x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
المسائل الفقهية
التقليد
الطهارة
احكام الاموات
الاحتضار
التحنيط
التشييع
التكفين
الجريدتان
الدفن
الصلاة على الميت
الغسل
مسائل تتعلق باحكام الاموات
أحكام الخلوة
أقسام المياه وأحكامها
الاستحاضة
الاغسال
الانية واحكامها
التيمم (مسائل فقهية)
احكام التيمم
شروط التيمم ومسوغاته
كيفية التيمم
مايتيمم به
الجنابة
سبب الجنابة
مايحرم ويكره للجُنب
مسائل متفرقة في غسل الجنابة
مستحبات غسل الجنابة
واجبات غسل الجنابة
الحيض
الطهارة من الخبث
احكام النجاسة
الاعيان النجسة
النجاسات التي يعفى عنها في الصلاة
كيفية سراية النجاسة الى الملاقي
المطهرات
النفاس
الوضوء
الخلل
سنن الوضوء
شرائط الوضوء
كيفية الوضوء واحكامه
مسائل متفرقة تتعلق بالوضوء
مستمر الحدث
نواقض الوضوء والاحداث الموجبة للوضوء
وضوء الجبيرة واحكامها
مسائل في احكام الطهارة
الصلاة
مقدمات الصلاة(مسائل فقهية)
الستر والساتر (مسائل فقهية)
القبلة (مسائل فقهية)
اوقات الصلاة (مسائل فقهية)
مكان المصلي (مسائل فقهية)
افعال الصلاة (مسائل فقهية)
الاذان والاقامة (مسائل فقهية)
الترتيب (مسائل فقهية)
التسبيحات الاربعة (مسائل فقهية)
التسليم (مسائل فقهية)
التشهد(مسائل فقهية)
التعقيب (مسائل فقهية)
الركوع (مسائل فقهية)
السجود(مسائل فقهية)
القراءة (مسائل فقهية)
القنوت (مسائل فقهية)
القيام (مسائل فقهية)
الموالاة(مسائل فقهية)
النية (مسائل فقهية)
تكبيرة الاحرام (مسائل فقهية)
منافيات وتروك الصلاة (مسائل فقهية)
الخلل في الصلاة (مسائل فقهية)
الصلوات الواجبة والمستحبة (مسائل فقهية)
الصلاة لقضاء الحاجة (مسائل فقهية)
صلاة الاستسقاء(مسائل فقهية)
صلاة الايات (مسائل فقهية)
صلاة الجمعة (مسائل فقهية)
صلاة الخوف والمطاردة(مسائل فقهية)
صلاة العيدين (مسائل فقهية)
صلاة الغفيلة (مسائل فقهية)
صلاة اول يوم من كل شهر (مسائل فقهية)
صلاة ليلة الدفن (مسائل فقهية)
صلوات اخرى(مسائل فقهية)
نافلة شهر رمضان (مسائل فقهية)
المساجد واحكامها(مسائل فقهية)
اداب الصلاة ومسنوناتها وفضيلتها (مسائل فقهية)
اعداد الفرائض ونوافلها (مسائل فقهية)
صلاة الجماعة (مسائل فقهية)
صلاة القضاء(مسائل فقهية)
صلاة المسافر(مسائل فقهية)
صلاة الاستئجار (مسائل فقهية)
مسائل متفرقة في الصلاة(مسائل فقهية)
الصوم
احكام متفرقة في الصوم
المفطرات
النية في الصوم
ترخيص الافطار
ثبوت شهر رمضان
شروط الصوم
قضاء شهر رمضان
كفارة الصوم
الاعتكاف
الاعتكاف وشرائطه
تروك الاعتكاف
مسائل في الاعتكاف
الحج والعمرة
شرائط الحج
انواع الحج واحكامه
الوقوف بعرفة والمزدلفة
النيابة والاستئجار
المواقيت
العمرة واحكامها
الطواف والسعي والتقصير
الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة
الاحرام والمحرم والحرم
اعمال منى ومناسكها
احكام عامة
الصد والحصر*
الجهاد
احكام الاسارى
الارض المفتوحة عنوة وصلحا والتي اسلم اهلها عليها
الامان
الجهاد في الاشهر الحرم
الطوائف الذين يجب قتالهم
الغنائم
المرابطة
المهادنة
اهل الذمة
وجوب الجهاد و شرائطه
مسائل في احكام الجهاد
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
حكم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرائط وجوبهما
اهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
احكام عامة حول الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
الخمس
مايجب فيه الخمس
مسائل في احكام الخمس
مستحق الخمس ومصرفه
الزكاة
اصناف المستحقين
اوصاف المستحقين
زكاة الفطرة
مسائل في زكاة الفطرة
مصرف زكاة الفطرة
وقت اخراج زكاة الفطرة
شرائط وجوب الزكاة
ماتكون فيه الزكاة
الانعام الثلاثة
الغلات الاربع
النقدين
مال التجارة
مسائل في احكام الزكاة
احكام عامة
علم اصول الفقه
تاريخ علم اصول الفقه
تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية
المباحث اللفظية
المباحث العقلية
الاصول العملية
الاحتياط
الاستصحاب
البراءة
التخيير
مباحث الحجة
تعارض الادلة
المصطلحات الاصولية
حرف الالف
حرف التاء
حرف الحاء
حرف الخاء
حرف الدال
حرف الذال
حرف الراء
حرف الزاي
حرف السين
حرف الشين
حرف الصاد
حرف الضاد
حرف الطاء
حرف الظاء
حرف العين
حرف الغين
حرف الفاء
حرف القاف
حرف الكاف
حرف اللام
حرف الميم
حرف النون
حرف الهاء
حرف الواو
حرف الياء
القواعد الفقهية
مقالات حول القواعد الفقهية
اخذ الاجرة على الواجبات
اقرار العقلاء
الإتلاف - من اتلف مال الغير فهو له ضامن
الإحسان
الاشتراك - الاشتراك في التكاليف
الاعانة على الاثم و العدوان
الاعراض - الاعراض عن الملك
الامكان - ان كل ما يمكن ان يكون حيضا فهو حيض
الائتمان - عدم ضمان الامين - ليس على الامين الا اليمين
البناء على الاكثر
البينة واليمين - البينة على المدعي واليمين على من انكر
التقية
التلف في زمن الخيار - التلف في زمن الخيار في ممن لا خيار له
الجب - الاسلام يجب عما قبله
الحيازة - من حاز ملك
الزعيم غارم
السبق - من سبق الى ما لم يسبقه اليه احد فهو احق به - الحق لمن سبق
السلطنة - التسلط - الناس مسلطون على اموالهم
الشرط الفاسد هل هو مفسد للعقد ام لا؟ - الشرط الفاسد ليس بمفسد
الصحة - اصالة الصحة
الطهارة - كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر
العقود تابعة للقصود
الغرور - المغرور يرجع الى من غره
الفراغ و التجاوز
القرعة
المؤمنون عند شروطهم
الميسور لايسقط بالمعسور - الميسور
الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها
الولد للفراش
أمارية اليد - اليد
انحلال العقد الواحد المتعلق بالمركب الى عقود متعددة - انحلال العقودالى عقود متعددة
بطلان كل عقد بتعذر الوفاء بمضمونه
تلف المبيع قبل قبضه - اذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من مال بائعه
حجية البينة
حجية الضن في الصلاة
حجية سوق المسلمين - السوق - أمارية السوق على كون اللحوم الموجودة فيه مذكاة
حجية قول ذي اليد
حرمة ابطال الاعمال العبادية الا ما خرج بالدليل
عدم شرطية البلوغ في الاحكام الوضعية
على اليد ما اخذت حتى تؤدي - ضمان اليد
قاعدة الالزام - الزام المخالفين بما الزموا به انفسهم
قاعدة التسامح في ادلة السنن
قاعدة اللزوم - اصالة اللزوم في العقود - الاصل في المعاملات اللزوم
لا تعاد
لا حرج - نفي العسر و الحرج
لا ربا في ما يكال او يوزن
لا شك في النافلة
لا شك لكثير الشك
لا شك للإمام و المأموم مع حفظ الآخر
لا ضرر ولا ضرار
ما يضمن و ما لا يضمن - كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وكل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده
مشروعية عبادات الصبي وعدمها
من ملك شيئا ملك الاقرار به
نجاسة الكافر وعدمها - كل كافر نجس
نفي السبيل للكافر على المسلمين
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
قواعد فقهية متفرقة
المصطلحات الفقهية
حرف الألف
حرف الباء
حرف التاء
حرف الثاء
حرف الجيم
حرف الحاء
حرفق الخاء
حرف الدال
حرف الذال
حرف الراء
حرف الزاي
حرف السين
حرف الشين
حرف الصاد
حرف الضاد
حرف الطاء
حرف الظاء
حرف العين
حرف الغين
حرف الفاء
حرف القاف
حرف الكاف
حرف اللام
حرف الميم
حرف النون
حرف الهاء
حرف الواو
حرف الياء
الفقه المقارن
كتاب الطهارة
احكام الاموات
الاحتضار
الجريدتان
الدفن
الصلاة على الاموات
الغسل
الكفن
التشييع
احكام التخلي
استقبال القبلة و استدبارها
مستحبات و ومكروهات التخلي
الاستنجاء
الاعيان النجسة
البول والغائط
الخمر
الدم
الكافر
الكلب والخنزير
المني
الميتة
احكام المياه
الوضوء
احكام الوضوء
النية
سنن الوضوء
غسل الوجه
غسل اليدين
مسح الرأس
مسح القدمين
نواقض الوضوء
المطهرات
الشمس
الماء
الجبيرة
التيمم
احكام عامة في الطهارة
احكام النجاسة
الحيض و الاستحاظة و النفاس
احكام الحيض
احكام النفاس
احكام الاستحاضة
الاغسال المستحبة
غسل الجنابة واحكامها
كتاب الصلاة
احكام السهو والخلل في الصلاة
احكام الصلاة
احكام المساجد
افعال الصلاة
الاذان والاقامة
التسليم
التشهد
الركوع
السجود
القراءة
القنوت
القيام
النية
تكبيرة الاحرام
سجدة السهو
الستر والساتر
الصلوات الواجبة والمندوبة
صلاة الاحتياط
صلاة الاستسقاء
صلاة الايات
صلاة الجماعة
صلاة الجمعة
صلاة الخوف
صلاة العيدين
صلاة القضاء
صلاة الليل
صلاة المسافر
صلاة النافلة
صلاة النذر
القبلة
اوقات الفرائض
مستحبات الصلاة
مكان المصلي
منافيات الصلاة
كتاب الزكاة
احكام الزكاة
ماتجب فيه الزكاة
زكاة النقدين
زكاة مال التجارة
زكاة الغلات الاربعة
زكاة الانعام الثلاثة
شروط الزكاة
زكاة الفطرة
احكام زكاة الفطرة
مصرف زكاة الفطرة
وقت وجوب زكاة الفطرة
اصناف واوصاف المستحقين وأحكامهم
كتاب الصوم
احكام الصوم
احكام الكفارة
اقسام الصوم
الصوم المندوب
شرائط صحة الصوم
قضاء الصوم
كيفية ثبوت الهلال
نية الصوم
مستحبات ومكروهات الصوم
كتاب الحج والعمرة
احرام الصبي والعبد
احكام الحج
دخول مكة واعمالها
احكام الطواف والسعي والتقصير
التلبية
المواقيت
الصد والحصر
اعمال منى ومناسكها
احكام الرمي
احكام الهدي والاضحية
الحلق والتقصير
مسائل متفرقة
النيابة والاستئجار
الوقوف بعرفة والمزدلفة
انواع الحج واحكامه
احكام الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة
احكام تخص الاحرام والمحرم والحرم
العمرة واحكامها
شرائط وجوب الحج
كتاب الاعتكاف
كتاب الخمس
حجية الظواهر
المؤلف: الشيخ محمد علي الأراكي
المصدر: أصول الفقه
الجزء والصفحة: ج1، ص: 484
23-7-2020
2393
في أنّ ظهور اللفظ متّبع في تشخيص مراد المتكلّم أو لا، وينبغي أوّلا تحرير محلّ الكلام فنقول: الإرادة على قسمين، إرادة لبيّة وتسمّى بالأغراض، وإرادة استعماليّة وهي إرادة تفهيم معنى كلّ لفظ عند التنطق به.
فهنا كلام بعد إحراز الإرادة الثانية في أنّها مطابقة للاولى أولا؟، كما لو علم بأنّ المتكلّم أراد معاني الألفاظ التي تكلّم بها لنصوصيّتها، ولكن لا يعلم مطابقتها مع غرضه اللبّي ومقصوده الجدّي، فإذا قال: أكرم العلماء فيعلم أنّه أراد بالإرادة الاستعماليّة إيجاب إكرام جميع العلماء، ولكن لا يعلم أنّه بحسب الجدّ أيضا كذلك أو يستثنى بعض الأفراد، وأخّر بيانها لمصلحة، ثمّ يبيّنه قبل حضور وقت العمل، فيقال عند هذا الشكّ: إنّ الأصل العقلائي على التطابق بين الإرادتين، والكلام في هذا المقام وهذا الأصل ليس مهمّا لنا في هذا المقام.
وكلام في إحراز إرادة المتكلّم معاني ألفاظه بعد الفراغ عن مدلول اللفظ التصوّري الانتقاشي الذي لو سمع من الجدار أيضا يكون مصحوبا للفظ، أي ينتقش في الذهن، أعمّ من أن يكون وضعيّا أم انصرافيّا، أم حاصلا بقرينة حاليّة على التجوّز أو مقاليّة، ويسمّى هذا بالدلالة التصوّريّة، ثمّ البناء بعده والحكم بأنّ المتكلّم أراد من اللفظ تفهيم هذا المعنى بالإرادة الاستعماليّة يسمّى بالدلالة التصديقيّة.
فنقول: هنا ثلاثة مقدّمات إذا صارت بجميعها مسلّمة متيقّنة تكون نتيجتها القطع:
الاولى: أنّ غرض المتكلّم إفادة المراد باللفظ لا شيء آخر كالتعلّم للغة العرب في التكلّم بالعربي مثلا.
والثانية: عدم وجود قرينة حاليّة أو مقاليّة في البين دالّة على إرادة خلاف الظاهر.
والثالثة: عدم غفلة المتكلّم عن نصب القرينة على مراده.
فعند تحقّق هذه الثلاثة ومسلميّتها يحصل القطع بأنّ المتكلّم أراد المعاني التصوريّة الظاهرة من الألفاظ بإرادة استعماليّة وإلّا لزم نقض الغرض، مثلا لو قال:
أكرم العلماء، وعلم أنّه يكون بصدد إفادة المطلب، وليس التكلّم لغرض آخر وأنّه لا قرينة في البين، وكان ملتفتا غير عاقل، فلو كان حينئذ مريدا من هذا الكلام ضرب حجر على رأس زيد مثلا فهو ناقض للغرض؛ فإنّ غرضه إفادة ما هو مريد له في مرحلة الاستعمال باللفظ، فاتى بلفظ لا يفيده بل يفيد الخلاف، ونقض الغرض لا يحتاج إلى إثبات قبحه ليتمسّك لعدمه بحكمة الشارع، بل هو ولو فرض عدم قبحه، بل حسنه لا يصدر من أدنى جاهل، بل من واحد من الحيوان فضلا عن الإنسان العاقل.
فالكلام إنّما هو في صورة الشكّ في إحدى تلك المقدّمات، كما لو شكّ في أنّه تكلّم لغرض الإفادة أو لغرض آخر، أو شكّ بعد العلم بأنّه يتكلّم للإفادة في وجود القرينة وعدمها، فهل هنا أصل عقلائي على الحمل على أنّه تكلّم للإفادة في المقام الأوّل، أو أنّه أراد ظاهر اللفظ بإرادة استعماليّة في المقام الثاني، أو ليس.
لا كلام في وجوده في المقام الأوّل، فجرى سيرة العقلاء على حمل التكلّم على صدوره بغرض الإفادة ولو عند الشكّ، فلو أمر المولى عبده فترك العبد الإطاعة معتذرا بأنّي لم أعرف أنّك تريد الإفادة واحتملت أنّ غرضك مجرّد إيجاد الكلام لما تقبّل هذه المعذرة عند العقلاء في رفع العقوبة عنه.
وهذا غير مقام البيان الذي قد اشتهر في باب الإطلاق أنّه لا بدّ من إحرازه من الخارج، وإلّا يعامل مع اللفظ معاملة الإهمال؛ فإنّ الإطلاق أمر زائد على مفاد اللفظ، وهذا الأصل إنّما هو بالنسبة إلى ما هو مفاد اللفظ، فمجراه في باب الإطلاق هو المهملة، فلو جهل بأنّه تكلّم بالمطلق خاليا عن إرادة المعنى رأسا حتّى المهملة فهذا الأصل يدفعه.
وبالجملة، فباب الشكّ من هذه الجهة مسدود بهذا الأصل العقلائي، كما أنّ باب الغفلة في كلام الشارع غير محتمل، وفي غيره مسدود أيضا بالأصل العقلائي، فيمحّض منشأ الشكّ في إرادة المتكلّم استعمالا لما هو المنتقش من اللفظ بما هو عليه من الحالات والخصوصيّات في احتمال وجود القرينة الصارفة، بمعنى أنّه يحتمل أنّها كانت واختفت علينا، فالكلام في هذا المقام قد انعقد لدفع هذا الشكّ.
وكذلك لا كلام في الجملة في اتّباع الظهور في المقام الثاني وعند الشكّ في وجود القرينة، إلّا أنّ الكلام في أمرين يختلف الحال بحسبهما وهو أنّه هل اتّكالهم في ذلك على أصالة الحقيقة أو أصالة عدم القرينة.
وتوضيح الأوّل أنّ اللفظ إذا وضع لمعنى يحصل طبع (1)، فمقتضى طبع اللفظ بعد الوضع كونه مستعملا في معناه الموضوع له، فإنّه وضع لاجل ذلك، فاستعماله في غير معناه خروج عن مقتضى طبع اللفظ الموضوع، وبناء العقلاء في جميع الأشياء هو البناء على ما هو قضيّة الطبع الأوّلي للشيء إلى أن يعلم بما يكون حدوثه من جهة الطواري.
ومن هذا القبيل الحكم بحيضيّته دم المرأة المردّد بين الحيض والاستحاضة؛ فإنّ الاستحاضة مرض بخلاف الحيض، ومقتضى الطبع الأوّلي للمرأة صحّة المزاج، والمرض يحدث بالعرض، فعند الشكّ يبنى على بقائها على صحّة المزاج التي هي مقتضى طبعها الأوّلي، فيحكم بحيضيّة دمها.
ومن هذا القبيل أصالة الصحّة في جميع الأشياء؛ فإنّ الفساد في كلّ شيء يكون على خلاف الطبع، فالبطّيخ بحسب طبعه الأوّلي صحيح وفساده يطرأ عليه بالعرض، وبالجملة، الطبع الأوّلي للفظ بقاءه في الاستعمال الشخصي على معناه الذي وضع له.
وتوضيح الثاني أنّه كثر(2)خروج اللفظ في الاستعمالات عن مقتضى طبعه واستعماله في خلاف معناه مع نصب القرينة إلى حدّ صار له قابليّة الانقسام إلى قسمين: اللفظ الجاري على طبعه وهو ما ليس معه قرينة، والجاري على خلاف طبعه وهو ما يقترن بقرينة، فحينئذ يصير ذاك اللفظ أعني ما هو مقسم القسمين بلا أثر وطبع، بل الطبع حصل للفظ المجرّد، فكما نحتاج في الحمل على المعنى المجازي إلى إحراز القيد وهو وجود القرينة، فكذلك في الحمل على الحقيقي أيضا نحتاج إلى إحراز القيد وهو التجرّد عن القرينة.
وتظهر الثمرة بين هذين الوجهين فيما إذا كان في الكلام ما يصلح للقرينيّة، فإن قلنا بأنّ الاتّكال على أصالة الحقيقة فنحكم بإرادة المعنى الحقيقي للمساعدة مع طبع اللفظ ما لم يعلم الخلاف، وإن قلنا بكون الاتّكال على أصالة عدم القرينة فلا نحكم بإرادة المعنى الحقيقي ولا المجازي، بل نتوقّف ويكون الكلام مجملا؛ فإنّ البناء على عدم القرينة إنّما هو فيما إذا كان الشكّ في أصل الوجود، وأمّا لو كان الوجود محرزا، وكان الشكّ في قرينيّة الموجود، فليس البناء على عدم القرينيّة.
وتظهر أيضا فيما إذا تعقّب العام باستثناء كان له قدر متيقّن وكان في الباقي محتملا، فإن كان الاتّكال على أصالة الحقيقة يقتصر على القدر المتيقّن ويؤخذ بالباقي لمساعدة طبع العام، وإن كان الاتّكال على أصالة عدم القرينة فيسري الإجمال بالنسبة إلى الباقي إلى العام؛ لأنّ الشكّ ليس في وجود القرينة، بل في قرينيّة الموجود، وهذا في الحقيقة مثال للفرض المتقدّم.
وشيخنا المرتضى قدّس سرّه في غير موضع من رسائله ذكر الوجهين على سبيل الترديد ولم يجزم بشيء منهما، والإنصاف أيضا عدم إمكان الجزم، وإذن فالقدر المتيقّن أنّهم يتّبعون الظهور في ما إذا لم يكن في البين ما يصلح للقرينيّة وشكّ في وجود القرينة، وأمّا أنّه للاتّكال على أيّ من الأصلين فليس معلوما.
نعم لو كان معلوما اتّباع الظهور عند وجود ما يصلح للقرينيّة تبيّن أنّ الاتّكال على أصالة الحقيقة، ولكن لم يعلم اتّباعهم الظهور في هذا المورد، بل يحكمون بالإجمال ويتوقّفون.
فإن قلت: إذا كان التوقّف في هذا المورد لأنّها مساويا لأصالة عدم القرينة فبه يثبت أنّ الأصل الذي ملاك العقلاء في باب الظهورات هو هذا الأصل، لا أصالة الحقيقة، فما معنى قولك: إنّه مع ذلك لا يعلم أنّ الاتّكال على أيّ من الأصلين.
قلت: لا نسلّم أنّه لازم مساو، بل أعمّ؛ إذ من المحتمل أن يكون اتّكالهم على أصالة الحقيقة في ذلك المورد- أعني الشكّ في وجود القرينة- دون غيره والأمر سهل.
إذا عرفت ذلك فالمدّعى في هذا المقام أنّ ظهور اللفظ (3) في معنى يورث حمله على هذا المعنى عند الشكّ في إرادة المتكلّم له للشكّ في وجود القرينة مع عدم ما يصلح للقرينيّة في البين، وهذا الظهور متّبع مطلقا، سواء حصل الظنّ الفعلي على وفاقه أم لا، خلافا للمحقّق القمّي قدّس سرّه حيث خصّ حجيّة ظهور الألفاظ بصورة وجود الظنّ الفعلي منه بإرادة المتكلّم إيّاه من اللفظ، فإن لم يحصل هذا الظنّ فليس الظهور حجّة.
وسواء حصل الظّن الفعلي الغير المعتبر على خلافه، أم لا، خلافا لمن اعتبر في حجيّة الظهور عدم الظن بإرادة خلاف الظاهر، وسواء بالنسبة إلى من قصد إفهامه ومن لم يقصد، خلافا للمحقّق القمّي قدّس سرّه حيث ذهب إلى أنّ الأخذ بالظواهر حقّ لمن قصد إفهامه وليس لغيره حقّ ذلك، فلعلّه كان بين المتخاطبين مطلب معهود فاريد من الكلام خلاف ظاهره بقرينة العهد، لأنّ من مقدّماته الأصلي اللفظي لزوم نقض الغرض، وهذا غير جار هنا؛ إذ لو كان في البين قرينة معهودة مخفية على هذا السامع الغير المقصود إفهامه بالخطاب لما لزم نقض الغرض.
و فيه أنّ هذا المطلب ليس طريق صحّته وسقمه إلّا العرض على أهل السوق، فإذا رأيناهم يمشون بخلافه يعنى لا يفرقون بين من قصد وغيره بعد الشركة في التكليف في صحة الاحتجاج فهذا معنى الحجيّة، إذ هذا مقصودنا من حجيّة الظواهر لا كشف الواقع وإدراكه، وإلّا فكيف يعقل استكشاف الواقع من طرف الوهم، والحال أنّ معنى الوهم أنّ احتمال كون الواقع في خلافه أرجح.
ألا ترى أنّه لو فرضنا المقام غير مقام الاحتجاج بين العبد والسيّد، كما لو قال رفيق لرفيقه: اشتر المتاع الفلاني؛ فإنّ فيه النفع، أو لا تشتره فإنّ فيه الضرر وكان المخاطب ظانّا بالنفع في الثاني والضرر في الأوّل فإنّه لا يتّبع في المقامين إلّا ظنّ نفسه.
فلو أمر المولى أحد عبيده بأمر وكان بعض عبيده الآخر يسمع كلام المولى وعلم أنّه يشترك جميع العبيد في الحكم فترك هذا العبد الغير المواجه العمل بظاهر كلام المولى ليس للمولى إذا علم بسماعه عقابه.
وبالجملة، فالمدّعى حجيّة الظهور عند الشكّ في وجود القرينة من غير تقييد بالظّن بالوفاق ولا بعدم الظّن بالخلاف، ومن غير فرق بين من قصد إفهامه ومن لم يقصد، والدليل في الجميع هو سيرة العقلاء على العمل بالظهور في الموارد المذكورة، ثمّ بضميمة عدم ردع الشارع يصير حجّة شرعيّة، فلا بدّ لإثبات المرام من إثبات مطلبين، الأوّل: وجود السيرة المذكورة، والثاني: عدم ردع الشارع.
أمّا الأوّل فنقول: يمكن لنا إثبات الدعاوي الثلاث بالمرتكز في طبعنا؛ فإنّ العقلاء يأخذون بالظواهر حجّة لهم وعليهم، فربّما كان حجّة للمتكلّم على المخاطب فيؤاخذ المتكلّم المخاطب محتجّا بأنّه: أما قلت لك كذا؟ وربّما يكون حجّة للمخاطب على المتكلّم فيؤاخذ المخاطب المتكلّم محتجّا بأنّه أ لم تقل كذا؟، ولا نعني بالحجيّة هنا إلّا ذلك أعني صحّة المؤاخذة والاحتجاج لا الكشف عن الواقعيات، فلا يرد أنّ الأخذ بالشكّ في مقام الواقع بل بالوهم مقامه ليس من طريقة جاهل فضلا عن عاقل، فكيف يمكن الحجيّة مع عدم الظّن بالوفاق، بل مع الظّن بالخلاف.
فنقول مثبتا لسيرة العقلاء في كلّ من المقامات الثلاثة على الترتيب موضحا بالتمثيل: لو قال مولى لعبده: أضف جميع طلّاب البلد، فاحتمل العبد عدم إرادة المولى واحدا معيّنا منهم، لما شاهد من عدم معاملة المولى مع هذا الواحد معاملة المحبّة فلأجل هذا الاحتمال لم يخبره بالضيافة، فإذا حضر الجميع إلّا هذا الواحد فلم ير المولى إيّاه فيما بينهم، فهل ترى من وجدانك وطبعك مانعا من صحّة مؤاخذة العبد بأنّه لم ما أخبرت الشخص الفلاني، ولو اعتذر العبد بأنّه ما ظننت من قولك إرادته هل يصحّ جوابه بأنّ الأمر لو كان كذلك لقلت: إلّا فلان، فهذا الذي فعلت فعلته من جانب نفسك، أو لا يصحّ.
وفي عين هذا المثال الذي لم يكن إرادة هذا الواحد مظنونة للعبد وكان شاكّا لو كان الواقع أيضا كذلك وغير مقصود واقعا، كما احتمله العبد، ولكن أخبره مع ذلك وحضر هو مع الجماعة فهل يصح للمولى [أن يقول]: لم أخبرت هذا فإنّي لم احبّ ضيافته، ولو قال ذلك فأجابه العبد بأنّك قلت: أخبر كلّ الطلاب، فما تقصيري، كان عذرا مقبولا وحجّة موجّهة؟
ثمّ افرض في هذا المثال أنّ العبد ظنّ بعدم إرادة الشخص الخاص، لكن بظنّ غير معتنى به عند العقلاء، كالحاصل من النوم، فلم يخبر الشخص ولم يعلمه الضيافة، فهل يصحّ أن يقول في جواب المولى ويحتج بأنّي: رأيت في المنام أنّك لا تحبّ صحبة هذا الشخص ولا تميل في مجالسته، فظننت من هذا بأنّك ما قصدت من قولك إيّاه؟.
وكذلك في هذا المثال لو لم يعتن بظنّه الحاصل من نومه وأعلم الشخص، فأتى مع الجماعة المدعوّين، فاتّفق مصادفة ظنّه الواقع وأنّ المولى واقعا كان كارها لحضوره وغير قاصد له من الكلام فلا حقّ له بمؤاخذة العبد، فإنّ حجة العبد في قباله-: قلت لى: أعلم الجميع، وما كان بيدي سوى النوم وهو ليس محلا للاعتبار فما تقصيري- مسموعة.
نعم لو ظنّ ظنّا يعمل على طبقه العقلاء ويعتنون بشأنه، كما لو حصل من مأخذ صحيح، فحينئذ يصير هذا الظنّ حجّة في قبال الظهور، وكذا الحال في الشارع، ولو كان الظنّ ممّا يعتبره العقلاء وعند الشرع كان ملغى فهو لا يقوم في قبال الظهور عند الشرع وإن كان له صلاحيّة ذلك عند العقلاء.
ثمّ افرض أنّ لمولى عبدين، فخاطب أحدهما في بيته وقال له: يجب على جميع عبيدي احترام العلماء وتوقيرهم، ولا بدّ أن لا يصدر منهم خلاف الاحترام بالنسبة إلى واحد منهم، واتّفق وجود العبد الآخر في البيت وسماعه هذا الحكم، ولم يشعر بذلك المولى، فلم يطع العبد الثاني وصدر منه خلاف الاحترام بالنسبة إلى بعض العلماء، واطّلع المولى فيما بعد وجود هذا العبد في البيت عند مخاطبته مع العبد الآخر وسماعه للحكم، فهل ترى مانعا من صحّة المؤاخذة وجعله في معرض العتاب والاحتجاج بأنّك: أ لم تسمع مقالتي مع شريكك في التكليف، فلم خالفت؟ وهل له الجواب بأن يقول: كان وجهة كلامك وطرف خطابك عبدك الآخر، فلا ارتباط لذاك الخطاب بي؟
و مثال آخر أوضح: لو كان لك رفيقان، فاتّفق اجتماعهما في بيت وأنت في بيت آخر تسمع كلامهما وتعرف شخصهما وهما غير شاعران بوجودك في البيت، فأخذ أحدهما في غيبتك عند الآخر وذكر عيوبك له، فإذا خلوت معه هل لك أن تقول له: أتذكر ما قلت فيّ عند فلان في المكان الفلاني وأنا كنت أسمع كلامك ولم تستشعر، فلم قلت كذا وكذا في حقّي، فهل له أن يجيبك معتذرا ومحتجّا بأنّي كنت اقاول مع غيرك فما ربطه بك؟ فهذا هو الكلام في السيرة في المقامات الثلاث.
وأمّا إمضاء الشرع، فاعلم أنّ الأمر الذي صار مركوزا في أذهان العقلاء وكانوا مجبولين عليه ومفطورين وعجنوا به من أسلافهم فالعامّة لا يتفطّنون لخلافه ولا يدخل في ذهنهم غيره ولو احتمالا أو وهما(4) ، مثلا لو اتّخذ مولى خادما جديدا فلا يحتمل هذا الخادم ولا يخطر بباله أن يكون طريقة هذا المولى في المحاورة مخالفة لطريقة سائر الناس، بل يعامل على حسب ما اجبل به من الأخذ بالظواهر من دون أن يكون خلافه محتملا له بل مشعورا به، بل هو أمر مغفول عنه.
نعم نادر قليل وأوحديّ من الناس بواسطة كثرة توغّله في الأفكار العلميّة والتخيّلات في الدرس والبحث يقع في ذهنه احتمال أنّه يمكن عدم رضى الشارع بهذا الأمر وكونه مخطّئا لهذه الطريقة.
وحينئذ فإن كان الأمر المركوز في الأذهان العرفية غير مرضي للشرع فلا بدّ في الردع عنه من النصّ والتنصيص، فإنّ رفع اليد عن أمر استقرّ عليه العادة من لدن أدم عليه السلام وعجن الناس به لا يمكن إلّا بالتصريح والتنصيص، كما هو المشاهد في باب الربا، فترى النهي عنه على الوجه الصريح مؤكّدا بالتخويفات الاكيدة والإنذارات البليغة والإيعادات الكثيرة، حتى ورد في درهمه وديناره ما ورد، فكذا الردع عن كلّ أمر مرتكز غير مرضيّ لا بدّ وأن يكون بهذا النحو.
فنقول: ليس في مقامنا في قبال الطريقة الجارية والسيرة المستمرّة المرتكزة ما يتوهّم منه النهي والردع سوى الأخبار والآيات الناهية عن العمل بالظن، وهي لا صراحة لها في شمول المقام، بل لها الظهور، ظهور العام في الخاص، وهي غير صالحة للردع؛ لأنّها لا يخلو حالها من شقّين، إمّا أن لا يكون ظهورها حجّة، وإمّا أن يكون، فعلى الأوّل واضح، وعلى الثاني يكون مقطوع التخصيص لأقوائيّة الارتكاز من ظهورها، فيحرم العمل بالظن إلّا في باب ظهور الألفاظ، وإذن فثبت حجيّة الظهور اللفظي عند العرف والشرع.
فإن قلت: ما المانع من أن يكون مثل قوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36]رادعا؛ إذ لا شبهة في أنّ الظواهر ممّا ليس به علم، ويتفطّن لذلك العامّة أيضا، فما وجه عدم إجرائهم العموم فيه؟.
قلت: نعم إنّهم يرون الظواهر مصداقا لما ليس به علم، ولكن حكمهم بدخولها تحت عموم الحكم فرع لأن يكون حجيّة الظواهر عندهم مقيّدة بعدم ورود منع من الشارع كما في الظنّ في حال الانسداد؛ إذ حينئذ يكون العموم كافيا في رفع اليد عن الحجيّة، ولكن ليس الأمر كذلك، بمعنى أنّ حجيّة الظواهر يكون عندهم على الإطلاق، وبلغت في ارتكازهم بمثابة لا يحتملون تخطئة الشارع إيّاهم، وكما لا يحتمل بعضهم في حقّ بعض آخر منهم أن يكون له طريقة اخرى في المحاورة، لا يحتملون ذلك في حقّ الشارع؛ فإنّهم يرونه كواحد منهم.
ولهذا لو قال هذا الكلام واحد من المولي الظاهريّة لعبده لا يأخذ ذلك من يده طريقة المحاورة، والحاصل وإن كانوا يفهمون أنّ الظواهر ما ليس به علم، لكن لا يمكن ردعهم عن العمل بمجرّد: لا تعمل بما ليس لك به علم؛ فإنّهم يقطعون بأنّ المراد من هذا العام غير هذا الفرد من الظنون، ويقطعون بتخصيصه في هذا الفرد.
والحاصل: هنا ثلاثة امور ارتكازيّة، الاوّل: حجيّة ظواهر سائر الألفاظ غير هذه الآية وحجيّة ظاهر هذه الآية، وأنّ العام القطعي التخصيص يعمل به في غير مورد القطع بتخصيصه، وهذه الامور الثلاثة لها جمع في ارتكازهم، فيبقون على ارتكازهم القطعي في سائر الألفاظ ويعملون بهذا الظاهر في غير الظواهر.
وإن قلت: فلو كان الأمر كما ذكرت من الحجيّة على وجه الإطلاق فالتنصيص أيضا لا يفيد بحالهم.
قلت: التنصيص القطعي بوجوده يؤثّر في رفع قطعهم ويقفون على خطابهم بسببه.
فإن قلت: لو سئل عنهم هل تقبل هذه الحجيّة منع الشارع بنحو التنصيص أولا؟ لأجابوا بنعم، فكيف تكون الحجيّة عندهم تنجيزيّة؟
قلت: الشرطيّة لا يستلزم صدق طرفيها، فيمكن أن يتفطّنوا عند التنبيه، وأمّا عند عدم التنبيه فهذا الاحتمال مغفول عنه عندهم بالمرّة، فليس في ذهنهم من هذه الجهة حكم لا إثباتا ولا نفيا، والموجود هو القطع بالحجيّة بلا تقييد.
وهذا التقريب لعدم رادعيّة الآيات كما ترى جار بعينه في حجيّة خبر الثقة ولا يحتاج إلى تقريب الدور كما فعله في الكفاية، هذا مع أنّ في خصوص مقامنا الذي هو الظواهر وحجيّة الآيات أيضا من باب الظواهر طريقا آخر لعدم الرادعية، وهو أنّ الظواهر لو كانت حجّة فالآية مخصّصة، وإن لم يكن حجّة فالآية أيضا منها، فما وجه الاستدلال؟.
مضافا إلى إمكان دعوى التخصيص وإن لم يتلقّوها بالقبول، وذلك أنّه بعد ما عرفت من أنّ العامّة قاطعون بالحجيّة قطعا تنجيزيّا واحتمال الردع مغفول عنه في أذهانهم، فيكون الاتّكال والاعتماد في عملهم على القطع بالحقيقة دون الظّن.
_____________
(1) يعني حصلت له بالوضع طبيعة ثانويّة في أن يقصد به تفهيم ما وضع له، لأنّ ذلك حكمة الوضع، فلو عومل معه ذلك كان على وفق طبعه، وخلاف ذلك محتاج إلى دليل وإحراز، وأمّا هو فمقتضى الأصل الأوّلى.
فإن قلت: غاية الأمر أنّ الطبع مقتض لوجود مقتضاه، لكنّه يجامع مع المانع، فبمجرّده لا يكفي في الحكم بتحقّق المقتضى- بالفتح- ما لم يحرز عدم المانع، ففي المقام القرينة الصارفة مانع ومزاحم لهذا المقتضى، فلا بدّ من إحراز عدمها.
قلت: معنى بناء العقلاء أنّهم يبنون على وفق المقتضي ويحكمون بوجود المقتضى- بالفتح- ومن المعلوم أنّ وجود المقتضى- بالفتح- لا يجامع مع وجود المانع، فيعلم بالملازمة عدمه، وليس هذا بضائر في الاصول اللفظيّة؛ لأنّها أمارات ومثبتها حجّة. منه قدّس سرّه.
(2) والكثرة إنّما تحقّقت في المجازات المتشتّتة لا في واحد معيّن، فلا يقال: إنّه يلزم أن ينقلب الطبع ويصير مع المعنى المجازى، ولهذا لو تحقّقت في واحد صار كذلك ويسمّونه بالمجاز المشهور، والحاصل أنّ الطبع إنّما يمشي على وفقه ما دام لم يصل الخروج عن مقتضاه إلى خلافه بحدّ الكثرة، وبعد هذا ينهدم الطبع ولا بدّ في إثبات مقتضاه من التماس دليل من الخارج، وفي مقامنا لا بدّ من التماس دليل مثبت لعدم القرينة حتى يثبت إرادة المعنى الحقيقي. منه قدّس سرّه الشريف.
(3) يعني أنّ الظهور الانتقاشي التصوّري الحادث قهرا حتّى من اللفظ المسموع من الجدار إذا استقرّ، يعني ما يتيقّن بعد ضمّ اللواحق والضمائم والخصوصيّات المكتنفة به من الحاليّة والمقاليّة، فهذا المعنى الانتقاشي متى والشكّ في إرادة المتكلّم تفهيمه في مقام الاستعمال ولم يكن في البين ما يورث الإجمال والتوقّف ممّا يصلح للقرينيّة فبنائهم على الأخذ بهذا الظاهر الانتقاشي وأنّه الذي أراد المتكلّم تفهيمه. فلا يقال: إنّ الظهور بمعنى الرجحان لا يجامع الشك، وذلك لأنّ المراد بالظهور هو المعنى الانتقاشي، والشكّ إنّما هو في ما قصد المتكلّم تفهيمه، فالمدّعى أنّ العقلاء يحكمون بأنّ ما قصد المتكلّم تفهيمه يكون على وفق المعنى الانتقاشي، ومدركهم في هذا الحكم إمّا أصالة الحقيقة، وإمّا أصالة عدم القرينة كما تقدّم توضيحها.
(4) وبهذا يجاب عن الإشكال بأنّ غاية ما في الباب عدم ثبوت الردع من الشارع، لكنّ الإمضاء أيضا غير ثابت، فحيث إنّ المقام مقام الشكّ في الحجيّة، والمرتكز عند العقلاء فيه أيضا عدم معاملة الحجّة فاللازم الحكم بعدمها. وحاصل الجواب أنّ الأمر الجبلّي للناس الذي يكون مغفولا عنه للعامّة ولا ينقدح احتمال خلافه إلّا لمن استأنس ذهنه بالدقائق العلميّة، فهذا الأمر لو كان غير مرضي الشرع لوجب عليه إظهار الردع بالتنصيص وعدم الاكتفاء فيه بالعموم والإطلاق، وحيث ما كان يقطع برضى الشارع هذه الطريقة، فيصير هذا برهانا للأوحدي المحتمل، منه قدّس سرّه.