أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-4-2018
1517
التاريخ: 5-12-2017
952
التاريخ: 3-08-2015
3373
التاريخ: 26-12-2017
728
|
إن سأل سائل عن قوله تعالى : {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [هود: 45- 46] فقال : ظاهر قوله تعالى انه ليس من أهلك ، فيه تكذيب ، لقوله عليه السلام ان ابني من أهلي. وإذا كان النبي (عليه السلام) لا يجوز عليه الكذب فما الوجه في ذلك؟
قيل له في هذه الآية وجوه ، كل واحد منها صحيح مطابق لادلة العقل.
(أولها) أن نفيه لان يكون من أهله لم يتناول فيه نفي النسب ، وإنما نفى ان يكون من أهله الذين وعده الله تعالى بنجاتهم ، لأنه عز وجل كان وعد نوحا عليه السلام بأن ينجي اهله في قوله : {قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ} [هود: 40] فاستثنى من اهله من اراد اهلاكه بالغرق.
ويدل على صحة هذا التأويل قول نوح عليه السلام : ان ابني من اهلي وان وعدك الحق.
وعلى هذا الوجه يتطابق الخبران ولا يتنافيان.
وقد روي هذا التأويل بعينه عن ابن عباس وجماعة من المفسرين.
(والوجه الثاني) ان يكون المراد من قوله تعالى : (ليس من اهلك) أي انه ليس على دينك ، وأراد انه كان كافرا مخالفا لأبيه ، فكأن كفره اخرجه من ان يكون له أحكام أهله. ويشهد لهذا التأويل قوله تعالى على سبيل التعليل : (انه عمل غير صالح) فتبين انه انما خرج عن احكام اهله بكفره وقبيح عمله. وقد حكي هذا الوجه أيضا عن جماعة من اهل التأويل.
(والوجه الثالث) انه لم يكن ابنه على الحقيقة ، وإنما ولد على فراشه. فقال (عليه السلام) ان ابني على ظاهر الامر.
فأعلمه الله تعالى ان الامر بخلاف الظاهر ، ونبهه على خيانة امرأته ، وليس في ذلك تكذيب خبره ، لأنه انما اخبر عن ظنه وعما يقتضيه الحكم الشرعي ، فاخبره الله تعالى بالغيب الذي لا يعلمه غيره.
وقد روي هذا الوجه عن الحسن ومجاهد وابن جريج.
وفي هذا الوجه بعد ، إذ فيه منافاة للقرآن لأنه تعالى قال : {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ} [هود: 42] فأطلق عليه اسم النبوة.
ولأنه تعالى أيضا استثناه من جملة أهله بقوله تعالى : (واهلك إلا من سبق عليه القول). ولان الانبياء عليهم السلام يجب ان ينزهوا عن هذه الحال لأنها تعبير وتشيين ونقص في القدر ، وقد جنبهم الله تعالى ما دون ذلك تعظيما لهم وتوقيرا ونفيا لكل ما ينفر عن القبول منهم.
وقد حمل ابن عباس قوة ما ذكرناه من الدلالة على ان تأويل قوله تعالى في امرأة نوح وامرأة لوط ، فخانتاهما ، أن الخيانة لم تكن منهما بالزنا ، بل كانت احداهما تخبر الناس بأنه مجنون ، والاخرى تدل على الاضياف.
والوجهان الاولان هما المعتمدان في الآية .
فإن قيل اليس قد قال جماعة من المفسرين ان الهاء في قوله تعالى : (انه عمل غير صالح) راجعة إلى السؤال؟ والمعنى ان سؤالك إياي ما ليس لك به علم عمل غير صالح ، لأنه قد وقع من نوح (عليه السلام) السؤال والرغبة في قوله : {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ} [هود: 45] ، ومعنى ذلك نجه كما نجيته.
قلنا ليس يجب ان تكون الهاء في قوله ان عمل غير صالح ، راجعة إلى السؤال بل إلى الابن يكون تقدير الكلام : ان ابنك ذو عمل غير صالح ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ويشهد لصحة هذا التأويل ، قول الخنساء :
ما ام سقب على بو تطيف به * قد ساعدتها على التحنان اظئار
ترتع ما رتعت حتى إذا ذكرت * فإنما هي اقبال وادبــــــــــــار .
وإنما اراد انها ذات إقبال وذات إدبار .
وقد قال قوم في هذا الوجه : ان المعنى في قوله : إنه عمل غير صالح ، أن اصله عمل غير صالح من حيث ولد على فراشه وليس بابنه ، وهذا جواب من يرى انه لم يكن ابنه على الحقيقة. والذي اخترناه خلاف ذلك .
وقد قرئت هذه الآية بنصب اللام وكسر الميم ونصب غير ، ومع هذه القراءة لا شبهة في رجوع معنى الكلام إلى الابن دون سؤال نوح (عليه السلام) ، وقد ضعف قوم هذه القراءة فقالوا : كان يجب ان يقول انه عمل عملا غير صالح ، لان العرب لا تكاد تقول هو يعمل غير حسن ، حتى يقولوا عملا غير حسن.
وليس هذا الوجه بضعيف ، لان من مذهبهم الظاهر أقامة الصفة مقام الموصوف عند انكشاف المعنى وزوال اللبس. فيقول القائل: قد فعلت صوابا وقلت حسنا ، بمعنى فعلت فعلا صوابا وقلت قولا حسنا.
وقال عمر بن أبي ربيعة المخزومي؟ ايها القائل غير الصواب؟ أخر النصح واقلل عتابي .
وقال أيضا : وكم من قتيل ما يباء به دم * ومن علق رهنا إذا لفه الدما
ومن مالي عينيه من شئ غيره * إذا راح نحو الحمرة البيض كالدما
أرادوكم من انسان قتيل.
وقال رجل من بجيلة :
كم من ضعيف العقل منتكث القوى * ما ان له نقض ولا ابرام
أرادكم من انسان ضعيف العقل والقوى.
فإن قيل : لو كان الامر على ما ذكرتم فلم قال الله تعالى : {فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [هود: 46] فكيف قال نوح عليه السلام من بعد : { رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [هود: 47].
قلنا ليس يمتنع أن يكون نوح (عليه السلام) نهى عن سؤال ما ليس له به علم ، وإن لم يقع منه ، وان يكون هو (عليه السلام) تعوذ من ذلك ، وان لم يواقعه.
ألا ترى أن نبينا صلى الله عليه وآله قد نهى عن الشرك والكفر ، وإن لم يقعا منه ، في قوله تعالى : {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65].
وانما سأل نوح عليه السلام نجاة ابنه باشتراط المصلحة لا على سبيل القطع ، فلما بين الله تعالى ان المصلحة في غير نجاته ، لم يكن ذلك خارجا عما تضمنه السؤال.
فأما قوله تعالى : (اني اعظك ان تكون من الجاهلين) ، فمعناه لئلا تكون منهم ، ولا شك في ان وعظه تعالى هو الذي يصرفه عن الجهل وينزهه عن فعله.
وهذا كله واضح.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|