المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

طبيعة الرقابة في نظام القضاء الموحد
13-6-2016
سياسة المنصور في المدينة وموقف الامام منه
17-04-2015
Chain Shortening and Lengthening reaction of sugars
20-7-2018
زكاة الفطرة
2024-09-30
المقصود من قاعدة « لا ضرر ولا ضرار »
5-7-2022
acoustic feature
2023-05-06


حديثه (عليه السلام) مع قاتله  
  
3604   01:37 مساءً   التاريخ: 19-01-2015
المؤلف : الشيخ عباس القمي
الكتاب أو المصدر : منتهى الآمال في تواريخ النبي والآل
الجزء والصفحة : ج1,ص247-250.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة /

[عندما جيء بأبن ملجم الى أمير المؤمنين (عليه السلام)] قال له الحسن (عليه السلام) : هذا عدوّ اللّه و عدوّك ابن ملجم قد أمكننا اللّه منه و قد حضر بين يديك.

ففتح أمير المؤمنين (عليه السلام) عينيه و نظر إليه و قال له بضعف و انكسار صوت: يا هذا لقد جئت عظيما و ارتكبت أمرا عظيما و خطبا جسيما، أبئس الامام كنت لك حتى جازيتني بهذا الجزاء؟ ألم أكن شفيقا عليك و آثرتك على غيرك و أحسنت إليك و زدت في اعطائك؟ ألم يكن يقال لي فيك كذا و كذا فخلّيت لك السبيل و منحتك عطائي و قد كنت أعلم انّك قاتلي لا محالة؟ و لكن رجوت بذلك الاستظهار من اللّه تعالى عليك يا لكع و علّ ان ترجع عن غيّك، فغلبت عليك الشقاوة فقتلتني يا شقيّ الاشقياء.

فدمعت عينا ابن ملجم لعنه اللّه تعالى و قال : يا أمير المؤمنين أفأنت تنقذ من في النار؟.

قال له : صدقت، ثم التفت (عليه السلام) الى ولده الحسن (عليه السلام) و قال له : ارفق يا ولدي بأسيرك و ارحمه، و أحسن إليه و أشفق عليه، ألا ترى الى عينيه قد طارتا في أمّ رأسه و قلبه يرجف خوفا و رعبا و فزعا.

فقال له الحسن (عليه السلام): يا أباه قد قتلك هذا اللعين الفاجر وأفجعنا فيك و أنت تأمرنا بالرفق فيه؟.

 فقال له : نعم يا بني! نحن أهل البيت لا نزداد على المذنب‏  إلينا الّا كرما و عفوا، و الرحمة و الشفقة من شيمتنا لا من شيمته، بحقّي عليك أطعمه يا بنيّ مما تأكله، و اسقه مما تشرب، فان أنا متّ فاقتص منه ولا تحرقه بالنار، و لا تمثل بالرجل، فانّي سمعت رسول اللّه (صلى الله عليه واله) يقول : «اياكم و المثلة و لو بالكلب العقور».

وان انا عشت فانا أولى بالعفو عنه، و أنا أعلم بما أفعل به، فان عفوت فنحن أهل البيت لا نزداد على المذنب إلينا الّا عفوا و كرما.

ثم حملوه (عليه السلام) الى البيت و هو في غاية الضعف و الناس حوله في البكاء و النحيب و قد اشرفوا على الهلاك من شدة البكاء، و أخذ ابن ملجم فأوثّق و حبس في البيت.

ثم التفت الى الحسين (عليه السلام)‏  وهو يبكي فقال له:

يا ابتاه من لنا بعدك؟ لا كيومك الّا يوم رسول اللّه (صلى الله عليه واله)من أجلك تعلمت البكاء، يعزّ و اللّه عليّ أن أراك هكذا، فناده (عليه السلام) فقال : يا حسين يا ابا عبد اللّه ادن منّي، فدنا منه و قد قرحت أجفان عينيه من البكاء، فمسح الدموع من عينيه، ووضع يده على قلبه و قال له:

«يا بني ربط اللّه قلبك بالصبر وأجزل لك ولإخوتك عظيم الاجر، فسكّن روعتك وهدأ من بكائك، فانّ اللّه قد آجرك على عظيم مصابك» ثم أدخل (عليه السلام) الى حجرته و جلس في‏

محرابه.

ثم اقبلت زينب و أم كلثوم حتى جلستا على الفراش، و أقبلتا تندبانه و تقولان : «يا ابتاه من للصغير حتى يكبر؟ و من للكبير بين الملاء؟ يا ابتاه حزننا عليك طويل و عبرتنا لا ترقأ».

فضجّ الناس من وراء الحجرة بالبكاء و النحيب، و فاضت دموع أمير المؤمنين (عليه السلام) عند ذلك، و جعل يقلّب طرفه و ينظر الى أهل بيته و أولاده ثم دعا الحسن و الحسين (عليهما السّلام) و جعل يحضنهما و يقبلهما.

وروى الشيخ المفيد و الطوسي عن أصبغ بن نباتة قال : لما ضرب ابن ملجم لعنه اللّه أمير المؤمنين (عليه السلام) غدونا عليه نفر من أصحابنا، أنا و الحارث و سويد بن غفلة و جماعة معنا فقعدنا على الباب فسمعنا البكاء فبكينا فخرج إلينا الحسن بن عليّ (عليه السلام) فقال: «يقول لكم أمير المؤمنين انصرفوا الى منازلكم».

فانصرف القوم غيري فاشتد البكاء من منزله فبكيت و خرج الحسن (عليه السلام) و قال: «ألم أقل لكم انصرفوا؟».

فقلت : لا و اللّه يا ابن رسول اللّه (صلى الله عليه واله)لا تتابعني نفسي و لا تحملني رجلي أن أنصرف حتى أرى أمير المؤمنين (عليه السلام).

قال: فبكيت، فدخل و لم يلبث أن خرج فقال لي : أدخل، فدخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) فاذا هو مستند معصوب الرأس بعمامة صفراء قد نزف و اصفر وجهه ما ادري وجهه أصفر أو العمامة فاكببت عليه فقبلته و بكيت فقال لي : «لا تبك يا أصبغ فانّها و اللّه الجنّة».

فقلت له : جعلت فداك انّي أعلم و اللّه انّك تصير الى الجنّة و إنمّا أبكي لفقداني اياك وأغمي على أمير المؤمنين (عليه السلام) ساعة، و كذلك كان رسول اللّه (صلى الله عليه واله)يغمى عليه ساعة طويلة و يفيق أخرى، لانّه (صلى الله عليه واله)كان مسموما، فلمّا أفاق ناوله الحسن (عليه السلام) قعبا من لبن فشرب منه قليلا ثم نحّاه عن فيه و قال: «احملوه الى أسيركم».

ثم وصّى الحسن (عليه السلام) كرّة أخرى بمطعمه و مشربه‏ .

وروى الشيخ المفيد و غيره انّه : لما أتوا بابن ملجم الى السجن قالت له أم كلثوم: يا عدو اللّه قتلت أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال : انما قتلت أباك.

قالت : يا عدو اللّه انّي لأرجو أن لا يكون عليه بأس.

 

قال لها : فأراك انما تبكين عليّ اذا، لقد واللّه ضربته ضربة لو قسمت بين أهل الارض لأهلكتم‏.
قال أبو الفرج : «لمّا ضرب عليّا جمع له اطباء الكوفة فلم يكن اعلم بجرحه من أثير بن عمرو فلمّا نظر الى جرح أمير المؤمنين (عليه السلام) دعا برئة شاة حارّة و استخرج عرقا منها فأدخله في الجرح ثم استخرجه فاذا عليه بياض الدماغ فقال له: يا أمير المؤمنين أعهد عهدك فانّ عدوّ اللّه قد وصلت ضربته الى أمّ رأسك‏.

 

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.