الابتعاد عن الأسئلة التافهة والغير منطقية
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 2، ص228-229.
2025-11-24
86
الابتعاد عن الأسئلة التافهة والغير منطقية
قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101) قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ } [المائدة : 101، 102].
الأقوال في سبب نزول هاتين الآيتين مختلف في مصادر الحديث والتفسير نذكر منها ما ينسجم مع سبب نزول هاتين الآيتين :
1 - ما جاء في تفسير « مجمع البيان » عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال :
« خطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فقال : « إنّ اللّه كتب عليكم الحج » فقام عكاشة بن محصن وقيل سراقة بن مالك فقال : أفي كلّ عام يا رسول اللّه ؟ فأعرض عنه حتى عاد مرتين أو ثلاثا ، فقال رسول اللّه : « ويحك ما يؤمنك أن أقول : نعم ، واللّه لو قلت نعم لوجبت ، ولو وجبت ما استطعتم ، ولو تركتم لكفرتم ، فاتركوني كما تركتكم ، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه » « 1 ».
2 - قال أبو جعفر عليه السّلام لحنان بن سدير : « أنّ صفيّة بنت عبد المطّلب مات ابن لها فأقبلت ، فقال لها عمر ابن الخطّاب : غطي قرطك ، فإنّ قرابتك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لا تنفعك شيئا ، فقالت له : وهل رأيت لي قرطا ، يا بن اللخناء ؟ ! ثم دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فأخبرته بذلك ، وبكت ، فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فنادى : الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس فقال : ما بال أقوام يزعمون أنّ قرابتي لا تنفع ؟ ! لو قد قمت المقام المحمود لشفعت في أحوجكم ، لا يسألني اليوم أحد من أبوه إلّا أخبرته ، فقام إليه رجل ، فقال : من أبي يا رسول اللّه ؟ فقال : أبوك غير الذي تدعى إليه ، أبوك فلان بن فلان. فقام إليه رجل آخر فقال : من أبي يا رسول اللّه ؟ فقال : أبوك الذي تدعى إليه. ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : ما بال الذي يزعم أنّ قرابتي لا تنفع لا يسألني عن أبيه ؟ ! فقام إليه عمر فقال : أعوذ باللّه يا رسول اللّه من غضب اللّه وغضب رسوله ، اعف عنّي ، عفا اللّه عنك ، فأنزل اللّه تعالى : {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ إلى قوله ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ }» « 2 ».
أقول : ينبغي ألا يظن أحد بأن سبب نزول هاتين الآيتين يعني غلق أبواب السؤال وباب تفهم الأمور بوجوه الناس ، لأن القرآن في آياته يأمر الناس صراحة بالرجوع إلى أصحاب الخبرة في فهم الأمور : {فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} بل المقصود هو الأسئلة التافهة والتحجج ، والإلحاح المؤدي غالبا إلى تشويش أفكار الناس وقطع التسلسل الفكري للخطيب.
___________
( 1 ) مجمع البيان : ج 3 ، وتفسير الدر المنثور.
( 2 ) تفسير القميّ : ج 1 ، ص 188.
الاكثر قراءة في أسباب النزول
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة