أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-5-2021
1951
التاريخ: 11-9-2016
1799
التاريخ: 14-8-2021
2387
التاريخ: 7-12-2016
1807
|
وتكمن أهمية الرضاع على الصعيد الشرعي في امور ثلاثة ؛ الاول : إن لبن الأم انفع للولد من اي لبن آخر. ثانياً : إن الام المرضعة لها الحق في المطالبة باجر الرضاع من الزوج. فمعنى العوض في النكاح الاسلامي يعني بيع المرأة جسدها للرجل بمبلغ من المال ؛ لان العوض في الرضاع اذن يعني بيع المرأة جسدها لولدها الرضيع ، وهو يناقض اصل فكرة المعاوضة التي تعبر عن عدالة الاسلام في الحقوق والواجبات ضمن اطار النظام العائلي. ثالثاً : ان ارضاع المرأة لرضيع آخر يختلف عنها على الصعيد البيولوجي ينشر تحريماً للزواج تماماً كما ينشر الولد النسبي ذلك التحريم. ويتحقق مسمى الارضاع بامتصاص الرضيع اللبن من ثدي امه او مرضعته. وقد ورد في الروايات ما يحبب رضاع الطفل من ثدي امه ، فعن الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) : (ما من لبن رضع به الصبي اعظم بركة عليه من لبن امه) (١). وورد ايضا ما يحدد مدة الرضاعة ، فقد حدد الشرع مدة الرضاعة بحولين ، واجاز نقصانها الى واحد وعشرين شهراً ، لقوله تعالى :{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ}[البقرة:233] ، وقوله تعالى :{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}[الأحقاف:15] ، فاذا حملت به تسعة اشهر كما هو الظاهر كانت مدة الرضاع واحداً وعشرين شهراً.
وللأم الحق بالمطالبة بأجور ارضاع ولدها ، لقوله تعالى :{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق:6]. وعلى اساس ذلك اتفق الفقهاء على ان الام لا تجبر على ارضاع ولدها كما ورد في الحديث عنه (عليه السلام) ، الاّ اذا تضرّر الطفل من جراء ذلك ، فيجب عليها ـ حينئذ ـ الرضاعة. واذا كان الاب موسراً فعليه دفع اجرة الرضاعة ، واذا كان فقيراً فعلى الام ان تتحمل مسؤولية ذلك. وفي حالة تطليقها قبل ان تضع حملها ، فعليه الانفاق حتى تضع ، بل لابد له من تحمل اجور الرضاعة بعد ذلك ، للروايات المروية عن ائمة اهل البيت (عليه السلام) ؛ ومنها ما روي عن الامام جعفر بن محمد (عليه السلام) : (المطلقة الحبلى ينفق عليها حتى تضع حملها وهي احق بولدها ان ترضعه بما تقبله امرأة اخرى ، يقول الله عز وجل :{لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}[البقرة:233] ، لا يضار بالصبي ولا يضار بأمه في ارضاعه ، وليس لها ان تأخذ في رضاعه فوق حولين فاذا ارادا الفصال عن تراضٍ منهما كان حسناً) (2).
ولا شك ان الرضاع من غير الأم ينشر تحريماً للزواج. والاصل في ذلك قوله تعالى : {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ}[النساء:23] ، وما تواتر عن الرسول الكريم (صلى الله عليه واله) : (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) (3).
ولما كان للرضاع الموجب للتحريم تأثير اجتماعي فيما يتعلق بالأنساب والقضايا الزوجية والارث ، فقد وضع الاسلام له شروطاً واجبة ، منها :
اولاً: أن يكون اللبن الذي يرضعه الطفل لبناً متكوناً من امرأة متزوجة زواجاً شرعياً. والمشهور (الحاق اللبن الذي [نتج] عن نكاح الشبهة باللبن الذي [نتج] عن النكاح الصحيح ، لان نكاح الشبهة موجب للنسب ، كالنكاح الصحيح ، واللبن تابع للنسب) (4) ، حيث ان (نكاح الشبهة كالنكاح الصحيح اي الوطء بالعقد الصحيح ، وفاقاً للأكثر ، بل لم نجد فيه خلافاً محققاً) (5). واللبن الذي تدره المرأة من غير حمل ولا ولادة حتى لو كانت متزوجة زواجاً شرعياً لا ينشر الحرمة ، لقوله (عليه السلام) عندما سئل عن امرأة در لبنها من غير ولادة ، فأرضعت ذكراناً واناثاً ، أيحرم من ذلك ما يحرم من الرضاع؟ قال : (لا) (6). و (لا يعتبر في نشر الحرمة بقاء المرأة في حبال الرجل قطعاً واجماعاً ، فلو طلق الزوج ، وهي حامل منه ، ثم وضعت بعد ذلك، او ارضعت وهي حامل، او طلقها وهي مرضع او مات عنها كذلك فأرضعت ولدا نشر هذا الرضاع الحرمة ، كما لو كانت في حباله ، بلا خلاف ، والاجماع على ذلك. ولا فرق بين ان يرتضع في العدة او بعدها ، ولا بين ان يستمر اللبن او ينقطع ثم يعود)(7).
ثانياً: امتصاص الرضيع اللبن من ثدي المرضعة مباشرة ، حيث (لابد من ارضاعه من الثدي في قول مشهور ، تحقيقاً لمسمى الارضاع ، فلو وجر في حلقه ، او وصل الى جوفه بحقنة ، وما شاكلها لم تنتشر الحرمة ، لعدم صدق الارضاع ولخبر زرارة عن الصادق (عليه السلام) : (لا يحرم من الرضاع الا ما ارتضع من ثدي واحد). وكذا لو مزج اللبن بغيره ، كما لو اُلقي في فم الصبي مائع فرضع فامتزج حتى خرج عن كونه لبناً ، اما اذا لم يخرج اللبن عن الاسم بالامتزاج فيجري عليه حكم اللبن الذي يوجب التحريم) (8).
ثالثاً: استيفاء المرتضع عدد الرضعات الشرعية قبل ان يكمل الحولين ، ولا اثر لرضاعة بعدهما ، للنص المجيد :{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة:233] ولقوله (صلى الله عليه واله): (لا رضاع بعد فطام) (9) ، وقوله (عليه السلام): (الرضاع قبل الحولين قبل ان يفطم)(10).
رابعاً : ان يؤدي الرضاع الى شد العظم وانبات اللحم ، كما في رواية حماد بن عثمان عن الصادق (عليه السلام) صحيحاً : (لا يحرم من الرضاع الا ما انبت اللحم والدم) (11). وجوابه عندما سئل عما يحرم من الرضاع؟ قال (عليه السلام): (ما انبت اللحم وشد العظم. قيل : فيحرم عشر رضعات؟ قال : لا. لأنه لا تنبت اللحم ولا تشد العظم) (12). وحدد الرضاع ايضاً بالعدد والزمن. اما بالنسبة للعدد ، فيجب ان يرضع الطفل خمس عشرة رضعة من امرأة واحدة لا يفصل بينها رضاع من امرأة اخرى ، ولابد من التوالي بين الرضعات. واما الزمن فهو الرضع من امرأة واحدة يوماً وليلة ، للرواية عن الامام محمد الباقر (عليه السلام): (لا يحرم الرضاع اقل من يوم وليلة ، او خمس عشرة رضعة متواليات من امرأة واحدة من لبن فحل واحد ، لم يفصل بينها رضعة امرأة غيرها ، فلو ان امرأة ارضعت غلاماً ، او جارية عشر رضعات من لبن فحل واحد وارضعتهما امرأة اخرى من فحل آخر عشر رضعات لم يحرم نكاحهما) (13).
خامساً: حياة المرضعة عند جميع الرضعات ، فلو ارضعته اربع عشرة رضعة ثم ماتت لم تثبت الحرمة ، لانتفاء اسم الارضاع بعد الموت.
سادساً: ان يكون اللبن لفحل واحد وهو زوج المرضعة ، كما جاء في الرواية الآنفة الذكر: (... أو خمس عشرة رضعة من امرأة واحدة من لبن فحل واحد..)(14). فلو فارقها زوجها وتزوجت بغيره ولم تتم رضعات ذلك الطفل لم تثبت الحرمة بين المرضعة والرضيع. وكذلك (لو ارضعت اثنين مثلاً بلبن فحلين الرضاع المحرم ، لم يحرم احدهما على الآخر على المشهور بين الفقهاء شهرة عظيمة كادت [ أن ] تكون اجماعاً) (15).
و (يعتبر في الرضعات قيود ثلاثة: كمال الرضعة ، وامتصاصها من الثدي ، وان لا يفصل بين
الرضعات برضاع غير المرضعة. وللشيخ [ الطوسي ] في الكمالية ، قولان ، احدهما : المرجع الى العرف ، لان كل لفظ اطلقه الشارع ولم يعين له حداً يرجع فيه الى العرف. وثانيهما : ان يروي الطفل ويصدر من قبل نفسه ، فلو ترك الثدي ثم عاود فان كان للتنفس او لالتفات الى ملاعب او الانتقال الى ثدي آخر او الراحة او منع منه فالكل رضعة ، وان كان للأعراض فالأولى رضعة مستقلة) (16).
واذا تحققت الشروط السابقة اصبح الرضيع ابناً للمرضعة ولزوجها المعروف شرعاً بصاحب اللبن ، وتترتب على ذلك نفس احكام الولد النسبي في انتشار الحرمة ، وتصبح اصولهما من الاباء والاجداد اصولاً له ، وفروعهما من الابناء اخوة له. والخلاصة ان (موضوع المحرم بالرضاع هو موضوع المحرم بالنسب ، فتقول بدل تحريم الاخت من النسب تحريم الاخت من الرضاع والبنت كذلك، وهكذا في حليلة الابن والاب ، والجمع بين الاختين وغير ذلك) (17).
______________
١ـ الكافي : ج ٢ ص ٩٢.
2ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ١٦٧.
3ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ١٥٥.
4ـ الحدائق ـ باب الرضاع.
5ـ الجواهر : ج ٢٩ ص ٢٦٦.
6ـ من لا يحضره الفقيه : ج ٢ ص ١٥٦.
7ـ الجواهر : ج ٢٩ ص ٢٦٧.
8ـ الجواهر : ج ٢٩ ص ٢٩٤.
9ـ التهذيب : ج ٢ ص ٢٠٤.
10ـ الكافي : ج ٢ ص ٤١.
11ـ التهذيب : ج ٧ ص ٣١٢.
12ـ الاستبصار : ج ٢ ص ١٩٥.
13ـ التهذيب : ج ٢ص ٢٠٤.
14ـ التهذيب : ج ٢ ص ٢٠٤.
15ـ الجواهر : ج ٢٩ ص ٣٠٣.
16ـ التنقيح الرائع : ج ٣ ص ٤٧.
17ـ الجواهر ـ باب الرضاع.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
نقابة تمريض كربلاء تشيد بمستشفى الكفيل وتؤكّد أنّها بيئة تدريبية تمتلك معايير النجاح
|
|
|