أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-10-2014
16076
التاريخ: 24-04-2015
1820
التاريخ: 13-10-2014
1706
التاريخ: 23-09-2015
2219
|
القرآن الكريم منزّه عن حدّي «البداهة» و«التعمية والألغاز»
، فلا هو بالبسيط الذي لا يحتاج إلى التفسير ، ولا هو بالمعقد الذي يكون على حد
اللغز بحيث يخرج عن نطاق قانون الفهم وثقافة المخاطبة والحوار ، ويكون من ثمّ
بعيدا عن مقولة التفسير.
وإذا كان التفسير بالمعنى الإدراكي (و ليس الاصطلاحي) هو
عملية تحليل عقلي للمبادئ التصورية والتصديقية التي ينطوي عليها اللفظ والكلام
لبلوغ مقصود المتكلم والوقوف على المدلولين البسيط والمركب للفظ والكلام ، فإنّ
القرآن قابل للتفسير من هذه الجهة.
ثمّ إذا أخذنا بنظر الاعتبار ما يصف به القرآن نفسه من
أنّه قول ثقيل {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا
ثَقِيلًا } [المزمل : 5] ، وأنّ
الجبال الرواسي تخشع وتتصدّع له {لَوْ أَنْزَلْنَا
هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ
اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}
[الحشر : 21] ؛ لنتج عن ذلك ضرورة تفسيره ، وإنّ عملية التفسير ممّا لا يستغنى
عنها أبدا لمثل هذا القول (1).
على أنّ ما يعزز هذا المعنى ويركزه أكثر هو ما ينطوي
عليه القرآن الكريم نفسه من علوم ومعارف عميقة في المبدأ والمعاد والمسير ، وما
يرتبط بهذه الاصول والمبادئ من عشرات الحقائق مثل الملائكة والروح والعرش والكرسي
والقلم والميزان والصراط ، وكليات التشريع وما يدخل في تدبير الحياة الإنسانية وسعادة
الدارين ، فهذا الكتاب العزيز ، هو : «الدليل يدلّ على خير سبيل ، وهو كتاب فيه
تفصيل وبيان وتحصيل ، وهو الفصل ليس بالهزل ، وله ظهر وبطن فظاهره حكم وباطنه علم
، ظاهره أنيق وباطنه عميق ، له نجوم وعلى نجومه نجوم ، لا تحصى عجائبه ولا تبلى
غرائبه ، فيه مصابيح الهدى ، ومنار الحكمة ، ودليل على المعرفة لمن عرف الصفة» (2).
بتعبير الإمام الراحل عن هذه المعارف : «إنّ القرآن
يشتمل على المعارف كافة وجميع ما يحتاج إليه البشر» (3). كما قوله : «مع أنّ القرآن الشريف مشتمل على جميع المعارف ، وحقائق
الأسماء والصفات ، على النحو الذي لم ينهض أي كتاب سماوي- وغير سماوي- مثلما نهض
به القرآن في تعريف ذات الحقّ تعالى وصفاته. كما أنّه جامع للأخلاق والدعوة إلى
المبدأ والمعاد ، والزهد وترك الدنيا ورفض الطبيعة والتخفّف من أعباء عالم المادة
، والإيصال إلى الحقيقة بحيث لا يتصور مثله [في تحقيق هذه الغايات] إلّا أنّه لم
ينطو كبقية الكتب المصنفة على الأبواب والفصول والمقدمة والخاتمة ، وهذا ينم عن
القدرة المطلقة لمنشئه الذي لا يحتاج إلى مثل هذه الوسائل والوسائط في إلقاء غرضه
والتعبير عنه ، لذلك تراه يعرض أحيانا بنصف سطر لبرهان ينبغي للحكماء أن يبينوه
في عدد من المقدمات ، يفعل ذلك بصيغة غير شبيهة بالبرهان» (4).
هذا عن الجانب المعنوي وما ينطوي عليه كتاب اللّه من
مقاصد في هذا السبيل. أمّا في مجال تدبير الحياة الإنسانية فيصف الإمام ما ينطوي
عليه القرآن في هذا المضمار ، بقوله : «إنّ لدينا كتابا ينطوي على المصالح الشخصية
، والمصالح الاجتماعية والسياسية وما يرتبط بإدارة البلاد ، بحيث أنّ فيه كلّ
شيء» (5).
لو عدنا إلى لغة الحديث الشريف نستخبرها في صفة القرآن وما
ينطوي عليه ، فسنقرأ في الخبر ما نصه : «إنّ العزيز الجبار أنزل عليكم كتابه وهو
الصادق البار ، فيه خبركم وخبر قبلكم وخبر من بعدكم ، وخبر السماء والأرض» (6).
أو يجوز لكتاب هذه صفته أن يستغني فيه الإنسان عن
التفسير؟ أبدا ، بل المطلوب أن ينطلق العقل الإنساني في عملية تثوير للقرآن وبحث
عن علومه ومعارفه من خلال ما يطلق عليه صدر الدين الشيرازي بعملية «الاستنباط» ، الذي
يكتب في توضيحه : «و هو أن يستوضح من كلّ آية ما يليق بها ، إذ ما من علم إلّا وفي
القرآن أصله وفرعه ومبدأه ومنتهاه ، قال ابن مسعود : من أراد علم الأولين والآخرين
، فليثوّر القرآن» (7).
الحقيقة تومئ هذه النقطة إلى الإطار العام لبعثة
الأنبياء وتواتر الرسل. فبعد أنّ انصرف أكثر الخليقة عن المعرفة ظهرت الحاجة
للنبوات وهداية السماء ، وبتعبير الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام : «لما بدّل
أكثر خلقه ... واجتالتهم الشياطين عن معرفته ... فبعث فيهم رسله ، وواتر إليهم
أنبياءه ، ليستأدوهم ميثاق فطرته ...
و يثيروا لهم دفائن العقول» (8) بما جاءوا به من الزبر والبينات والتوراة والإنجيل
والفرقان ، ثمّ أخيرا وعلى رأس الجميع القرآن الكريم ، مهيمنا عليه {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا
بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة :
48]. لا ريب أنّ عملية إثارة العقول وتثوير القرآن تمرّ بالتفسير من بين ما تمرّ
به.
على ضوء هذه الحصيلة التي تشير إلى صفة القرآن وأنّ فيه
مجامع العلوم ، لا يكون التفسير ممكنا وحسب بل يكون ضروريا أيضا وحاجة لا مناص
منها ، ولا منتهى له ولا أمد ، وأنّه يتخطّى الظاهر إلى ما وراءه ، أو بتعبير صدر
الدين الشيرازي : «فهذه الامور تدل على أنّ في فهم معاني القرآن مجالا رحبا ومتسعا
بالغا ، فإنّ المنقول من ظاهر التفسير ليس منتهى الإدراك فيه» (9).
_______________
(1)- تسنيم 1 : 53- 56.
(2)- الكافي 2 : 599/ 2.
(3)- صحيفه امام 20 : 249.
(4)- قرآن كتاب هدايت : 23- 24.
(5)- صحيفه امام 18 : 423.
(6)- الكافي 2 : 599/ 3.
(7)- مفاتيح الغيب : 60 ، وقد جاء في الحاشية : ثور
القرآن ، أي بحث عن علمه. وهذا المعنى مقتبس عن الغزالي في إحيائه.
(8)- نهج البلاغة : 43.
(9)- مفاتيح الغيب : 71 ، وهذه العبارة تعود إلى الغزالي وقد تبناها الشيرازي. ينظر : إحياء علوم الدين 1 : 290.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|