أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-1-2023
4422
التاريخ: 9-6-2016
2450
التاريخ: 2024-01-24
2434
التاريخ: 17-1-2019
1779
|
تسال الإدارة عن اعمالها اذا ما تسببت بأضرار للافراد فيكون لهم طلب التعويض عن هذه الاضرار، لان الإدارة قد اخلت بالتزامها القانوني بعدم الاضرار بالأخرين. ان الأساس المنطقي لمسؤولية الإدارة عن اخطائها التي تسبب ضررا للافراد هو مبدا المساواة بين المواطنين في تحمل الأعباء العامة، لان نشاط الإدارة يمارس لمصلحة الجماعة، فاذا ترتب على هذا النشاط خطا نتج عنه ضرر خاص لبعض الافراد وجب تعويضهم ازاءه حتى لا يتحملوا وحدهم أعباء هذا الضرر الذي يفترض ان تتحمله الجماعة باسرها. وتتحقق مسؤولية الإدارة المترتبة على الخطا بتوافر ثلاثة اركان هي الخطا الواقع من الإدارة، والضرر الذي يلحق بصاحب الشأن، وعلاقة السببية بين الخطا والضرر، وسنعرض لهذه الأركان تباعا، ثم نتناول احكام هذا النوع من مسؤولية الإدارة في العراق.
الفرع الأول
ركن الخطا
الخطا هو مخالفة لاحكام القانون تتمثل في عمل مادي او في تصرف قانوني، تأخذ صورة عمل إيجابي، او تصرف سلبي ينشا عن الامتناع عن عمل يوجبه القانون. ولما كان القائمون بالعمل او التصرف أشخاصا طبيعيين فان الخطا سوف يتولد عن طريق هؤلاء الأشخاص، ولكن الأشخاص هم في الوقت نفسه موظفين لم يرتكبوا العمل او التصرف الخاطئ الا بمناسبة ممارستهم لوظائفهم، فان الخطا الناتج اما ان يكون خطا شخصيا يسال عنه مرتكبه، واما ان يكون خطا مرفقيا تسال عن الإدارة. وقد بذلت جهود فقهية كبيرة في سبيل التمييز بين نوعي الخطا، وذلك لما لهذا التمييز من أهمية بشان تقرير القواعد التي تحكم مسؤولية الإدارة تجاهها، فالخطا الشخصي يخضع لقواعد القانون الخاص – المدني – فضلا عن ما يمكن ان يستتبع ذلك من نصوص جزائية، في حين ان الخطا المرفقي تطبق بشأنه قواعد القانون الإداري أي احكام المسؤولية الإدارية. وقد تعددت المعايير التي قيل بها في الفقه والقضاء للتمييز بين الخطا الشخصي والخطأ المرفقي.
1- معيار جسامة الخطا: فقد ذهب (جيز – jeze) الى ان الخطا الشخصي هو الخطا الجسيم الذي ياتيه الموظف سواء في تقدير الوقائع او في تفسير القانون. من ذلك خطا الطبيب الذي يؤدي الى وفاة المريض والإهمال في حماية شخص مهدد بالاغتيال(1).
2- معيار النزوات الشخصية: وهو من اقدم المعايير التي نادى بها الفقه وفي مقدمه (لافرير – laferriere) ومؤداه ان الخطا يكون شخصيا عندما يكون مطبوعا بطابع شخصي عن الانسان بنزواته وعدم تبصرهن ويكون مرفقيا اذا كان غير مطبوع بطابع شخصي وينبعث من موظف عرضة للخطا والصواب(2).
3- معيار الغاية: ذهب (ديكي – duguit) الى ان التفرقة بين الخطا الشخصي والخطا المرفقي يرتبط بالغاية من العمل او التصرف، فاذا ما تم تحقيقا لأغراض خاصة ومنفصلة عن واجبات الوظيفة فان الخطا بصدده يكون خطا شخصيا، اما اذا تم لتحقيق احد الأهداف التي تسعى اليها الإدارة فان الخطا يكون مرفقيا(3).
ولم يأخذ القضاء الفرنسي باي من المعايير السابقة لوحده وانما استعان بها جميعا(4). فكان مجلس الدولة الفرنسي يعد الخطا شخصيا اذا كان منقطع الصلة بالمرفق، او اذا كان الخطا عمديا واستهدف به الموظف غير المصلحة العامة، واذا بلغ الخطا درجة خاصة من الجسامة حتى لو استهدف منه الموظف المصلحة العامة. وفي مصر لم يأخذ القضاء العادي خلافا للقضاء الإداري بنظرية الخطا الشخصي والخطأ المرفقي، وكان توجه هذا القضاء منطقيا لان كلا من لائحة ترتيب المحاكم المختلطة والوطنية كانت تنص صراحة على اختصاصها بنظر قضايا مسؤولية الإدارة عن اعمالها الضارة، وهذه المحاكم كانت بطبيعة الحال تطبق قواعد القانون المدني في المسؤولية(5). في حين ساير مجلس الدولة المصري نظيره الفرنسي في الاخذ بنظرية الخطا المرفقي(6).
الفرع الثاني
ركن الضرر
لا يرتب خطا الإدارة حقا في التعويض لاحد مالم ينشا عن هذا الخطا ضرر، ويشترط في الضرر الذي يستتبع مسؤولية الإدارة ان تتحقق فيه عدة شروط:
1- يجب ان يكون الضرر محققا: بمعنى ان يكون مؤكدا، فالتعويض يجب ان يقدر على أساس الضرر الواقع فعلا، وليس الضرر المحتمل او المفترض.
2- يجب ان يكون الضرر خاصا: بمعنى ان يصيب فردا معينا او افرادا على وجه الخصوص. اما الضرر العام الذي يصيب الجميع او عددا غير محدود من الافراد فانه لا يوجب التعويض لانه يعد من قبيل الأعباء العامة الواجب على الافراد تحملها.
3- يجب ان يقع الضرر على حق مشروع: أي ان يقوم التعويض على حق اثر فيه العمل او التصرف فالحق بصاحبه ضررا سواء من الناحية المادية او الأدبية. ويجب ان يكون الحق الذي وقع عليه الضرر مشروعا، فلا يجوز التعويض عن المصالح غير المشروعة.
4- يجب ان يكون الضرر قابلا للتقويم نقدا: واذا كان الضرر المادي يسهل تقديره نقدا فان الاضرار المعنوية او الأدبية يصعب تقديرها لذلك فقد تردد القضاء الإداري اول الامر في التعويض عنها ثم اتجه مجلس الدولة الفرنسي الى الاقتداء بالقضاء العادي بشانها فامر بالتعويض عنها.
والضرر المادي هو الضرر الذي يصيب الشخص في ماله. اما الضرر المعنوي او الادبي فهو الذي يصيب الشخص في ذاته سواء كان ماديا كجرح جسمه او تشويهه ام كان معنويا ينصب على كرامته او احاسيسه.
وغالبا ما يستتبع الضرر المعنوي ضررا ماديا فالاصابة البدنية بالرغم مما تحدثه من الألم فانها تعطل عن العمل وتتكلف نفقات للعلاج مما يدخل في اطار الضرر المادي، ووفاة رب الاسرة يؤدي الى حرمان أبنائها من معيلهم فضلا عن ما يسببه لهم من الم واسي.
الفرع الثالث
علاقة السببية بين الخطا والضرر
يجب ان توجد رابطة او علاقة سببية بين خطا الإدارة والضرر الذي لحق بالمضرور فيكون الضرر مترتبا على الخطا أي ان يكون الضرر مباشرا بان يكون هو المصدر للضرر.
فمسؤولية الإدارة تنتفي اذا انعدمت علاقة السببية بين خطا الإدارة والضرر بان يكون الضرر ناتجا عن سبب اجنبي كالقوة القاهرة او خطا الغير او خطا المضرور نفسه. ومع ذلك لاتنتفي مسؤولية الإدارة كليا اذا كانت قد أسهمت بخطئها في احداث الضرر، وفي هذه الحالة تلتزم الإدارة بقدر من التعويض يتناسب مع دور خطئها في احداث الضرر. اما اذا كانت القوة القاهرة او خطا الغير او خطا المضرور نفسه هو وحده المتسبب في وقوع الضرر، فحينئذ تنتفي مسؤولية الإدارة.
الفرع الرابع
مسؤولية الإدارة على أساس الخطا في العراق
وفي العراق فقد نظمت قواعد القانون المدني احكام المسؤولية الإدارية على أساس الخطا تحت عنوان (المسؤولية عن عمل الغير) فقد نصت المادة (219/1) من القانون المدني رقم (40) لسنة 1951 على ان: ((الحكومة والبلديات والمؤسسات الأخرى التي تقوم بخدمة عامة وكل شخص يستعمل احدى المؤسسات الصناعية او التجارية مسؤولون عن الضرر الذي يحدثه مستخدموهم، اذا كان الضرر ناشئا عن تعد وقع منهم اثناء قيامهم بخدماتهم)).
ومنه يفاد ان احكام القانون المدني العراقي قد عرفت الخطا الشخصي واخضعت المسؤولية عنه الى قواعد مسؤولية المتبوع عن اعمال تابعه التي تقوم بناء على ما يملكه تجاه تابعيه من حق الرقابة والاشراف والتوجيه وحق اصدار الأوامر اليهم(7). ومما تقدم نستطيع القول ان هناك نوعين من الخطا يستطيع المتضرر اثارتهما معا او كلا على انفراد وهما الخطا الشخصي للموظف الي يتمثل في عدم اتخاذه الحيطه والحذر والانتباه او عدم بذل عناية الرجل المعتاد، والخطا المرفقي او المصلحي من جانب الإدارة والمتمثل في التقصير والاشراف على المرؤوسين والإهمال في متابعتهم.
اما بالنسبة للقضاء الإداري، فلم يجز قانون التعديل الثاني رقم (106) لسنة 1989 لقانون مجلس شورى الدولة رقم (65) لسنة 1979، وكذلك قانون التعديل الخامس رقم (17) لسنة 2013 لمحكمة القضاء الإداري التي أنشئت بموجبه النظر بطلبات التعويض عن الاضرار الناتجة عن اعمال الإدارة وتصرفاتها على وجه الاستقلال، اذ اشترطت ان تبت المحكمة في الطعن المقدم اليها، ولها ان تقرر رد الطعن او الغاء او تعديل الامر ماو القرار المطعون به مع الحكم بالتعويض ان كان له مقتضى بناء على طلب المدعي، فالقانون ينص على اختصاص محكمة القضاء الإداري بالفصل في طلبات التعويض عن القرارات الإدارية غير المشروعة دون تفرقة بين تلك الموجهة الى الإدارة وتلك الموجهة الى اشخاص الموظفين.
____________________
1- د. ماجد راغب الحلو، القضاء الإداري، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1985ص478.
2- د. سليمان الطماوي – القضاء الإداري (الكتاب الثاني – قضاء التعويض)، دار الفكر العربي، القاهرة، 1968 – ص119.
3- د. سعاد الشرقاوي المسؤولية الإدارية، القاهرة، 1973_ص79.
4- إضافة الى المعاير السابقة فقد ذهب الفقيه ((ريفيرو_(rivero) الى انه يمكن تعريف الخطا المرفقي بانه عجز في سير العمل العادي للمرفق قام به وكلاء الإدارة غير انه ليس منسوبا اليهم شخصيا. د. محمود خلف الجبوري، محاضرات في القضاء الإداري _ص150.
5- انظر حكم محكمة النقض بتاريخ 10 ابريل (نيسان) سنة 1933. د. ماجد راغب الحلو، المصدر السابق_ص493.
6- انظر حكم محكمة القضاء الإداري في القضية رقم (88) سنة القضائية، وحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في 26 يونيو (حزيران) سنة 1959. د. ماجد راغب الحلو، المصدر السابق_ص495، 496.
7- انظر حكم محكمة التمييز الصادر في 19/2/1968 حيث قضت بان "مديرية مصلحة نقل الركاب مسؤولة عن الضرر الذي يقع من قبل سواق سيارات المصلحة بمالها من سلطة فعلية تخولها حق الرقابة والتوجيه وحق اصدار الأوامر اليهم، مجلة العلوم القانونية، سنة 1969 (العدد الأول) ص192
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|