أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-01-2015
3518
التاريخ: 19-01-2015
4274
التاريخ: 9-5-2016
3090
التاريخ: 19-01-2015
3581
|
قال محمد بن الحنفيّة : ثم أخذنا في جهازه ليلا، و كان الحسن (عليه السلام) يغسله و الحسين (عليه السلام) يصبّ الماء عليه، و كان (عليه السلام) لا يحتاج الى من يقلّبه، بل كان يتقلّب كما يريد الغاسل يمينا و شمالا، و كانت رائحته (عليه السلام) أطيب من رائحة المسك و العنبر.
ثم نادى الحسن (عليه السلام) و قال: يا أختاه هلمّي بحنوط جدّي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فبادرت زينب مسرعة حتى أتت بسهمه (عليه السلام) الفاضل من سهم رسول اللّه و ابنته فاطمة (صلوات اللّه عليهم) و الذي جاء به جبرئيل إليهم من الجنّة.
فلمّا فتحه فاحت الدار و جميع الكوفة و شوارعها لشدّة رائحة ذلك الطيب، ثم لفّوه بخمسة
أثواب، و وضعوه على السرير و تقدم الحسن و الحسين (عليهما السّلام) الى السرير من مؤخره (بحكم وصية أبيهم (عليه السلام) و اذا مقدمه قد ارتفع و كان حامله جبرئيل و ميكائيل و ساروا به الى ظهر الكوفة الى النجف.
وأراد بعض الناس مشايعتهم فأمرهم الحسن (عليه السلام) بالرجوع و كان الحسين (عليه السلام) يقول:
لا حول و لا قوّة الّا باللّه العلي العظيم يا أباه وا انقطاع ظهراه، من أجلك تعلّمت البكاء.
قال محمد بن الحنفية : و اللّه لقد نظرت الى السرير و انّه ليمرّ بالحيطان و النخل فتنحني له خشوعا.
ووفقا لرواية أمالي الشيخ الطوسي انّه : مروا بجنازة أمير المؤمنين (عليه السلام) بقائم الغريّ- وهو بناء عتيق يشبه العمود و يقال له العلم أيضا فانحنى القائم لتعظيم جثمان أمير المؤمنين (عليه السلام) و احترامه، كما انحنى سرير أبرهة لعبد المطلب حينما دخل عليه.
والآن بني مسجد مكان ذلك القائم يسمّى بمسجد الحنّانة في شرق النجف.
فلمّا انتهت الجنازة الى القبر فاذا مقدمها قد وضع، فوضع الحسن (عليه السلام) مؤخرها، ثم قام وصلّى عليه و الجماعة خلفة، فكبّر سبعا كما أمره أبوه (عليه السلام) ثم زحزح السرير و كشف التراب فاذا بقبر محفور و لحد مشقوق و ساجة منقودة مكتوب عليها:
بسم اللّه الرحمن الرحيم «هذا ما حفره نوح النبي لعليّ وصي محمد (صلى الله عليه واله)قبل الطوفان بسبعمائة عام».
وفي رواية أخرى كان مكتوب عليها : «هذا ما ادّخره له جدّه نوح النبي للعبد الصالح الطاهر المطهر».
فلمّا أرادوا نزوله سمعوا هاتفا يقول : «أنزلوه الى التربة الطاهرة فقد اشتاق الحبيب الى الحبيب».
وأيضا نادى مناد : «أحسن اللّه لكم العزاء في سيدكم و حجة اللّه على خلقه».
وعن الباقر (عليه السلام) قال : دفن (عليه السلام) بناحية الغريين، و دفن قبل طلوع الفجر و دخل قبره الحسن و الحسين و محمد بنو عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) و عبد اللّه بن جعفر .
ثم أخذ اللبنة من عند الرأس بعد ما أشرجا عليه اللبن : فاذا ليس في القبر شيء فاذا هاتف يهتف : أمير المؤمنين (عليه السلام) كان عبدا صالحا، فألحقه اللّه بنبيّه و كذلك يفعل بالاوصياء بعد الأنبياء، حتى لو أنّ نبيّا مات بالمشرق و مات وصيّه بالمغرب لألحق الوصي بالنبي.
وروى صاحب كتاب مشارق الأنوار عن الحسن (عليه السلام) انه قال : قال أمير المؤمنين لنا: اذا وضعتماني في الضريح فصليا ركعتين قبل أن تهيلا عليّ التراب، و انظرا ما يكون، فلما وضعاه في الضريح المقدّس فعلا ما أمرا به، و نظرا فاذا بالضريح مغطّي بثوب من سندس، فكشف الحسن (عليه السلام) مما يلي وجه أمير المؤمنين فوجد رسول اللّه (صلى الله عليه واله)و آدم و إبراهيم يتحدّثون مع أمير المؤمنين (عليه السلام) و كشف الحسين (عليه السلام) ممّا يلي رجليه فوجد الزهراء و حوّاء و مريم و آسية (عليهن السلام) ينحن على أمير المؤمنين و يندبنه .
ولمّا ألحد أمير المؤمنين (عليه السلام) وقف صعصعة بن صوحان العبدي (رضي اللّه عنه) على القبر، و وضع إحدى يديه على فؤاده و الأخرى قد أخذ بها التراب و يضرب به رأسه، ثم قال : بأبي أنت و أمّي يا أمير المؤمنين! هنيئا لك يا ابا الحسن، فقد طاب مولدك، و قوي صبرك، و عظم جهادك، و ظفرت برأيك، و ربحت تجارتك، و قدمت على خالقك، (فكان يكرر من قبيل هذه الكلمات) حتى بكى بكاء شديدا و أبكى كل من كان معه، و عدلوا الى الحسن و الحسين و محمد و جعفر و العباس و يحيى و عبد اللّه (عليهم السّلام) فعزّوهم في ابيهم (صلوات اللّه عليه).
ثم رجع أولاد أمير المؤمنين (عليه السلام) و شيعتهم الى الكوفة، فلما طلع الصبح و بزغت الشمس أخرجوا تابوتا من دار أمير المؤمنين (عليه السلام) و أتوا به الى المصلّى بظاهر الكوفة ثم تقدم الحسن (عليه السلام) و صلّى عليه، و حمله على ناقة و سيّرها الى المدينة .
و قيل : قد أنشد عبد اللّه بن عباس هذه الأشعار في رثاء أمير المؤمنين (عليه السلام):
و هزّ عليّ بالعراقين لحيته مصيبتها جلّت على كل مسلم
و قال سيأتيها من اللّه نازل و يخضبها أشقى البريّة بالدم
فعاجله بالسيف شلّت يمينه لشؤم قطام عند ذاك ابن ملجم
فيا ضربة من خاسر ضلّ سعيه تبوّأ منها مقعدا في جهنّم
ففاز أمير المؤمنين بحظّه و ان طرقت احدى الليالي بمعظم
ألا إنمّا الدنيا بلاء و فتنة حلاوتها شيبت بصبر و علقم
و قيل انّه لما وصل خبر استشهاد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى معاوية، قال: انّ الاسد الذي كان يفترش ذراعيه في الحرب قد قضى نحبه، ثم تمثل بهذا الشعر و قال:
قل للأرانب ترعى أينما سرحت و للظباء بلا خوف و لا وجل
و روى الشيخ الكليني و ابن بابويه (رحمهما اللّه) و غيرهما بأسانيد معتبرة انّه:
لمّا كان اليوم الذي قبض فيه أمير المؤمنين (عليه السلام) ارتجّ الموضع بالبكاء و دهش الناس كيوم قبض النبي (صلى الله عليه واله)و جاء رجل باكيا و هو مسرع مسترجع و هو يقول:
(انّا للّه و انّا إليه راجعون) اليوم انقطعت خلافة النبوة، حتى وقف على باب البيت الذي فيه أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: رحمك اللّه يا أبا الحسن كنت اول القوم إسلاما (و ذكر كثير من فضائله (عليه السلام).
و سكت القوم حتى انقضى كلامه و بكى و بكى اصحاب رسول اللّه (صلى الله عليه واله)ثم طلبوه فلم يصادفوه .
يقول المؤلف: كان ذلك الرجل الهرم الخضر (عليه السلام)، و قد ذكرت كلماته التي تكون بمنزلة الزيارات لأمير المؤمنين (عليه السلام) في كتابي الموسوم بالهديّة في باب زياراته (عليه السلام) .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|