أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-11-2016
872
التاريخ: 22-11-2016
831
التاريخ: 7-12-2018
1384
التاريخ: 22-11-2016
1142
|
دوافع الفتح وممهداته:
لا يمكن الحديث عن فتح العرب لإسبانيا بمعزل عن بقية حروب التحرير التي خاضها العرب المسلمون في سبيل إعلاء كلمة الله، ونقل رسالة السماء إلى الشعوب المضطهدة التي كانت ترزح تحت نير القوى الأجنبية كالفرس والبيزنطيين. فلقد كان للعرب الذين وحّدهم الإسلام غاية نبيلة في الفتوح تمثلت أولاً في تحرير إخوانهم العرب أينما وجدوا، وثانياً: في تحرير الشعوب الأخرى من الجهل والوثنية والتسلط الأجنبي، ثم في نشر قيم ومثل الحضارة الإنسانية التي أنارت الدرب لهذه الشعوب، وساعدت على امتزاج الثقافات، والتجارب والخبرات، خدمة للبشرية جمعاء. ولقد نجح العرب في شمال افريقيا - كما نجحوا في غيرها من الأماكن - في كسب سكان البلاد الأصليين، أي البربر، إلى جانبهم، ولو أن ذلك تأخر لفترة من الزمن بسبب تواجد القوى الأجنبية المتمثلة بالبيزنطيين الذين كانت تربطهم علاقات مع بعض البربر الموالين لهم والذين قاوموا الفتح العربي إلى حين. ولكن عندما أدرك البربر جوهر الرسالة السامية التي يحملها العرب، وأنهم لم يأتوا من أجل مغنم أو كسب مادي، تعاونوا معهم وامتزجوا بهم، ووحد الإسلام بين الاثنين، فأصبحوا قوة كبيرة في المنطقة. واعتمد العرب اعتماداً كبيراً على البربر، لا سيما في عهد الوالي موسى بن نصير، حيث عهد إلى زعماء من البربر بقيادة الجيوش الإسلامية التي استمرت تؤدي رسالتها في استكمال تحرير شمال افريقيا. وبفضل هذا التعاون الفعال استطاع العرب أن يحققوا فتح إسبانيا.
في بداية العقد الأخير من القرن الأول الهجري (في حدود سنة 90هـ/ 708 م) عهد القائد العربي موسى بن نصير إلى طارق بن زياد بتولي قيادة البربر المسلمين الذين انتظموا في صفوف الجند العربي في منطقة المغرب الأقصى، فاتخذ مدينة طنجة مقراً له. ولقد كان حماس هؤلاء البربر إلى الجهاد ونشر مبادئ الإسلام التي جاء بها العرب كبيراً. ونظراً لطبيعة المنطقة الجغرافية، فلم يكن أمام طارق وجنده سوى التوجه بأنظارهم إلى شبه الجزيرة الآيبيرية، ولا سيما أن مناطق الجنوب كانت صحراوية لا تشجع على التجارة إليها أو التوغل فيها. يضاف إلى ذلك، أن البربر كانوا على اتصال دائم مع السواحل الاسبانية لقربها، وكانوا أيضاً على علم تام ومعرفة أكيدة بمدى خصب شبه الجزيرة وغناها، وعن خطورة مشاكلها الاجتماعية والسياسية، التي ذكرناها آنفاً، وضعف دولة القوط الغربيين بصورة عامة. ولقد شجعت هذه العوامل العرب والمسلمين على التفكير بفتح إسبانيا، وضمها إلى حظيرة المناطق التي تم تحريرها في المشرق العربي وشمال افريقيا. أما ما يذكره بعض المستشرقين المغرضين، وما يروجه بعض الكتاب من التلميح إلى أن الدوافع المادية، والغنائم، وحب التوسع هي التي دفعت بالعرب إلى الفتوحات، فأمر لا يؤيده الواقع (1). فلم يكن هدف العرب الكسب المادي، بل كانت لهم غاية نبيلة أهم من ذلك بكثير، وأبعد تأثيراً، ألا وهي نقل مبادئ وقيم السماء السمحة إلى البلاد المفتوحة، والجهاد في سبيل الله من أجل تحريرها. أما الغنائم والمكاسب، فهي تحصيل حاصل، ونتيجة طبيعية من نتائج الحروب التي كانت وما تزال تقوم بين الأمم، فالغالب لا بد أن يستولي على مخلفات المغلوب، ولو أن موقف العرب من هذا أفضل بكثير من مواقف غيرهم من الشعوب، نتيجة لنظرتهم الإنسانية السامية.
لقد تطرقت المصادر التاريخية العربية إلى الأسباب التي أدت إلى الفتح العربي الإسلامي لشبه الجزيرة الآيبيرية، ولكنهم يرجحون السبب الرئيس إلى وازع الانتقام الشخصي، ويسوقون على ذلك قصة أسطورية ملخصها أن الكونت يوليان، أو جوليان Julian حاكم مدينة سبتة قد شجع العرب على الفتح انتقاماً لنفسه من لذريق ملك إسبانيا الذي اعتدى على شرف ابنته. وتروي القصة أنه كانت لجوليان ابنة جميلة، أرسلها جرياً على عادة الأشراف في ذلك الوقت إلى بلاط طليطلة لتتعلم وتتثقف مع بنات الملك.
وقد رآها لذريق وسحر بجمالها، ثم حاول أن ينال منها، ولكنها قاومته ورفضت، فلجأ إلى القوة واعتدى على شرفها برغم إرادتها. وعندما كتبت إلى أبيها بالحادث أسرع بالسفر إلى طليطلة وعاد بابنته إلى سبتة، وهو يضمر الشر والانتقام. وقد دفعه حقده هذا إلى التوجه إلى موسى بن نصير وحثه على فتح إسبانيا (2). وتذكر روايات أخرى أنه سار إلى طارق بن زياد، حاكم مدينة طنجة، وأعلمه برغبته في الانتقام واستعداده لمساعدة العرب في حرب القوط الغربيين (3).
ولا نجد هذه القصة في المصادر الاسبانية المعاصرة للأحداث، ولكن بمرور الزمن انتقلت هذه القصة إلى القصص الاسباني والأغاني الشعبية الاسبانية التي تعرف باسم Romancero. ثم اختلطت هذه الروايات بالتاريخ الاسباني كما لو أنها كانت حقيقة واقعة (4). ويختلف المؤرخون المحدثون في هذه القصة، فمنهم من يرى أنها صحيحة، ومنهم من يرى أنها من اختراع القصاص (5). وعلى أية حال، فنحن لا نستطيع الاعتماد عليها كثيراً في تعليل تعاون جوليان مع العرب، نظراً للظروف السياسية التي كانت تحيط بسبتة والتي دفعته أخيراً إلى الوقوف مع العرب في عملية الفتح.
وفي الحقيقة تتضارب الآراء بشأن شخصية جوليان حاكم سبتة فهناك من يرى أنه قوطي الأصل، وهناك من يرى أنه بيزنطي، أو بربري من قبيلة غمارة، ولكن معظم الروايات تتفق على أنه كان يحكم سبتة وما يجاورها في الوقت الذي وصل فيه العرب إلى الطرف الغربي الأقصى من شمال افريقيا. ومن المرجح أنه كان الحاكم البيزنطي لإقليم موريطانيا الطنجية Mauretania Tingitania الذي كان تابعاً للإمبراطورية البيزنطية، ولكنه بعد تقدم العرب في شمال افريقيا انقطعت به الأسباب عن بيزنطة، فأصبح مستقلاً في هذه الناحية، واضطر للاتصال بالقوط في عهد الملك غيطشة، وقام بين الاثنين تعاون قوامه إرسال المؤن والامدادات من إسبانيا إلى جوليان. ويبدو أن موت غيطشة واستيلاء لذريق على العرش قد وضع حداً لهذه العلاقات الطيبة لا سيما أن جوليان كان من أصدقاء غيطشة. ولهذا فلم يكن أمام جوليان إلا الرضوخ للعرب والتعاون معهم، لا سيما أنه رأى أن الأمور تسير لصالح العرب والمستقبل يبشر بتفوقهم على القوى الأخرى في المنطقة. وقد أخفق موسى بن نصير في أن يسيطر على سبتة بالقوة بسبب حصانة أسوارها، ومقاومة جنود جوليان، فتم عقد الصلح بين الطرفين.
وبموجب هذا الصلح ظل جوليان حاكماً على سبتة مقابل اعترافه بالسيادة العربية، ورجع
موسى إلى القيروان (6).
وتذكر الحوليات اللاتينية رواية أخرى مفادها أن أولاد غيطشة هم الذين اتصلوا بالعرب ودعوهم إلى فتح إسبانيا ومساعدتهم في إعادة ملكهم المفقود، وأن الفتح العربي، ونجاحه كان نتيجة لهذا الاتصال (7). وتشير بعض المصادر العربية أيضاً إلى مباحثات جرت في طنجة قبيل الفتح بين طارق بن زياد وأحد أولاد غيطشة (8). بينما يقول آخرون أن هذه المباحثات حدثت قبيل بدء المعركة الفاصلة بين طارق بن زياد وجيش القوط بوقت قصير. وذلك عندما أصبح طارق فعلاً في إسبانيا؛ فعرض أبناء غيطشة، أن يتخلوا عن لذريق، ويؤيدوا طارقاً بجنودهم شريطة أن يضمن لهم كل ممتلكات والدهم، والتي تبلغ ثلاثة آلاف ضيعة، وهي التي سميت فيما بعد بصفايا الملك (9)، وذلك بعد أن يخضع إسبانيا جميعها. ولا تعرض المصادر العربية الأخرى لذكر أية مباحثات بين طارق بن زياد وأولاد غيطشة، بل كل ما في الأمر أن هؤلاء الأولاد وبعض نبلاء القوط قرّروا التخلي عن لذريق في ساحة المعركة لأنهم اعتقدوا خطأ بأن العرب لا ينوون الاستقرار في البلاد، بل أنهم جاؤوا فقط من أجل الغنائم، وأنهم سيعودون بعد اندحار لذريق، ويرجع العرش إلى أسرة غيطشة (10). وبطبيعة الحال، فإن رأي هؤلاء المؤرخين أقرب إلى الصواب، وينسجم مع طبيعة الأحداث، فضلا عن أنه يعارض فكرة نجاح الفتح بمساعدة قوى من داخل إسبانيا، الأمر الذي يروجه أعداء العرب للتقليل من شأنهم وقوتهم، فيبالغون في دور أسرة غيطشة في مساعدة العرب، وكذلك في دور اليهود، كما سنرى فيما بعد (11).
وإذا ما سلمنا بأن دور أسرة غيطشة وأنصارها قد اقتصر على الوقوف إلى جانب العرب بعد عبورهم فعلا إلى إسبانيا، فإن دور الكونت جوليان يبقى أمراً لا يمكن إنكاره بسبب إجماع الروايات، على وجوده وموقفه من الفتح. ولكن ما هي مصلحة جوليان من فتح العرب لإسبانيا، لا سيما أننا استبعدنا دافع الانتقام الشخصي المتمثل برواية ابنته في بلاط طليطلة؛ لقد سبقت الاشارة إلى العلاقات الطيبة بين جوليان والملك غيطشة، وإلى المساعدات التي كان يتلقاها الأول من إسبانيا. ولكن بوفاة غيطشة ومجيء لذريق، توقفت هذه المساعدات نتيجة لانشغال الأخير بمشاكله الداخلية العصيبة. وقد استاء جوليان من هذا الموقف، وشعر بأهمية التعاون مع العرب وبشكل خاص في العبور إلى إسبانيا، لأنه أدرك قوة العرب ومستقبل سيادتهم على المنطقة، هذا بالإضافة إلى أنه كان من أصدقاء الملك غيطشة، وبالتالي فهو لم يرضَ عن استيلاء لذريق على عرش إسبانيا بدلاً من ورثة غيطشة. ولهذا فقد بدأ اتصاله بطارق بن زياد لأنه كان قريباً منه في طنجة، أو ربما يكون طارق نفسه هو الذي اتصل به واطلع على رأيه في مسألة العبور إلى إسبانيا، لا سيما أننا نعلم أن دوافع العرب والمسلمين، كانت قوية للفتح والتحرير، فلم يكونوا بحاجة لمن يحثهم على هذا الواجب المقدس، بل هم الذين اتخذوا بادرة الفتح بقيادة قائدهم الشجاع طارق بن زياد.
وتذكر بعض المصادر أن موسى بن نصير هو الذي اتخذ قرار الفتح، وهم يشيرون أيضاً إلى مراسلات تمت بهذا الشأن مع الخليفة في دمشق (12). ولكن بُعد المسافات بين طنجة والقيروان ودمشق تدعو المرء إلى التحفظ في قبول هذه الرواية، وبخاصة أن العديد من المؤرخين الآخرين يشيرون صراحة إلى أن عبور طارق إلى إسبانيا كان دون معرفة موسى بن نصير (13). وبطبيعة الحال، فإن هذه المسألة ليست جوهرية، لأن هدف كل من القائدين كان حتماً خدمة المبادئ الإنسانية التي حملها العرب، وتوصيلها إلى شعوب الأرض الأخرى، وبالتالي، فإن النتيجة واحدة، وهي فتح هذا الجزء من العالم وتحريره وليس أدل على هذا من مسارعة موسى بن نصير، حين سماعه بأنباء الفتح، إلى نجدة قائده طارق، والعمل على استكمال الفتح الذي تم أخيراً بالتعاون الفعال والمثمر بين القائدين.
خطة الفتح وحوادثه في زمن طارق بن زياد:
لم يكن فتح العرب لإسبانيا مغامرة حربية ارتجالية بل كان فتحاً منظماً مدروساً حسب خطة ذكية وضعها القائد طارق بن زياد. فعلى الرغم من معرفته بالوضع المتردي الذي كانت عليه إسبانيا، لم يغامر بأرواح جنوده دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة والقيام بغارة استكشافية على جنوب إسبانيا لجس النبض ومعرفة مدى مقاومة الأعداء في الجانب الآخر. وقد عهد بقيادة هذه الحملة الاستطلاعية إلى قائد يدعى أبو زرعة طريف ابن مالك المعافري، الذي عبر إلى الأندلس في رمضان سنة 91هـ/ آب – أيلول 710 م (14). وكانت قوة طريف الاستطلاعية تتألف من أربعمئة راجل ومئة فارس، أبحر هؤلاء على متن أربعة مراكب هيئت من قبل الكونت جوليان، ونزلت على جزيرة تسمى بالوماس ( Las Palomas) والتي تقع على الشاطئ الاسباني في موضع أصبح يعرف حتى اليوم باسم طريف ( Tarifa). ولقد تكللت جهود طريف بنجاح باهر، في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة الآيبيرية، وقام بعدة حملات موفقة في المنطقة دون أن يلاقي أية مقاومة، وأصاب كميات وافرة من الغنائم والأسلاب، ثم رجع إلى الشمال الافريقي (15).
حملة طارق بن زياد:
إن النتائج المرضية التي حققتها مهمة طريف شجعت طارقاً على المضي في خطته بالفتح، فقرر أن يقود بنفسه الحملة المقبلة التي كانت تتألف من اثني عشر ألف رجل من مقاتلي العرب والبربر المسلمين. وكانت نسبة البربر المشاركين في هذه الحملة عالية نظراً لاعتناقهم الإسلام وانتظامهم في الجيش (16). وكان معظم المقاتلين من العرب قد رجعوا إلى القيروان مع موسى بن نصير ولم يبقَ مع طارق بن زياد إلا عدد قليل من العرب من أجل أن يعلموا البربر مبادئ وتعاليم الإسلام (17). ويُعد عبد الملك بن عامر المعافري، الجد الأعلى للمنصور بن أبي عامر، من أشهر الرجال العرب المساهمين في هذه الحملة (18). ويذكر بعض المؤرخين أن جيش طارق كان يتألف أول الأمر من سبعة آلاف رجل، ثم لحقهم خمسة آلاف آخرون أرسلهم موسى بن نصير (19)، ولكن الأرجح أن الاثني عشر ألف جندي، المذكورين أولاً، هم الذين كانوا بإمرة طارق وبهم جميعاً عبر إلى الأندلس (20).
وتشير الظروف التي رافقت عبور طارق بن زياد ونزوله على الشاطئ الاسباني إلى أنه كان لا بد قد أبحر من سبتة. ويمكن أن نعتمد على هذه الحقيقة، لأن المصادر تذكر باستمرار أن جيش طارق تم نقله إلى إسبانيا على متن مراكب تجارية قدّمها جوليان حاكم سبتة (21). وبطبيعة الحال فقد كان طارق يمتلك سفنه الخاصة به في طنجة، هذا بالإضافة إلى السفن العربية الأخرى التي كانت تنتجها دار صناعة السفن في تونس (22).
ولكن يبدو أنه أراد أن يحيط عملية نزوله بالسرية التامة، وذلك باستعمال مراكب تجارية، والاقلاع من ميناء آخر، أي من سبتة. ويصف المؤرخ التونسي عبد الملك بن الكردبوس عمليات نزول جيش طارق إلى الأندلس، فيذكر أن الأخير كان يرغب في إيجاد مكان ملائم للنزول على الشاطئ الاسباني (ربما منطقة الجزيرة الخضراء التي تقابل سبتة). ولكن طارقاً تخلى عن النزول في هذا المكان عندما وجد جماعة من القوط حاولت منع نزوله، فأبحر منه ليلاً إلى مكان وعر من الشاطئ. وقد استخدم المجاذيف وبراذع الخيول التي ألقيت على الصخور لتسهيل عملية النزول، وبهذا ضمن سلامة جنوده (23). وقد نُفذت هذه العملية في الليل، وربما استغرقت أكثر من ليلة واحدة بسبب قلة المراكب، التي كانت مستمرة بنقل الرجال بين الشاطئين، إلى أن هبط كل أفراد الحملة على الأراضي الاسبانية بسلام.
ويجدر قبل استكمال عرض أحداث الفتح في عهد طارق أن نشير إلى القصة الشائعة التي تقول بأن طارقاً قد أحرق سفنه بعد نزوله إلى الشاطئ ليقطع على جنوده خط الرجعة وليحفزهم على الاستبسال في القتال، ثم خطبته المشهورة التي يبتدؤها بالقول: " أيها الناس أين المفر؛ البحر من ورائكم والعدو أمامكم وليس لكم والله إلا الصدق والصبر ... " (24). ولقد شك العديد من الكتّاب المحدثين في نسبة هذين العملين إلى طارق، لأن معظم المصادر العربية التي تحدثنا عن فتح الأندلس، لا سيما القديمة منها، لا تذكر شيئاً عن حرق السفن والخطبة. يضاف إلى ذلك، فإن أسلوب الخطبة وفصاحتها لا يشجعان على نسبتها إلى طارق، الذي تشير معظم الروايات إلى أنه كان من البربر. أما أسطورة حرق السفن فلم تدوّن إلا في القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر للميلاد، أي بعد فتح الأندلس بأكثر من ثلاثة قرون، ولهذا فهي أيضاً عرضة لكثير من الريب (25).
نزلت حملة طارق على صخرة تسمى جبل كالبي ( Mons Calpe)، التي اتخذت اسم طارق منذ ذلك اليوم، فأصبحت تسمى بجبل طارق (26). وهناك خلاف بشأن الموعد الصحيح للحملة، فيذكر بعض المؤرخين السنة التي حدث فيها الفتح فقط، أي سنة 92 هـ (تبدأ في تشرين الأول 710 م)، ويثبت آخرون اليوم والشهر الذي حدث فيه العبور، ومع هذا فإن الأغلبية تعتقد بأن نزول طارق على الشاطئ الاسباني حدث في رجب 92هـ/ نيسان 711 م (27). وهذا وقت مناسب جداً لا سيما أنه يقع في موسم الربيع الذي يتميز باعتدال الجو. ولقد أقام طارق عدة أيام في الجبل الذي اتخذه قاعدة لعملياته العسكرية، التي ابتدأت بفتح الجزيرة الخضراء والمناطق المجاورة من أجل السيطرة على المضيق وحماية خطوطه الخلفية وتأمين اتصالاته بشمال افريقيا. وفي الوقت نفسه أرسلت كتيبة قوية من الجند بقيادة القائد عبد الملك بن عامر المعافري لفتح حصن قرطاجنة، الذي يقع شمال غرب جبل طارق، ويدعى الآن باسمTorre de Cartagena (28). وبعد سقوط هذا الحصن، وقعت كل المناطق المحيطة بمضيق جبل طارق بيد المسلمين. وتولى عبد الملك المعافري مسؤولية حماية الجزيرة الخضراء، يساعده في ذلك جوليان، وبهذا أصبحت مؤخرة جيش طارق آمنة، وسهلت خطوط اتصاله بالشمال الافريقي.
معركة كورة شذونة:
مضى على طارق نحو شهرين ونصف قبل أن تقع المعركة الفاصلة بينه وبين لذريق في كورة شذونة. وتذكر الروايات أنه هوجم في هذه الأثناء من قبل قائد قوطي يسمى تُدْمير Theodemir الذي لم يستطيع إعاقة تقدم جيش طارق، فأرسل إلى لذريق بطلب المساعدة الفورية (29). واعتماداً على روايات أخرى، فإن لذريق كان قد أرسل قوات عديدة لإيقاف الجيش العربي الإسلامي، كانت إحداها بقيادة ابن أخ له يدعى بنج Banj (بالإسبانية Sancho أو Bancho)، ولكنه قتل مع رجاله (30). ولا يتوفر لدينا دليل يمكننا من أن نقطع برأي جازم في صحة أحداث هاتين الروايتين، ولكن يبدو أنه من غير المحتمل أن يقوم لذريق بإرسال قوات من مكان بعيد في الشمال الشرقي من شبه الجزيرة، حيث كان مشغولاً بالقضاء على اضطرابات خطيرة في مقاطعة الباسك. وعلى أية حال، فما أن سمع لذريق بنزول طارق حتى رجع نحو الجنوب، وقام بالاستعدادات اللازمة لمواجهة جيش الدولة العربية، ومنها أنه توصل إلى مصالحة أسرة غيطشة وأنصارها للوقوف صفاً واحداً أمام المسلمين. وتبالغ الروايات العربية في تقدير جيوش الأعداء، فتذكر بأن عدد جيش لذريق كان يتراوح بين أربعين إلى مئة ألف رجل (31).
وبطبيعة الحال، فإن الأوضاع السيئة التي كانت تعيشها إسبانيا في ذلك الوقت، تجعلنا لا نميل إلى تصديق الروايات التي تبالغ كثيراً في عدد الجيش القوطي، ومع هذا، فمن المؤكد أنه كان يفوق جيش طارق بكثير.
وتقابل الجيشان في كورة شذونة جنوب غرب إسبانيا، ولكن موقع المعركة الدقيق غير معروف تماماً. وهناك العديد من الدراسات الحديثة بشأن المكان الذي وقعت فيه المعركة الفاصلة بين لذريق وطارق، ومصير لذريق في هذه المعركة. وعلى سبيل المثال، فإن المستشرق الاسباني سافيدرا، يرى حدوث معركتين:
الأولى: وقعت قرب مدينة شذونة، بين جبل رتين ( Retin) وبحيرة لاخاندا ( la Janda).
والثانية: عندما هرب لذريق نحو الشمال وحارب جيش الدولة العربية بالقرب من مدينة سلمنقة
Salamanca، حيث قتل ودفن في منطقة مجاورة (32). ويعارض ليفي بروفنسال وغيره من المستشرقين هذه الفكرة، ويتفقون مع المؤرخين العرب على حدوث معركة واحدة فقط بين القوط والمسلمين، وقعت بالقرب من ضفاف نهر وادي بكة أو لكة Guadalete ،في كورة شذونة، وأن لذريق هزم وقتل، أو فقد قرب هذا النهر (33).
ويذكر بعض المؤرخين العرب أن لذريق هرب من ساحة القتال، وأنه قتل أو غرق في مكان يدعى وادي الطين، ولكنهم لم يحددوا موقع هذا المكان (34). ويعتمد الدكتور حسين مؤنس على التشابه الموجود بين اسم وادي الطين، واسم Guadalentin الذي هو أحد فروع نهر شقورة Seguar في محافظة مرسية في شرق إسبانيا، فيقترح بأن وادي الطين ما هو إلا نهر Guadalentin، ولهذا فهو يرى بأن المسلمين لاحقوا لذريق إلى هذا المكان (35)، وهذا احتمال بعيد يصعب تصديقه، لا سيما إذا ما لاحظنا بعد المسافة بين شذونة في الجنوب الغربي من إسبانيا، ومحافظة مرسية في الجنوب الشرقي.
إن موقع المعركة الدقيق ليس له أية أهمية جوهرية بالرغم من كثرة البحوث والمقالات التي كتبت فيه. ومع هذا فعلى الباحث أن يعترف أنه بالرغم من أن المعركة استمرت ثمانية أيام فقط (28 رمضان - 5 شوال 92هـ/ 19 - 26 تموز 711 م)، فإن معركة واسعة النطاق كهذه، سميت بعدة أسماء مختلفة مثل معركة البحيرة، وادي بكة؛ وادي لكة، وادي البرباط، شريش، السواني، والسواقي، لا يمكن أن نحدد لها، كما يرى الدكتور أحمد مختار العبادي (36)، مكاناً واحداً مثل جنوب مدينة شذونة أو شماليها، ولهذا فمن المحتمل جداً أنها حدثت كلياً أو جزئياً في كل هذه المناطق المذكورة التي تقع في كورة شذونة، فهي معركة هذه الكورة بأسرها (37).
استئناف حملة طارق إلى الشمال انهزم القوط الغربيون في هذه المعركة وتفرق جمعهم، وتكبدوا خسائر فادحة، ولكن مصير لذريق، كما أسلفنا، لم يكن معروفاً. أما المسلمون، فقد استشهد منهم ثلاثة آلاف رجل (38). ولقد كان هدف طارق المباشر أن يلاحق فلول المنهزمين وينهي مقاومتهم قبل أن يستأنف سيره نحو الشمال. وهذا يشير إلى أنه كان على علم تام بطبيعة الموقف في إسبانيا في ذلك الوقت، وأنه أدرك بأن فتح وتحرير إسبانيا بصورة كاملة لا يمكن أن يتم دون القضاء على قوة القوط. وقد افتتح طارق مدينة شذونة بعد انتصاره على لذريق، ولم يُضيع وقتاً فأكمل سيره إلى مدينة استجة Ecija، التي تجمع فيها فلول القوط في محاولة لمنع المسلمين من دخولها. وفي طريقه إلى هذه المدينة افتتح طارق مورور، وتدعى الآن Moron de la Frontera، في منطقة أشبيلية. وبعد ذلك عسكر قرب استجة وضرب عليها الحصار. وبعد معركة حامية حقق المسلمون نصراً آخر، بالرغم من مقتل وجرح العديد من رجالهم (39). أما فلول جيش القوط فقد هربت إلى مدن أخرى، وازدادت خشية القوط الغربيين جداً عندما تبين لهم عزم طارق على البقاء في إسبانيا، فهجروا مناطق السهول من البلاد، والتجأوا إلى الجبال وبقية المدن الحصينة الأخرى (40).
ولمنع القوط من أية محاولة لتوحيد صفوفهم قرر طارق أن يزحف إلى طليطلة عاصمة القوط الغربيين. وتذكر المصادر أن جوليان نصح طارقاً بتفريق جيشه وإرسال عدة حملات إلى مناطق أخرى من إسبانيا، فأرسل حملات إلى مالقة، والبيرة، ومرسية وقرطبة (41). ولكن من غير المعقول أن يقوم طارق بتقسيم قواته القليلة العدد، في الوقت الذي كان ينوي فيه أن يتوغل بعمق في أراضٍ معادية. ويمكن قبول الرواية التي تشير إلى الحملة المرسلة إلى قرطبة، بسبب وجود الاشارات الكثيرة إلى قائد الحملة، مغيث الرومي، وإلى أحداث الحملة نفسها، ومع هذا، فهناك روايات أخرى تنسب قيادة حملة قرطبة إلى طارق بن زياد نفسه (42).
فتح قرطبة:
عهد طارق إلى مغيث الرومي بقيادة الحملة المتوجهة إلى قرطبة. فسار مصحوباً بسبعمئة فارس من استجة بينما زحف طارق ببقية رجاله إلى طليطلة. وعندما وصل مغيث إلى ضواحي قرطبة، عسكر في منطقة تسمى شقندة Seconda، قرب ضفاف نهر الوادي الكبير. وقد وجد بأن حاكم المدينة القوطي ما يزال هناك ترافقه حامية مؤلفة من أربعمائة إلى خمسمئة رجل، أما بقية السكان فقد غادروا إلى طليطلة. ولكن مغيثاً أفلح في اقتحام المدينة بسبب وجود ثغرة في أسوارها، فانسحب حاكمها مع حاميته، وتحصنوا في كنيسة تقع خارج الأسوار تدعى شنت أجلح San Acisclo، حيث ضُرب عليهم الحصار هناك لمدة ثلاثة أشهر. وعندما أيقن هؤلاء بعدم قدرتهم على الاستمرار في المقاومة، حاول حاكمهم الهروب إلى طليطلة، لكنه وقع في أسر مغيث، وأبيدت الحامية بأجمعها. ثم وضع مغيث ترتيبات الدفاع عن المدينة وإدارتها، وتذكر المصادر أنه جمع كل يهود المدينة، وعهد إليهم بالاشتراك مع المسلمين بمهمة الدفاع عنها (43).
وتشير مصادرنا العربية إلى التعاون بين اليهود والعرب أثناء فتح الأندلس، وأنهم، أي العرب، كرروا ما فعلوه في قرطبة مع بقية المدن الاسبانية الأخرى، فحين يتم فتح أية مدينة، كانوا يعمدون إلى ضم سكانها اليهود إلى جملة المدافعين عنها (44). بطبيعة الحال فإن التضييق الشديد الذي لاقاه اليهود على يد ملوك القوط الغربيين، جعلهم يميلون إلى العرب والمسلمين، الذين وثقوا بهم، وعاملوهم معاملة طيبة جداً، وخلصوهم من العذاب الذي كانوا فيه. إن موقف العرب النبيل، والتسامح الذي مارسوه مع اليهود في إسبانيا، بل في معظم المناطق التي شملتها الدولة العربية الإسلامية في العصور الوسطى، قوبل مع الأسف بنكران وجحود من قبل الصهيونية العالمية التي شردت أبناء العرب واغتصبت أرضهم في فلسطين.
ومع هذا فعلى المرء أن يتوقع بأن قصة التعاون الذي ساهم به اليهود في الفتح قد بولغ فيها كثيراً، لا سيما من قبل بعض المؤرخين الاسبان (45). والغرض من هذا واضح، وهو محاولة التلميح إلى أن العرب لم يتمكنوا من فتح إسبانيا لولا مساعدة اليهود. والتآمر معهم على دولة القوط. وهذا بطبيعة الحال غير صحيح ، لأن اليهود ساعدوا العرب بعد دخولهم الفعلي إلى إسبانيا، ولم يكن هناك اتفاق سابق أو مؤامرة مدبرة لتسليم إسبانيا إلى العرب.
فتح طليطلة وما يجاورها:
سار طارق من استجة في طريقه إلى طليطلة عبر الطريق الروماني القديم الذي يمر بمدينة جيانJaen،والذي يدعى هانيبال Anibal. فعبر نهر الوادي الكبير عند مَنْجيبار Mengibar، وتقدم إلى الشمال (46). وعندما وصل إلى طليطلة، وجدها خالية إلا من بعض اليهود، ووجد حاكمها قد انسحب إلى مدينة أخرى خلف الجبال. وقد سار طارق لملاحقة الهاربين، مخلفاً وراءه بعض الجنود الذين تولوا مسؤولية الدفاع عن المدينة. واتخذ طريق وادي الحجارة Guadalajara، فوصل إلى مدينة تسمى مدينة المائدة (47)، ويحتمل أنها قلعة هنارس Alcala de Hanares التي تقع شمال شرقي مدريد الحالية (48). أما اسم المائدة فهو مشتق من "مائدة" ثمينة صنعت من الذهب والفضة ومن معادن نفيسة أخرى، عثر عليها طارق بن زياد، وهي، كما يُروى، تعود إلى سليمان بن داود عليهما السلام (49). وقصة المائدة كما يبدو ما هي إلا محض أسطورة وإن ما عثر عليه طارق لا يعدو أن يكون مذبحاً لكنيسة طليطلة حُمل إلى هذا المكان من قبل الهاربين والقساوسة (50). وعلى أية حال، فبعد فتح قلعة هنارس ووادي الحجارة، غنم طارق هذه "المائدة" مع الكثير من التحف الثمينة الأخرى. ولم يستمر في التقدم إلى أبعد من هذا المكان، بل عاد إلى طليطلة في سنة 93 هـ (المبتدئة بتشرين الأول 711 م)، وقضى فصل الشتاء هناك (51). ومع هذا فهناك روايات أخرى تشير إلى أنه استمر في فتوحه، فوصل إلى جليقية Galicia، واسترقة Astorga، وما يجاورها من مناطق (52)، الأمر الذي يصعب تصديقه، بسبب اطلالة الشتاء وصعوبة تضاريس المنطقة.
حملة موسى بن نصير:
لقد كان رد الفعل لنجاح حملة طارق عظيماً في شمال افريقيا، فبعد سماعهم بالنصر الذي أحرزه طارق على لذريق في موقعة كورة شذونة، اتجه البربر إلى إسبانيا من كل صوب، وعبروا المضيق بكل ما وقعت عليه أيديهم من قوارب ومراكب. وبعد وصولهم مباشرة، بدأوا بالاستقرار في المناطق السهلة من البلاد، لا سيما تلك التي هجرها السكان المحليون الذين هربوا إلى القلاع والحصون المنيعة (53). وعندما وصلت هذه الأنباء، وأحداث النجاح الباهر الذي حققه طارق في إسبانيا، إلى اسماع موسى بن نصير في القيروان، قرر أن يزحف بجيش عربي كبير إلى شبه الجزيرة ليتم عمل طارق وينهي المقاومة القوطية المتبقية. وتشير إحدى الروايات إلى أن طارقاً أسرع بعد انتصاره على قوات القوط الغربيين بإشعار موسى بن نصير بالنصر الذي أحرزه، وسأله القدوم للنجدة بإمدادات جديدة (54). أما الروايات التي تصور عبور موسى على أنه نوع من الحسد لطارق خشية أن يحصل وحده على شرف الفتح وغنائمه، فلا نصيب لها من الصحة، لأن طارقاً كان أحد قادة موسى وما يفتتحه فهو باسم أميره ولمصلحة الدولة العربية الإسلامية التي ينتمي إليها الاثنان. يضاف إلى ذلك أن موسى بن نصير، كان أعظم من أن يحسد أحد رجاله، وهو القائد العظيم الذي حرر الشمال الافريقي بأسره، وجاهد في سبيل نشر مبادئ الحق والعدل التي حملها العرب إلى الأمم المختلفة. إن حملة موسى بن نصير لا يمكن أن تفسر إلا على ضوء المصلحة العامة التي اقتضت تثبيت الفتح وتعزيزه، ونجدة الجنود المسلمين الذين اتخذوا زمام المبادرة بالعبور إلى إسبانيا في الحملة الأولى. ولما كان موسى بعيداً في القيروان، فإن تصوره عن ظروف عبور طارق ووضعه في الأندلس لم يكن واضحاً تماماً، ولهذا، فقد كتب إليه يلومه على مبادرته بالهجوم دون تلقيه الأوامر منه، وأرسل إليه تعليمات بعدم التحرك من مواقعه التي هو فيها حتى يلحق به (55). ولكن طارقاً لم يستطع تنفيذ هذا الأمر بسبب المقاومة القوطية، والجيوب التي كان لا بد من القضاء عليها بسرعة، لا سيما في طليطلة وما يجاورها.
وصل موسى بن نصير إلى الأندلس في رمضان سنة 93 هـ/ حزيران - تموز 712 م. وكان يرافقه جيش عربي يقدر عدده بنحو ثمانية عشر ألف رجل. وكان معظم هؤلاء من القبائل اليمنية، وبقية العشائر العربية الأخرى التي كانت موجودة فعلاً في شمال افريقيا، وبشكل خاص في القيروان. وضمت الحملة أيضاً أعداداً كبيرة من رجال قريش البارزين، الذين كانوا في مناصب القيادة، إضافة إلى الإداريين، ورجال الدين، وبقية القادة المحنكين من أمثال محمد بن أوس الأنصاري، وحبيب بن أبي عبدة الفهري، وعياش بن أخيل، وعبد الجبار بن أبي سلمة الزهري، والعديد من أبناء موسى نفسه، باستثناء عبد الله، الذي تخلف في القيروان ليتولى مسؤولية ولاية شمال افريقيا (56).
لقد قسم موسى جيشه إلى وحدات عديدة تبلغ أكثر من عشرين وحدة، كل وحدة تحت راية. وكانت اثنتان من هذه الرايات تحت قيادة موسى المباشرة، بينما تولى ابنه عبد العزيز قيادة راية ثالثة. أما بقية الرايات، فكانت بقيادة قواده من قريش ومختلف العشائر العربية الأخرى. وقد عسكرت الحملة بالقرب من الجزيرة الخضراء لعدة أيام من أجل الراحة والاستعدادات العسكرية. وعندما قرر موسى السير، استشار قواده بشأن الطريق التي يجب سلوكها. وقد اتفق الجميع أن يبدأوا بمنطقة أشبيلية، وبقية الأجزاء الغربية الأخرى، التي لم يفتتحها بعد طارق بن زياد. وقبل أن يغادر موسى الجزيرة الخضراء، أمر بإرساء الحجر الأساس لبناء مسجد هناك تخليداً لذكرى حملته هذه، سمي بمسجد الرايات (57).
خط سير حملة موسى:
لقد كان لأدلاء جوليان وأعوانه دوراً كبيراً في تعريف موسى بن نصير بالطريق الجديدة والمدن غير المفتوحة، وهكذا فقد سارت الحملة بالقرب من شذونة، ثم زحفت شمالاً إلى قرمونة Carmona. ونظراً لقوة هذه المدينة وحصانتها، كان على موسى أن يستعمل الحيلة في فتحها، فأرسل إليها بعض أتباع جوليان الذين أظهروا لأهل المدينة على أنهم أصدقاء جاؤوا فراراً من العرب، فسمح لهم القوط بدخول المدينة.
ولكن ما إن حل الليل، حتى فتح هؤلاء الأبواب للعرب، فهجموا على الحراس، وفتحوا المدينة. وبعد ذلك تقدم موسى إلى قلعة رعواق Alcala de Guadaira، ففتحها (58)، ثم سار إلى أشبيلية التي قاومت هجوم الجيش العربي الإسلامي لعدة شهور، ولكنها أخيراً فتحت عنوة، وفرت حاميتها إلى باجة Beja. وترك موسى قوة من جنده للدفاع عن المدينة، ثم سار إلى ماردة. وتذكر بعض الروايات الأخرى، أن موسى لم يذهب مباشرة إلى ماردة، بل لاحق فلول المنهزمين غرباً إلى لبلة Niebla،واكشونبة Ocsconoba،وباجة في جنوب البرتغال (59).
وبعد أن تم فتح هذه المدن، سار موسى باتجاه ماردة Merida، وضرب عليها الحصار، ولكن جنود القوط قاوموا الهجوم العربي الإسلامي، مما أدى إلى سقوط بعض الشهداء في صفوف جيش موسى. وأخيراً وبعد مقاومة دامت عدة أشهر استسلمت المدينة في شوال 94 هـ/ تموز 713 م. وقد رافق هذا الاستسلام عقد معاهدة بين الطرفين، تعهد العرب بموجبها بعدم التعرض بالأذى للسكان المحليين الذين يبقون في المدينة أو يغادرونها إلى أي مكان آخر (60)، كما ضمنت لهم حرياتهم وكنائسهم وأداءهم لطقوسهم الدينية، كما هو معروف عن التسامح العربي مع الشعوب التي يحررونها. ومن جهة أخرى ضمنت هذه المعاهدة للمسلمين ممتلكات الذين قتلوا في الحرب. والهاربين من القوط إلى منطقة جليقية في الشمال الغربي من البلاد.
توجه موسى بعد شهر من فتح ماردة إلى طليطلة. وعندما سمع طارق بقدومه خرج هو وقواده للترحيب به. ويقال أن اللقاء بين الاثنين تم في مكان يدعى المعرض Almaraz، بين نهري تاجة والتيتار Tietar، قرب طلبيرة Talavera غربي طليطلة (61).
وقد عاتب موسى قائده على مباشرته الفتح دون استشارة رئيسه الأعلى، وعلى عدم تنفيذه أوامره بالتوقف لحين وصوله إليه، ولكن طارقاً، كما يبدو، استطاع أن يبرر ما قام به، وأن يقنع موسى بوجهة نظره في الفتح، وسرعة القضاء على بقايا القوط من أجل توفير المناخ الملائم للعرب والمسلمين للاستقرار في المناطق المفتوحة. ويدل على هذا، التفاهم المتبادل، والتعاون المشترك الذي ساد بين القائدين خلال فتوحاتهما المشتركة المقبلة (62).
فتوحات موسى وطارق المشتركة في الشمال:
مضى القائدان إلى طليطلة، وربما تم من هناك إرسال وفد إلى الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، كانت مهمته نقل أخبار الفتح إلى دمشق (63). وفي بداية ربيع عام 714 م/94 هـ، تحركت القوات المشتركة لموسى وطارق نحو الشمال الشرقي، ففتحا سرقسطة وما يجاورها، واستمرا في التقدم، فوقع العديد من المدن الاسبانية الأخرى بأيديهما مثل، طركونة Tarragona، وبرشلونة Barcelona، ولاردة Lerida، ووشقة Huesca (64).
وذكر بعض المؤرخين، ومنهم ابن حيان، أن موسى عبر جبال ألبرت Pyrenees ،وتوغل في داخل فرنسا حتى بلغ نهر الرون Rhone (65). ويقول آخرون إنه أراد أن يكمل زحفه عبر أوروبا حتى يصل إلى القسطنطينية عن طريق الغرب (66)، ويصعب تصديق مثل هذه الروايات التي تفتقر إلى الأدلة التاريخية، وبخاصة أنها لم يرد لها ذكر في الحوليات المسيحية المعاصرة للأحداث.
بعد فتح سرقسطة والجزء الأكبر من منطقة الشمال الشرقي لشبه الجزيرة الآيبيرية، قرر موسى أن يفتتح مناطق قشتالة القديمة Castilla la Vieja، فقسم جيشه إلى قسمين: أسندت قيادة الأول إلى طارق بن زياد، أما الثاني، فظل تحت إمرة موسى نفسه (67).
ومضى طارق بمحاذاة الجهة الشمالية لوادي نهر الابرة، فهاجم منطقة الباسك، ثم افتتح أماية Amaya، واسترقة Astorga، وليونLeon ))(68). أما موسى فسار ببقية الجيش إلى الجنوب من وادي الابرة، ففتح لك Lugo، وباشر بإرسال حملات صغيرة لافتتاح المناطق المجاورة حتى صخرة بلايPena de Pelayo على المحيط الأطلسي (69). وفي أثناء هذه الفتوحات، كان كل من موسى وطارق يقومان بوضع حاميات إسلامية في المناطق المحررة، وقد ورد ذكر إحدى هذه الحاميات في حولية مسيحية، حيث تشير إلى أن منوسة، Munnuz، أحد أصدقاء طارق، كان قد عُهد إليه بقيادة حامية مدينة خيخون Gijon التي تقع على ساحل المحيط الأطلسي (70). ويحتمل أن تكون فتوحات موسى قد غطت مناطق أخرى في شمال غرب شبه الجزيرة، ولكن لا توجد لدينا أدلة مدونة على ذلك. وعلى أية حال، فلقد حرر كل من موسى وطارق معظم جليقية والاشتوريش، وتعقبا الفلول الأخيرة لجيش القوط الغربيين، واضطروها للفرار حتى جبال كانتبريا. ومن ثم اعتقد القائدان أنهما قد أنهيا المقاومة القوطية، ولا حاجة لهما بتتبع الأعداد الضئيلة الباقية من المنهزمين.
فتوحات عبد العزيز بن موسى:
رافق موسى بن نصير، كما أسلفنا، العديد من أبنائه، ومن أشهرهم عبد العزيز، وعبد الأعلى، ومروان. ولقد لعب هؤلاء، وبشكل خاص، عبد العزيز، دوراً هاماً في فتح شبه الجزيرة. وعلى العموم فهناك نقص في المعلومات، وأحياناً تناقض في الروايات التي تتعلق بذكر تواريخ وأماكن حملات عبد العزيز بن موسى.
لقد أرسل موسى ابنيه عبد العزيز وعبد الأعلى إلى جنوب وجنوب شرق إسبانيا، وذلك لاستكمال فتح هذه الجهات التي لم يمر بها طارق بن زياد. وكان هذا على الأغلب بعد سقوط أشبيلية، عندما اتجه موسى إلى الغرب. فاستطاع عبد الأعلى، وربما كان ذلك بمساعدة عبد العزيز أيضاً، أن يفتتح كلاً من مالقة Malaga، والبيرة Elvira (71). ثم توجه عبد العزيز بعد ذلك إلى شرق شبه الجزيرة، حيث تركزت المقاومة القوطية في هذه المنطقة في كورة تدمير، التي أسماها المسلمون بهذا الاسم نسبة إلى أميرها الدوق تُدْمير Theodemir.
والتقى عبد العزيز بحاكم هذه المقاطعة قرب أوريولة Orihuela. وكان هذا الأخير رجلاً حازماً وذا خبرة عظيمة في تقدير الأمور، فقاوم لفترة قصيرة هجوم عبد العزيز، لكنه توصل أخيراً إلى عقد معاهدة صلح معه في رجب عام 94 هـ/ نيسان 713 م (72). وبموجب هذه المعاهدة التي ذكر تفاصيلها المؤرخون العرب، حصل تدمير على شروط مناسبة جداً للصلح، فقد اعترف به العرب حاكماً على سبع مدن تقع ضمن منطقته، كما احتفظ بإدارته الداخلية لهذه المدن، شريطة أن يدفع جزية سنوية تقدر بدينار ذهبي واحد، مع كميات معلومة من القمح، والشعير، والخل، والعسل، والزيت، لكل فردٍ حرٍ مع أفراد رعيته، أما العبيد، فتؤخذ عنهم نصف هذه الكمية. وقد وافق تدمير أيضاً على الاّ يقوم أحد من رعيته بتجاهل هذه المعاهدة أو الإخلال بشروطها، وألاّ يأووا للمسلمين لآبقاً، ولا عدواً، ولا يكتموا عنهم خبراً يتعلق بأعدائهم. وبالمقابل فإنهم لن يقتلوا، ولن يُسبوا، أو يُجرّدوا من ممتلكاتهم، أو يُفرّق بينهم وبين أولادهم ونسائهم، وسوف يُسمح لهم بممارسة شعائر دينهم، ولن تحرق كنائسهم (73). وتعدُ هذه المعاهدة من المعاهدات الفريدة في تاريخ الفتوحات العربية الإسلامية لأنها وصلتنا كاملة، وهي تشير بصراحة إلى مدى التسامح الذي تميز به العرب إزاء الشعوب المحررة، واحترام حقها في الإدارة، وفي العيش بحرية ضمن المجتمع الإسلامي الذي أعقب الفتح.
وبعد إقرار الأمور في جنوب شرق شبه الجزيرة، عاد عبد العزيز، إما حسب رغبته، أو لأن والده استدعاه بسبب تمرد مدينة أشبيلية. ولقد أيدت هذا التمرد عناصر قوطية جاءت من مدينتي نبلة وباجة، فهاجموا الحامية العربية الإسلامية في المدينة، وقتلوا ثمانين رجلاً، وفر الباقون إلى معسكر موسى الذي كان محاصراً لمدينة ماردة.
وبعد استسلام هذه المدينة، قاد عبد العزيز حملة إلى أشبيلية، وتمكن من إعادة فتحها بسهولة (74). ثم سار بعد ذلك إلى نبلة وباجة لتقوية حاميتيهما. وقد عاد عبد العزيز إلى أشبيلية، ومن ثم إلى ماردة، حيث تولى القيادة العامة لكل المناطق المحررة في هذه المنطقة. ويرى سافيدرا، ويؤيده في ذلك أحد المستشرقين البرتغاليين، أن عبد العزيز ابتدأ من هنا حملته لفتح وسط البرتغال، في الوقت الذي كان فيه موسى وطارق يقومان بفتوحاتهما في الشمال، ففتح عدة مدن، وعقد معاهدات صلح مع يابرة Evora، ولشبونة Lisbon وقلمرية Coimbra، وشنترين Santarem (75).
وصلت إلى دمشق أنباء فتوحات موسى بن نصير وعزمه على التوغل بعمق في شبه الجزيرة الآيبيرية، فلم يوافق الخليفة الوليد الأول على هذا المشروع، وخشي على أرواح المسلمين من العواقب التي يصعب التكهن بها نتيجة لتوغل موسى البعيد في أرض الأعداء. فأرسل لاستدعاء كل من موسى وطارق من دمشق، وقد تلكأ موسى بن نصير في تنفيذ الأمر، وذلك لاستكمال فتح المناطق الشمالية الغربية من البلاد.
ولكن الخليفة أرسل رسولاً ثانياً يأمره بالتوقف والعودة حالاً إلى العاصمة. وتنفيذاً لهذا الأمر، عاد موسى وطارق، أما غالبية جنودهما ففضلوا البقاء في المدن والأرياف المفتوحة، حيث استقروا وأقاموا منازلهم (76). وقبل رجوعه، عين موسى ابنه عبد العزيز والياً على الأندلس، وترك معه بعض القادة العرب من أمثال حبيب بن أبي عبيدة الفهري، وزياد ابن النابغة التميمي، وغيرهما مع رجال عشائرهم، ليدافعوا عن البلد ويحموه. وقد اختار موسى، أشبيلية عاصمة للبلاد، وذلك بسبب قربها من البحر، ومضيق جبل طارق، كما جعلها أيضاً قاعدة بحرية للدولة العربية الإسلامية في الأندلس (77).
غادر موسى في ذي الحجة سنة 95هـ/ أيلول 714 م، ومعه الشيء الكثير من الغنائم والأسرى والهدايا الثمينة. وتروي المصادر أنه حينما اقترب من فلسطين طلب منه الأمير سليمان بن عبد الملك أن يتريث قليلاً لحين وفاة الخليفة الوليد الذي كان مريضاً جداً، وذلك من أجل أن تؤول إلى سليمان الغنائم وشرف الفتح، ولكن موسى لم يقبل هذا، وواصل سيره إلى دمشق فبلغها والخليفة يحتضر (78). وعندما تولى سليمان بعد أخيه حقد على موسى لهذا السبب، فاضطهده، واتهمه باختلاس الأموال، وصادر أمواله، وفرض عليه غرامة مالية كبيرة (79). ومع هذا، فلا يمكن للمرء أن يصدق أن سبب غضب سليمان على موسى، كان له علاقة بهذه المسألة الشخصية، فهو يعود بالدرجة الأولى إلى سياسة موسى بن نصير أثناء فتح الأندلس، وتباطئه في إطاعة أوامر الخلافة.
ويدل على هذا الأمر أن الخليفة الوليد نفسه لم يقابله مقابلة حسنة للسبب ذاته (80). وعلى أية حال، فإن علاقة سليمان تحسنت مع موسى إلى درجة كبيرة فيما بعد، حتى أنهما ذهبا سوية لأداء فريضة الحج. وقد توفي موسى في الحجاز عام 97هـ أو 98هـ/ 715 م أو 716 م (81). ولا تتوفر لدينا معلومات عن طارق بن زياد بعد وصوله إلى دمشق باستثناء أن الخليفة سليمان أراد أن يعينه والياً على الأندلس، لكنه عدل عن هذه الفكرة، متأثراً بنصيحة مغيث الرومي الذي أثار مخاوف الخليفة من نفوذ طارق واحتمال استقلاله بالأندلس (82). وهكذا غلف الصمت والغموض نهاية طارق الذي يعد، هو وقائده، موسى بن نصير مِن أعظم من أنجبتهما الأمة العربية الإسلامية من الفاتحين الذين ضربوا المثل في الشجاعة والحنكة السياسية والعسكرية. ولقد كان فتحهما وتحريرهما للأندلس بحق من معجزات قوة العرب والمسلمين الموحدة، والتي أنجزت في نحو أربع سنوات ما تعجز عنه الأمم في عشرات من السنين.
________________
(1) قارن: إبراهيم بيضون، الدولة العربية في إسبانيا، بيروت، 1978، ص 64 - 65.
W. Montgomery Watt. A History of Islamic Spain, Islamic Surveys 4, Edinburgh,
1967. pp. 5-9
(2) أخبار مجموعة، ص 5؛ فتح الأندلس، ص 3 - 4؛ المقري ج 1، ص 251 - 253.
(3) ابن عبد الحكم، فتوح مصر وأخبارها، نشر: شارلس توري، نيرهيفن، 1922، ص 205؛ ابن القوطية، ص 7 - 8؛ فتح الأندلس، ص 9؛ ابن عذاري، ج 2، ص 6 - 7.
(4) أحمد مختار العبادي، في تاريخ الأندلس والمغرب، مؤسسة الثقافة الجامعية، الاسكندرية، ص 54 - 55.
(5) cf. E. Saavedra, Estudio sobre la invasion de los arabes en Espana, Madrid 1892,
pp. 58-59. مؤنس، فجر الأندلس، ص 59 - 60؛ عنان، دولة الإسلام، ج 1، ص 35 - 37 (وهو يؤيد قصة ابنة جوليان).
(6) انظر: أخبار مجموعة، ص 4؛ وقارن: مؤنس، المرجع السابق، ص 53 - 55، عبد الواحد ذنون طه، الفتح والاستقرار العربي الإسلامي في شمال أفريقيا والأندلس، ميلانو - بغداد،1982، 142.
(7) (ملحق رقم 3 لكتاب أخبار مجموعة)
The Chronicle of Albelda, p. 163 the Chronicle of Alfonso III, p. 612.
(8) الرقيق القيرواني، تاريخ أفريقية والمغرب، تحقيق: المنجي الكعبي، تونس، 1968، ص 73؛ ابن عذاري، (برواية عيسى بن أبي المهاجر)، ج 2، ص 6.
(9) ابن القوطية، ص 5؛ الحميري، ص 9 - 10، المقري؛ ج 1، ص 258.
(10) أخبار مجموعة، ص 7 - 8؛ فتح الأندلس، ص 6 - 7؛ ابن الأثير، ج 4، ص 563؛ المقري (برواية ابن حيان) ج 1، ص 231 - 232، 257 - 258.
(11) عن آراء بعض الكتاب المحدثين بشأن هذه الروايات انظر:
مؤنس، فجر الأندلس، ص 55 - 57، 63 - 64؛ العبادي، المرجع السابق، ص 55، السيد عبد العزيز سالم، تاريخ المسلمين وآثارهم في الأندلس، بيروت، 1962، ص 66 - 67.
(12) ابن القوطية، ص 8؛ أخبار مجموعة، ص 5 - 6؛ فتح الأندلس، ص 2، 4 - 5؛ ابن الكردبوس، الاكتفاء في أخبار الخلفاء، تحقيق: أحمد مختار العبادي، مجلة معهد الدراسات الإسلامية بمدريد، العدد 13، 1965 - 66، ص 45 - 46؛ ابن عذاري، ج 2، ص 5 - 6؛ cf.
Levi-Provençal, "al-Andulus", Encyclopedia of Islam, New edition.
(13) رواية الواقدي في: البلاذري، فتوح البلدان، نشر: ذي غوية، ليدن، 1866، ص 230 و 231؛ الرقيق المصدر السابق، ص 74؛ ذكر بلاد الأندلس، (مجهول المؤلف) مخطوط الخزانة العامة في الرباط، ورقم 85 ج، ص 84 - 85.
(14) المقري، (رواية الرازي) ج 1، ص 254.
(15) أخبار مجموعة، ص 6؛ ابن الكردبوس، الاكتفاء في أخبار الخلفاء، ص 45، ذكر بلاد الأندلس، ص 84؛ ابن عذاري (برواية عريب بن سعد) ج 2، ص 5؛ وقارن أيضاً:
The Chronicle of Albelda, p. 163; Saavedra. Op. cit., p. 64; p. Gayangos, the History
Of the Mohammedan Dynasties in Spain, New-London, 1964, reprint of
London, edition, 1843, vol. I. pp. 517-519.
(16) قارن: ابن خلدون، كتاب العبر، بيروت، 1956 - 1961، ج 6، ص 254.
(17) ابن حبيب، استفتاح الأندلس، تحقيق الدكتور محمود علي مكي، مجلة معهد الدراسات الإسلامية بمدريد، العدد الخامس، 1957، ص 222، ابن عبد الحكم، ص 204 - 205؛ الرقيق، ص 69 - 70.
(18) ابن عذاري، ج 2، ص 256 - 257؛ المقري، ج 1، ص 396 - 399.
(19) المصدر نفسه (برواية ابن حيان) ج 1، ص 231 - 232؛ أخبار مجموعة، ص 7.
(20) انظر: عبد الواحد ذنون طه، المرجع السابق، ص 162.
(21) ابن عبد الحكم، ص 205 - 206؛ البلاذري، فتوح البلدان، ص 230؛ الرقيق، ص 74؛ ابن عذاري (برواية الرازي)، ج 2، ص 6.
(22) قارن: العبادي، المرجع السابق، ص 59 - 60؛ بيضون، المرجع السابق، ص 67 - 69؛ سالم، المرجع السابق، ص 72.
(23) ابن الكردبوس، ص 46؛ انظر أيضاً: ابن عذاري ج 2، ص 9 الذي يذكر رواية مشابهة بشأن عبور طارق ونزوله على الجبل.
(24) ابن حبيب، ص 221؛ المقري، ج 1، ص 240 - 241.
(25) للاستزادة من المناقشات بشأن الخطبة وإحراق السفن وموقف الكتاب المحدثين منهما، انظر:
عنان، المرجع السابق، ج 1، ص 46 و 49؛ العبادي، المرجع السابق، ص 63 - 68؛ سالم، المرجع السابق، ص 77 - 87؛ أحمد بدر، دراسات في تاريخ الأندلس وحضارتها، دمشق، 1972، ص21 - 23. عبد الرحمن علي الحجي، التاريخ الأندلسي، دار القلم، دمشق، 1976، ص 57 - 62.
(26) cf. Levi-Provençal, op. cit., vol. I. p. 18.
(27) ابن حبيب، ص 222؛ فتح الأندلس، ص 8؛ ابن الأثير، ج 4، ص 562؛ ابن عذاري (برواية الرازي) ج 2، ص 6؛ المقري، ج 1، ص 25.
(28) ابن القوطية، ص 8 - 9؛ ابن عذاري، ج 2، ص 9، 256؛ Cf. Saavedra, op. cit., p. 65; P.
Madoz, Diccionario geografico-estadistico historico de Espana Y sus Posesiones de
Ultramar, Madrid, 1848-50, vol. XV, p. 65.
(29) ابن حبيب، ص 222؛ المقري، ج 1، ص 24؛ علي بن عبد الرحمن الهذيل، كتاب تحفة الأنفس وشعار سكان الأندلس، مخطوط المكتبة الوطنية بمدريد، رقم 5095، ص 132.
(30) نص الرازي المنشور بالإسبانية ملحقاً لكتاب سافيدرا Saavedra المذكور آنفاً، ص 149 - 150؛ ابن عذاري، ج 2، ص 8؛ وقارن: مؤنس، فجر الأندلس، ص 70.
(31) ابن حبيب، ص 222؛ ابن الأثير، ج 4، ص 562؛ أخبار مجموعة، ص 7؛ ابن خلدون، ج 4، ص 254؛ المقري، ج 1، ص 258.
(32) Saavedra, op. cit., pp. 68-69; Cf. Chronicle of Alfonso III, p. 612.
(33) Levi-provençal, op. cit., pp. 20-21; C. Sanchez-Albornoz, "Otra vez Guadalete Y
Covadonga", Cuadernos de Historia de Espana, I-II, 1944, pp. 12, 42, 56-58, 67.
(34) الرقيق، ص 75؛ ذكر بلاد الأندلس، ص 85؛ ابن عذاري، ج 2 ص 7.
(35) مؤنس، رواية جديدة عن فتح المسلمين للأندلس، مجلة معهد الدراسات الإسلامية بمدريد، العدد الثامن عشر، 1974، ص 91 - 93، 124.
(36) في تاريخ الأندلس والمغرب، ص 72.
(37) انظر: عبد الواحد ط.، المرجع السابق، ص 168.
(38) ابن الشباط، صلة السمط وسمة المرط، نشرة الدكتور، أحمد مختار العبادي في مجلة معهد الدراسات الإسلامية بمدريد، العدد 14، 1967، ص 107؛ المقري (برواية الرازي) ج 1، ص259 .
(39) ابن القوطية، ص 9؛ أخبار مجموعة، ص 9 - 10؛ ابن الشباط، ص 112 - 113؛ ابن عذاري (برواية الرازي) ج 2، ص 8.
(40) أخبار مجموعة، ص 9 - 10؛ ابن عذاري (برواية الرازي) ج 2، ص 8 - 9؛ المقري (برواية الرازي) ج 1، ص 260.
(41) أخبار مجموعة، ص 9 - 102؛ فتح الأندلس، ص 9؛ ابن عذاري، ج 2، ص 9 - 11.
(42) ابن القوطية، ص 9؛ الرقيق، ص 76؛ ابن الشباط، ص 115 - 116.
(43) أخبار مجموعة ص 13 - 14؛ فتح الأندلس، ص 8؛ ابن عذاري، ج 2، ص 9 - 10. وقارن: سالم، المرجع السابق، ص 84 - 89.
(44) ابن الخطيب، الإحاطة في أخبار غرناطة، تحقيق: محمد عبد الله عنان، القاهرة، 1973، ج 1، ص 101 (برواية ابن القوطية)؛ وانظر: أخبار مجموعة، ص 12، 14، 16؛ ابن عذاري، ج 2، ص 12.
(45) Cf. R. Amador de los Rios, Historia social, Politica Y religion de los judios de Espana Y Portugal, Madrid, 1875-76, vol. I p. 107; A Ballesteros Y Beretta, Historia de Espana Y su influencia in la historia Universal, vol. II, p. 107.
(46) المقري (برواية الرازي) ج 1، ص 261.
(47) ابن القوطية، ص 9؛ ابن عذاري، ج 2، ص 12.
(48) Saavedra, op. cit., p. 79.
(49) ابن عبد الحكم، ص 207؛ أخبار مجموعة، ص 15؛ فتح الأندلس، ص 9.
(50) انظر: المقري (برواية ابن حيان) ج 1، ص 272؛ وقارن؛ مؤنس، فجر الأندلس، ص 78 - 79.
(51) أخبار مجموعة، ص 15؛ ابن الأثير، ج 4، ص 564؛ ابن عذاري، ج 2، ص 12.
(52) ابن القوطية، ص 9؛ ابن الأثير، ج 4، ص 564؛ المقري، ج 1، ص 265.
(53) المقري (برواية الرازي) ج 1، ص 259.
(54) الإمامة والسياسة، منسوب لابن قتيبة، نشر ملحقاً لكتاب ابن القوطية، ص 124؛ قارن: مؤنس، فجر الأندلس، ص 89.
(55) ابن عبد الحكم، ص 207؛ البلاذري، فتوح البلدان (برواية الواقدي)، ص 230 - 231؛ الرقيق، ص 76؛ المراكشي، المعجب في تلخيص أخبار المغرب، أمستردام، 1968، ص 7 - 8؛ ابن عذاري، ج 2، ص 13.
(56) ابن عبد الحكم، ص 207؛ الرقيق، ص 76؛ المقري (برواية الرازي) ج 1، ص 277.
(57) محمد عبد الوهاب الغساني؛ رحلة الوزير في افتكاك الأسير، مخطوط المكتبة الوطنية بمدريد، رقم 5304، ص 99؛ الرسالة الشريفية، منشورة مع كتاب ابن القوطية، ص 197 - 198.
(58) فتح الأندلس، ص 10؛ أخبار مجموعة، ص 17 - 18.
(59) الغساني، المصدر السابق، ص 99 - 100؛ الرسالة الشريفية، ص 198 - 199.
(60) انظر نص الرازي المنشور من قبل جاينجوس بالإسبانية تحت عنوان:
La cronica del Moro Rasis, Memoria sobre la autenticidad de la cronica denominada del Moro Rasis, Memorias de la Real Academia de la Historia, VIII Madrid, 1852, pp. 67-100, p. 78.
(61) ابن عبد الحكم، ص 207؛ أخبار مجموعة، ص 18؛ ابن عذاري، ج 2، ص 16.
(62) انظر: عبد الواحد طه، المرجع السابق، ص 181.
(63) ابن عبد الحكم، ص 210؛ الإمامة والسياسة، ص 126.
Cf, Livemore, op. cit., p. 297.
(64) لمزيد من التفصيلات عن فتح هذه المناطق، انظر: خليل إبراهيم صالح السامرائي، الثغر الأعلى الأندلسي، ودراسة في أحواله السياسية، بغداد، 1976، ص 71 فما بعدها.
(65) المقري (برواية ابن حيان) ج 1، ص 273 - 274.
(66) ابن حبيب، ص 227؛ الحميري، ص 27؛ ابن خلدون، ج 4، ص 255.
(67) قارن مؤنس، فجر الأندلس، ص 104، سالم، المرجع السابق، ص 102.
Saavedra, op. cit., pp. 114-115.
(68) ابن القوطية، ص 9؛ أخبار مجموعة، ص 15؛ المقري، ج 1، ص 265. وانظر: خليل السامرائي، المرجع السابق، ص 82.
(69) ابن الأثير، ج 4، ص 566؛ المقري، ج 1، ص 276.
(70) The Chronicle of Alfonso III, p. 612.
(71) الإحاطة في أخبار غرناطة، ج 1، ص 101؛ المقري، ج 1، ص 275.
(72) أخبار مجموعة، ص 12 - 13؛ The Chronicle of 754, p. 149 (no. 38)
(73) الضبي، بغية الملتمس، نشره فرانشيسكو كوديرا، مدريد، 1884، ص 259؛ العذري، نصوص عن الأندلس من كتاب ترصيع الأخبار وتنويع الآثار، تحقيق: عبد العزيز الأهواني، مدريد، 1965، ص 4 - 5؛ الحميري، ص 62 - 63، 151 - 152.
(74) أخبار مجموعة، ص 18؛ ابن عذاري، ج 2، ص 5؛ المقري (برواية ابن حيان) ج 1، ص 271.
(75) J. D Garcia Domingues, "Invasao e conquista de Lustania Por Muca Ben Nocair e seu Filho "Abdalaziz" Congreso de Estudios Arabes e Islamicos, Actas, held, Cordoba, 1964, pp. 224-225.
(76) المقري (برواية ابن حيان) ج 1، ص 276.
(77) نفس المصدر والمكان؛ أخبار مجموعة، ص 19؛ الرسالة الشريفية، ص 210.
(78) ابن الكردبوس، ص 50؛ ابن عذاري، ج 2، ص 20؛ المقري، ج 1، ص 280 - 281.
(79) الرقيق، ص 91؛ أخبار مجموعة، ص 29 - 30؛ ابن عذاري، ج 2، ص 21.
(80) المصدر نفسه، ج 2، ص 21 - 22؛ ابن عبد الحكم، ص 213.
(81) المصدر نفسه، ص 213؛ المقري، ج 1، ص 287.
(82) المصدر نفسه، ج 3، ص 13.
|
|
دور في الحماية من السرطان.. يجب تناول لبن الزبادي يوميا
|
|
|
|
|
العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
|
|
|
|
|
انطلاق الجلسة البحثية الرابعة لمؤتمر العميد العلمي العالمي السابع
|
|
|