نجحت شركة سبيس إكس الأمريكية لخدمات الفضاء في إطلاق الصاروخ "فالكون9" السبت من قاعدة فندرنبرغ الجوية على ساحل كاليفورنيا.
وهذه هي عملية الإطلاق الأولى التي تنفذها الشركة منذ انفجار إحدى مركباتها على منصة الإطلاق في سبتمبر/ أيلول الماضي.
وتتزامن عودة سبيس إكس لإطلاق رحلاتها الصاروخية مع بداية تشغيل أول شبكة هاتف جوال تعمل عبر القمر الصناعي، والتي تشغلها شركة إيراديوم.
وكان من المقرر إطلاق فالكون 9 الأسبوع الماضي، لكن الموعد تأجل بسبب سوء الأحوال الجوية.
ويؤكد فشل عملية الإطلاق في سبتمبر/ أيلول الماضي على أن تنفيذ عمليات إطلاق الصواريخ لا يمكن توقع نتائجها في بعض الأحيان.
وكان الصاروخ فالكون 9 يخضع لاختبار عادي لغرفة اشتعال المحرك، لكن النيران شبت في الجزء العلوي من الصاروخ، مما أدى إلى تدمير الصاروخ والقمر الصناعي "آموس6" المجهز للاتصالات.
وأرجعت التحقيقات اشتعال النيران في الصاروخ إلى عيوب في تصميم خزانات ضغط الهيليوم، لكن سبيس إكس ترجح أن التعديلات التي أُدخلت على التصميم سوف تساعد على عودة الصاروخ إلى الخدمة بأمان.
ويحمل فالكون9 عشرة مركبات تابعة لشركة إيراديوم مجهزة لتشغيل الاتصالات الصوتية واتصالات البيانات، والتي تمثل الدفعة الأولى من مجموعة الأقمار الصناعية المصغرة التابعة لشركة إيراديوم، التي تحمل اسم "نكست"، لتكون المجموعة الأولى للشركة في الفضاء.
وتتضمن مجموعة الاتصالات الكاملة عبر الأقمار الصناعية التي من المقرر أن تشغلها شركة إيراديوم 81 قمرا صناعيا طُلبت بالفعل من الشركة الأوروبية المصنعة ثايلز ألينيا سبيس، والتي تُعد من منتجات الأجيال السابقة في عالم الأقمار الصناعية.
وقال مات ديش، المدير التنفيذي لإيراديوم، لبي بي سي إن هذه المجموعة من الأقمار الصناعية المصغرة "كان من المفترض أن تستمر في العمل لسبع أو عشر سنوات، لكنها شُغلت لمدة 19 سنة، موفرة لنا مستوى مميزا من الخدمات التي قدمتها شبكتنا."
وأضاف: "كان علينا استبدالها، لكن عندما بدأنا برنامج الاستبدال في 2010، مر الوقت سريعا ونحن نجهز الأقمار الصناعية والصاروخ وأنفسنا، وها نحن نبدأ البرنامح."
ومن المعروف عن إيراديوم أنها من أوائل الشركات التي تعمل في الهواتف الذكية على مستوى العالم، وتركز الشركة أعمالها في تطوير الاتصالات الصوتية من وإلى أي مكان في العالم.
وعملت الشركة لسنوات طويلة في نشاط جمع المعلومات عن بعد من خلال نظم مختلفة، مثل الحصول على البيانات التي تُجمع من خطوط الأنابيب، وطوافات المحيطات ومعدات التعدين.
وأصبحت الشركة من أهم الأسماء في مجال "M2M" الذي يعتمد العمل فيه على آلية تتضمن تناقل المعلومات بين الأجهزة والمعدات وما ينطوي عليه المجال من خدمات.
وتعتمد إيراديوم في نموها السريع في هذا القطاع على اتساع نطاق السوق الذي أصبح يضم نظما إليكترونية أكبر وأكثر تحتاج إلى الربط فيما بينها.
وإضافة إلى تحسين سرعة الاتصالات وغيرها من الخدمات، من المتوقع أن تساعد تلك المركبات الفضائية المحملة بأقمار صناعية وغيرها من الأجهزة الحديثة على اقتحام أسواق جديدة.
وتتضمن الخدمات التي توفرها المجموعات الإليكترونية والتكنولوجية لإيراديوم خدمات تتبع السفن والطائرات التي تختفي من على شاشات الرادار من خلال تقنيات مثل إشارة VHF التي تستخدم مع الحاويات البحرية، وإشارات الرادار التي تستخدم في تتبع الطائرات.
وسوف توفر الأقمار الصناعية الجديدة لشركة إيراديوم مستوى مختلف تماما وغير مسبوق من خدمات الاتصالات والبيانات.
وتظهر ومضات سريعة في السماء جراء انكسار أشعة الشمس على هوائيات الأقمار الصناعية الحالية التي تشغلها إيراديوم، وهو الظاهرة التي من المتوقع أن تختفي عقب إزالة مجموعة الأقمار الصناعية المصغرة القديمة الخاصة بالشركة ووضع الأقمار الجديدة في المسار الفضائي.
وقال ديش: "نتابع هذه الظاهرة لحوالي عشرين سنة، ومن المتوقع أن تختفي خلال عام أو اثنين."
وأضاف: "إنه أمر مفزع بالنسبة لي أنا شخصيا كمدير للشركة أن أرى القمر الصناعي الذي نشغله يصدر هذه الأصوات والومضات الهائلة، لكننا لم نفكر في إنفاق أموال طائلة لمجرد إخفاء بعض الومضات الساطعة التي تتخذ أشكالا مختلفة في السماء."
من المتوقع أن تكون عملية إطلاق الصاروخ فالكون9 من أهم الأحداث بالنسبة للشركتين، أميركان سبيس إكس وإيراديوم، على حدٍ سواء.
فإيراديوم سوف تقوم بإحلال أقمارها الصناعية القديمة التي أوشكت أن تتوقف عن العمل بمجموعة أقمار صناعية مصغرة جديدة، وهو الأمر الملح الذي تسعى الشركة لإتمامه، خاصة بعد ظهور بعض عيوب التشغيل التي طالت خدمات الشركة.
وبالنسبة سبيس إكس، فسوف تتمكن من إثبات قدرتها على توفير خدماتها لجميع عملائها فيما يتعلق بتكنولوجيا الفضاء وأنها قادرة على توفير خدماتها لأكثر من عميل في الوقت نفسه.
وقالت راتشيل فيلاين، كبيرة المحللين في يوروكونسالت الفرنسية المتخصصة في تكنولوجيا الفضاء، لبي بي سي إن "إيراديوم وضعت جميع البيض في سلة واحدة، وهو ما يختلف عن المرة الأولى التي نشرت فيها الشركة مجموعة الأقمار الصناعية القديمة."
وأضافت أن "الأقمار الصناعية الجديدة حُملت على مركبات إطلاق مختلفة، ما يساعد الشركة على تنفيذ عملية النشر بسرعة أكبر."
وأكدت أن سبيس إكس منوط بها إطلاق 70 صاروخا في عشر عمليات إطلاق، وهو ما يتوقع أن يستغرق 14 شهرا. وإذا كانت إيراديوم هي العميل الوحيد لسبيس إكس، فسوف تسير الأمور على ما يرام.
لكنها رأت أن لدى الشركة الأمريكية لخدمات الفضاء العديد من العملاء، من بينهم أسماء كبرى مثل وكالة ناسا لعلوم الفضاء، وغيرهم من العملاء التجاريين مثل إس إي إس.