أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-11-2016
1968
التاريخ: 2024-01-16
884
التاريخ: 21-2-2021
1587
التاريخ: 2-2-2017
9207
|
تذكر بعض الروايات أن حليلًا أوصى لزوج ابنته قصي بحكم مكة وولاية البيت من بعده، ولكن خزاعة أبت، وسواء أكانت هذه الرواية أو الرواية السابقة أصح فإن حربًا قامت بين قريش وخزاعة، وقد انضمت كنانة إلى قريش، وانضم بنو بكر إلى خزاعة، واستنجد قصي ببعض إخوته لأمه من بني عذرة في الشمال، وظلت الحرب بين الفريقين سجالًا حتى تداعى القوم للصلح، وحكموا بينهم واحدًا من كنانة فقضى لقصي بولاية الكعبة وحكم مكة، فأصبح رئيسًا كما يقول بعض المستشرقين للجمهورية المكية وزعيمًا لديانتها، وقبل أن نتكلم عن حكومة قصي وأعماله الإصلاحية نذكر لمحة عن حياته الأولى: كان لكلاب بن مرة القرشي ولدان، زهرة وزيد، وكان زيد طفلًا عندما مات أبوه، وسرعان ما تزوجت أمه فاطمة من رجل اسمه ربيعة بن حرام من بني عذرة في حدود الشام، وأخذت زيدًا معها، فنشأ زيد بعيدًا عن موطنه الأصلي، ومن ذلك سمي قُصي «تصغير قاصٍ» ولما بلغ مبلغ الرجولة وعرف أصله الحقيقي عاد إلى مكة، حيث كان النفوذ الديني والمدني في أيدي الخزاعيين، وملكهم إذ ذاك حليل بن حبشية، وعز على قصي أن يرى الأجانب سادة بني قومه القرشيين، الذين تجري في عروقهم دماء أبيهم الأكبر إسماعيل، فصمم على أن ينتزع السلطان له من خزاعة، وبدأ ينفذ خطته بالتدريج، فتزوج من حبي ابنة حليل بأمل أن يرث من حميه امتيازاته، ولكن حليلًا قبل موته أوصى بمفاتيح الكعبة لقريبه أبي غبشان، فابتدأ قصي يرمي شباكه حول أبي غبشان، فأسكره واشترى منه مفاتيح الكعبة بزق خمر كما بينا، ولم يرتح الخزاعيون بطبيعة الحال لضياع المفاتيح من أيديهم، وادعى أبو غبشان أنه رهن المفاتيح ولم يبعها، وكان قصي يعلم أن هذا الأمر لا يمر بسلام، فاتخذ للحرب عدتها من قبل، ونال نصرًا حاسمًا كما بينا، وبذلك أصبح سيد البيت والمدينة، وكان ذلك في منتصف القرن الخامس الميلادي، ثم بدأ يقوم بأعماله الإصلاحية التي سنشرحها في الفقرة التالية.
إصلاحات قصي
(1) كانت أول خطوة خطاها قصي أن جمع أفراد قريش المبعثرين في نواحٍ متعددة إلى وادي مكة، فأظفره ذلك بلقب «المجمع»، وجعل لكل بطن حيًّا خاصًّا على مقربة من الكعبة، وكان الناس قبل ذلك لا يجرؤون على البناء بجوار الكعبة مبالغة في تقديسها، وكانت حجة قصي في ذلك أن يقيم على مقربة من البيت حماة له، يتعهدونه بالصيانة ويدفعون عنه الخطر، ولم يترك بين الكعبة والبيوت التي بنتها بطون قريش إلا بمقدار ما يسمح بالطواف، وقد أنشأت هذه البطون أحياء حصينة حول الكعبة من نواحيها الأربع.
(2) وابتنى قصي لنفسه قصرًا جعل بابه يؤدي إلى الكعبة مباشرة، وكان هذا القصر يُسمى دار الندوة، فكان قصي يتولى رئاسة هذه الدار، التي جعل من اختصاصها البت في كل الشئون العامة من تجارية وحربية وغيرها بعد مناقشتها، وكان لا يسمح بدخول هذه الدار إلا لمن بلغ عمرهم الأربعين سنة، إلا إذا كان من سلالة قصي، أو كان حكيمًا ومفوهًا، وكان القرشيون إذا أزمعوا حربًا يتلقون اللواء من يد قصي أيضًا، كما كان قصي يعقد رقاعًا من القماش الأبيض على أطراف الحراب ويقدمها بنفسه أو يبعثها مع أولاده إلى زعماء قريش، وقد ظل هذا الإجراء الذي يُسمى عقد اللواء منذ أن أنشأه قصي إلى آخر أيام الفتوح العربية. ولم تكن مهمة دار الندوة مقصورة على المسائل العامة التي بيناها، بل كان يبت فيها في المسائل الشخصية أيضًا، فكان لا يتزوج رجل ولا امرأة إلا في تلك الدار، ولا تدرع جارية من قريش إلا فيها، فيشق صاحب الدار درعها ويدرعها بيده، وكانوا يفعلون ذلك ببناتهم إذا بلغن الحلم.
(3) وقد نجح قصي في إثارة عاطفة الكرم والضيافة فيهم، وأخبرهم قائلًا: إن الحاج ضيف الله وهم أحق الضيف بالكرامة، فحمل الناس على دفع ضريبة سنوية تُسمى الرفادة، كان يقصد منها المعاونة على إطعام الحجاج الفقراء وغيرهم ممن يهبطون مكة في أيام منى، فجرى الأمر على ذلك في الجاهلية والإسلام، وهو الطعام الذي يصنعه الخلفاء والسلاطين كل عام بمنى. ورئاسة قصي لدار الندوة وعقده اللواء وجمعه الرفادة، تقابل في الاصطلاح الحديث رئاسته للسلطات التشريعية والحربية والمالية، مع شيء من التساهل.
(4) وكان قصي يهيمن إلى جوار ذلك على ما يُعرف بالسقاية، والمقصود بالسقاية تدبير الماء وحمله من آبار مكة المجاورة بالمزاود والقرب، ووضعه في أحواض لسقاية الحاج، وما زال ذلك الشأن حتى أعيد حفر زمزم، وفي بعض الأحيان كان يحلى ذلك الماء بشيء من التمر أو الزبيب.
(5) كذلك كانت لقصي الحجابة أو السدانة، ويقصد بها حفظ مفاتيح الكعبة، لا يفتحها إلا هو، ولا تقام شعائر دينية إلا بإذنه، وبذلك كانت لقصي السلطة الروحية أيضًا إلى جوار السلطات السالفة الذكر. وخلاصة القول إن قصيًّا جمع في شخصه كل الوظائف الرئيسية، دينية كانت أم مدنية «سياسية» فكان — مع شيء من التجاوز — ملك بلاد العرب ورئيسها الديني الأعلى، وقد أضفى نفوذه هذا على قبيلة قريش مجدًا وجاهًا عظيمين، ومنذ أيام قصي وقريش تتمتع بمركز ممتاز بين بقية أعقاب إسماعيل.
ومات قصي حوالي سنة 480 ميلادية، بعد أن عمر أكثر من ثمانين سنة، وترك من الأبناء عبد الدار وعبد مناف وعبد العزى.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|