أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-11-2014
34551
التاريخ: 27-04-2015
1415
التاريخ: 27-04-2015
1555
التاريخ: 13-3-2016
2985
|
قد اغتاظ من هذا الموقف جماعة واستنكر بشدّة ... ومن أشهرهم الحافظ ابن حجر العسقلاني ، الذي تحامل على الزمخشري ومن كان على رأيه قائلاً بعد الحديث عن ابن عبّاس « كتبها وهو ناعس » : « وأمّا ما أسنده الطبري عن ابن عبّاس فقد اشتدّ إنكار جماعة ممّن لا علم له بالرجال صحّته ، وبالغ الزمخشري في ذلك كعادته ـ إلى أن قال ـ وهي والله فرية بلا مرية ، وتبعه جماعة بعده ، والله المستعان.
وقد جاء عن ابن عبّاس نحو ذلك في قوله تعالى : {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء : 23] أخرجه سعيد بن منصور بإسناد جيّد عنه.
وهذه الأشياء ـ وإن كان غيرها المعتد ـ لكن تكذيب المنقول بعد صحّته ليس من دأب أهل التحصيل ، فلينظر في تأويله بما يليق » (1).
لكنّ العجب من ابن حجر لماذا أحال التأويل اللائق إلى غيره وقد كان عليه أن يذكره بنفسه وهو بصدد الدفاع عن الأحاديث الصحاح؟!
نعم ، نظر بعضهم في تأويله وذكرت وجوه ، فقال الداني بالنسبة إلى ما روي عن عثمان ـ على فرض صحّته ـ : « وجهه أن يكون أراد باللحن المذكور في التلاوة دون الرسم ».
وأجاب ابن أشتة عن هذه الآثار كلّها بأنّ المراد : « أخطأوا في الإختيار وما هو الأولى للجمع عليه من الأحرف السبعة ، لا أنّ الذي كتب خطأ خارج عن القرآن.
فمعنى قول عائشة : « حرّف الهجاء » القي إلى الكاتب هجاء غير ما كان الأولى أن يلقى إليه من الأحرف السبعة ، وكذا معنى قول ابن عبّاس : « كتبها وهو ناعس » يعني : فلم : فلم يتدبّر الوجه الذي هو أولى من الآخر. وكذا سائرها » (2).
وأتعب السيوطي نفسه في هذا المقام ، فإنّه بعد أن أورد الآثار بيّن وجه الإشكال فيها وتصدّى لتأويلها ... ولننفل عبارته كاملة لننظر هل جاء « بما يليق »؟!
قال : « هذه الآثار مشكلة جدّاً ، وكيف يظنّ بالصحابة أولاً : أنّهم يلحنون في الكلام فضلاً عن القرآن ، وهم الفصحاء اللدّ؟! ثمّ كيف يظنّ بهم ثانياً : في القرآن الذي تلقّوه من النبي 6 كما انزل ، وحفظوه وضبطوه واتقنوه؟! ثم كيف يظنّ بهم ثالثاً : اجتماعهم كلّهم على الخطأ وكتابته ... ثمّ كيف ظنّ بهم رابعاً : عدم تنبّههم ورجوعهم عنه؟!
ثمّ كيف يظنّ بعثمان : أنّه ينهى عن تغييره؟! ثمّ كيف يظنّ أنّ القراءة استمرّت على مقتضى ذلك الخطأ ، وهو مروي بالتواتر خلفاً عن سلف؟! هذا ممّا يستحيل عقلاً وشرعاً وعادة.
وقد أجاب العلماء عن ذلك بثلاثة أجوبة :
أحدها : أنّ ذلك لا يصحّ عن عثمان ، فإنّ إسناده ضعيف مضطرب منقطع ، ولأنّ عثمان جعل للناس إماماً يقتدون به ، فكيف يرى فيه لحناً ويتركه لتقيمه العرب بألسنتها ، فإذا كان الّذين تولّوا جمعه وكتابته لم يقيموا ذلك وهو الخيار فكيف يقيمه غيرهم؟! وأيضاً : فإنّه لم يكتب مصحفاً واحداً بل كتب عدّة مصاحف.
فإن قيل : إنّ اللحن إن وقع في جميعها فبعيد اتّفاقها على ذلك ، أو في بعضها. فهو اعتراف بصحّة البعض ، ولم يذكر أحد من الناس أنّ اللحن كان في مصحف دون مصحف ، ولم تأت المصاحف قطّ مختلفة إلاّ فيما هو من وجوه القراءة ، وليس ذلك باللحن.
الثاني : على تقدير صحّة الرواية ، فإنّ ذلك محمول على الرمز والإشارة.
الثالث : أنّه مؤوّل على أشياء خالف لفظها رسمها ... وبهذا الجواب وما قبله جزم ابن اشتة في كتاب « المصاحف ».
وقال ابن الأنباري في كتاب ( الردّ على من خالف مصحف عثمان ) في الأحاديث المرويّة عن عثمان في ذلك : « لا تقوم بها حجّة ، لأنّها منقطعة غير متّصلة ، وما يشهد عقل بأنّ عثمان وهو إمام الامّة الذي هو إمام الناس في وقته وقدوتهم يجمعهم على المصحف الذي هو الإمام ، فيتبيّن فيه خللاً ويشاهد في خطّه زللاً فلا يصلحه ، كلاّ والله ما يتوهّم عليه هذا ذو إنصاف وتمييز ، ولا يعتقد أنّه أخّر الخطأ في الكتاب ليصلحه من بعده ، وسبيل الجائين من بعده البناء على رسمه والوقوف عند حكمه.
ومن زعم ـ أنّ عثمان أراد بقوله : أرى فيه لحناً : أرى في خطّه إذا أقمناه بألسنتنا كان الخطّ غير مفسد ولا محرّف من جهة تحريف الألفاظ وإفساد الإعراب ـ فقد أبطل ولم يصب ، لأنّ الخطّ منبئ عن النطق ، فمن لحن في كتبه فهو لاحن في نطقه ، ولم يكن عثمان ليؤخّر فساداً في هجاء ألفاظ القرآن من جهة كتبٍ ولا نطق ، ومعلوم أنّه كان مواصلاً لدرس القرآن ، متقناً لألفاظه ، موفقاً على ما رسم في المصاحف المنفذة إلى الأمصار والنواحي ...
ثم قال ابن أشتة. أنبأت محمد بن يعقوب ، أنبأنا أبو داود سليمان بن الاشعث ، أنبأنا أحمد بن مسعدة ، أنبأنا إسماعيل ، أخبرني الحارث بن عبد الرحمن ، عن عبد الأعلى بن عبدالله بن عامر ، قال : لمّا فرغ من المصحف اتي به عثمان فنظر فيه فقال : أحسنتم وأجملتم ، أرى شيئاً سنقيمه بألسنتنا.
فهذا الأثر لا إشكال فيه ، وبه يتّضح معنى ما تقدّم ، فكأنّه عرض عليه عقب الفراغ من كتابته فرأى فيه شيئاً كتب على لسان قريش ، كما وقع لهم في ( التابوة ) و( التابوت ) ، فوعد بأنّه سيقيمه على لسان قريش ، ثمّ وفى بذلك عند العرض والتقويم ، ولم يترك فيه شيئاً. ولعلّ من روى تلك الآثار السابقة عنه حرّفها ، ولم يتقن اللفظ الذي صدر عن عثمان ، فلزم منه ما لزم من الإشكال ، فهذا أقوى ما يجاب عن ذلك. ولله الحمد.
وبعد ، فهذه الأجوبة لا يصحّ منها شيء عن حديث عائشة. أمّا الجواب بالتضعيف فلأنّ إسناده صحيح كما ترى ، وأمّا الجواب بالرمز وما بعده فلأنّ سؤال عروة عن الأحرف المذكورة يطابقه ، فقد أجاب عنه ابن أشته ـ وتبعه ابن جبارة في شرح الرائية ـ بأنّ معنى قولها « أخطأوا » أي في اختيار الأولى من الأحرف السبعة لجمع الناس عليه ، لا أنّ الذي كتبوا من ذلك خطأ لا يجوز ...
وأقول : هذا الجواب إنّما يحسن لو كانت القراءة بالياء فيها والكتابة بخلافها ، وأمّا والقراءة على مقتضى الرسم فلا.
وقد تكلّم أهل العربية عن هذه الأحرف ووجّهوها أحسن توجيه ، أمّا قول : {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [طه : 63] ففيه أوجه ... وأمّا قوله : {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ} [النساء : 162] ففيه أيضاً أوجه ... وأمّا قوله : {وَالصَّابِئُونَ} [المائدة : 69] ففيه أيضاً أوجه ... » (3).
فهذا ما يتعلّق بـ « كلمات الصحابة والتابعين ... ».
______________
(1) فتح الباري 8 : 301.
(2) الإتقان 2 : 329.
(3) الاتقان 2 : 320 ـ 326.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|