المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



كيف تربي اولادك ؟  
  
3078   09:20 صباحاً   التاريخ: 27-3-2017
المؤلف : الشيخ ياسين عيسى
الكتاب أو المصدر : التربية الفاشلة وطرق علاجها
الجزء والصفحة : ص74-90
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الآباء والأمهات /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 20/9/2022 1791
التاريخ: 26-10-2017 2627
التاريخ: 11-9-2016 1859
التاريخ: 2024-11-18 90

إن أهم شرط للتربية الصحيحة هي التربية القائمة على أساس التعقل والتدبر بالإضافة الى الجانب العاطفي , فمن الضروري أن تكون إدارة الأسرة قائمة على ذلك .

ومن الشروط أيضا الإنصاف والعدل في التعاطي والتصرف مع أفراد الأسرة جميعا ومن قبل الجميع أيضا قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ما من بيت ليس فيه شيء من الحكمة إلا كان خرابا) (1) .

إن التعامل بالحكمة والتعقل والتدبر يؤدي الى إصلاح الشخص الذي يراد تربيته, وهو الأسلوب الناجح في كل المجتمعات والأزمنة كما تشهد له التجارب.

(وعلى الوالدين أن يضعوا للأطفال برنامجاً يوضّحون لهم المحبوب والمذموم من الأعمال، ويكون المدح أو التأنيب منصباً على العمل المرتكب, لكي نزرع في قلوبهم حب الأعمال الصالحة وبغض الأعمال غير الصالحة, وأن نعمل على تقوية الضمير في نفس الطفل في هذه المرحلة حتى يكون صمام أمان له في المستقبل فنزرع في قلبه الخوف من ارتكاب العمل غير الصالح والشوق الى العمل الصالح, بدلاً من الخوف من العقوبة أو الشوق إلى المدح والإطراء, وعلى الوالدين أن يجعلوا المدح أو التأنيب خالصاً من أجل تربية الأطفال ، وان لا يعكسوا أوضاعهم النفسية في التربية, كمن يواجه مشكلة فيصب غضبه على الطفل دون اي مبرر)(2) .

يقول (جان جاك روسو) عن طفله : (إن الغرض الأساسي من تربيته هو أن أعلمه كيف يشعر ، ويحب الجمال في أشكاله، وأن أرسخ عواطفه وأذواقه, وأن أمنع شهواته من النزول الى الخبيث والمرذول فإذا تم ذلك وجد طريقه الى السعادة ممهداً(3) .

وسنتكلم عن تربية الطفل في خمس مراحل, والكلام عن أسلوب الأب فقط :

1ـ في مرحلة الحمل .

2- في سن الطفولة (دون 7سنوات).

3- في سن اللعب (دون 12سنة) .

4- في سن المراهقة (فوق 12سنة) .

5- في سن النضوج (فوق 21سنة).

المرحلة الأولى : مرحلة الحمل :

إن لمرحلة الحمل تأثير مهما على تربية الأولاد , وبقدر ما يعتني الاب والأم بهذه المرحلة بقدر ما يسهل الأمر في المراحل التالية , فما زُرع هنا يُحصد هناك .

إن نوعية الطعام وكيفيته والتي يتناولها الرجل قبل أن يأتي أهله أو التي تأكلها المرأة في فترة الحمل لها الأثر البالغ على وضع الجنين وعلى صفاء وطهارة قلبه, فلا بد وأن يكون حلالا اكتسبه من عمله المشروع, لا من هنا وهناك أو بأساليب خداعة أو كان مسروقا أو مشبوها.

وأن يكون طاهرا غير نجس .

وكذلك في استمرار الغذاء الروحي والمادي للجنين, فبقدر ما تهتم المرأة الحامل بنفسها وبطفلها وبغذائها بقدر ما ينعكس ذلك على صفاء الطفل ونقائه وحسن أخلاقه بل حسن بشرته وجماله .

إن كل ما يفعله الرجل قبل التقاء انعقاد النطفة , وكل ما تفعله المرأة في فترة حملها ـ كما يأتي ـ يؤثر فإن كان حزنا ومقتا وغضبا فسوف يكون الجنين سيء الخلق .

وان كان عبادة لله وطاعة له وللوالدين وللزوج كان عيشة هادئة بعيدة عن العصبية والشجار ولعنة الشيطان, فسوف يتنعم الطفل بالأخلاق الحسنة والسلوك المهذب.

وهكذا بالنسبة للطعام الذي تتناوله المرأة في فترة حملها لا بد وأن يكون طاهرا حلالا وقد تناولته على طهارة ووضوء, وبدأت به بتسمية الله تعالى, فإن كل شيء لا يبدأ به (باسم الله) فهو أبتر, كما في الحديث (4), وأن تتناول طعامها بحالة نفسية مطمئنة ومزاج هادئ .

وكذلك على الزوج أن يعتني بطعامه قبل إتيان أهله وبالتسمية لله تعالى و الاستعاذة من الشيطان الرجيم, وأن يلتزم بما جاء في الشريعة في الليلة الأولى وكذلك عليه أن يهيئ لزوجته الطعام الحلال الطاهر والعيشة الهنيئة البعيدة عن المشاكل فإنه يؤثر على سلوك الطفل ومستقبله.

قال آية الله المظاهري: أما ما يجب أن تلفت إليه النساء في الحمل, فهو مدة الحمل, وهي التي يتقرر فيه مصير الطفل, فعلى الحامل أن تنتبه الى حالتها النفسية والتي تنعكس سلبا أو إيجابا على الطفل في بطنها,.. رواية ينقلها لنا المرحوم الفيض وفي كتاب الصافي عن الإمام الصادق (عليه السلام) جاء بها الآية الشرفة: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ}[آل عمران:6]

وجاء فيها أن المصير الذي على ناصية الأم ينطبع هو الآخر على ناصية الطفل, فإن كان شقاء خرج الطفل شقيا وإن كان سعادة جاء الطفل سعيدا .

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (السعيد من سعد في بطن أمه, والشقي من شقي في بطن أمه)(5) .

((والمقصود من الشقاء والسعادة في بطن الأم, هو تلك الانعكاسات التي تطرأ على الجنين تأثرا بالحالة الصحية الجسدية والنفسية للأم, فتولد فيه استعدادا للشقاء أو للسعادة, فبعض الأمراض الجسدية تؤثر على الجنين فيولد مصابا ببعضها وتلازمه الإصابة الى الكبر فتكون مصدر الشقاء له, أو يكون سالما من الأمراض فتكون السلامة ملازمة له, وكذلك الحالة النفسية والعاطفية, فالقلق أو الاطمئنان, والاضطراب أو الاستقرار, والخوف وعدمه, وغير ذلك يؤثر في الجنين ويبقى ملازما له مالم يتوفر له المحيط الاجتماعي المثالي لكي ينقذه من آثار الماضي أو يبعده عن السلامة في صحته الجسدية والنفسية)(6) .

قال أحد علماء النفس: على الرجل حين يصل باب داره أن ينظف حذاءه من الطين خارج المنزل, وعليه كذلك أن ينظف ما في داخله من الغيظ والغضب قبل ورود المنزل, حتى لا ينعكس شيء مما في الخارج على داخل المنزل, وكذا المرأة مسؤولة عن تهيئة نفسها لزوجها وإن لم تفعل فهي آثمة.

ويقول هذا العالم النفساني أيضاً : إن الزوجة ترمي بالأوساخ والأتربة، قبل مجيء زوجها الى البيت، لكي يبدو بيتها نظيفاً ومرتّباً، وأهم من ذلك أن ترمي ما في نفسها من أدران وهموم قبل مجيئه , حتى تكون على استعداد كامل لإدامة الحياة الزوجية بشكلها الطبيعي .

إن الآباء والأمهات كثيرا ما يهتمون بلباس أبنائهم وبدروسهم , لكنهم يتناسون تربيتهم تربية سامية تسعدهم ..

المرحلة الثانية : سن الطفولة :

وتبدأ هذه المرحلة من الأشهر الأولى لولادة الولد والتي يحتاج فيها الطفل الى الرعاية الخاصة المملوءة بالحنان والعطف. وبقدر ما يظهر الوالدان الحب للأولاد بقدر ما يتعلق الطفل بهما مما يساعد على التأثير عليه وتعويده على الطاعة وحسن الأدب, وعلى العكس إذا شعر الأولاد بعدم

حب الأهل لهم فإنه يؤدي لعصيان أوامرهم مما يخاف عليه أن يصبح في المستقبل شريرا.

قال الإمام الصادق (عليه السلام): (جاء رجل الى النبي (صلى الله عليه و آله وسلم) فقال: ما قبلت صبيا قط , فلما ولى قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) هذا رجل عندي أنه من أهل النار)(7) .

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): (أكثروا من قبلة أولادكم, فإن لكم بكل قبلة درجة في الجنة مسيرة خمسمائة عام)(8) .

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قبلة الولد رحمة وقبلة المرأة شهوة, وقبلة الوالدين عبادة وقبلة الرجل أخاه دين, وزاد عنه الحسن البصري وقبلة الإمام العادل طاعة (9) .

فتقبيل الولد من الأمور التي تظهر حب الوالدين للولد, وقال (صلى الله عليه و آله): (أحبوا الصبيان وارحموهم)(10) .

وعليهما أيضا إطعام الأولاد بأيديهما بين فترة وأخرى حتى لو تجاوزوا السابعة من العمر, حتى يستمر الشعور بالحب والاهتمام من قبل الوالدين .

وأيضا مراقبة طعامهم وفراشهم وكيفية نومهم, وسلامة جسدهم وبنيانهم .

هذا وقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): (إن الله ليرحم العبد لشدة حبه لولده)(11) .

وقد ورد في الروايات أن الولد في هذه المرحلة سيد نفسه أو أنها مرحلة لعب ولهو بالنسبة إليه  فعن الامام الصدق (عليه السلام) قال : دع ابنك يلعب سبع سنين ويؤدب سبعا وألزمه نفسك سبع سنين .

وقال النبي الاعظم (صلى الله عليه و آله) الولد سيد سبع سنين وعبد سبع سنين ووزير سبع سنين (12) .

وهذا يرتبط فقط بالتربية والتأديب وإلا فالرعاية والحنان والعطف وإشعاره بالاهتمام به من قبل الوالدين أمر لا حد له ولا فترة زمنية معينة له .

نعم هو سيد نفسه لكن هذا لا يمنع من منعه عن الامور التي تضر به ماديا كشرب الدخان أو الجلوس فترة طويلة مع المدخنين او التعرض لمكان موبوء.

هذا اضافة للرعاية الصحية والبيئية الشاملة لطيلة هذه السنوات .

وكذلك حمايته من الأمور التي تضر به ضررا معنويا كأكل الطعام او شرب الشراب النجس أو المحرم (المسروق أو السحت) أو الذي فيه شبهة, أو اصطحابه الى اماكن الفسق والفجور والتي يعصي الله فيها .

كما وعلينا منعه عن الألعاب التي تؤذيه أو تترك أثرا سيئا عليه أو الأفلام التلفزيونية التي تسبب له عقدة نفسيه أو خوفا في الليل كأفلام الرعب , ولو كانت أفلاما كرتونية .

وعلى الوالدين الاهتمام قليلا بتعليم الأولاد حتى في السن المبكر, فقد أثبت (علم النفس الحديث) صحة هذا المنهج حيث إن الطفل في سن (2-3 سنوات, يكتسب كلام الطفل طابعا مترابطا مما يتيح له إمكانية التعبير عن فهمه لكثير من الأشياء والعلاقات... وفي نهاية السنة الثالثة يصبح الطفل قادرا على استخدام الكلام وفق قواعد نحوية ملحوظة وهذا يمكنه من صنع جمل أولية وصحيحة)(13).

المرحلة الثالثة : سن اللعب (دون 12سنة)

هي مرحلة يميل فيها الولد الى اللعب ويتأهل للتعلم والتأدب بما هو مناسب أو بالأسلوب التدريجي كما يستفاد من قول الإمام الصادق (عليه السلام) قال : احمل صبيك حتى يأتي عليه ست سنين ثم أدبه في الكتاب ست سنين ثم ضمه إليك سبع سنين فأدبه بأدبك فإن قبل وصلح وإلا فخل عنه (14) .

ففرق (عليه السلام) بين الأدب الأول الذي اعتبره أدب القرآن الكريم , وبين الأدب الثاني الذي يلازمه فيه أباه للتعلم والتأديب, ولعل المراد بالأدب الثاني إما خصوص التجارب أو الأعم من التربية والتجارب والخبرة التي يكسبها الوالد من ملازمته ولده .

وفي مكارم الأخلاق عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : دع ابنك يلعب سبع سنين ويؤدب سبعا وألزمه نفسك سبع سنين(15) .

نعم ليس معنى ذلك ترك الرعاية العاطفية بل الرحمة أمر مطلوب , لكن بشرط أن لا تؤدي الى دلال زائد بنحوٍ يُهمل المطلوب منه أو يرتكب الممنوع عنه.

كما أن الرعاية الصحية والنظافة أمر ضروري للأولاد في هذه المرحلة...

وكذلك مسألة التعليم خاصة الأمور الفقهية التي عبر عنها الإمام الصادق (عليه السلام) في الحديث بأدب الكتاب: (أدبه في الكتاب ست سنين) فهذه المرحلة هي مرحلة تعويد الولد على الأمور الواجبة والمستحبة وإبعاده عن الأمور المحرمة والمكروهة, نعم ليس دفعة واحدة بل بأسلوب تدريجي هادئ غير مزعج ولا ممل.

ولن ننسى تعليمه قراءة القرآن الكريم, خاصة إذا لم يكن من ضمن برامج المدارس .

وعلى الأب اصطحاب ولده الى المساجد للصلاة أو تعويده على ذلك تدريجيا, واجلاسه في حلقات الدروس الدينية أو المحاضرات التثقيفية العامة أو مجالس العزاء أو السفر به الى المقامات الدينية خاصة الأضرحة المقدسة لأهل البيت (عليهم السلام). وأيضا عليه متابعة أمور دراسته في المدارس العصرية ولو بواسطة والدته للتوفيق بين نشاط المدرسة ودور الأهل بنحو مستمر .

ـ أهمية اللعب وأثره على التربية :

(اللعب استعداد فطري عند الطفل يتم من خلاله التخلص من الطاقة الزائدة وهو مقدمة للعمل الجدي الهادف, وفيه يشعر الطفل بقدرته على التعامل مع الآخرين, وبمقدرته اللغوية والعقلية والجسدية, ومن خلاله يكتسب الطفل المعرفة الدقيقة بخصائص الأشياء التي تحيط به, فللعب فوائد متعددة للطفل وهو ضروري للطفل في هذه المرحلة والمرحلة التي تليها, فالطفل (يتعلم عن طريق اللعب عادات التحكم في الذات والتعاون والثقة بالنفس... والألعاب تضفي على نفسيته البهجة والسرور وتنمي مواهبه وقدراته على الخلق والإبداع)(16) .

ومن خلال اللعب يتحقق (النمو النفسي والعقلي والاجتماعي والانفعالي للطفل.. ويتعلم الطفل من خلاله المعايير الاجتماعية, وضبط الانفعالات والنظام والتعاون... ويشبع حاجات الطفل مثل حب التملك... ويشعر الطفل بالمتعة ويعيش طفولته) (17) .

فاللعب حاجة ضرورية للطفل, فلا يمكن أن نتصور أو نرى طفلا لا يلعب, وحتى الأنبياء والصالحين فإنهم مروا في مرحلة اللعب وإن اختلفوا عن الآخرين في طريقة وأسلوب اللعب, ولذا جاءت الروايات لتؤكد على إشباع هذه الحاجة قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): (دع ابنك يلعب سبع سنين....)(18) . (19) .

يقول الدكتور سوك: (إننا يجب أن نترك للأطفال إدارة شؤون ألعابهم حتى يستطيعوا التعلم منها.. لا بد أن نترك له قيادة الأمر بنفسه, وأن يتبع ما يقوله له خياله, بهذا فقط تصبح اللعبة مفيدة, إنها يجب أن تكون معلمة له, ولا بد أن يخضعها لأفكاره, وعندما يجد نفسه في حاجة الى مساعدة أحد الوالدين لإدارة الكمية من المشاكل الطارئة مع لعبته, فلا بد أن يساعده الوالدان)(20) .

ويؤكد جميع علماء النفس والتربية على حرية الأطفال في اللعب (إذا حاول الأطفال رسم برنامج خاص لهم في إعمالهم فلا تمنعوهم من ذلك؛ لأن مواصلة تطبيق خطة مرسومة دون وقوف العوائق في طريق ذلك عامل فعال في تكون الشخصية عندهم)(21) .

(فالطفل أثناء لعبه يعبر عن مشكلاته وصراعاته التي يعاني منها, ويسقط ما بنفسه من انفعالات تجاه الكبار على لعبه)(22)

المرحلة الرابعة : سن المراهقة (فوق 12سنة )

هي مرحلة حساسة لانتقال الطفل من مرحلة العطف واللعب الى مرحلة المراهقة وقرب النضوج, والتي يتغير فيها الشاب ليس على الصعيد النفسي بل حتى على الصعيد البدني, إذاً في هذه المرحلة أو هذا السن يدخل الشاب في مرحلة البلوغ الشرعي ووجوب التزامه بمجموعة من التكاليف الشرعية كالصلاة والصوم وشرائطهما من غسل الجنابة والتطهير من مجموعة من النجاسات, وحرمة السلام بالكف والنظر الى المرأة الأجنبية وحرمة الكذب والغيبة والنميمة, ووجوب رد السلام وطاعة الوالدين وصلة الرحم, ونحو ذلك من الأحكام الشرعية العامة والتي لها دخل في التربية والتعليم وبناء الشخصية لدى الشاب .

ولابد من الإشارة الى أن التغير الفيسيولوجي والذي يرافقه التغير النفسي ينعكس على نظرة المراهق الى الآخرين وبالأخص الى الجنس الآخر ولذا يميل في هذه المرحلة الى خوض التجارب والدخول في المغامرات وغيرها ...

وقد تعرضت بعض الروايات لهذه المرحلة ومن بعض جوانبها فقال الامام الصادق (عليه السلام) في الحديث المتقدم: أحمل صبيك حتى يأتي عليه ست سنين ثم أدبه في الكتاب ست سنين ثم ضمه إليك سبع سنين فأدبه بأدبك (23) .

فقوله (عليه السلام): (ثم إليك سبع سنين فأدبه بأدبك) وفي رواية : (دع ابنك يلعب سبع سنين ويؤدب سبعا وألزمه نفسك سبع سنين)(24) .

وقال النبي (صلى الله عليه و آله وسلم) : الولد سيد سبع سنين وعبد سبع سنين ووزير سبع سنين (25) .

فهذه مرحلة الأدب الثاني والرعاية الخاصة بالشاب .

والروايات كما ترى بين ما يأمر بضم الطفل الى والده أو ملازمته له, وبين اعتباره كوزير يستشار.

وهذا معناه ان هذه المرحلة ليست مرحلة ذات برنامج واحد أو موحد, بل هي مرحلة صعبة يمر بها المراهق مما يحتاج الى عناية خاصة تفرضها الظروف المستجدة والتي قد تختلف من شخص لآخر ومن بيئة الى اخرى .

فالرعاية الصحية تبقى مطلوبة ولكن تكون من نوع خاص, وهي التوعية العلمية مع التماس الواقع بشيء من الدليل والبرهان, كما لو أظهرنا له مضار المشروبات الكحولية في كلام الأطباء وكذا ما قالوه عن لحم الخنزير وخاصة أنه سوف تتغير معاشرته والتي يميل بها الى صحبة الأكبر سنا .

وكذلك تعويده على الحفاظ على البيئة ونظافتها مع إرشاده الى مطالعة الكتب التي تعني بذلك. وأما الحب والعطف اللذان كان يحتاجهما في الصغر ففي هذه المرحلة يترجمان على شكل اهتمام بشبابه وشؤونه وتلبية الحاجات التي يراها ضرورية. ومن الأمور التي لا بد للأدب أن يهتم بها هي تعليم ولده الأحكام الشرعية التي يبتلي بها ككيفية غسل الجنابة والوضوء الصحيح والصلاة الصحيحة وحرمة السلام بالكف على المرأة الأجنبية وحرمة العادة السرية وغيرها من المحرمات التي يراها الأب موضع ابتلاء ولده .

قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): (مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبع سنين واضربوهم

على تركها إذا بلغوا تسعا)(26) .

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أدب صغار بيتك بلسانك على الصلاة والطهور, فإذا بلغوا عشر سنين فاضرب ولا تجاوز ثلاثا)(27) .

وعن علي بن الحسين (عليه السلام): (إنه كان يأخذ من عنده الصبيان بأن يصلوا الظهر والعصر في وقت واحد والمغرب والعشاء في وقت واحد, فقيل له في ذلك , فقال (عليه السلام): (هو أخف عليهم وأجدر أن يسارعوا اليها ولا يضيعوها ولا يناموا عنها ولا يشتغلوا), وكان لا يأخذهم بغير الصلاة المكتوبة, ويقول: (إذا أطاقوا فلا تؤخرونها عن المكتوبة)(28).

قال الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): (إنا نأمر صبياننا بالصيام إذا كانوا بني سبع سنين بما أطاقوا من صيام اليوم, فإن كان الى نصف النهار أو أكثر من ذلك أو أقل , فإذا غلبهم العطش والغرث أفطروا حتى يتعودوا الصوم ويطيقوه فمروا صبيانكم إذا كانوا أبناء تسع سنين بما أطاقوا من صيام فإذا غلبهم العطش أفطروا) (29) .

وعن سماعة قال: سألته عن الصبي متى يصوم ؟ قال الإمام الصادق (عليه السلام) : (إذا قوي على الصيام) (30) .

وكذلك عليه تشجيعه على مواصلة قراءة القرآن والتعلق بأهل البيت (عليهم السلام) وذلك باصطحابه الى الأماكن المقدسة والمجالس الدينية.

أما التربية والأدب فهو أمر ضروري في هذه المرحلة كما كان في المرحلة الثانية, فيستمر الأب بتأديبه على المروءة والأخلاق الفاضلة ومعاشرة الناس بالحسنى, وتنبيهه عند الخطأ بالأسلوب الهادئ الذي تقدم سابقا أو بتأجيله الى وقت مناسب يستطيع فيه أن يشرح له أبعاد العمل القبيح الذي ارتكبه .

نعم الأسلوب كما ذكرنا سابقا سيكون أسلوب تعامل الملوك مع الوزراء, أي على الأب مؤاخاة ولده في هذا السن, فعند تبيين أي حكم شرعي أو اجتماعي أو عند توجيه الملاحظات أو تصويب الأخطاء, عليه تمرير ذلك بالأسلوب المناسب الذي يحمل طابع المشورة لا الأمر والفرض والإلزام, لأن الشاب في هذه المرحلة يعتبر نفسه رجلا مستقلا صاحب رأي وجيه، فتتغير أفعاله وأقواله على هذا الأساس .

وليعلم أن هذه المرحلة الحساسة تختلف من شاب الى آخر شدة وضعفا, فعلى الأب ملاحظة ذلك عند تعليم ولده أو تأديبه قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام في وصيته للإمام الحسن (عليه السلام): (...وإنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما القي فيها من شيء قبلته, فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك, ويشتغل لبك, لتستقبل بجد رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته..)(31) .

وقال (عليه السلام) : (علموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدبوهم)(32) .

قال الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): (اعملوا الخير وذكروا به أهليكم وأدبوهم على طاعة الله) (33) .

المرحلة الخامسة : سن النضوج (فوق 21سنة)

هي المرحلة التي يدخل فيها الشاب بعد مرحلة المراهقة والتي يكون قد تعرض فيها الى تجارب إيجابية وسلبية , واستفاد من تربية والديه أو ساءت حالته أكثر نتيجة إهمالهم .

وتعتبر هذه المرحلة مرحلة وعي وإدراك لحقيقة الكثير من القضايا التي كانت تجول في فكره في المرحلة السابقة , ووجد عليها الأجوبة المناسبة التي لم يستطع أن يدركها سابقا أو استحى من السؤال عنها .

وفي حياة الشاب المتعلم والجامعي هنا محطة تعليمية مهمة تحدد مستقبله فهو في هذا السن أو قبله سوف يختار المنهج الجامعي لدراسته ويحدد نوع التخصص الذي سوف يلازمه بقية حياته  ويدخل من خلاله الى المعترك الاجتماعي والمعيشي .

وهنا للأهل وللقيمين على الشأن الاجتماعي دور مهم في انتخاب التخصص المناسب لهذا الشاب وذلك بملاحظة أمرين:

1ـ وضع الشخص ورغبته في تخصص معين .

2- حاجة المجتمع لبعض التخصصات .

ويمكن مراعاة الأمرين معا وإعطاء الأولوية للثاني لأن الشباب في هذه الأيام قد يختار التخصصات العصرية نتيجة التقدم العلمي وانبهارهم بالغرب أو نتيجة تأثرهم بوضع عاطفي عاشوه في الماضي أو نتيجة تضحية أحد الأبناء لتأمين بقية نفقات العائلة، كالتخصصات الالكترونية أو الكمبيوترية أو كالتخصصات الاقتصادية .

أما ما يحتاجه المجتمع كالتخصصات المهمة الطبية والمتعدد في هذه الأزمنة فإن الشباب يستعبدونها من فكرهم, فعلى الأهل وذوي التأثير ارشادهم الى مثل هذه التخصصات المهمة والمصيرية أحيانا .

كما ويدخل الشاب في هذه المرحلة الى المعترك الاجتماعي أو السياسي ويتعرف على بعض الأفكار الجديدة مما يكسبه خبرة وعلما جديدا, وهو أمر مهم لكن ليس للأب الكثير من القدرة والفرص على التأثير على ولده خاصة إذا لم يكن الأب في المعترك الاجتماعي أو السياسي, لكن عليه توعية الولد على ما لديه من خبرة وتجربة فيوصيه بأن لا يستعجل الأمور في اختيار التيار أو النهج الاجتماعي الذي يريد أن يسلكه؛ لأن الشاب عادة ما يستعجل ذلك لاندفاعه ورغبته في الخدمة أو التطوع .

أما من ناحية تعامل الأب مع هذا الشاب فهي مرحلة المؤاخاة مما لا شك فيه والمعبر عنها (بالوزارة) فالأسلوب لا بد وأن يكون حذرا مناسبا بالحسنى والكلمة الطيبة كما تقدم ذكره سابقا.

تنبيه: هذا الكلام وإن كان في غالبيته يرتبط بالشباب المتعلمين والجامعيين لتوفر فرص الاختصاصات وتنوع الاختلاطات, أما الشباب الذين أخذوا جانب المهن الحرة أو الزراعية أو التجارية أو الحرفية , فيختلف ظرفهم الى حد ما  ولذا قد لا يختلف معهم الأسلوب لكن يتغير المنطق والمنهج ولكل مقام مقال .

___________

1ـ تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي : 1/382 .

2- تربية الطفل في الإسلام :65 , مركز الرسالة , قم .

3- أدب الأطفال في صدر الإسلام الدكتور نجيب الكيلاني – مؤسسة الرسالة – بيروت – ط1 سنة 1406 هـ - ص20 .

4- وسائل الشيعة : 4/1194 , ح 9035 , ومنية المريد : 274.

5- انظر كنز العمال : 49.

6- تربية الطفل في الإسلام : 37, مركز الرسالة , قم .

7- الكافي : 6/50 ح 7 .

8- روضة الواعظين : 404 .

9- مكارم الأخلاق : 206 و الفصل السادس في الأولاد ومن يتعلق بهم , في فضل الأولاد .

10- بحار الأنوار :104/93 .

11- من لا يحضره الفقيه : 3/310.

12- مكارم الأخلاق : 207 , الفصل السادس في الأولاد وما يتعلق بهم , في فضل الأولاد .

13- علم النفس التربوي، للدكتور علي منصور132:2- 1407هـ ،عنه تربية الطفل في الاسلام:54، مركز الرسالة، قم...

14- مكارم الأخلاق : 207 , الفصل السادس في الأولاد وما يتعلق بهم , في فضل الأولاد .

15- المصدر نفسه .

16- قاموس الطفل الطبي : 221 – 222 .

17- العلاج النفسي الجماعي للأطفال , لكاميليا عبد الفتاح : 162- مكتبة النهضة المصرية 1975م.

18- مكارم الاخلاق : 222.

19- تربية الطفل  في الإسلام : 74 , مركز الرسالة , قم .

20- مشاكل الآباء : 106.

21- الطفل بين الوراثة والتربية 64:2 , عن كتاب نحن والأبناء 56.

22- قاموس الطفل الطبي : 317.

23ـ  مكارم الأخلاق : 207 , الفصل السادس في الأولاد وما يتعلق بهم , في فضل الأولاد .

24-المصدر نفسه .

25- المصدر نفسه

26- مستدرك الوسائل : 624:2.

27- تنبيه الخواطر , لورام بن أبي فراس : 390 – دار التعارف بدون تاريخ .

28- مستدرك الوسائل 624:2.

29- الكافي 124:4 ح1 باب صوم الصبيان , والغرث هو الجوع كما في مجمع البحرين .

30- الكافي 125:4 ح3 باب صوم الصبيان .

31- نهج البلاغة , تحقيق صبحي الصالح : 546.

32- كنز العمال : 539:2 ح4657.

33- مستدرك الوسائل 362:2 .




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.