أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-02-2015
3758
التاريخ: 29-01-2015
3155
التاريخ: 31-01-2015
8906
التاريخ: 29-01-2015
3562
|
حال معاوية عند عزمه على قتال علي فإنه شاور فيه ثقاته و أهل وده فقالوا هذا أمر عظيم لا يتم إلا بعمرو بن العاص فإنه قريع زمانه في الدهاء والمكر و قلوب أهل الشام مائلة إليه و هو يخدع ولا يخدع فقال صدقتم و لكنه يحب عليا فأخاف أن يمتنع فقالوا رغبه بالمال و أعطه مصر.
فكتب إليه من معاوية بن أبي سفيان خليفة عثمان بن عفان إمام المسلمين و خليفة رسول رب العالمين ذي النورين ختن المصطفى على ابنتيه و صاحب جيش المعسرة و بئر رومة المعدوم الناصر الكثير الخاذل المحصور في منزله المقتول عطشا و ظلما في محرابه المعذب بأسياف الفسقة إلى عمرو بن العاص صاحب رسول الله (صلى الله عليه واله) وثقته وأمير عسكره بذات السلاسل المعظم رأيه المفخم تدبيره.
أما بعد فلن يخفى عليك احتراق قلوب المؤمنين و فجعتهم بقتل عثمان و ما ارتكبه جاره بغيا و حسدا وامتناعه عن نصرته و خذلانه إياه حتى قتل في محرابه فيا لها مصيبة عمت الناس و فرضت عليهم طلب دمه من قتله و أنا أدعوك إلى الحظ الأجزل من الثواب و النصيب الأوفر من حسن المآب بقتال من آوى قتلة عثمان.
فكتب إليه عمرو بن العاص : من عمرو بن العاص صاحب رسول الله (صلى الله عليه واله) إلى معاوية بن أبي سفيان أما بعد .
فقد وصل كتابك فقرأته وفهمته فأما ما دعوتني إليه من خلع ربقة الإسلام من عنقي والتهور في الضلالة معك وإعانتي إياك على الباطل واختراط السيف في وجه علي بن أبي طالب (عليه السلام) و هو أخو رسول الله ووصيه ووارثه وقاضي دينه و منجز وعده وزوج ابنته سيدة نساء أهل الجنة وأبو السبطين سيدي شباب أهل الجنة .
وأما قولك إنك خليفة عثمان فقد صدقت و لكن تبين اليوم عزلك من خلافته و قد بويع لغيره فزالت خلافتك و أما ما عظمتني به و نسبتني إليه من صحبة رسول الله (صلى الله عليه واله) و أني صاحب جيشه فلا أغتر بالتزكية و لا أميل بها عن الملة.
وأما ما نسبت أبا الحسن أخا رسول الله و وصيه إلى البغي و الحسد لعثمان و سميت الصحابة فسقة و زعمت أنه أشلاهم على قتله فهذا كذب و غواية ويحك يا معاوية أما علمت أن أبا الحسن بذل نفسه بين يدي رسول الله و بات على فراشه و هو صاحب السبق إلى الإسلام و الهجرة.
وقال فيه رسول الله (صلى الله عليه واله) هو مني وأنا منه وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.
وقال فيه يوم الغدير من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله.
وقال فيه يوم خيبر لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله.
وقال فيه يوم الطير اللهم ائتني بأحب خلقك إليك فلما دخل قال و إلي و إلي.
وقال فيه يوم النضير علي إمام البررة و قاتل الفجرة منصور من نصره مخذول من خذله.
وقال فيه علي وليكم بعدي.
وأكد القول علي وعليك وعلى جميع المسلمين.
وقال إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي.
وقال أنا مدينة العلم و علي بابها.
وقد علمت يا معاوية ما أنزل الله من الآيات المتلوات في فضائله التي لا يشركه فيها أحد كقوله تعالى {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ } [الإنسان: 7],{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [المائدة: 55] , {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} [هود: 17] , {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب:
3] , {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23].
وقال رسول الله (صلى الله عليه واله) أما ترضى أن يكون سلمك سلمي و حربك حربي و تكون أخي و وليي في الدنيا و الآخرة يا أبا الحسن من أحبك فقد أحبني ومن أبغضك فقد أبغضني و من أحبك أدخله الله الجنة و من أبغضك أدخله الله النار.
وكتابك يا معاوية الذي هذا جوابه ليس مما ينخدع به من له عقل و دين و السلام.
فكتب إليه معاوية يعرض عليه الأموال و الولايات وكتب في آخر كتابه
جهلت و لم تعلم محلك عندنا فأرسلت شيئا من خطاب و ما تدري
فثق بالذي عندي لك اليوم آنفا من العز والإكرام والجاه و النصر
فأكتب عهدا ترتضيه مؤكدا وأشفعه بالبذل مني و بالبر
فكتب إليه عمرو:
أبى القلب مني أن أخادع بالمكر بقتل ابن عفان أجر إلى الكفر
أبيات ليست بالشعر الجيد يطلب فيها مصر فكتب له معاوية بذلك و أنفذه إليه ففكر عمرو و لم يدر ما يصنع و ذهب عنه النوم فقال:
تطاول ليلي بالهموم الطوارق فصافحت من دهري وجوه البوائق
أأخدعه و الخدع مني سجية أم أعطيه من نفسي نصيحة وامق
أم أقعد في بيتي و في ذاك راحة لشيخ يخاف الموت في كل شارق
فلما أصبح دعا مولاه وردان و كان عاقلا فشاوره في ذلك فقال وردان إن مع علي آخرة و لا دنيا معه و هي التي تبقى لك و تبقى فيها وإن مع معاوية دنيا ولا آخرة معه وهي التي لا تبقى على أحد فاختر ما شئت فتبسم عمرو و قال:
يا قاتل الله وردانا و فطنته لقد أصاب الذي في القلب وردان
لما تعرضت الدنيا عرضت لها بحرص نفس و في الأطباع إدهان
نفس تعف و أخرى الحرص يغلبها والمرء يأكل نتنا و هو غرثان
أما علي فدين ليس يشركه دنيا وذاك له دنيا و سلطان
فاخترت من طمعي دنيا على بصر وما معي بالذي أختار برهان
إني لأعرف ما فيها و أبصره وفي أيضا لما أهواه ألوان
لكن نفسي تحب العيش في شرف وليس يرضى بذل العيش إنسان
ثم إن عمرو أرحل إلى معاوية فمنعه ابنه عبد الله و وردان فلم يمتنع فلما بلغ مفرق الطريقين الشام والعراق قال له وردان طريق العراق طريق الآخرة و طريق الشام طريق الدنيا فأيهما تسلك قال طريق الشام.
قلت لا يغني عبد الله و وردان و قد قاده إلى جهنم الشيطان وباع حظه من الآخرة و شهد عليه ما جرى على لفظه فأحله في الساحرة و كان من جملة آثاره المذمومة و أفعاله المشئومة رفع المصاحف التي خرج بها الخوارج فتنكبوا بها عن الصراط المستقيم و أخذوا على أمير المؤمنين الرضا بالتحكيم و انقادوا إلى امتثال أمر الشيطان الرجيم و هناك نجم أمر الخوارج فأساءوا في التأويل ففارقوا الحق و تنكبوا سواء السبيل و عملوا بآرائهم المدخولة فتنوعت لهم فنون الضلالات و الأباطيل و سأذكر كيفية أمرهم و حالهم و ما جرى عليهم جزاء كفرهم و ضلالهم وما أباحه الله على يد وليه من دمارهم ووبالهم عند إنجازي ذكر زوائد أذكرها من أخبار صفين و على الله أتوكل و به أعتضد و أستعين.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|