أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-8-2017
2563
التاريخ: 23-4-2018
714
التاريخ: 23-4-2018
1283
التاريخ: 23-4-2018
1099
|
إن أخطر الآثار السلبية لظاهرة المشترك اللفظي (1) ما قد توجده من تشويش يعوق التفاهم ، أو يلقى ظلالا من الغموض على المعنى . ويترتب على ذلك
ص183
صراع بين المعنيين او المعاني يحمل نتائج لغوية هامة قد تتصل بوجود الكلمة ذاتها . وتواجه اللغة هذه المشكلة الخطيرة او الحالة الوبائية - كما سماها اولمان (2) - بجملة من الاجراءات السريعة تضع حدا لهذا الصراع ، وتفصل بين الكلمتين .
ومن هذه الاجراءات :
اولا : هجر احد المعنيين وتركه بالكلية لتصادمه (3) مع المعنى الاخر ، وكثيرا ما يهجر المعنى ويبقى المعنى الثاني ، اذا ما حدث الاحتكاك .
وعادة ما يحدث الاحتكاك اذا تحققت الشروط الاتية :
1 - ان تكون الكلمتان مستعملتين في نفس المجال اللغوي وفي طبقة اجتماعية واحدة . وان كلمة يستعملها الفلاحون لا يمكن ان يحدث احتكاك بينها وبين نفس الكلمة اذا كانت مستعملة في لغة المثقفين . ومن امثلة هذا الاحتكاك من اللغة الانجليزية : الكلمتان : a near ( كلية ) و an ear ( اذن ) في حالة وجود اذاة التنكير فيهما ، كانتا تنطقا بصورة واحدة . ولما كان من الواضح عدم امكانية تسمية عضوين مختلفين من اعضاء الانسان باسمين متحدين في النطق حلت الكلمة Kidney محل كلمة near في معظم المناطق . اما في المناطق الاخرى حيث بقيت كلمة near فان الكلمة ear هي التي اختفت وحل محلها كلمة اخرى هي lug (4) .
2 - ان تكون الفترة الزمنية واحدة . فلا يمكن ان يعد اللفظ الذي هجر في وقت ما متأثرا بلفظ آخر لا يشترك معه في الفترة الزمنية .
3 - ان تنتمي كلمتا المشترك اللفظي الى نفس النوع الكلامي وان يردا في نفس
ص184
التراكيب النحوية . فليس من المحتمل نشوء صراع بين اسم وفعل ، او اسم وفعل ، او اسم وصفة ، او مفرد وجمع ، كما ليس من المحتمل نشوء صراع بين لفظين يختلفان في التراكيب النحوية التي يردان فيها .
والامثلة على عدم حدوث الاحتكاك كثيرة منها :
أ - كلمة fly الانجليزية التي تستعمل اسما وفعلا .
ب - كلمة read التي لا تلتبس بكلمة read ( صيغة الماضي ) لاختلاف النوع الكلامي ( لاحظ اتحاد النطق ، ولا يهم اختلاف الكتابة ) .
جـ - كلمتا sow ( ينثر - يبذر الحب ) و sew (يخيط ) لاختلاف التركيب النحوي الذي تقع فيه كل . والكلمات والافكار التي تصاحب كلا منهما عادة ما تختلف .
د - كلمة " دقيق " العربية التي تستعمل صفة في مثل " كلام دقيق " واسما في مثل " استيراد الدقيق " .
هـ - كلمة " غروب " التي تأتي مفردا وتأتي جمعا .
و - كلمة " قدح " اسم لما يشرب فيه ، مع كلمة "قدح " الفعلية ( قدح في نسبة اي طعن )
ز - كلمة " ثعبان " بمعنى العظيم من الحيات ، مع كلمة " ثعبان " جمع " ثعب " ، وهو مسيل الوادي .
4 - ان تتحد كتابة الكلمتين كما في light ( بمعنى خفيف وبمعنى ضوء ) . أما اختلاف كتابتهما فقد يعمل على الاحتفاظ بهما بعيدتين عن الاحتكاك ، لانه عادة ما يصحب نطق المثقف للفظ تصور من نوع معيين لطريقة كتابته . ولهذا نجد هذا النوع من الكلمات يتم التخلص فيه من احد اللفظين في لغة الحديث اسرع من لغة الكتابة (5).
ص185
ومن امثلة اختلاف الكتابة كلمتا : sow و sew السابق ذكرهما ، وكلمتا right و rite (6) .
ثانيا : بقاء اللفظين ، مع الاعتماد على السياق او القرنية الخارجية لتحديد المعنى المراد . وانه نفوذ السياق الذي يجعلنا نعطي كلمة ما بضعة معان مختلفة دون خشية الخلط . ونعتمد على السياق الذي يحدد المعنى المراد ويستبعد المعاني الاخرى من الذهن .
فحينما يسمع الانجليزي الجملة wines and spirits لا يفكر الا في معنى واحد ولا يرد بباله الملاك او الشبح او الروح .. وحينما يسمع قول القائل : He will write a latter لن يخطر بباله التساؤل : اهي writ ام right ام rite .؟
ومن امثلة ذلك في العربية كلمة " عين " التي تستعمل حتى الان في اكثر من معنى خوف الالتباس اعتمادا على دلالة السياق . فقولنا : تفجرت عين في الصحراء غير قولنا : دمعت عين فلان . ومن ذلك العبارة المنقولة عن ابن عباس حين اصابت الناس زلزلة : أزلزلت الارض ام بي ارض ( اي رعدة ) (7) .
ص186
وقد ادى الاعتماد على السياق الى ان تعيش كثير من كلمات المشترك اللفظي جنبا الى جنب عدة قرون في اللغة الواحدة دون ان يسبب ذلك غموضا او سوء فهم ، او حتى صعوبة من نوع ما .
ومع هذا يحدث احيانا ان يعجز السياق عن تحديد المعنى المراد ، او ان يفسد اللفظ الغامض معنى بقية الجملة بدلا من ان يكتسب الوضوح منها . وقد لاحظ يسبرسن الخلط الذي وقع بين الكلمتين son و sun حين سألت والدة طفلتها الصغيرة عما اذا كانت اللعبة التي تضمها بين ذراعيها هي her son فأسرعت الطفلة نحو الشباك وصاحت - مشيرة الى السماء - that is my sun . كذلك فإن كلمة bore في الجملة : Our mother bore us لا يتضح معناها : أهو : حملتنا ؟ أم أطاقتنا وتحملتنا (8) ؟
ثالثا : تغيير صيغة احدى الكلمتين حتى تأخذ شكلا خاصا بها يميزها عن الكلمة الاخرى . ومن أمثلة ذلك كلمة gate (مدخل - شارع ) . وقد وجدت طريقتان لعلاج مشكلة الغموض . الطريقة الاولى هي طرح gate الثانية جانبا . والطريقة الاخرى - وهي التي تهمنا هنا - التفريق في الصيغة الصوتية بينهما ، وذلك بتحويل gate بمعنى مدخل الى yate او yet
ومن امثلة ذلك من اللهجة الليبية : كلمة " رقبة " التي تنطق " ركبة " .
وبهذا تلتقي في النطق مع كلمة " ركبة " الموجودة بالفعل . وقد كان المتوقع نطق اللفظين بالكاف المجهورة لمجاورتها الباء ، ولكن لأمن اللبس بالغ اليبيون في جهر كاف الكلمة الاولى وهمس كاف الكلمة الثانية .
ومن أمثلته من العامية المصرية كلمة : دقيق بالنطق القاهري . فهي تنطق اذا كانت بمعنى دقيق القمح " دنيء " بكسر الدال ، واذا كانت في مثل العبارة " كلام دنيء " تنطق بفتح الدال (9) .
ص187
رابعا : عدم استخدام بعض الكلمات التي ينبغي ان تنطق بإبدال صوتي معين ( طبقا لنظام اللهجة الصوتي ) وذلك لإنها لو استخدمت بعد ابدالها الصوتي لطابقت كلمة اخرى موجودة بالفعل في اللغة ، مما يؤدي لى نشوء المشترك اللفظي .
ومن امثلة ذلك من العامية المصرية كلمة : " ذم " التي تقلب ذالها زايا ( زم ) ولا تقلب دالا ( كما حدث مع ذبح - دبح ، وذبل - دبل ) حتى لا تلتبس بكلمة دم المستعملة في اللهجة . ومثلها كلمة " ضرس " التي تنطق ضادها دالا لأمن اللبس . ولكن في : " اسنانه تضرس " حوفظ على الضاد حتى لا يلتبس اللفظ بكلمة " تدرس " المستعملة في اللهجة (10) .
خامسا : وقد ينتج عن صراع المعاني بين كلمات المشترك اللفظي تحديد استعمال الكلمات . فتخصص كلمة منه بمجموعة او مهنة او دائرة معينة . فكلمة " جذر " لها معنى واحد عند الفلاح او عالم النبات ، ولها معنى ثان عند اللغوي ، ومعنى ثالث عند عالم الرياضيات . ولا تتصارع هذه الكلمات لتخصيص كل منها بمهمة معينة (11) .
ص183
_______________
(1) ينطبق هذا على البوليزيمي والهومونيمي جميعا . ويرى Robert Minner أن البوليزيمي ربما كان أخطر على المعنى من الهومونيمي نظر لكثرة تردده في الكلام (Multiple Meaning ص60) .
(2) انظر : دور الكلمة في اللغة ص 130 .
(3) من المجازفة ان ننسب اختفاء معنى قديم دائما الى ظهور معنى جديد او انتشاره . فقد يختفي المعنى بسبب اختفاء الشيء الذي يعبر عنه . كما قد يختفي اللفظ لصعوبة النطق به ، وذلك حين يوجد لفظ اخر اسهل منه يؤدي معناه .
(4) دور الكلمة في اللغة ص 131 ، 132 . و Meaning and Style ص 22 ، 23 .
(5) انظر من قضايا اللغة والنحو ص 32 ، ودور الكلمة في اللغة ص 128 ، و Edna Williams في كتابه القيم : The conflict of Homonyms in English في مواضع متعددة من الكتاب .
(6) قد يعجل بهجر الكلمة تشابهها في النطق مع كلمة ذات انطباعات سيئة ، او تطابقها مع كلمة مستهجنة او ذات مغزى سيء . فكلمة undertaker بعد ان تخصصت في معنى funderal undertaker فقدت معانيها الاخرى التي ما يزال في استطاعة الكلمة الاخرى undertakingان تؤديها . ومن الأمثلة الطريفة النادرة ما حدث لكلمتي queen ( بمعنى وقحة او سيئة السلوك او فاجرة ، وملكة ) فلم تهجر الكلمة في معناها الحسن ، ولكن هجرت في معناها السيء . وهذا نادر الحدوث . ومن امثلة هجر الكلمة لتشابهها في النطق مع كلمة ذات انطباع سيء كلمة ass الانجليزية التي تتشابهه في النطق مع كلمة arse ذات المدلول غير المهذب .
وامثلة هذا النوع من اللغة العربية : كلمة كنيف التي كانت تعنى الساتر او الحظيرة من الشجر فلما استعملت بالمعنى المعروف هجرت في معناها الاول . وكلمة " قحبة " كانت تعنى في العربية القديمة المرأة الكثير السعال ، ثم اطلقت على المرأة الفاجرة او البغي لأنها كانت تعل وتتنحنح لتلفت نظر طلابها . فحين استعمل اللفظ في معناه الثاني هجر في معناه الاول .
وقد يؤدي التشابه الصوتي الى تجنب الكلمة منذ البداية . ففي مصر يقولون : عنده امل وآمال ولكنهم يتجنبون استعمال الفعل واسم الفاعل ( يؤمل - مؤمل ) لأنهما يتطابقان مع النطق المصري لكمتي يقمل ومقمل . ويستغنون عن هذا بقولهم : عنده امل .
(7) ومن ذلك : الخياط يقص الثوب - البدوي يقص الأثر ( فندريس - اللغة ص 228).
(8) دور الكلمة في اللغة ص 129 ، ومن قضايا اللغة والنحو ص 34 .
(9) تتخلص الهجة الكويتية من مثل هذا المشترك اللفظي عن طريق تخصيص كلمة دقيق ( تنطق دجيج ) للمعنى الثاني ، والتعبير عن المعنى الاول بكلمة طحين .
(10) انظر دور الكلمة في اللغة ص 123 ، ومن قضايا اللغة والنحو ص 34 - 36 . وانظر ايضا The .conflict of homonyms in English .
(11) انظر 147 . lntroduction to Historical Linguistics .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|