سلطة القاضي الاداري في احلال السبب وفي الزام الادارة بالافصاح عنه في قرارات الضبط |
3324
03:53 مساءاً
التاريخ: 13-6-2016
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-4-2022
2255
التاريخ: 29-4-2022
3571
التاريخ: 15-6-2016
14112
التاريخ: 12-6-2016
15755
|
القاضي الاداري لا يملك سلطة القيام باحلال اسباب صحيحة للقرار الاداري محل الاسباب المعيبة التي ذكرتها الادارة ، لانه لو كان يملك هذه السلطة لأدى ذلك الى قيامه باحلال تقديره محل تقدير الادارة ، وهذا يعني تدخل القاضي في صميم عمل الادارة التي قد تستند في قرارها الى سبب خاطىء لا يصلح لتأسيسه ، ويمتنع القضاء عن الغاء القرار ، ويقوم بالبحث عن سبب صحيح يصلح سندا للقرار بدلا من السبب المعيب الذي ذكرته الادارة(1) ومما تقدم نجد ان القاضي يقوم باكتشاف سبب جديد يصلح لتأسيس القرار لم يسبق للادارة التذرع به او الاستناد اليه بل انها لم تنته اصلا الى وجوده ، وبالتالي يحل هذا السبب الصحيح محل السبب المعيب الذي ذكرته الادارة وفي هذا الخصوص نعرض لمسلك كل من القضاء الاداري في مصر والقضاء في اليمن على النحو التالي:
1. القضاء الاداري في مصر
اقرت محكمة القضاء الاداري لنفسها الحق في احلال السبب في الحالات التي تمارس فيها الادارة اختصاصا تقديريا مستندة في ذلك إلى انه اذا امكن حمل القرار الاداري على وقائع كشفت عنها اوراق الدعوى غير تلك التي على اساسها صدر كان كافيا لصحة ذلك القرار(2). اما المحكمة الادارية العليا ، فقد رفضت مسايرة محكمة القضاء الاداري في هذا الاتجاه ، وامتنعت عن القيام باحلال السبب في حالة ممارسة الادارة لاختصاص تقديري ، لانه متى كان الامر متعلقا بسلطة تقديرية يترك فيها القانون للجهة الادارية قدرا من الترخيص تزن على مقتضاه ملاءمة منح الترخيص او رفضه لم يجز للقضاء ان يترجم عنها اقتناعها بتحقق ، او عدم تحقق الاعتبارات الموضوعية التي تبنى عليها تصرفها التقديري ولا ان يصادر حريتها في اختيار الاسباب التي يقوم عليها قرارها لان هذا المسلك من شأن الادارة وحدها لا يجوز فيه قيام القضاء مقامها فيما هو جري بتقديرها ووزنها(3).
2. القضاء في اليمن
القاعدة العامة ان من سلطة القضاء الاداري قيامه بالبحث عن سبب صحيح يصلح سندا للقرار بدلا من السبب المعيب الذي ذكرته الادارة والذي لا يصلح لتأسيسه ، ويمتنع عليه الغاؤه ، إلا ان هذه السلطة لا يملكها القاضي الاداري الذي تقتصر سلطته على فحص أسباب القرار والحكم بإلغائه عند ثبوت عدم مشروعيته ، فقيام القاضي باكتشاف أسباب جديدة للقرار لم تذكرها الادارة ، وإحلال هذه الاسباب محل تلك التي تمسكت بها الادارة إنما يعني قيام القاضي بإحلال تقديره محل تقدير الادارة أي تدخل القضاء في صميم عمل الادارة وفي هذا الشأن فانه قد سلك مسلكا مغايرا لتلك القاعدة في الحالات التي تمارس فيها الادارة اختصاصا مقيدا يلزمها باصدار قرار معين عند توافر شروط معينة ، فهو يمتنع عن الغاء القرار ويقوم بعملية إحلال الاسباب الصحيحة محل الاسباب المعيبة التي ذكرتها الادارة فاذا ألغى هذا القرار لعدم صحة أسبابه فان الادارة ستقوم باصدار قرار اخر جديد بنفس مضمون القرار السابق ولكنها ستأسسه على أسباب صحيحة. لذلك فعملية إحلال الاسباب هي الأجدى هنا حيث حكمت محكمة استئناف محافظة صنعاء بنقض الحكم وإحالة الدعوى الى محكمة الاستئناف التي أصدرته لنظرها من جديد بهيئة مشكلة من قضاة آخرين وتعود حيثيات الحكم الى الدعوى المقدمة من إحدى مؤسسات النقل ضد احد الأشخاص الذي كان يعمل بوظيفة سائق باص بمرض يصيبه أثناء العمل ، وبتحويله الى المستشفى أحتصل على تقرير طبي يفيد تغيير وظيفته لأسباب صحية ، الامر الذي أدى بالمؤسسة الى إنهاء خدماته من دون أي سبب او مبرر قانوني موضوع الطعن ، ولان ذلك يعد قرارا مشوبا بالتعسف في استعمال السلطة على مجرد صدوره قبل ورود التقرير الطبي وبذلك فانه يكون معيبا بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه ، وعلى ان يكون مع النقض الإحالة(4).
ثانيا : القاضي الاداري وسلطته في إلزام الادارة بالافصاح عن السبب
ان القضاء الاداري في مصر يقوم على بيان الحدود التي يمكن للقاضي فيها إلزام الادارة بالإفصاح عن سبب قرارها في الحالات التي لا تلتزم فيها بتسبيب هذا القرار، وسنبين ذلك في مسلك القضاء الاداري في مصر والقضاء في اليمن على النحو التالي:
1.القضاء الاداري في مصر
يبني القضاء الاداري المصري قاعدته العامة على ان الادارة غير ملزمة بان تفصح عن السبب الذي تدخلت بناء عليه إلا اذا الزمها المشرع بذكر الاسباب وفي هذه الحالة يصبح التسبيب شرطا شكليا في القرار الاداري يترتب على إغفاله بطلان القرار الاداري من حيث الشكل فإلزام الادارة بذكر سبب تدخلها من انجح الضمانات للافراد لأنه يسهل مهمة القضاء الاداري في رقابته على مشروعية اعمال الادارة بصفة عامة ، وأعمال الضبط الاداري بصفة خاصة ، نظرا لما تنطوي عليه في تقييدها لحقوق الافراد وحرياتهم والمشرع في هذا الشأن توسع في هذا الإلزام غير انه اذا أفصحت الادارة عن أسباب تدخلها اختيارا في غير الحالات التي يوجب القانون ذكر أسباب فيها فأنها تخضع لرقابة القضاء الاداري التي استقرت على انه وان كانت الادارة غير ملزمة ببيان أسباب قرارها إلا حيث يوجب القانون ذلك عليها إلا انها أذا ما ذكرت أسباب فان هذه الاسباب ولو في غير الحالات التي يوجب القانون ذكر أسباب فيها ، تكون خاضعة لرقابة محكمة القضاء الاداري لتعرف مدى مطابقتها للقانون وصحتها من الوجهة الفعلية(5). ومما تقدم يتضح انه اذا أوجب المشرع على الادارة تسبيب قرارها، فلا يكفي في هذا الصدد ذكر أية أسباب مرسلة بل يجب ان يستوفي التسبيب شروطا معينة لكي يؤدي دوره الذي أراده المشرع من حماية الافراد ضد عسف الادارة وتسلطها بان يكون على شيء من الوضوح والتفصيل والجدية فاذا بنى القرار على أسباب عامة او مبهمة او حتى مجهولة عد قرارا خاليا من الاسباب وان القانون يتجه الى عدم تطلب بيان سبب الاجراءات الضابطة ، وذلك في الحالات التي تنطوي على تطبيق مباشرة القانون ، وتلك التي تتضمن تصرفات محددة لسلطات الضبط حيث يكون صاحب الشأن على علم بها وبنتائجها مما يقتضي قبوله تلك الاجراءات دون تسبيب لها غير ان عدم تسبيب القرارات الضبطية في الحالات التي لا يستلزم فيها القانون التسبيب. لا يعني ان سلطة الضبط مطلقة او تحكمية ، بل ان سلطتها مقيدة بان يكون حدها العام الصالح العام فالإجراء الضابط اذا لم يشمل على ذكر لأسبابه التي استند إليها يفترض فيه انه قد صدر وفقا للقانون ، وانه يهدف الى تحقيق الصالح العام ، وحفظ النظام العام وهذه القرينة تظل قائمة الى ان يثبت من يدعي عكس ذلك حقيقة ما ادعاه وسنده ويكون للقضاء كامل السلطات في تقدير الدليل الذي يقدمه المدعي وتذهب محكمة القضاء الاداري الى ذلك مؤكدة على انه اذا لم يشتمل الإجراء على ذكر الاسباب التي يستند إليها يفترض فيه انه صدر وفقا للقانون وانه يهدف الى تحقيق المصلحة العامة وفي هذا الشأن تقول المحكمة الادارية العليا فلئن كانت الادارة غير ملزمة بتسبيب قرارها ، الا اذا أوجب القانون عليها ذلك ، وعليه فانه يتعين عليها تسبيب القرار والا كان معيبا بعيب شكلي ، اما اذا لم يوجب القانون تسبيب القرار فلا يلزمها ذلك كإجراء شكلي لصحته بل يحمل القرار على الصحة كما يفترض فيه ابتداء قيامه على سبب صحيح وذلك حتى يثبت العكس. ولان القانون يستلزم بيان أسباب الاجراءات الضابطة والتي تنطوي على تقييد الحريات التي كفلتها الدساتير ونصت عليها القوانين ، وأضفت عليها حماية خاصة باشتراط انتهاج إجراءات معينة عند المساس بها في مواجهة تعسف سلطة الضبط ، وشططها وحماية لها. لذلك فالقضاء الاداري يتشدد في أوصاف السبب الذي يبرر القرارات المتصلة بالحريات العامة لان خطورة الشخص على الامن او النظام لكي تكون سببا جديا يبرر اتخاذ امر قبض على المدعي واعتقاله يجب ان تستمد من وقائع حقيقية منتجة في الدلالة على هذا المعنى ، وان تكون هذه الوقائع أفعالا معينة يثبت ارتكاب الشخص لها ، ومرتبطة ارتباطا مباشرا بما يراد الاستدلال عليه بها ، اما المحكمة الادارية العليا فتقول ان أجهزة الامن هي التي تقدر الخطورة الناشئة عن الحالة الواقعية التي تجيز لها التدخل لمواجهتها بالإجراء الضبطي المناسب ، ويشترط ان يكون لهذه الحالة وجود حقيقي بان تكون ثمة وقائع محددة من شأنها ان تنبئ في التقدير المنطقي للأمور عن وجود خطر يهدد الامن العام ، وأساس ذلك ان إجراءات الضبط الاداري تنطوي على مساس بحريات الافراد ، الامر الذي يقتضي ثبوت الحالة الواقعية المبررة لاتخاذها بشكل فعلي(6).
2.في القضاء اليمني
ان على القضاء الاداري للتحقق من صحة الوجود المادي والقانوني للسبب ، ان يكون ملما بسبب القرار حتى يستطيع بسط رقابته عليه ، والتي تصبح رقابة وهمية او صورية اذا لم تقر للقاضي بسلطة إلزام الادارة بالافصاح عن سبب قرارها في ذلك يعود الى ان الادارة لا تقوم دائما بذكر الاسباب التي استندت إليها في قراراتها وان إدراكه لدوره الإيجابي في توجيه الاجراءات كان دافعا له على تخفيف عبء الإثبات عن عاتق المدعي وذلك بمطالبته الادارة بالافصاح عن سبب قرارها اذا قام لديه من الشواهد والدلائل ما يدعوه الى هذا الإجراء ، فاذا امتنعت الادارة عن الاستجابة لهذا الطلب كان ذلك دليلا على صحة ادعاءات الطاعن يبرر القضاء الحكم بإلغاء القرار ، ويعد حكم استئناف محافظة صنعاء في الطعن المقدم ضد احد البنوك نقطة تقدم في سبيل إقامة رقابة قضائية اعمق واقوى على اعمال الادارة حيث أقرت لنفسها حق مطالبة الادارة بالإفصاح عن سبب قرارها ، وتقديم كافة المستندات التي يرى لزومها للوصول الى تكوين اقتناعه والا فان الرقابة التي يمارسها ستكون رقابة نظرية مجردة من كل قيمة عملية ،ولان الاسباب التي أوردتها ادارة البنك غير جدية وليست مقنعة حكمت بإلغاء الحكم المستأنف والزمت المستأنف ضده دفع فائدة نسبتها 12% من تاريخ رفع الدعوى حتى السداد التام على أن لا يتجاوز اصل الدين(7).
_________________________
- ينظر في ذلك : د.محمد مرغني خيري ، مصدر سابق ، ص311.
2- حكم محكمة القضاء الاداري ، في القضية رقم 1203 لسنة 5ق ، الصادر بجلسة 26/3/1953، (مجموعة احكام محكمة القضاء الاداري ، السنة 7 ، ص766).
3- حكم المحكمة الادارية العليا ، في القضية رقم 620 ، لسنة 11ق ، الصادر بجلسة 19/12/1966 (مجموعة أحكام المحكمة الادارية العليا ، السنة 12، ص229).
4- حكم محكمة الاستئناف بمحافظة صنعاء بتاريخ 14/4/1999 .
5- ينظر في ذلك : حكم محكمة القضاء الاداري في القضية رقم 462 لسنة 6ق ، جلسة 25/3/1953 (مجموعة أحكام محكمة القضاء الاداري) ، س7،ص744.
6- لمزيد من التفاصيل ينظر : د.سليمان الطماوي-المصدر السابق-ص188 وكذلك الدكتور محمد حسنين عبد العال-مصدر سابق-ص92 وكذلك الدكتور مصطفى محمود عفيفي –مصدر سابق-ص448
7- حكم محكمة استئناف محافظة صنعاء بالطعن رقم 443 لسنة 1998 الصادر بتاريخ 23/5/1999م.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|