أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-07
764
التاريخ: 19-6-2018
2844
التاريخ: 21-6-2017
3228
التاريخ: 20-6-2017
1595
|
كانت الأخطار التي تتهدد الدولة العباسية تتمثل في ثورات الخوارج والعلويين بالدرجة الاُولى، وبما أن الخوارج -رغم تعدد فرقهم وكثرة ثوراتهم وشدة بأسهم- لم يستطيعوا أن يكوّنوا قاعدة شعبية عريضة تدين لهم بالولاء والانتماء، وذلك بسبب غرابة آرائهم وتطرفهم، وتكفيرهم جميع
مخالفيهم، فبقي الخطر الذي كان يقض مضاجع العباسيين يتأتى من جانب بني عمهم العلويين، نظراً للقاعدة الشعبية العريضة التي كانوا يتمتعون بها، ولأن الناس لم يعرفوا هذا الأمر للعباسيين، بل كان الاعتقاد السائد عند معظم الناس، ان العلويين هم الأحق بهذا الأمر.
لكن العباسيين خدعوا العلويين، وخدعوا الناس أيضاً، فكان دعاتهم يهيئون الأمر لبني العباس باسم العلويين، وبخاصة أبو مسلم الخراساني الذي "من المؤكد أنه كان يدعو الناس الى الرضا من أهل البيت، ولا يصرّح باسمه ولا نسبه، مما يدل على أن الاُمة كان توجهها الى علي وأهل بيته أكثر من توجهها الى بني العباس، فلما تم له الأمر، أعلن اسم عبدالله السفاح بن محمد ابن علي بن عبدالله بن عباس.
عاد الاصطدام حينئذ بين البيتين العلوي والعباسي، فكان نصيب آل علي في خلافة بني هاشم أشد وأقسى مما لاقوه في عهد خصومهم من بني اُمية، فقتلوا وشردوا كل مشرّد، وخصوصاً في زمن المنصور والرشيد والمتوكل من بني العباس، وكان إتهام شخص في هذه الدولة بالميل الى واحد من بني علي كافياً لإتلاف نفسه ومصادرة أمواله. وقد حصل ذلك فعلا لبعض الوزراء وغيرهم" (1).
أدرك العباسيون أن بني اُمية لم يعودوا يشكلون خطراً عليهم وعلى دولتهم، فقد اُبيدوا تقريباً في المجازر التي أقامها لهم العباسيون، ودالت دولتهم وزالت شوكتهم، فلم يعد العباسيون يهتمون بذكرهم أو الاساءة لتاريخهم، بسبب انصرافهم الى مقارعة خصومهم العلويين الذين كانوا يشكلون الخطر الأكبر عليهم، لذا فقد صبّوا جل اهتمامهم عليهم، وبدأوا بمحاربتهم بالسيف والقلم واللسان، فأطلقوا لمبغضيهم العنان في النيل منهم، بل وإنهم كانوا يشجعون كل من ينتقص العلويين ويقلل من شأنهم ويكافؤنه، كما فعلوا مع الشاعر علي بن الجهم الذي كان لا يفتأ يتحامل على العلويين بشعره في حضرة الخلفاء العباسيين، وغيره كثير.
تلاقت إذاً أهداف أعداء الأمس الذين صار يجمعهم شيء واحد، التخلص من خصومهم العلويين، والعباسيون وإن لم يبلغوا الحد الذي يلعنون فيه علي بن أبي طالب وأهل بيته على المنابر جهاراً، إلاّ أنهم وجدوا في تمجيد الاُمويين - وبخاصة معاوية- ما يحقق بعض أغراضهم وغاياتهم، فتركوا المجال فسيحاً لمن يروي مناقب الاُمويين أو مثالب العلويين، ويشهد أحد المؤلفين والعلماء الثقات من العصر العباسي على هذه الظاهرة، إذ يقول ابن قتيبة:
وقد رأيت هؤلاء قد قابلوا الغلو في حب علي، بالغلو في تأخيره وبخسه حقه، ولحنوا في القول -وإن لم يصرّحوا- الى ظلمه، واعتدوا عليه بسفك الدماء بغير حق، ونسبوه الى الممالأة على قتل عثمان، وأخرجوه بجهلهم من أئمة الهدى الى جملة أئمة الفتن، ولم يوجبوا له إسم الخلافة لاختلاف الناس عليه، واوجبوها ليزيد بن معاوية لإجماع الناس عليه واتهموا من ذكره بخير! وتحامى كثير من المحدثين أن يحدّثوا بفضائله أو يظهروا ما يجب له. وكل تلك الأحاديث لها مخارج صحاح، وجعلوا ابنه الحسين خارجياً شاقاً لعصا المسلمين، حلال الدم! وأهملوا من ذكره أو روى حديثاً من فضائله، حتى تحامى كثير من المحدثين أن يتحدثوا بها، وعنوا بجمع فضائل عمرو بن العاص ومعاوية! وكأنهم لا يريدونهما بذلك، وإنما يريدونه...!(2)
"وأخرج ابن الجوزي أيضاً من طريق عبدالله بن أحمد بن حنبل، سألت أبي: ما تقول في علي ومعاوية؟ فأطرق ثم قال: إعلم أن علياً كان كثير الأعداء، ففتش أعداؤه له عيباً فلم يجدوا، فعمدوا الى رجل قد حاربه، فأطروه كياداً منهم لعلي، فأشار بهذا الى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له" (3).
هذه الأمثلة وغيرها كثير، لتدلل على عدم صحة ادعاء القائلين بأن العباسيين هم الذين شوّهوا صورة الاُمويين لدى الرأي العام، فالثابت أن العكس هو الصحيح، وأن الفضائل التي نسجت لمعاوية وبني اُمية، إنما نسجت في أيام بني العباس أكثر مما وضع لهم من مناقب في عصرهم وابان دولتهم، وما ذلك إلاّ لأن العباسيين كانوا "على بغضهم وعداوتهم لبني اُمية يضيقون ذرعاً بكل فضيلة واتباع وانتماء الى علي وأهل بيته... ولئن كان بنو العباس أعداء لبني اُمية، فإنهم كذلك أعداء ألداء للعلويين، كارهين ذكر كل ما فيه منقبة وفضل لبني علي (عليه السلام) حتى أن أحد ملوكهم (4)، هدم قبر الحسين (عليه السلام) وزرع الأرض فوقه، وحكم بعضهم على العلويين أن لا يركبوا خيلا ولا يتخذوا خادماً، وإن من كان بينه وبين أحد من العلويين خصومة من سائر الناس، قُبل قول خصمه فيه ولم يُطالب ببينة! ومات كثير من أكابرهم في سجون بني العباس...(5).
____________
(1) محمد الخضري. الدولة الاُموية: 150.
(2) الاختلاف في اللفظ: 47.
(3) فتح الباري 7: 104.
(4) هو المتوكل.
(5) النصائح الكافية: 284 عن الخطط للمقريزي.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|