أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-1-2021
1750
التاريخ: 27-4-2018
13912
التاريخ: 26-4-2018
1603
التاريخ: 27-4-2018
10046
|
ابتداء الدولة العباسية :
روي أن الرسول، صلوات الله عليه وسلامه، كان يجري على لفظه الشريف ما معناه: البشارة بدولة هاشمية. فزعم ناس أنه قال: تكون لرجل من ولدي. وزعم ناس أنه، عليه الصلاة السلام، قال لعمه العباس: إنها تكون في ولدك. وأنه حين أتاه بابنه عبد الله أذن في أذنه وتفل في فيه، وقال: اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل. ثم دفعه إلى أبيه وقال له: خذ إليك أبا الأملاك. فمن زعم هذا الزعم قال: إن الدولة العباسية هي الدولة المبشر بها، وكانت دولة بني أمية مكروهة عند الناس ملعونة مذمومة ثقيلة الوطأة مستهترة بالمعاصي والقبائح، فكان الناس من أهل الأمصار ينتظرون هذه الدولة صباح مساء. وكان محمد بن علي بن أبي طالب، عليه السلام، وهو المعروف بابن الحنفية، قد اعتقد فيه الناس أنه صاحب الدولة بعد قتل أخيه الحسين، عليه السلام، ما - عدا الإمامية فإن اعتقادهم إمامة علي بن الحسين زين العابدين، عليه السلام، وإمامة بنيه واحدٍ بعد واحد إلى القائم محمد بن الحسن، عليه السلام.
فلما مات محمد بن الحنفية، عليه السلام، أوصى إلى ابنه أبي هاشم عبد الله، وكان أبو هاشم من رجال أهل البيت، عليهم السلام، فاتفق أنه قصد دمشق وافداً على هشام بن عبد الملك. فبره هشام ووصله، ثم رأى من فصاحته ورياسته وعلمه ما حسده عليه وخاف منه، فبعث إليه، وقد رجع إلى المدينة، من سمه في لبن. فلما علم بذلك عدل إلى محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، وكان نازلاً بالحميمة من أرض الشأم ، فأعلمه أنه ميت وأوصى إليه، وكان صحبته جماعة من الشيعة فسلمهم إليه وأوصاه فيهم. ثم مات، رضي الله عنه، فتهوس محمد بن علي بن عبد الله بالخلافة منذ يومئذٍ، وشرع في بث الدعاة سراً، ومازال الأمر على ذلك حتى مات، وخلف أولاده، وهم جماعة: منهم إبراهيم الإمام والسفاح والمنصور، فقام إبراهيم الإمام بعد أبيه واستكثر من إرسال الدعاة إلى الأطراف، خصوصاً إلى خراسان، فإنهم كانوا أشد وثوقاً بأهل خراسان من غيرهم من أهل الأمصار.
أما أهل الحجاز فقليلون، وأما أهل الكوفة والبصرة فكان أهل البيت مذعورين منهم لما جرى منهم على أمير المؤمنين، عليه السلام، والحسن والحسين، عليهما السلام، من الخذلان والغدر وسفك الدم، وأما أهل الشأم ومصر فهواهم في بني أمية وحب بني أمية قد رسخ في قلوبهم، فلم يبق لهم من يسكنون إليه من أهل الأمصار إلا أهل خراسان.
وكان يقال إن الرايات السود الناصرة لأهل البيت تخرج من خراسان، فأرسل إبراهيم الإمام جماعة من الدعاة إلى خراسان وكاتب مشايخها ودهاقينها، فأجابوه ودعوا إليه سراً، وأرسل في آخر الأمر أبا مسلم، فمضى إلى هناك وجمع الجموع. كل ذلك والأمر سر والدعوة مخفية لم تظهر بعد.
فلما كانت أيام مروان الحمار بن محمد بن مروان آخر خلفاء بني أمية، كثر الهرج والمرج ونمى الشر وثارت الفتن، واضطرب حبل بني أمية واختلفت كلمتهم وقتل بعضهم بعضاً، فأظهر أبو مسلم دعوة بني العباس واجتمع إليه كل من له في ذلك رأي من أهل خراسان، وجر عسكراً كثيفاً ليقاتل به أمير خراسان، وهو نصر بن سيار. فلما بلغ نصراً حال أبي مسلم وجموعه، راعه ذلك فكتب إلى مروان الحمار:
أرى بيـن الرمـــاد وميض نـارٍ *** ويوشك أن يكون لها ضرام
فإن لم يطفهـــــــــا عقلاء قوم *** يكون وقودهــــا جثـث وهام
فـــإن النــــــار بالعودـين تذكي *** وإن الحـــرب أولهــــا كلام
فقلت، من التعجب: ليت شعري *** أأيقــــاظ أميــــــــة أم نيام؟
فكتب إليه مروان: ً إن الحاضر يرى ما لا يرى الغائب، فاحسم أنت هذا الداء الذي قد ظهر عندكً. فقال نصر بن سيار لأصحابه: ً أما صاحبكم فقد أعلمكم أنه لا نصر عندهً. وتواترت الأخبار إلى مروان بهذا الأمر، وحبله، كلما جاء خير، اضطرب، وأمره في كل يوم يضعف. ثم بلغه أن الذي تدعو الدعاة إليه هو إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس أخو السفاح والمنصور. فأرسل إليه وقبض عليه وأحضره إلى حران فحبسه فيها ثم سمه في الحبس، فمات.
ثم جرت بين أبي مسلم وبين نصر بن سيار وغيره من أمراء خراسان حروب ووقائع، كانت الغلبة فيها للمسودة، وهم عسكر أبي مسلم. وإنما سموا المسودة لأن الزي الذي اختاروه لبني العباس هو لون السواد. فانظر إلى قدرة الله تعالى، وأنه إذا أراد أمراً هيأ أسبابه، وإذا أراد أمراً فلا مرد لأمره.
لما قدر انتقال الملك إلى بني العباس هيأ لهم جميع الأسباب. فكان إبراهيم الإمام بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بالحجاز أو بالشأم جالساً على مصلاه مشغولاً بنفسه وعبادته ومصالح عياله، ليس عنده من الدنيا طائل، وأهل خراسان يقاتلون عنه ويبذلون نفوسهم وأموالهم دونه، وأكثرهم لا يعرفه ولا يفرق بين اسمه وشخصه. وانظر إلى إبراهيم الإمام، هو بتلك الحالة من الانقطاع بداره واعتزال الدنيا هو بالحجاز أو بالشأم، وله مثل هذا العسكر العظيم في خراسان يبذلون نفوسهم دونه، لا ينفق عليهم مالاً ولا يعطي أحدهم دابةً ولا سلاحاً، بل هم يجبون إليه الأموال ويحملون إليه الخراج في كل سنة.
ولما قدر الله تعالى خذلان مروان وانقراض ملك بني أمية، كان مروان خليفة مبايعاً ومعه الجنود والأموال والسلاح، والدنيا بأجمعها عنده، والناس يتفرقون عنه، وأمره يضعف وحبله يضطرب. فمازال يضمحل حتى هزم وقتل فتعالى الله.
ولما غلب أبو مسلم على خراسان واستولى على كورها وقويت شوكته، سار إلى العراق بالجنود. وكان لما قبض مروان على إبراهيم الإمام وحبسه بحران خاف أخواه السفاح والمنصور وجماعة من أقاربهم فهربوا وقصدوا الكوفة، وكان لهم بها شيعة، منهم أبو سلمة حفص بن سليمان الخلال، وكان من كبار الشيعة بالكوفة، وصار بعد ذلك وزيراً للسفاح ثم قتله السفاح، فأخلى لهم أبو سلمة الخلال داراً بالكوفة وأمر لهم بها وتولى خدمتهم بنفسه وكتم أمرهم. واجتمعت الشيعة إليه وقويت شوكتهم، فوصل أبو مسلم بالجنود من خراسان إلى الكوفة ، فدخل على بني العباس وقال: أيكم ابن الحارثية؟ فقال له المنصور: هذا، وأشار إلى السفاح. وكانت أمه حارثية، فسلم أبو مسلم عليه بالخلافة، وخرج السفاح ومعه إخوته وعمومته وأقاربه وأكابر الشيعة، وأبو مسلم بين يديه إلى الجامع، فصلى وصعد المنبر وأظهر الدعوة وخطب الناس وبويع بالخلافة، وذلك في سنة مائة واثنتين وثلاثين.
وهذا أول دولة بني العباس وآخر دولة بني أمية.
ثم عسكر السفاح ظاهر الكوفة ووفد عليه الناس من الأمصار يبايعونه. فلما اجتمع عنده الناس وقويت شوكته ندب رجلاً من أقاربه لقتال مروان الحمار، فانتدب لذلك عمه عبد الله بن علي، وكان من رجال بني العباس، فتوجه عبد الله بن علي إلى مروان فلقيه بالزاب ومع مروان مائة وعشرون ألف مقاتل، ولا يكون مع عبد الله بن علي إلا الأقل من ذلك، فصنع الله تعالى لعبد الله بن علي أنواع الصنع، وخذل مروان كل الخذلان، فانظر واعتبر.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|