أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-1-2017
26713
التاريخ: 2023-12-20
924
التاريخ: 14-1-2017
2879
التاريخ: 14-1-2017
3714
|
كانت الحياة العربية قبل الإسلام تقوم على النظام القبلي، فالقبيلة هي الأساس في حياة الأفراد والتعامل مع الآخرين، وهي جماعة يجمع بينها نسب مشترك، ويعتقد أفرادها أن رابطة الدم الواحد تجمع بينهم. والمجتمعات البشرية القديمة كانت كلها مجتمعات قبلية، فقد كانت القبيلة تمثل المرحلة الأولى من مراحل التنظيم الاجتماعي.
وقد فرضت الحياة وطبيعة شبه الجزيرة العربية الصحراوية على القبائل العربية أن تعيش حياة البداوة. وأساسها الرعي، وقوامها التنقل والارتحال سعياً وراء الماء والكلأ، وهذا ما جعل حياتهم غير مستقرة، ونفى عنهم صفة الدولة الموحَّدة، وجعل من كل قبيلة كياناً مستقلاً؛ تسوده قيم وأعرافٌ وتقاليد ومبادئ لا يجوز لأحد أن يتجاوزها أو يتجاهلها، وأصبح مجموع هذه الأعراف شبه نظام اجتماعي وسياسي للقبائل العربية كلها.
يرأس القبيلة سيد تتخيره من أبنائها، مشهود له بأصالة النسب، والفروسية، والكرم، ورجاحة العقل، والفصاحة، وطاعة أبناء القبيلة له، وهذه الصفات الحميدة وغيرها مما يجب أن يتصف به سيد القبيلة؛ تكرر ذكرها والإشارة إليها في الشعر الجاهلي، فقال بشامة بن حزم النهشلي مشيراً إلى أن السيد يختار اختياراً:
وليسَ يهلِكُ منَّا سيدٌ أبداً إلا افتلينا غلاماً سيداً فينا
وقال مُعوِّد الحكماء في علوِّ النسب:
ألفَوا أباهُم سيداً وأعانَهم كرَمٌ وأعمامٌ لهم وجدودُ
وقال حاتم الطائي في الكرم:
يقولونَ لي أهلكتَ مالاً فاقتصدْ وما كنتُ لولا ما تقولونَ سيداً
ولسيد القبيلة مجلس يجتمع فيه سادة القبيلة، وربما أطلقوا على هذا المجلس اسم (النادي)، وكان حضوره من مفاخر أبناء القبيلة، وقد عبروا عن ذلك في أشعارهم، فقالت الخنساء في رثاء أخيها صخر:
حمَّالُ ألوية هبّاطُ أوديةٍ شهّادُ أنديةٍ للجيشِ جرارُ
وقد أُطلق في العصور المتأخرة جداً على سيد القبيلة اسم (شيخ القبيلة).
وإذا كان الفرد هو أساس القبيلة فإن عمله متجه لخدمتها والحفاظ عليها؛ لأنها مصدر قوته وحمايته، ومن هنا نشأت علاقة الترابط القوية بين أبناء القبيلة الواحدة، وساد بينهم مبدأ (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً). ولكن هذه النصرة لم تكن مطلقة؛ لأنه إذا كثرت جنايات أحد أفرادها وجرائره التي تعود بالسوء على القبيلة؛ مما يعرضها إلى المخاطر، فإن القبيلة كانت تتخلى عن مثل هؤلاء، وتعلن ذلك بين القبائل، وهو ما عُرف بنظام (الطرد) و(الخلع).
وبالمقابل كان هناك نظام آخر هو نظام (الولاء)، للأفراد والقبائل الصغيرة وغيرها، فقد يلجأ رجل إلى قبيلة غير قبيلته، ويقيم بينهم، ويحظى بحمايتهم ويكون موالياً لهم، وينطبق هذا على القبائل إن فعلت ذلك. وثمة أيضاً نظام (الجوار)، وهو أن يجاور رجل قبيلة محتمياً بها؛ فينال جوارها لا تخفره ولا تسلمه ولا تعتدي عليه ولا تسمح لأحد بذلك، وينطبق ذلك على القبائل أيضاً إن فعلته.
وقد عُني أبناء القبائل بحفظ أنسابهم وأنساب غيرهم ما أمكن، ولذلك نما علمُ النسب عند العرب، وكثرت الكتب ـ فيما بعد ـ التي تهتم بذلك قديماً وحديثا، وعُرف بين الجاهليين ومن بَعدهم أفراد يحفظون أنساب العرب، أُطلق عليهم اسم (النسّابة) منهم: سَطِيح، وشِق، ودَغْفَل، والنخّار بن أوس العُذري، وصُحار بن عيّاش العبدي، وأبو بكر الصديق وغيرهم.
يُقسم العرب في قبائلهم إلى ثلاثة أقسام:
-العرب البائدة:
وهم الذين أُخبِر عنهم في القرآن الكريم وكتب الأخبار؛ ولم يبق منهم أحد كقبائل طسم وجديس وعاد وثمود.
ويجعل بعض المؤرخين (العمليق) من العرب البائدة، ويقال فيهم أيضاً: بنو عملاق، ويقولون في نسبهم: عمليق بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح، ويقال: إنهم (أمم تفرقت في البلاد، وكان منهم من أهل المشرق وعُمان والحجاز والشام ومصر، ومنهم كانت الجبابرة بالشام الذين يقال لهم: الكنعانيون، ومنهم كانت الفراعنة بمصر، وكان منهم من أهل عُمان والبحرين أمة تُسمى: (جاسم)).
ـ العرب العاربة:
وهم عرب القبائل اليمنية القحطانية.
ـ العرب المستعربة:
وهم القبائل العدنانية الشمالية من أولاد إسماعيل ابن إبراهيم عليهما السلام. ولبعض العلماء والباحثين رأي آخر في هذا التقسيم. وتنقسم القبائل في ترتيبها من حيث الكثرة والقلة إلى أقسام، وهي:
ـ الشَّعْب: وهو مجموع القبائل التي تنتمي إلى أصل واحد كانتماء مجموعة من القبائل إلى عدنان، وأخرى إلى قحطان.
ـ القبيلة: وهي دون الشعب كقبيلة ربيعة، وقبيلة مضر، وكلتاهما من عدنان.
ـ العِمارة: وهي فرع من القبيلة كقريش، وكنانة، وتغلب، وبكر...
ـ البطن: وهو ما انقسم عن العمارة كبني عبد مناف من قريش، وبني جُشَم من تغلب.
ـ الفخذ: وهو ما انقسم عن البطن، كبني هاشم من بني عبد مناف...
ـ الفصيلة: وهي ما انقسم عن الفخذ كبني العباس من بني هاشم...
ولايكاد الباحثون يتفقون على هذا التقسيم، وهم يطلقون في الغالب لفظ (القبيلة) على تلك التجمعات البشرية دون تحديد دقيق للتسمية.
وتجدر الإشارة إلى أن المؤرخين اختلفوا أحياناً في نسب بعض القبائل، وعلى رأس القبائل المختلف في نسبها قبيلة (قُضاعة)، فمنهم من يعدها يمنية قحطانية، ومنهم من يعدها شمالية عدنانية، ويبدو أن الخلاف حول نسب هذه القبيلة خاصة تكمن وراءه دوافع سياسية وقبلية، فقبيلة قضاعة من القبائل الضخمة كثيرة العدد، وتنتمي إليها قبائل وبطون وعشائر كثيرة، فكان انتماؤها إلى أحد الجذمين العدناني أو القحطاني من شأنه رفد هذا الجذم بقوة وسلطان لا يستهان بهما.
ومن المعروف أن القبائل العربية لم تستقر في مكان واحد، بل كانت متنقلة حسب الضرورات والاحتياجات، والمشهور من أماكن توضع القبائل العربية قبل الإسلام: اليمن وتِهامة، والحجاز، ثم هضبة نجد الممتدة حتى الخليج العربي، وأرض العراق، والجزيرة الفراتية وبلاد الشام، ثم انساحت بعد الفتوحات شرقاً إلى إيران وخراسان وما وراء النهر، وغرباً على أرض الشمال الإفريقي حتى المحيط الأطلسي غرباً.
وكان العرب يطلقون بعض الأسماء على بعض القبائل لدلالات معينة، فقالوا: جمرات العرب، ورضفات العرب.
والجمرات: هي القبائل التي تستقوي بنفسها ولا تحالف أحداً غيرها لتجمعها واكتفائها بقوتها، وهي قبائل قليلة ذكرها النسابون، منها: بنو نمير، وبنو الحارث بن كعب، وبنو عبس.
والرضفات: هي أربع قبائل: شيبان وتغلب وبَهْراء وإياد؛ سميت بذلك لشدتها.
ومن هذا الباب أطلقوا اسم (الأراقم) على مجموعة من قبائل بني تغلب وهم من بني جُشَم، وإنما لُقّبوا بذلك (تشبيهاً لعيونهم بعيون الأراقم من الحيّات).
والمشهور أن القبائل العربية المتبقية انقسمت إلى قسمين: القبائل العدنانية الشمالية، والقبائل القحطانية الجنوبية.
وأشهر القبائل العدنانية: الدِّيث بن عدنان بن نزار، وبنو ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، وبنو مضر بن نزار، وبنو إياد بن نزار. ومن مضر: إلياس بن مضر، ومنهم عمرو (وهم: مدركة)، وعامر (وهم: طابخة)، وعمير (وهم: قَمَعة).
ومنهم الرِّباب: وهم خمس قبائل أبناء عبد مناة بن أُد بن طابخة بن إلياس بن مضر، وهي: تيْم، وعَدي، وعوف، وثور، وأشيَب، وسُموا بذلك (لأنهم تحالفوا مع بني عمهم تميم بن مر، فغمسوا أيديهم في رُبّ). ومن مدركة: خزيمة، وهذيل، وكنانة، والنضر، وأسد، والهون، ومالك الذين منهم قريش.
ومن طابخة بن إلياس: أُدّ، وعمرو، ومن أد: تميم بن مر بن أد، ومن فروعهم مزينة وبنو نهشل والرِّباب، ومنهم عُكْل، وهم بنو عوف بن وائل بن قيس بن عوف ابن عبد مناة بن أد بن طابخة.
ومن كنانة : النضر وملْك، ومِلْكان، وعبد مناة. ومن أسد دودان وكاهل وعمرو وصعب.
ومن بني مضر بن نزار: قيس عيلان، وجعفر بن كلاب، وقشير، ونمير بن عامر، وذبيان، وباهلة، وهوازن، وثقيف، وعُقيل، وقُشَير، وغيرهم.
ومنهم عَبْس: بطن من غطفان من العدنانية: عبس بن بغيض بن رَيث بن غطفان، والعبس الأسد، وهي من القبائل المشهورة قديماً وحديثاً؛ لأنها عُرِفت بأمور تناقلها الناس جيلاً بعد جيل، من ذلك أن هذه القبيلة كانت طرفاً في حرب داحس والغبراء التي دامت نحو أربعين عاماً في الجاهلية. وأن عنترة بن شداد منها بما رافق شخصيته من أخبار وأحداث. ومنها عروة بن الورد العبسي أبو الصعاليك في الجاهلية. ومنهم بنو فزارة بن ذبيان من قيس عيلان من مضر، منازلهم بنجد ووادي القُرى، وانتقلوا إلى طرابلس بإفريقيا.
ومن ربيعة بن نزار: بنو ضُبيعة، وبنو أسد، وعمرو، وعامر، وكلاب.
ومن أسد: جَدِيلة، وعَنَزَة وعميرة.
ومن جديلة دُعْمي، ومنه أَفْصَى، ومنه هِنْب، ومنه قاسِط، ومنه عامر، ومنه وائل، ووائل بن عامر من الشهرة بمكان؛ لأنه أبو قبيلتين مشهورتين في تاريخ العرب وهما بكر وتغلب اللتان اقتتلتا أربعين عاماً في حرب كبيرة تُعرف باسم (البسوس)، ومن هاتين القبيلتين فرسان وشعراء وعظماء كبار أمثال: كليب بن ربيعة، وأخيه المهلهل، وجساس بن مرة، وعمرو بن كلثوم، والأعشى، وطرفة بن العبد، والحارث بن حِلّزة، وغيرهم.
ومن بكر: بنو حنيفة، وعِجْل، وشيبان، وتيم الله بن ثعلبة، وذهل بن ثعلبة، وغيرهم.
ومن تغلب: غَنْم، والأوس، وعِمران، ومنهم: حُبِيب، وبكر، وجُشَم، وزهير، وعدي، ومعاوية، وغيرهم.
ومن إياد بن نزار: دُعْمي، وزُهْر، ونُمارة، وثعلبة. ومنهم: حُذافة، والدِّيل، ودوس..
ومن القبائل اليمنية القحطانية:
يَعرب، ويَشجب، وسَبأ، وكَهْلان، ومَذْحِج، وحِمْيَر، وكِنْدة، والأوس، والخزرج، وهَمْدان،
وحاشِد، وخَثْعم، وبَجِيلة، وبَكِيل، ويام، وأنمار، وطيء، ومازن، ولوذان، وعاملة، وخَولان،
والغساسنة من آل جفنة، والمناذرة اللخميون، والسَّكون.
ومنها: بنو جُذام: بطن من كَهلان القحطانية، وهم بنو جذام بن عَدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب ابن عريب بن زيد بن كهلان، وجذام أخو لخم وعم كندة، وجذام أول من سكن مصر من العرب بعد الفتح الإسلامي.
وبنو غامد: وهو لقب أطلق على عمرو بن عبد الله بن كعب بن الحارث الأزدي القحطاني، وهم بطن عظيم، وقيل: (سُمي غامداً لأنه وقع بين عشيرته شر فتغمّد ذنوبهم، أي غطاها وسترها، ومنه الغمد...سماه بهذا الاسم قَيْلٌ من أقيال حمير).
وبنو عك بن عرفان بن الأزد من القحطانية، ومنهم من ينسبهم إلى العدنانية على أن عكا أخو معد بن عدنان.
وبنو عَنْس: بن مالك بن أدد بن زيد ابن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان، منهم الأسود العنسي.
ومن قبائل قضاعة: كلب بن وبرة، وتنوخ، والنمر بن وبرة، وسَلِيح، وبهراء، وبَلي، وخولان (وهي غير اليمنية القحطانية)، وأسلم، وعُذرة، وجهينة، وغيرهم.
وتحسن الإشارة إلى أن أسماء بعض القبائل والبطون تتوافق فيما بينها، ويكون التمييز لها في باقي نسب القبيلة أو في الشهرة بين الناس، فمن ذلك مثلاً:
ـ تيم الله بن ثعلبة : يذكر هذا الاسم في أكثر من قبيلة؛ فهو في القبائل القحطانية، وفي جَديلة من ربيعة العدنانية، ومن أبناء النمر بن قاسط ابن هنب. إلا أن المشهور من هذه القبائل: بنو تيم الله بن ثعلبة بن عكابة بن صَعب بن علي بن بكر بن وائل، وهم اللهازم، وكان له من الولد الحارث ومالك وهلال وعبد الله وزِمّان وعَدي، وغيرهم.
ـ جَذيمة: بطن من أسد من خزيمة من العدنانية، وهم بنو جذيمة بن مالك بن نصر بن قعين بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد. وجذيمة أيضاً: بطن من النَّخْع من القحطانية، وهم بنو جذيمة بن سعد ابن مالك بن النخع. وبطن من الأزد القحطانية، وهم بنو جذيمة بن زهير بن قيس بن الحجر ابن عمران.
وبطن من خزاعة من الأزد من القحطانية. وبطن من عبد القيس بن ربيعة من العدنانية.
ـ ذُهل: بطن من بكر بن وائل، ذهل ابن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي.
وبطن من بني شيبان بن ثعلبة بن عكابة. وبطن من بني طابخة من العدنانية، وهم ذهل بن تميم بن عبد مناة بن أد بن طابخة. وبطن من طيئ، وهم ذهل بن رومان ابن جندب بن خارجة بن سعد بن قطرة ابن طيئ. وبطن من مزيقياء من الأزد القحطانية.
ـ ربيعة: بطون كثيرة في القبائل: فبنو ربيعة من شنوءة بن عامر بن صعصعة من العدنانية.
ومن بني الحارث بن كعب، ومن بني الأزد من القحطانية. ومن بني خلف بن خثعم وبني عذرة، من القحطانية. ومن بني عجل بن لجيم بن صعب ابن علي بن بكر بن وائل، ومن بني كعب بن سعد بن عبد مناة ابن تميم العدنانية، وفي تميم بطنان آخران باسم (ربيعة).
ومن بني عامر بن صعصعة. ومن عبد شمس بن مناف بن قريش. ومن بني عُقيل.
إلا أن المشهور قبائل ربيعة بن نزار ابن مضر، وتعرف بربيعة الحمراء، وهي قبائل كثيرة وكبيرة، ولها مكانة وسلطان وبأس بين القبائل العربية. توزعت قبائلها بين نجد والبحرين والعراق والجزيرة الفراتية.
وعلى الرغم من أن الإسلام جاء ليوحد الناس جميعاً تحت رايته؛ وليكون الولاء لله وحده، ولتقوم صلة العقيدة بين الناس مقام صلة النسب والدم، إلا أن الناس ظلت فيهم بقايا العصبية القبلية أو بقايا قيمها وأعرافها، كذلك فإن هذه القبائل توضعت بعد الإسلام في أماكن جديدة، واستقرت فيها، وحافظت بعض القبائل على مسمياتها القديمة حتى اليوم، ولاسيما القبائل اليمنية، التي ما زالت فيها قبائل مثل أرحب وحاشد على ما كانت عليه. وبعض القبائل تغيرت أسماؤها إلا أن أبناءها يعرفون الرابط الذي يربطهم بالأصول القديمة.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|