المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

التخطيط
4-5-2016
العوامل الخارجية المشكلة لسطح الأرض - عوامل التجوية - التجوية الكيميائية
26/11/2022
إقتضاء الحرمة للبطلان
25-8-2016
دعوة النبي بني عبد المطلب إلى الاسلام
22-11-2015
Infinite polysemy
2024-08-07
الحرص‏
22-9-2016


عبدالله بن الزبعرى  
  
9914   02:58 مساءً   التاريخ: 17-6-2017
المؤلف : ابتسام مرهون الصفار
الكتاب أو المصدر : الأمالي في الأدب الإسلامي
الجزء والصفحة : ص33-37
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /

هو عبدالله بن الزبعرى بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم. وصف أنّه أشعر شعراء قريش، ويبدو انّه كان شاعراً مجيداً قبل الإسلام، وانّ أهل مكّة أصبحوا يوماً وقد كتب على دار الندوة بيتان من الشعر في هجاء بني قصي، فأنكر الناس ذلك، وقالوا: ما قالها إلّا ابن الزبعرى، فمشوا إلى بني سهم، وكان ممّا تنكر قريش وتعاقب عليه أن يهجو بعضهم بعضاً، وطلبوا عقابه، إلّا أنّهم بعد ذلك تراضوا وخلّوا عنه فقال بيتين تدلّان على شاعرية وهما:

لعمرك ما جاءت بنكر عشيرتي

 

وإن صالحت إخوانها لا ألومها

يودّ جناة الغي أنّ سيوفنا

 

بأيماننا مسلولة لا نشيمها

 

وقد وصف البيتان بأنّهما من أحسن الإنصاف والعقل وله شعر في يوم الفجّار. [51]

أمّا بعد الإسلام فقد ذكر بأنّه كان شديداً على المسلمين وقد ذكرت له أبيات نصّ على انّها من قصيدة ــ قالها في يوم أُحد معلناً شماتته من هزيمة المسلمين، وعدّ ذلك اليوم انتقاماً وشفاءً لغليل المشركين ممّا نالوه على أيدي المسلمين يوم بدر:

ياغراب البين أسمعت فقل

 

إنّما تنطق شيئاً قد فُعل

إنّ للخير وللشرّ مدى

 

وكلا ذلك وجه وقبل

أبلغن حسّان عنّي آيةً

 

فقريض الشعر يشفي ذا الغلل

كم ترى بالحرف من جمجمة

 

وأكفّ قد اترت ورجل

وسرابيل حسان سرّبت

 

من كماة أُهتكوا في المنتزل

كم قتلنا من كريم سيّد

 

ماجد الجدين مقدام بطل

صادق النجدة قرم بارع

 

غير ملتاث لدى وقع الأسل

 

وهذه الأبيات أوردها ابن إسحاق في السيرة. أمّا ابن سلّام فقد أورد تتمّتها:

كلّ بؤس ونعيم زائل

 

وبنات الدهر يلعبن بكل

والعطيات خساس بيننا

 

وسواء رمس مثر ومقل

ليت أشياخي ببدر شهدوا

 

ضجر الخزرج من وقع الأسل

حين القت بقناة بركها

 

واستحر القتل في عبد الأشل

فقبلنا النصف من ساداتهم

 

وعدلنا ميل بدر فاعتدل

 

وواضح انّ هذه الأبيات ليست كلّ القصيدة. اكتفى ابن سلّام بخمسة أبيات منها. والذي يجب أن نلفت إليه الانتباه أنّ هذه ليست أوّل قصيدة قالها في هجاء المسلمين، لأنّ قوله في البيت الثالث (أبلغن حسّان ..) يدلّ على كثرة مهاجاة بينهما.

وقد ردّ حسّان بن ثابت على هذه القصيدة تقع في سبع عشر بيتاً مطلعها:

ذهبت بابن الزبعرى وقعة

 

كان منها الفصل فيها لو عدل

 

وقال ابن الزبعرى قصيدة يوم الخندق مطلعها:

حي الديار محا معارف رسمها

 

طول البلا وتراوح الأحقاب

 

وردّ عليه حسّان بقصيدة تقع في أربعة عشر بيتاً مطلعها: [52]

هل رسم دارسة المقام يباب

 

متكلّم لمحاور بجواب

 

وظلّ عبدالله بن الزبعرى يحرّض الكفّار على المسلمين، فكان من الطبيعي أن يهدر الرسولo دمه.

وقيل انّ ابن الزبعرى أسلم ثمّ مدح الرسولo، واعتذر إليه بشعر فيه عاطفة قوية، ورجاء ورغبة في العفو، كما انّ فيها نفساً إسلامياً وهي قوله:

منع الرقاد بلابل وهموم

 

والليل معتلج الرواق بهيم

ممّا أتاني أن أحمد لامني

 

فيه، فبتُّ كأنّني محموم

ياخير من حملت على أوصالها

 

عيرانة سرح اليدين رسوم

إنّي لمعتذر إليك من الذي

 

أسديت إذ أنا في الضلال أهيم

أيام تأمرني بأغوى خطّة

 

سهم، وتأمرني بها مخزوم

فاغفر ــ فدى لك والديَّ كلاهما ــ

 

ذنبي فإنّك راحم مرحوم

وعليك من أثر المليك علامة

 

نور أضاء وخاتم مختوم

مضت العداوة فانقضت أسبابها

 

ودعت أواصر بيننا وحلوم

 

وله أبيات أُخرى في الاعتذار من الرسولo يقول فيها:

يارسول المليك إنّ لساني

 

راتق ما فتقت إذ أنا بور

إذ اجاري الشيطان في سنن الغي

 

ومن مال ميله مثبور

آمن اللحم والعظام بما قلت

 

فنفسي الفدا وأنت النذير

 

وقد رويت له أشعار في مدح الرسولo وطلب العفو عن مواقفه السابقة، حتّى ذكر أنّه شارك في غزوات الرسولo بعد فتح مكّة.

والملاحظ أنّ ما قاله عبدالله بن الزبعرى أيّام شركه لم يروه الرواة كاملاً، فهم امّا أن يختاروا أبياتاً لا تمسّ العقيدة الإسلامية، وليس فيها شتم وفحش أو يكتفوا بإيراد مطلع نقيضته، أو يصدروا نقيضة الشاعر المسلم بعبارة: وقال يرد على ابن الزبعرى، او قال يهجو ابن الزبعرى، أو يرد في شعر الشاعر المسلم ما يشير إلى هجاء ابن الزبعرى له وللمسلمين كقول كعب بن مالك في قصيدة: [53]

تبجّست تهجو رسول المليك

 

قاتلك الله جلفا لعينا

تقول الخنا ثمّ ترمي به

 

نقي الثياب تقياً أمينا

 

والذي يدلّ على كثرة ما أهمل من شعر ابن الزبعرى الرواية التي ذكر فيها انّه وضرار بن الخطّاب (وهو من شعراء قريش أيّام شركها) قدما المدينة أيّام عمر بن الخطّاب، فأتيا أبا أحمد بن جحش، وكان شاعراً ومألفاً يجتمع عنده فقال إلا له: أتيناك لترسل إلى حسّان بن ثابت فنناشده ونذاكره، فإنّه كان يقول في الإسلام، ونقول في الكفر، فأرسل إليه فجاء .. وتذكّر الرواية أنّهما أنشدا أشعارهما، حتّى إذا صار كالمرجل يفور قعدا على رواحلهما. يعني أنّهما أسمعاه من أشعارهما ما قالاه في هجائه وهجاء قومه أيّام شركهما، ولم يسمعاه، أو لم يتركا له فرصة لإنشاد ما كان قد قاله فيهما ... ولم تذكر الرواية الشعر الذي أثار حسّان بن ثابت وجعله يغلي كالمرجل. أغلب الظنّ أنّ الرواة تجاهلوه، ولم يوردوه لما فيه من ثلب موجع، وهجاء فاحش. وينتهي الخبر بأن يشكو حسّان الأمر إلى عمر بن الخطّاب فيأمر بإعادة الرجلين حتّى إذا جيء بهما، وقف حسّان، وأنشد أمامهما ما شفى به غليله. عند ذاك سمح الخليفة للرجلين بالرحيل. وهنا أيضاً لم تورد الرواية الشعر الذي قرأه حسّان أمام ابن الزبعرى وضرار بن الخطّاب. كلّ ذلك يدلّ على تقصّد الرواة اهمال شعر المشركين وعدم روايته.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.