﺗﻨﺎﺣﺮﻳﺔ ﻻ ﺗﺰول إﻻ ﺑﺰوال أﺣﺪ ﻃﺮﻓﻴﻬﺎ(4) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ حسين عجلان ، أثر تدفق حركة رؤوس الأمموال الأجنبية على اقتصاديات البلدان النامية ، مجلة كلية بغداد للعلوم الاقتصادية ، العدد الثالث ، حزيران ، 2001 ، ص95 .
2ـ حسين عجلان ، مصدر سبق ذكره ، ص96-98 .
3ـ لسترثرون ، مستقبل الرأسمالية ، ترجمة فالح عبد القادر حلمي ، بيت الحكمة ، بغداد ، عام 2000 ، ص168 .
* ـ (QECD) هي منظمة التنمية والتعاون القتصادي .
4ـ لستر ثرون ، مصدر سبق ذكره ، ص178- 200 .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|