المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

حُسْنُ التعليل
25-03-2015
الصبر في الملمّات
31-3-2022
معبد القرنة.
2024-08-06
زاوية بروستر Brewster Angle
1-12-2019
في ما يعمل للأمن من الغرق والحرق‏
22-04-2015
دعاء يوم الإثنين.
2023-07-03


التأليف في النقد الأدبي  
  
7113   11:24 صباحاً   التاريخ: 22-3-2018
المؤلف : د. عبد الرسول الغفاري
الكتاب أو المصدر : النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق
الجزء والصفحة : ص:80-87
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد القديم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-7-2017 5902
التاريخ: 25-03-2015 4460
التاريخ: 25-03-2015 24449
التاريخ: 1-04-2015 4551

 

لقد اهتمت الامم قديماً بالنقد انطلاقاً من أهميته في الحياة الأدبية والعلمية، فاليونانيّون كتبوا فيه وظهرت لهم نظريات في نظم الشعر والنثر، وقد وصلت تلك النظريات الى درجة من الاهتمام حتى اصبحت فيما بعد اسساً وقوانين لتمييز الجيّد من الأدب عن رديئه، فمثلاً تجد أفلاطون قد اهتم بالأدب اهتماماً كبيراً حتى عدّه ظاهرة ثقافية للامّة، ثم اصدر احكاماً نقدية قاسية على الشعر.

ثم جاء ارسطو ليضع قواعد جديدة في الأدب والنقد، إذْ تكلّم في كتابه الشعر عن الملحمة وادلى بآرائه النقدية هناك والتي أصبحت فيما بعد تياراً جديداً يناهض تيار أفلاطون.

ثم جاء دور العرب الجاهليين ليمارسوا في بادئ ذي بدء الأحكام الجزئية. إلى أن جاء الإسلام وأبان نظريته في الأدب والادباء، انذاك تحسّس النقّاد اهمية الادب في الحياة، لذا اهتموا بالنقد الذاتي والنقد الاستدلالي والنقد الحكمي.

وقد صنّف المسلمون في القرن الثاني الهجري مصنّفات نقدية عديدة إلا أن هذه المصنّفات يمكن تقسيمها إلى طائفتين:

الطائفة الأولى: وهي نتاجات الادباء.

الطائفة الثانية: وهي نتاجات اللغويين والنحاة.

اما الادباء فهم الشعراء والولاة والامراء وبعض الخلفاء الذين لهم ذوق ادبي فهؤلاء نقدهم ذوقي وفطري ومرجعه الطبع والسليقة..

وأما اللغويون والنحاة فقد عاشوا الجوّ الاسلامي المتميّز- وذلك على العكس من حياة الامراء والخلفاء- وكانوا هم اداة التعليم والواسطة في فهم النصوص الادبية وتعليمها للاَخرين وقد تهيّأت لهم اسباب البحث والمناظرة والتأليف، مما صدرت لهم كتابات في النحو واللغة والأدب والنقد، إلا أن هؤلاء امزجتهم من نوع خاص قد حدّدت بواسطتهم بعض المفاهيم والاسس النقدية وربّما كان اسلوب النقد عند هذه الطائفة اكثر حيويّة، واصدق حجّة، واوضح دليلاً، فاسلوبهم الى العلم اقرب منه الى الفن، لذا ليس فيه عصبية إلّا ما ندر ولا نلمس فيه الهوى أو النزعات القبلية، بل انما يبرز فيه الدليل والبيان والصدق والاخلاص، لذا قد شمل هذا الاسلوب كل الجوانب الادبية للّغة العربية، فمن ضبط النصوص الى ترتيبها ثم تبويبها ثم تحليلها وتفسيرها إلى اصدار الحكم عليها.

وقد اعتمد هذا الاسلوب على اصلين من اصول النقد؟ الاصل الأول ما قرّره النحاة واللغويّون من قواعد واسس علمية أو فنيّة في النحو واللغة والعروض والقافية.

والأصل الثاني ما قرره الادباء والشعراء من أسس جمالية وتقديرات ادبية وعادات اجتماعية.

فالنحاة واللغويون بالاضافة إلى كونهم علماء في اللغة والنحو والعروض فهم نقّاد وان نقدهم أو آراءهم في نقد النصوص انما هي معتمدة على قواعد ثابتة؟ فان نقدهم لا يعني منطبعاً على الجمود، بل لهذه الشريحة ذوقها الادبي وحسّها وانطباعها الخاص تجاه الصورة الأدبية التي يرسمها الشاعر أو الفنان.

وقد اعتبر اللغويّون ان نقد الشعر صناعة يمارسها الناقد وفق خبرته الثقافية بل جعلوا ذلك من مهمة علماء اللغة والنحو لانهم رفدوا النقد الأدبي بمادة ثرية من الآراء النقدية؟ فقد جمعوا كل ما قاله الادباء في الشعر والشعراء هذا أوّلاً.

وثانياً: رووا المجالس الأدبية وما تخللها من نقد النصوص والخصومات التي دارت حول كبار الشعراء وبالخصوص شعراء الجاهلية.

وثانياً: وضعوا بين يدي تأريخ النقد الأدبي اراءهم النقدية وجملة من القواعد والاسس التي لابد للناقد ان يطّلع عليها.

فمثلاً أبو عمر بن العلاء يعدّ من كبار أئمّة اللغة والنحو، ومع ذلك يُدلي برأيه في شعر ذي الرّمة فيقول:

انّما شعره نقط عروس تضمحل عما قليل، وابعار ظباء لها مَشم في أوّل شمّها ثم تعود الى ارواح الابعار)).

ويقول ابو عبيدة وهو من أئمّة اللغة ومن علماء البصرة المبرّزين: طفيل والنابغة الجعدي وأبو داوود الايادجما اعلم العرب بالخيل و أوصفهم لها)).

وهذا يدلل على أنّ ابا عبيدة تحسس أن هؤلاء الثلاثة هم ابرز من وصف الخيل واجادوا في تصوير طباعها وخصائصها و...

ثم ان حكم ابي عبيدة هنا لم يكن وفق قواعد لغوية أو اسس نحوية وانما يعتمد الذوق...

ومهما يكن من شيء فان اول كتاب وصلنا في نقد الشعر والشعراء

هو: كتاب فحولة الشعراء.

كتاب فحولة الشعراء للأصمعي

الأصمعي أديبٌ وراوية معروف عاش بين 122- 216 هـ، في كتاب الفحولة تجد الشعراء عند الاصمعي موزّعين حسب طبقاتهم كما ان عنصر الزمن قد اُخذ بعين الاعتبار فهناك الشعراء الجاهليّون ثم الاسلاميّون ثم الأمويّون ثم المولّدون.. كما ان المعيار في تقديم شاعر على اَخر هو الفحولة؟ اي من كانت له ميزة، ومَن اذا خوصم غلب خصمه.

الفحول والفحولة مفردها الفحل، وهو مصطلح يبدو اوّل من استعمله وبيّن معناه هو أبو سعيد الاصمعي البصري، عبد الملك بن قريب ينتسب الى عبد شمس وينتهي الى قيس عيلان بن مضر، كانت ولادته في عام 122 هـ اما وفاته ففي 216 هـ

كان الاصمعي عالماً لغوياً، وأديباً، وناقداً بارزاً، قد حفظ من اراجيز العرب ستة عشر الف ارجوزة، له مصنفات عديدة في الشعر والادب واللغة والنقد.

وأول كتاب نقدي وصل الينا هو كتابه ((فحولة الشعراء)).

ومعنى الفحل: كل من عارض شاعراً فغلب عليه، مثل علقمة ابن عبده، وكان يسمّى فحلاً لأنه عارض امرأ القيس في قصيدته البائية التي يقول فيها:

خليلي مرّا بي على ام جندب.......................

والذي قال فيها:

ذهبت من الهجران في غير مذهب........................

وربما اريد بالفحل الراوي، إلا أن الاصمعي اراد به ما كان له مزية على غيره من الشعراء كمزية الفحل على سواه، وقد سأله أبو حاتم السجستاني عن معنى الفحل: قال يراد أن له مزية على غيره كمزية الفحل على الحِقاق والحِقاق ما كان من الابل ابن ثلاث سنين وقد دخل في الرابعة.

قال الاصمعي- وبيت جرير يدلل على هذا:

وابن اللبون اذا ماكن في قرن         لم يستطع صولة البزل القناعيس(1) تناول الأصمعي في كتابه هذا جملة من شعراء الجاهلي وشعراء الاسلام واصدر احكامه النقدية بكل صراحة ودقّة بل نجد في بعض أحكامه النقديّة يشم منها رائحة التهكم والازدراء بالشاعر من ذلك ما ينقله ابو عمرو ابن العلاء الراوية والناقد المشهور المتوفى عام 154هـ وسأله رجل وأنا أسمع: النابغة اشعر أم زهير؟

فقال ما يصلح زهير ان يكون أجيراً للنابغة.

ثم قال: اوس بن حجر اشعر من زهير، ولكن النابغة طأطأ منه قال أوس:

.................... بجيش ترى منه القضاء معضلا (2).

كتاب فحولة الشعراء يرويه لنا أبو حاتم السجستاني وهو كذلك عالم لغوي واديب معروف، يعدّ من علماء أهل البصرة، توفى عام 255 هـ وجاء الكتاب بصورة اسلوب المحاورة والسؤال؟ فأبو حاتم يسأل الاصمعي عن شاعر أفحل هو أم لا؟

فيجيبه الاصمعي مستدلاً بشيء من شعر الرجل فيهديه الى عيوبه أو إلى جودته وفصاحة لغته.

قال أبو حاتم: قال سألت الاصمعي عن عمرو بن كلثوم أفحلٌ هو؟

فقال ليس بفحل.

قلت: فابو زبيد؟

قال: ليس بفحل.

قلت: فعروة بن الورد؟

قال: شاعر كريم، وليس بفحل.

قلت: فالحُويْدرَة؟

قال: لو كان قال خمس قصائد مثل قصيدته- يعني العينية كان فحلاً.

قلت: فحميد بن ثور؟

قال: ليس بفحل.

قلت: فابن عقيل؟

صحا قلبه عن سكر- وتأملا          وكان بذكرى أم عمرو موكلا

قال: ليس بفحل.

قال أبو حاتم: فسألت الاصمعي من أشعر: الراعي أم ابن مقيل؟

قال: ما اقر بهما:

قلت: لا يقنعنا هذا.

قال: الراعي اشبه شعراءً بالقديم وبالأول.

قلت: فابن احمر الباهلي؟

قال: ليس بفحل ولكنه دون هؤلاء الفحول وفوق طبقته.

قال ولو قال: ثعلبه بن صُعيد المازني مثل قصيدته خمساً كان فحلاً. قلت: فكيف ابن جعيل؟

قال: أظنه من الفحول، ولا استيقنه.

قلت: فحاتم الطائي؟

قال: حاتم إنما يعدّ فيمن يكرّم. ولم يقل: انه فحل في شعره.

قلت: فمعقر بن حَمار البارقي حليف بني نمير؟

قال: لو أتمَ خمساً اوستا لكان فحلاً. ثم قال لي لَم أر اقلّ من شعر كلب وشيبان.

قلت: فكعب بن سعد الغنوي؟

قال: ليس من الفحول إلّا أنّه في المرتبة فانه ليس في الدنيا مثلها، والتي يقول فيها:

اخي ما اخي لا فاحش عند بيته       ولا دَرع عند اللقاء هَيوبُ

ونقلها في الأصمعيات ص 93.

قال: وسألته عن خفاف بن نديه، وعنترة، والزبرقان بن بدر.

فقال: هؤلاء اشعر الفرسان، ومثلهم عباس بن مرداس السّلمي، ولم

يقل أنهم فحول.

قلت له: فالأسود بن يعقر النهشلي؟

قال: يشبه الفحول.

قلت: فعمرو بن شأس الأسدي؟

قال: ليس بفحل، هو دون هؤلاء.

قلت: فأوس بن مغراء الفجيمي؟

قال: لو كان قال عشرين قصيدة لَحِقَ بالفحول، ولكنه قطع به.

قلت: فكعب بن زهير بن أبي سلمى؟

قال: ليس بفحل.

قلت: فزيد الخيل الطائي؟

قال: هو من الفرسان.

قلت: فعمرو بن معدي كرب؟

قال: من الفرسان؟ ولكنه من الذين يغزون فيعدون على ارجلهم، فيختلسون.

قال: وسلامه بن جندل لو كان زاد شيئاً لكان فحلاً.

قال: وقال لي الاصمعي: أشعرتَ أن ليلى اشعر من الخنساء؟ وهكذا يروي لنا أبو حاتم السجستاني عن الاصمعي اراءه عن شعراء الجاهلية وشعراء الصعاليك، والشعراء المخضرمين، وشعراء صدر الاسلام، وشعراء العصر الاموي، والشعراء الموالي، والشعراء المولدين، وغيرهم...

 

 

ـــــــــــــــــــــــ

(1) ابن اللبون: ولد الناقة اذا استكمل الثانية ودخل في الثالثة.

قرَن: الحبل المفتول. صال: وثب. البزل: جمع بازل، البعير الذي طلع نابه وذلك اذا انهى التاسعة من سنيه. القنا عيس: الشداد.

(2) في قافية.

وقال النابغة، فجاء بمعناه في نصف بيت وزاد شيئاً آخر، فقال:

جيشٌ يظلّ به الفضاءُ معضلاً        يدعُ الاكام كانهنّ صَحارى

 

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.