أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-4-2017
2646
التاريخ: 14-9-2019
2365
التاريخ: 2023-10-12
1425
التاريخ: 5-2-2018
2216
|
اجل، مهما حاول الإنسان تجاوز موت احد الاعزاء بصمت فإن تحمل هذا الامر عليه صعبٌ للغاية، وموت احد الاعزاء سيخلق آثاراً مباشرة او غير مباشرة على البدن والذهن والنفس، وسيغير من سلوكياته، وما اكثر الاطفال الذين اشتهروا بالتحمل والهدوء، ولكنهم بعد حلول المصيبة خسروا انفسهم، وغيروا من سلوكهم وتصرفهم.
فتغيرت صفاتهم واخلاقهم ولم يعودوا اولئك الاطفال المستقيمين والمسالمين، والذين تمجد بهم الام وتمدح اخلاقهم وسلوكياتهم، فيصبح الطفل فرداً عصبياً هائجاً وغير مستقر، وكثير الإلحاح، فيمتنع عن الاستماع الى أي كان، وحتى فيما يتعلق بعلاقته بنفسه وذاته تغدو علاقة عدائية مملوءة بالكراهية والمقت. نظراته مدهوشة، وتصرفاته عدائية، فيصبح كالفتيل القابل للانفجار في كل آن، وفي احيان اخرى ولا سيما في بداية سن الشباب والبلوغ حيث يصبح عرضة للفساد والانحراف.
ـ الاعراض بشكل عام :
لقد ذكرت الكثير من الاعراض السلوكية لمثل هؤلاء الاطفال، وقد اجرت بعض المنظمات والمؤسسات الدولية ومن جملتها (اليونسكو) ابحاثاً وتحقيقات مهمة في هذا المجال، وكذلك اجرى العالم (برت) ومعاونوه ابحاثاً قيمة في هذا المضمار، وقد تم الاستفادة ايضاً من وجهات نظر خبراء علم الجريمة، والمسائل الاجتماعية في ذلك. وبشكل عام اثبت بالدليل القاطع بأن معظم الاطفال الذين فقدوا احد والديهم، الاب او الام (بشكل خاص) قد تعرضوا واصيبوا بأعراض واثار اهمها ما يلي:
البلوغ المبكر: وهو ردة فعل طبيعية لجبران النقص والحرمان، والتشرد والفرار الناتج عن الشعور بفقدان السيطرة (على النفس)، واكتساب حالة همجية غير اجتماعية كنتيجة للشعور بالحقارة، وقد لوحظ ايضاً في بعض الاحيان ان بعض الاطفال قد انساقوا وراء التسول، والسرقة والاعمال الوحشية غير الاجتماعية، مع انهم ليسوا في حالة تجبرهم على هذه الاعمال، وطبعاً إن تساهل الاولياء هنا له اثر كبير في ذلك.
واشارت ابحاث اخرى بأن الاطفال يتظاهرون بالقوة، والتسلط ، والمعارضة، والمواجهة، والتواري في الزوايا، والانزواء، وتغلغل جذور الوهن والضعف في نفوسهم، وفقدان الشعور العائلي والعاطفي، وفي بعض الاحيان يجرون افكارهم الى الانحراف ، فيؤجلون حزنهم على موت عزيزهم، أو يسعون للوقوف كمانع في وجه مشاعرهم واحاسيسهم، هذا السعي وما يقومون به من الكبت الداخلي سيؤثر سلباً على نموهم السلوكي والنفسي، وسيضفي على حالهم وسلوكهم شكلاً غير طبيعي.
ـ اهم الاعراض السلوكية :
إن الاعراض السلوكية الحاصلة عند هؤلاء الاطفال كثيرة ومتنوعة، واهما ما يلي:
1ـ التناقض والانحراف: إن كلمة التناقض عامة، وهي بمعنى عدم التكيف والتأقلم مع الشروط الحياتية والاجتماعية، وقصدنا هنا من هذه الكلمة هو سوء الخلق والتشدد في الامور والسلوك العدائي مع الآخرين، والتلفظ بكلمات بذيئة وغير مناسبة، وهي قبل كل شيء لا تتناسب مع شأن الطفل ومكانته (حيث انه يتيم او ابن شهيد). فيسعى الطفل لجبران حرمانه عن طريق الاستعلاء والتكبر وإيذاء الآخرين، ليصل الى استقلالية من خلال ذلك ويتحرر من ارتباطه واعتماده على الآخرين، وهذا النوع من السلوك سيعرض علاقته وروابطه مع الآخرين للخطر، وسيفقده القدرة على الاختلاط بالآخرين، ونستطيع رؤية هذه التناقضات وملاحظتها من خلال كلماته الفظّة، وطريقة تعامله، وحتى طريقته في المشي.
2ـ التمرد والعصيان: يتفاوت هذا الامر بين الاطفال والشبان، فالأطفال يطرحون مشاكلهم الداخلية خارجاً ــ بالطريقة المذكورة آنفاً ــ واما الشباب والبالغون فانهم يمرنون انفسهم ويعوّدونها على الاستقلال من خلال ذلك، ويخلصون انفسهم من شدة ضغط الآخرين، فيصور إليهم بأنهم قد قضوا عمراً من العذاب والتحمل، وهذا بذاته يعد خطراً كبيراً عليهم، ومقدمة لسقوطهم وانحرافهم وفشلهم.
فلو قامت الام او شخص آخر مسؤول عنه في الايام الاولى بمواجهته ومنعه من الانجرار وراء الانحراف بطريقة لطيفة، لأمكن إرجاعه الى الطريق القويم، وإلا فإن لم يكترث احد بالأمر ولم يقف الى جانبه فستتحول حياته الى جحيم وانحراف وفساد.
3ـ في العلاقات والمعاملات: ربما كانت له علاقات وروابط حميمة وقوية مع الاصدقاء، وزملاء المدرسة، ولكنه وبعد ان يصل الى هذه الحالة ويتخيل أشياءً واموراً اخرى، فيحب ان يُهتم به اكثر، وان تكون له منة على الآخرين. وفي بعض الاحيان تصيبه حالة من الإهمال وعدم الاهتمام، تدفعه الى الاستعلاء على اصدقائه، وعدم الاهتمام بهم. وفي نهاية الامر يتفرق اصدقاؤه عنه بسبب عدم قدرتهم على تحمله او بسبب استيائهم من وضعه، ويدعونه وحيداً، والذي يعد بدوره سبباً للكثير من المخاوف الاخرى، فتتسم علاقاته مع الآخرين بالفتور والجفاء، ويفهمها الآخرون بأنها نوع من التعالي وعدم الاهتمام، وتبدو هذه البرودة والفتور في تعامله مع الاصغر منه سناً بشكل جلي، فيعترضون على ذلك، وهذا ما يدفعه الى الغضب والثورة عليهم.
4ـ الاستعلاء والتظاهر: أمام اولئك المحببين إليه، يسعى من خلال التعالي والتظاهر الى الحصول على موطئ قدم عندهم، واحياناً يسعى الى لفت انظارهم بأعمال طفولية وسخيفة.
هذا الاصرار على لفت الانتباه في الحقيقة يعد رداً على الإحساس والشعور بالدونية والنقائص الداخلية، فيسعى من خلال ذلك الى التصغير والحط من نفسه، او للتقليل من نقائصه، ويدفعه ذلك احياناً الى الغش والتزوير في سبيل ذلك، كأن يمارس الغش في المدرسة ليظهر نفسه امام الجميع، وهذا السلوك ليس عقلائياً ابداً وما أكثر المرات والكرات التي سيؤنب بها على هذا السلوك والعمل.
طبعاً لا يظهر هذا السلوك عند جميع الاطفال، بل يظهر عند اولئك الذين يعانون من نقص في الاشراف والعناية، والذين يفتقدون الى من يرمم قلوبهم الكسيرة إثر الهزة التي اصابتهم بموت او شهادة الاب، ولكن انتباهنا ويقظتنا كفيلة بإعادة النشاط والحيوية إليه، وتشجيعه على القيام بواجباته، والانتباه الى حياته.
5ـ العادات الغريبة: في بعض الاحيان وبسبب تساهل وغفلة الاقرباء والمحيطين بالطفل تتحول هذه الاعمال الى عادات مزمنة، فتتأصل في نفسه وتسبب له صعوبات جمة، في الجوانب العاطفية، وربما اعتاد ايضاً على الخمول وقلة النشاط ، او على شل فعالياته ونشاطاته الحياتية الفردية، واحياناً يعتاد على الإهمال وعدم النظافة، وهذه بحد ذاتها عادة غير مناسبة، تسبب مشاكل كثيرة للجسم والروح، ومن الطبيعي ان نعمل على منعها وإزالتها.
إن سعيه وراء العادات الغريبة، في الحقيقة، هو وسيلة لإرضاء النقص والاحتياجات الذاتية وإلهاء الذات بهذه الحالة، وكأنه يريد بذلك تخفيف عذابه وآلامه، وترميم ومعالجة مشاكله.
6ـ الالحاح والانتقاد: احياناً يصبح هؤلاء الاطفال افراداً انتقاديين وملحين، حيث يظهرون عدم رضاهم وتمردهم بهذه الطريقة، فيعترضون على الجميع، ولو ألمت بهم مشكلة بسيطة، يختلقون الاعذار ويصرّون (على مواقفهم).
إن إلحاح الاطفال يترافق دائماً مع حالة من الاكتئاب والانزعاج، وتظهر علامات اليأس على وجوههم بشكل واضح، وليس لديهم الامكانات الكفيلة يجعلهم اشخاصاً عاديين فسيعرضهم العداء دائماً لمواقف عدائية وخصامية، وهذا ما يعد طريقة خاطئة وأسلوباً غير سليم لحالاتهم وأوضاعهم المستقبلية.
لقد دلّت التجارب اليومية بأن الاطفال ذوي المشاكل العصبية والمزاجية معرضين بشكل اكبر لهذا الامر، ويبدر من هؤلاء اخطاء سلوكية اكثر من الآخرين، كما تتعاظم هذه الحالة عند الاطفال الذين يشعرون بفراغ اكبر، لأنهم وقبل موت او شهادة ابيهم كانوا يتمتعون بعطف ودلال اكبر.
ـ تحذيرات وتنبيهات :
المهم هنا هو ان لا تتحول هذه الاعراض الى عادات مزمنة، وخصوصاً فيما يتعلق بالعدوانية والهيجان حيث ان هذا خطير على الطفل والمجتمع في آن واحد، فأحياناً يطرأ على حياة الطفل تغيير ملحوظ (بشكل مؤقت) يسبب له ازمة مفاجئة كأن يموت له عزيز فلا يقدر على تحمل ذلك، ومن الطبيعي ان يتبع ذلك ردود فعل معينة، وما يهمنا هنا هو ان لا تسبب هذه الافعال صدمات له وللآخرين، وان لا يصبح سلوكه مغايراً للقيم الاجتماعية بشكل دائم. وكذلك علينا ان ننتبه الى هذه القضية من جهة اخرى، وهي ان لا تسيطر اللامبالاة والاهمال على سلوكه، وان لا يفقد الطفل إحساسه بالمسؤولية بسبب الصدمة النفسية التي حلت به، بحيث يبقى احساسه تجاه مستقبله وتجاه الآخرين يقظاً، ولكن بشكل عقلاني ومتوازن.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|