المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



لا تُلقِ بالتهديدات الجوفاء  
  
2124   10:10 صباحاً   التاريخ: 6-9-2017
المؤلف : ريتشارد تمبلر
الكتاب أو المصدر : قواعد التربية
الجزء والصفحة : ص111-112
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / مفاهيم ونظم تربوية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-9-2019 2428
التاريخ: 24-4-2017 2736
التاريخ: 24-4-2017 1929
التاريخ: 3-7-2019 2135

انني اجد صعوبة بالغة حيال تلك القاعدة، والسبب في ذلك هو تلقائيتي الشديدة (هذا هو عذري) ففي لحظة يحدث شيء ما، وفي اللحظة التالية انفجر ثائرا واطلق واحدا من تلك التهديدات الجوفاء التي اعلم يقينا انه لا يمكن تحقيقها.

فمنذ فترة ليست بالبعيدة، هددت بمنع ابني من مشاهدة التلفاز لعام كامل. وبالطبع كان هذا التهديد غير قابل للتنفيذ، وغير متناسب مع حجم الخطأ الذي وقع من جانبه، كما لم يكن في مصلحة أي شخص، كيف يمكنك الخروج من مأزق كهذا (1)؟

لحسن الحظ انني لا اطلب منك ان تكون مثلي، بل انا انقل لك التجارب والخبرات الناجحة التي رايتها في الاباء الاخرين، والعديد منهم ناجحون في مهمتهم اكثر مني. وانا اعلم عندما اقوم بخرق هذه القاعدة، كما انني بدأت اتحسن كثيرا فيها (فيما عدا موضوع التلفاز هذا). وكما تعلم، فان السبيل نحو تحقيق التميز في عملية تربية الاطفال هو ان يعلم المرء دوما ان هناك الكثير الذي يحتاج لتعلمه، ويعمل على تعلمه.

المشكلة الاساسية في موضوع منع مشاهدة التلفاز لعام كامل هو ان القاعدة المعروفة الخاصة بالتهديديات تقضي بانك لابد ان تنفذ أي شيء تهدد بفعله؛ فاذا قلت لطفلك انه ممنوع عليه ان يقوم بإخراج المكعبات الا بعد ان يقوم بإعاده كرات البلي الى مكانها أولاً، فعليك ان تحرص على تنفيذ ما تقول، وإلا فلن يهتم طفلك بأي تهديد تطلقه بعد ذلك؛ لأنه صار يعلم ان تهديداتك جوفاء.

كان لي صديق اعتاد عدم تنفيذ تهديداته مطلقاً، وكانت النتيجة ان صار اطفاله صعاب المراس، منفلتين، وبعد ان تحدث بخصوص هذا الموضوع مع صديق حكيم قرر اتباع منهج مختلف. وقبل احدى الاجازات العائلية هدد ابنه قائلا : (اذا لم تتوقف عن سلوكك هذا فلن تأتي معنا لركوب الامواج. غدا).

فكر الابن في نفسه قائلا : (حقا؟ ان والدي لا ينفذ ما يهدد به مطلقاً، كما انه لو تم منعني من الذهاب معهم بالغد فلابد ان يبقى احدهم معي ليرعاني).

لكن ما لم يدركه هو ان والده قد اعد عدته لهذا الامر، وبالفعل انتظر الوالد في هدوء حتى كرر الطفل هذا السلوك، وقام بتنفيذ تهديده ولم يذهب هو ايضا لركوب الامواج ليبقى مع ابنه وليريه كم انه يعني ما يقوله حقا. وهكذا فاتت على الطفل فرحة ممارسة ركوب الامواج، والادهى من ذلك هو انه اضطر لقضاء الاجازة مع اب غاضب فاتت عليه نفس الفرصة بسبب سلوك ابنه. بالطبع كان هذا التصرف ناجحا وفعالا ، وتشجع صديقي هذا على تنفيذ تهديداته مستقبلا.

لذا، فاحرص على تنفيذ ما تهدد به، واياك ان تضع نفسك في مأزق التفوه بتهديد انت تعلم انك لا تستطيع تنفيذه. فكر قبل ان تتكلم (ملحوظة لي : لابد من ان اجتهد لتطبيق تلك القاعدة).

احرص على تنفيذ ما تقول، والا فلن يهتم طفلك بأي تهديد تطلقه بعد ذلك؛ لأنه صار يعلم ان تهديداتك جوفاء .

___________

1- للإجابة عن هذا السؤال؛ انظر القاعدة رقم 38 التي تقول (أنت الخاسر الوحيد من وراء فقدانك لأعصابك .




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.