الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
نموذج من نثر ابن عاصم
المؤلف: أحمد بن محمد المقري التلمساني
المصدر: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
الجزء والصفحة: مج6، ص:149
2024-09-16
421
نموذج من نثر ابن عاصم
وقد تقدم بعض كلامه فيما مرّ، ومن بديع نثره الذي يسلك به نهج ابن
الخطيب رحمه الله تعالى قوله من كلام جلبت جملته في «أزهار الرياض »، واقتصرت هنا على قوله بعد الحمدلة الطويلة ما صورته: أما بعد فإن الله على كل شيء قدير ، وإنه بعباده الخبير بصير. ، وهو لمن أهل نيته ، وأخلص طويته ، نعم المولى ونعم النصير ، بيده الرفع والخفض ، والبسط والقبض ، والرشد والغي ، والنشر والطي ، والمنح والمنع ، والضر والنفع ، والبطء والعجل ، والرزق والأجل ، والمسرة والمساءة ، والإحسان والإساءة ، والإدراك والفوت ، والحياة والموت ، إذا قضى أمراً فإنّما يقول له كن فيكون ، وهو الفاعل على الحقيقة وتعالى الله عما يقول الآفكون ، وهو الكفيل بأن يظهر دينه على الدين كله ولو كره المشركون ، وإن في أحوال الوقت الداهية لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، وعبرة لمن يفهم قوله تعالى ﴿ إِنَّ اللهَ يفعل ما يشاء ) ( الحج : 18) وهو إنَّ الله يحكم ما يريد ) ( المائدة : 1 ) بينما الدسوت عامرة ، والولاة آمرة ، والفئة مجموعة ، والدعوة مسموعة ، والإمرة مطاعة، والأجوبة سمعاً وطاعة ، وإذا بالنعمة قد كفرت ، والذمة قد خفرت . إلى أن قال : والسعيد من اتعظ بغيره ، ولا يزيد المؤمن عمره إلا خيراً جعلنا الله تعالى ممن قضى عمره بخيره ، وبينما الفرقة حاصلة ، والقطيعة فاصلة، والمضرة واصلة ، والحبل في انبتات والوطن في شتات ، والخلاف يمنع رعي مناة ، والقلوب شتى من قوم أشتات ، والطاغية يتمطى لقصم الوطن وقضمه ويلحظه لحظ الخائف على هضمه ، والآخذ بكظمه ، ويتوقع الحسرة أن يأذن يجمع . شمله ونظمه ، على رغم الشيطان ورغمه ، وإذا بالقلوب قد التلفت ، والمتنافرة قد اجتمعت بعدما اختلفت ، والأفئدة بالألفة قد اقتربت إلى الله تعالى وازدلفت ، والمتضرعة إلى الله تعالى قد ابتهلت، في إصلاح الحالة التي سلفت ، فألقت الحرب أوزارها ، وأدنت الفرقة النافرة مزارها ، وجلت الألفة الدينية
149
أنوارها ، وأوضحت العصمة الشرعية آثارها ، ورفعت الوحشة الناشبة أظفارها أعذارها ، وأرضت الخلافة الفلانية أنصارها ، وغضت الفئة المتعرضة أبصارها ، وأصلح الله تعالى أسرارها ، فجمعت الأوطان بالطاعة ، والتزمت نصيحة الدين بأقصى الاستطاعة ، وتسابقت إلى لزوم السنة والجماعة ، وألقت إلى الإمامة الفلانية يد التسليم والضراعة ، فتقبلت فيأتهم ، وأحمدت حياتهم ، وأسعدت آمالهم ، وارتضيت أعمالهم ، وكملت مطالبهم ، ، وتممت مآربهم ، وقضيت ، حاجاتهم ، واستمعت مناجاتهم ، وألسنتهم بالدعاء قد انطلقت ، ووجهتهم في الخلوص قد صدقت ، وقلوبهم على جمع الكلمة قد اتفقت ، وأكفهم بهذه
الإمامة الفلانية قد اعتلقت، وكانت الإدالة في الوقت على عدو الدين قد ظهرت وبرقت ، إلى أن قال: وكفت القدرة القاهرة ، والعزة الباهرة ، من عدوان الطاغية غوائل ، بإعزاز دين الله الموعود بظهوره على الدين كله فواتح وأوائل ، ومعلوم بالضرورة أن الله تعالى لطيف بعباده حسبما شهد بذلك برهان الوجود ، ((وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها )) ( إبراهيم : 34 ) دليل على ما سوغ من الكرم والجود ؛ انتهى المقصود منه ، وهو كلام بليغ ، ومن أراد جملته فعليه
بأزهار الرياض