أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-9-2017
5695
التاريخ: 27-9-2017
5096
التاريخ: 27-9-2017
2754
التاريخ: 27-9-2017
3891
|
قال تعالى : {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45) يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (46) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} [الطور: 45 - 49].
قال سبحانه يخاطب النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) {فذرهم} يا محمد أي اتركهم {حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون} أي يهلكون بوقوع الصاعقة عليهم وقيل الصعقة النفخة الأولى التي يهلك عندها جميع الخلائق ثم وصف سبحانه ذلك اليوم فقال {يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا} أي لا تنفعهم حيلتهم ولا تدفع عنهم شيئا {ولا هم ينصرون وإن للذين ظلموا} يعني كفار مكة {عذابا دون ذلك} أي دون عذاب الآخرة يعني القتل يوم بدر عن ابن عباس وقيل يريد عذاب القبر عن ابن عباس أيضا والبراء بن عازب وقيل هو الجوع في الدنيا والقحط سبع سنين عن مجاهد وقيل هو مصائب الدنيا عن ابن زيد وقيل هو عام جميع ذلك.
{ولكن أكثرهم لا يعلمون} ما هو نازل بهم {واصبر} يا محمد {لحكم ربك} الذي حكم به وألزمك التسليم له إلى أن يقع عليهم العذاب الذي حكمنا عليهم وقيل واصبر على أذاهم حتى يرد أمر الله عليك بتخليصك {فإنك بأعيننا} أي بمرأى منا ندركك ولا يخفى علينا شيء من أمرك ونحفظك لئلا يصلوا إلى شيء من أمرك ونحفظك لئلا يصلوا إلى شيء من مكروهك.
{وسبح بحمد ربك حين تقوم} من نومك عن أبي الأحوص وقيل حين تقوم إلى الصلاة المفروضة فقل سبحانك اللهم وبحمدك عن الضحاك وقيل معناه وصل بأمر ربك حين تقوم من مقامك عن ابن زيد وقيل الركعتان قبل صلاة الفجر عن ابن عباس والحسن وقيل حين تقوم من نوم القائلة وهي صلاة الظهر عن زيد بن أسلم وقيل حين تقوم من المجلس فقل : ((سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت اغفر لي وتب علي)) عن عطا وسعيد بن جبير وقد روي مرفوعا ((أنه كفارة المجلس)) وقيل معناه اذكر الله بلسانك حين تقوم إلى الصلاة إلى أن تدخل في الصلاة عن الكلبي فهذه سبعة أقوال.
{ومن الليل فسبحه} يعني صلاة الليل وروى زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليه السلام) في هذه الآية قالا إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) كان يقوم من الليل ثلاث مرات فينظر في آفاق السماء ويقرأ الخمس من آل عمران التي آخرها إنك لا تخلف الميعاد ثم يفتتح صلاة الليل الخبر بتمامه وقيل معناه صل المغرب والعشاء الآخرة عن مقاتل {وإدبار النجوم} يعني الركعتين قبل صلاة الفجر عن ابن عباس وقتادة وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليه السلام) وذلك حين تدبر النجوم أي تغيب بضوء الصبح وقيل يعني صلاة الفجر المفروضة عن الضحاك وقيل إن المعنى لا تغفل عن ذكر ربك صباحا ومساء ونزهه في جميع أحوالك ليلا نهارا فإنه لا يغفل عنك وعن حفظك وفي هذه الآية دلالة على أنه سبحانه قد ضمن حفظه وكلاءته حتى يبلغ رسالته.
____________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج9 ، ص282-283.
{فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ} . ما زال الكلام عن الذين كذبوا رسول اللَّه ( صلى الله عليه واله وسلم ) . والمعنى لا تكترث يا محمد بتكذيبهم وعنادهم ، فإن لهم يوما لا يجدون فيه مفرا من الهلاك والعذاب الأليم {يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ولا هُمْ يُنْصَرُونَ } . لا حيلة تدفع في هذا اليوم ، ولا ناصر ينفع {وإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ ) أي يعذبون عذابا آخر قبل يوم القيامة ، وقال بعض المفسرين : انه عذاب القبر . وقال آخرون : بل هوما حل بهم يوم بدر . . . أما نحن فلا نحدد ، بل نسكت عما سكت اللَّه عنه {ولكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ}
بأن للذين ظلموا عذابا قبل يوم القيامة وفيه {واصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا } .
المراد بحكم اللَّه هنا إمهال الظالمين إلى يومهم الموعود ، وبأعيننا ان الرسول الأعظم ( صلى الله عليه واله وسلم ) في حصن اللَّه الحصين من أذى الأعداء ومكرهم {وسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ومِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وإِدْبارَ النُّجُومِ } . اذكر اللَّه في جميع الحالات والأوقات ، فإن ذكره أحسن الذكر ، ووعده الذاكرين المتقين أصدق الوعد .
______________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج7 ، ص170-171.
الآيات تختم السورة وتأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يترك أولئك المكذبين وشأنهم ولا يتعرض لحالهم، وأن يصبر لحكم ربه ويسبح بحمده، وفي خلالها مع ذلك تكرار إيعادهم بما أوعدهم به في أول السورة من عذاب واقع ليس له من دافع، وتضيف إليه الإيعاد بعذاب آخر دون ذلك للذين ظلموا.
قوله تعالى: {فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون} ذرهم أمر بمعنى اتركهم وهو فعل لم يستعمل من تصريفاته إلا المستقبل والأمر، و{يصعقون} من الإصعاق بمعنى الإماتة وقيل: من الصعق بمعنى الإماتة.
لما أنذر سبحانه المكذبين لدعوته بعذاب واقع لا ريب فيه ثم رد جميع ما تعلل به أو يفرض أن يتعلل به أولئك المكذبون، وذكر أنهم في الإصرار على الباطل بحيث لو عاينوا أوضح آية للحق أولوه وردوه، أمر نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يتركهم وشأنهم، وهو تهديد كنائي بشمول العذاب لهم وحالهم هذه الحال.
والمراد باليوم الذي فيه يصعقون يوم نفخ الصور الذي يصعق فيه من في السماوات والأرض وهومن أشراط الساعة قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ } [الزمر: 68].
ويؤيد هذا المعنى قوله في الآية التالية: {يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون} فإن انتفاء إغناء الكيد والنصر من خواص يوم القيامة الذي يسقط فيه عامة الأسباب والأمر يومئذ لله.
واستشكل بأنه لا يصعق يوم النفخ إلا من كان حيا وهؤلاء ليسوا بأحياء يومئذ والجواب أنه يصعق فيه جميع من في الدنيا من الأحياء ومن في البرزخ من الأموات وهؤلاء إن لم يكونوا في الدنيا ففي البرزخ.
على أنه يمكن أن يكون ضمير {يصعقون} راجعا إلى الأحياء يومئذ، والتهديد إنما هو بالعذاب الواقع في هذا اليوم لا بالصعقة التي فيه.
وقيل: المراد به يوم بدر وهو بعيد، وقيل: المراد به يوم الموت، وفيه أنه لا يلائم السياق الظاهر في التهديد بما وقع في أول السورة وهو عذاب يوم القيامة لا عذاب يوم الموت.
قوله تعالى: {وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون} لا يبعد أن يكون المراد به عذاب القبر، وقوله: {ولكن أكثرهم لا يعلمون} مشعر بأن فيهم من يعلم ذلك لكنه يصر على كفره وتكذيبه عنادا وقيل: المراد به يوم بدر لكن ذيل الآية لا يلائمه تلك الملاءمة.
قوله تعالى: {فاصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا} عطف على قوله: {فذرهم} وظاهر السياق أن المراد بالحكم حكمه تعالى في المكذبين بالإمهال والإملاء والطبع على قلوبهم، وفي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يدعو إلى الحق بما فيه من الأذى في جنب الله فالمراد بقوله: }فإنك بأعيننا} إنك بمرأى منا نراك بحيث لا يخفى علينا شيء من حالك ولا نغفل عنك ففي تعليل الصبر بهذه الجملة تأكيد للأمر بالصبر وتشديد للخطاب.
وقيل: المراد بقوله: {فإنك بأعيننا} إنك في حفظنا وحراستنا فالعين مجاز عن الحفظ، ولعل المعنى المتقدم أنسب للسياق.
قوله تعالى: {وسبح بحمد ربك حين تقوم ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم} الباء في {بحمد} للمصاحبة أي سبح ربك ونزهه حال كونه مقارنا لحمده.
والمراد بقوله: {حين تقوم} قيل هو القيام من النوم، وقيل: هو القيام من القائلة، فهو صلاة الظهر، وقيل: هو القيام من المجلس، وقيل: هو كل قيام، وقيل: هو القيام إلى الفريضة وقيل: هو القيام إلى كل صلاة، وقيل: هو الركعتان قبل فريضة الصبح سبعة أقوال كما ذكره الطبرسي.
وقوله: {ومن الليل فسبحه} أي من الليل فسبح ربك فيه، والمراد به صلاة الليل، وقيل: المراد صلاتا المغرب والعشاء الآخرة.
وقوله: {وإدبار النجوم} قيل: المراد به وقت إدبار النجوم وهو اختفاؤها بضوء الصبح، وهو الركعتان قبل فريضة الصبح، وقيل: المراد فريضة الصبح، وقيل: المراد تسبيحه تعالى صباحا ومساء من غير غفلة عن ذكره.
____________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج19 ، ص20-22.
2- قال قدس سره: ويصعقون من الاصعاق بمعنى الاماتة وقيل من الصعق بمعنى الاماتة. انتهى.
أقول: أورد اللغويون معنين للصعق وهما الغشية والموت وامثلهم في نقل المعنى الاصلي للصعق هو ابن الاثير في نهايته. وقال: (الصعق ان يغشى على الانسان من صوت شديد يسمعه وربما مات منه ثم استعمل في الموت كثيرا) انتهى. وغير خفي ان استعمال الصعق في الموت بسبب الملازمة – غالبا- بينهما كقول القائل أن الفرق هو الموت أي أن الغرق سبباً للموت لا بمعنى أن المعنى اللغوي للغرق هو الموت، وعليه يكون المعنى الأصلي للصعق هو الغشية. والمحقق قدس سره حقق ذلك فيما تقدم في سورة الزمر وسورة الأعراف.
واعلم ان الصعق وردفي القران ثلاث مرات: قال تعالى: ونفخ في الصور فصعق من في السموات والارض...) (الزمر 68). وقوله تعالى: (فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون)(الطور 45) وقوله تعالى: (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً وخر موسى صعقا) (الأعراف 143) وأنت بالتأمل في معنى الآيات وسياقها وبالرجوع الى ما حققه قدس سره في محله تعرف ان معنى الصعق هو الغشية لا الموت. قال في تفسير سورة الزمر آية 68 (المعروف من معنى الصعق الغشية) انتهى فتأمل.
قال تعالى : {فذرهم حتّى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون}.
كلمة «يُصعقون» مأخوذة من صعق، والإصعاق هو الإهلال، وأصله مشتقّ من الصاعقة، وحين أنّ الصاعقة تُهلك من تقع عليه فإنّ هذه الكلمة إستعملت بمعنى الإهلاك أيضاً.
وقال بعض المفسّرين أنّ هذه الجملة تعني الموت العامّ والشامل الذي يقع آخر هذه الدنيا مقدّمة للقيامة.
إلاّ أنّ هذا التّفسير يبدو بعيداً، لأنّهم لا يبقون إلى ذلك الزمان بل الظاهر هو المعنى الأوّل، أي دعهم إلى يوم موتهم الذي يكون بدايةً لمجازاتهم والعقاب الاُخروي!
ويتبيّن ممّا قلنا أنّ جملة «ذرهم» أمر يُفيد التهديد، والمراد منه أنّ الإصرار على تبليغ مثل هؤلاء الأفراد لا يجدي نفعاً إذ لا يهتدون.
فبناءً على ذلك لا ينافي هذا الحكم إدامة التبليغ على المستوى العامّ من قبل النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا ينافي الأمر بالجهاد. فما يقوله بعض المفسّرين أنّ هذه الآية نسخت آيات الجهاد غير مقبول!
ثمّ يبيّن القرآن في الآية التالية هذا اليوم فيقول: {يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئاً ولا هم ينصرون}.
أجل: من يمت تقم قيامته الصغرى «من مات قامت قيامته» وموته بداية للثواب أو العقاب الذي يكون قسم منه في البرزخ والقسم الآخر في القيامة الكبرى، أي القيامة العامّة، وفي هاتين المرحلتين لا تنفع ذريعة متذرّع ولا يجد الإنسان وليّاً من دون الله ولا نصيراً.
ثمّ تضيف الآية أنّه لا ينبغي لهؤلاء أن يتصوّروا أنّهم سيواجهون العذاب في البرزخ وفي القيامة فحسب، بل لهم عذاب في هذه الدنيا أيضاً: {وانّ للذين ظلموا عذاباً دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون}.
أجل، إنّ على الظالمين أن ينتظروا في هذه الدنيا عذاباً كعذاب الاُمم السابقة كالصاعقة والزلازل والكسف من السماء والقحط أو القتل على أيدي جيش التوحيد كما كان ذلك في معركة بدر وما اُبتلي به قادة المشركين فيها إلاّ أن يتيقّظوا ويتوبوا ويعودوا إلى الله آيبين منيبين.
وبالطبع فإنّ جماعة منهم اُبتلوا بالقحط والمحل، ومنهم من قتل في معركة بدر كما ذكرنا آنفاً ـ إلاّ أنّ طائفة كبيرة تابوا وأنابوا والتحقوا بصفوف المسلمين الصادقين فشملهم الله بعفوه(2).
وجملة (ولكن أكثرهم لا يعلمون) تشير إلى أنّ أغلب اُولئك الذين ينتظرهم العذاب في الدنيا والآخرة هم جهلة، ومفهومها أنّ القليل منهم يعرف هذا المعنى، إلاّ أنّه في الوقت ذاته يُصرّ على المخالفة لما فيه من اللجاجة والعناد عن الحقّ.
وفي الآية التالية يخاطب القرآن نبيّه ويدعوه إلى الصبر أمام هذه التّهم والمثبّطات وأن يستقيم فيقول: {واصبر لحكم ربّك}(3).
فإذا ما اتّهموك بأنّك شاعر أوكاهن أو مجنون فاصبر، وإذا زعموا بأنّ القرآن مفترى فاصبر، وإذا أصرّوا على عنادهم وواصلوا رفضهم لدعوتك برغم كلّ هذه البراهين المنطقيّة فاصبر، ولا تضعف همّتك ويفتر عزمك: (فإنّك بأعيننا)!.
نحن نرى كلّ شيء ونعلم بكلّ شيء ولن ندعك وحدك.
وجملة (فإنّك بأعيننا) تعبير لطيف جدّاً حاك عن علم الله وكذلك كون النّبي مشمولا بحماية الله الكاملة ولطفه!
أجل، إنّ الإنسان حين يحسّ بأنّ قادراً كبيراً ينظره ويرى جميع سعيه وعمله ويحميه من أعدائه فإنّ إدراك هذا الموضوع يمنحه الطاقة والقوّة أكثر كما يحسّ بالمسؤولية بصورة أوسع.
وحيث أنّ الحاجة لله وعبادته وتسبيحه وتقديسه وتنزيهه والإلتجاء إلى ذاته المقدّسة كلّ هذه الاُمور تمنح الإنسان الدّعة والإطمئنان والقوّة، فإنّ القرآن يعقّب على الأمر بالصبر بالقول: {وسبّح بحمد ربّك حين تقوم}.
سبّحه حين تقوم سحراً للعبادة وصلاة الليل.
... وحين تنهض من نومك لأداء الصلاة الواجبة.
... وحين تقوم من أي مجلس ومحفل، فسبّحه واحمده.
وللمفسّرين أقوال مختلفة في تفسير هذه الآية، إلاّ أنّ الجمع بين هذه الأقوال ممكن أيضاً، سواءً كان الحمد التسبيح سحراً، أو عند صلاة الفريضة، أو عند القيام من أي مجلس كان.
أجل، نوّر روحك وقلبك بتسبيح الله وحمده فإنّهما يمنحان الصفاء .. وعطر لسانك بذكر الله .. واستمدّ منه المدد واستعدّ لمواجهة أعدائك!.
وقد جاء في روايات متعدّدة أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حين كان يقوم من مجلسه كان يسبّح الله ويحمده ويقول: «إنّه كفّارة المجلس»(4).
ومن ضمن ما كان يقول بعد قيامه من مجلس كما جاء في بعض الأحاديث عنه: «سبحانك اللهمّ وبحمدك أشهد أن لا إله إلاّ أنت أستغفرك وأتوب إليك!».
وسأل بعضهم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) عن هذه الكلمات فقال: «هنّ كلمات علمنيْهنّ جبرئيل كفّارات لما يكون في المجلس»(5).
ثمّ يضيف القرآن في آخر آية من الآيات محلّ البحث قائلا: {ومن الليل فسبّحه وإدبار النجوم}.
وقد فسّر كثير من المفسّرين جملة (ومن الليل فسبّحه) بصلاة الليل، وأمّا إدبار النجوم فقالوا هي إشارة إلى «نافلة الصبح» التي تؤدّى عند طلوع الفجر وإختفاء النجوم بنور الصبح.
كما ورد في حديث عن علي (عليه السلام) أنّ المراد من «إدبار النجوم» هو «ركعتان قبل الفجر» نافلة الصبح اللتان تؤدّيان قبل صلاة الصبح وعند غروب النجوم، أمّا «إدبار السجود» الوارد ذكرها في الآية 40 من سورة «ق» فإشارة إلى «ركعتان بعد المغرب» «وبالطبع فإنّ نافلة المغرب أربع ركع إلاّ أنّ هذا الحديث أشار إلى ركعتين منها فحسب»(6).
وعلى كلّ حال، فإنّ العبادة والتسبيح وحمد الله في جوف الليل وعند طلوع الفجر لها صفاؤها ولطفها الخاصّ، وهي في منأى عن الرياء، ويكون الإستعداد الروحي لها أكثر في ذلك الوقت، لأنّ الإنسان يكون فيه بعيداً عن اُمور الدنيا ومشاكلها، والإستراحة في الليل تمنح الإنسان الدّعة، فلا صخب ولا ضجيج، وفي الحقيقة هذه الفترة تقترن بالوقت الذي عُرج بالنّبي إلى السماء، فبلغ قاب قوسين أو أدنى يناجي ربّه ويدعوه في الخلوة!
ولذلك فقد عوّلت الآيات محلّ البحث على هذين الوقتين، ونقرأ حديثاً عن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول فيه: ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها(7).
اللهمّ وفّقنا للقيام في السحر ومناجاتك طوال عمرنا.
اللهمّ اجعل قلوبنا بعشقك مطمئنة ونوّرها بمحبّتك وأمّلها بلطفك.
اللهمّ منّ علينا بالصبر والإستقامة بوجه قوى الشياطين ومؤامرات أعدائك وكيدهم لنتأسّى برسولك فنعيش على هديه ونموت على سنّته.
__________________________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج13 ، ص293-296.
2 ـ من قال بأنّ جملة فيه يصعقون تشير إلى يوم القيامة فسّر العذاب «في الآية» محلّ البحث بعذاب البرزخ في القبر، إلاّ أنّه حيث كان تفسيرها ضعيفاً فهذا الإحتمال ضعيف أيضاً.
3 ـ قد يكون المراد من «حكم ربّك» هو تبليغ حكم الله الذي اُمر النّبي به، فعليه أن يُصبر عند إبلاغه، أو أنّه عذاب الله الذي وُعد أعداؤه به أي: اصبر يارسول الله حتّى يعذّبهم الله، أو المراد منه أوامر أي بما أنّ الله أمرك فاصبر لحكمه، والجمع بين هذه المعاني وإن كان ممكناً إلاّ أنّ التّفسير الأوّل يبدو أقرب خاصّة بملاحظة فإنّك بأعيننا.
4 ـ تفسير الميزان، ج19، ص24.
5 ـ الدرّ المنثور، ج6، ص120.
6 ـ مجمع البيان ذيل الآية (40)، سورة ق، ج9، ص150.
7 ـ تفسير القرطبي ج9 ص6251 ذيل الآيات محلّ البحث.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|