المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



التربية الأسرية في العصر الحاضر (1)  
  
2872   11:31 صباحاً   التاريخ: 1-11-2017
المؤلف : د. عبد الله الرشدان
الكتاب أو المصدر : المدخل الى التربية والتعليم
الجزء والصفحة : ص279-280
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الآباء والأمهات /

إن اهتمام غالبية الشعوب بالتربية الأسرية , وادراكهم قيمة التراث الخلقي الذي ينحدر عن الآباء والأجداد إلى الأطفال , ويتمثل هذا الادراك في أمور كثيرة منها : حرص بعض الأسر الكريمة على انتخاب الأزواج من سلالات عريقة , ويتوج ذلك حديث نبوي شريف (تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس) ومنذ أن أكدت الأبحاث العلمية ذلك بدأت الدول القوية تتدخل في حرية أبنائها وتحرمهم حقهم في الزواج لمن ثبت تدهور الأخلاق في أسرهم مستعينة في تنفيذ ذلك بقوة القانون , ثم لجأت إلى العلم فأمدها بسلاح التعقيم لتحول دون انتاج مريض الأخلاق .

هذا عن الأثر البعيد للأسرة , اما عن الأثر القريب لها , فيتمثل بالدور الكبير الذي تلعبه الأسرة في اخلاق ابنائها ولا سيما في السنوات الأولى من حياتهم . ففي البيت توضع البذور الأولى لتكوين الشخصية , وما ستكون عليه مستقلاً , كما أثبت ذلك أتباع مدرسة التحليل النفسي  فالبيت هو الذي يعلم الطفل التراث الاجتماعي , فهو يعلمه الكلام والعادات والعرق , والظواهر الاجتماعية المختلفة . كما أنه يتلقن في الأسرة دروس الدين الأولى والمعتقدات الدينية : (كل مولود يولد على الفطرة , فأبواه يهوّدانه أو يمجسّانه أو ينصرانه) . وهنا يتعلم الطفل التفرقة بين الخطأ والصواب , والحسن , والقبيح . كما يتعلم معنى الملكية الفردية , والحقوق والواجبات , ويتأثر نمو الطفل البدني بظروف الأسرة والمنزل من حيث الفقر والغنى , وتوافر أسباب الصحة في المنزل كالهواء الطلق , والشمس والنظافة , والراحة الكافية , والغذاء الصحي الجيد , والقدرة على تجنب الأمراض قبل وقوعها , كما تلعب الأسرة دوراً فعالاً في تكوين عادات الأكل والشرب والمشي والنوم واللبس ومعاملة الناس , وتكسب الأطفال العواطف المختلفة من حب أو كره وتعاون وتنافس . ويلعب نظام الحياة الأسرية , وما يحيط بالطفل من أثاث وأدوات , دوراً كبيراً في تكوين الذوق الجمالي عند الطفل .

وتلعب الروابط بين الوالدين دوراً خطيراً في نشأة الطفل , فالتعاون بين الوالدين والاتفاق بينهما  والاحتفاظ بكيان الأسرة يخلق جواً هادئاً ينشأ فيه الطفل نشوءًا متزنًا مما يزيد ثقته بنفسه وفي العالم الذي يتعامل معه . ويرى علماء النفس أن الحياة الأسرية المضطربة والمشاحنات بين الوالدين , والمشاكسات الدائمة داخل المنزل تؤثر تأثيراً بليغاً في تكوين ميول الطفل وشخصيته كما أن دراسة حالات البيوت المهدمة تبين لنا أن أبناء هذه البيوت يتحولون إلى متشردين أو مجرمين.

ويجب علينا أن نعلم كأباء ومدرسين أن أكثر الأمراض الخلقية كالأنانية , والفوضى وفقدان الثقة بالنفس , وعدم الشعور بالمسؤولية والرياء والنفاق , إنما تنشأ جرثومتها الأولى في البيت  ويصعب على المدرسة والمجتمع استئصال هذه الجرثومة بعد أن تتمكن وتزمن .

______________

1ـ صالح عبد العزيز : التربية الحديثة , ص52 , 56 , 84 , 88 .




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.