أقرأ أيضاً
التاريخ:
4178
التاريخ: 12-11-2016
793
التاريخ: 12-11-2016
465
التاريخ: 12-11-2016
460
|
اسم أطلق على ملوك الحيرة من آل نصر بن ربيعة الذين عرفوا كذلك بـ(آل لخم)، وبـ(آل النعمان)، وبـ(آل عدي)، وورد أن العرب كانت تسمي بني المنذر بـ«الملوك الأشاهب» لجمالهم.
ملوك المناذرة:
كان أول من حكم الحيرة على رأي أهل الأخبار من بني تنوخ، وهي قبائل من عرب الجنوب أخذت تغير على حدود الدولة الفارسية في فترة الضعف التي مرّت بين سقوط البارثيين وقيام الساسانيين ، ونزلت هذه القبائل أول الأمر في البحرين وتنّخت هناك واستقرت، ومن ثم أخذت تتطلع إلى العراق وخيراته، وواتتها الفرصة في الفترة التي قامت فيها الحرب الأهلية في فارس أواخر عصر الدولة البارثية، فهاجرت إلى منطقة الحيرة والأنبار.
يكاد ينعقد إجماع المؤرخين العرب على أن أول من حكم من بني تنوخ كان مالك بن فهم وهو في نظرهم من الأزد، ثم انتقل الحكم من بعده إلى أخيه عمرو بن فهم، ولم يذكر الإخباريون شيئاً كثيراً عنهما وما وصل عن الاثنين متناقض وأقرب إلى الأسطورة منه إلى التاريخ الحقيقي، أما جذيمة الأبرش فقد كان حظه من الإخباريين أوفر، فقد تحدثوا عنه ونسبوه إلى العاربة الأولى وأنه كان (من أفضل ملوك العرب رأياً وأبعدهم مغاراً، وأشدهم نكاية وأظهرهم حزماً وأول من استجمع له الملك بأرض العراق وضم إليه العرب) وكانت نهايته علي يد الزباء.
تولى بعده ابن أخته عمرو بن عدي ابن نصر بن ربيعة بن الحارث من بني نمارة من لخم، ولذا يعد عمرو مؤسس الإمارة اللخمية في الحيرة، ويتحدث الإخباريون عن عمرو بن عدي بأنه (كان منفرداً بملكه مستبداً بأمره يغزو المغازي ويصيب الغنائم، وتفد عليه الوفود دهره الأطول، لا يدين لملوك الطوائف بالعراق ولا يدينون له)، وقد اتبع سياسة خاله في التحالف مع الفرس فساعده هذا على تقوية نفوذه على القبائل النازلة في العراق، ولم يزل عمرو بن عدي ملكاً على الحيرة حتى مات وهو ابن مئة وعشرين سنة على ما يزعم الإخباريون، وكان ملكه 55 سنة.
تولى الملك بعد وفاة عمرو ابنه امرؤ القيس البدء الذي عاصر جملة من ملوك الفرس، ويجعل حمزة الأصفهاني مدة حكمه 114 سنة، وظاهرة إطالة مدة حكم ملوك المناذرة الأٌول شائعة بين أغلب الإخباريين العرب، ولا تلاحظ هذه الظاهرة بالنسبة للملوك المتأخرين، ويبدو أن السبب في ذلك هو المسحة الأسطورية التي تسم أخبار غالبية هؤلاء الملوك لبعدهم عن العصر الذي كتب فيه هؤلاء الإخباريون.
ويروى أن امرأ القيس بن عمرو هذا كان أول من تنصر من ملوك الحيرة، ولكنه أمر يحتاج إلى أدلة لا تزال غير متوفرة، كما ذكروا أن ملكه كان واسعاً، وأنه كان عاملاً للفرس على (فرج العرب من ربيعة ومضر وسائر من ببادية العراق والحجاز والجزيرة يومئذٍ). ويعتقد بعض المؤرخين أن امرأ القيس هذا هو امرؤ القيس الذي يرد اسمه في نقش النمارة. وإذا كان هذا الظن صحيحاً يكون امرؤ القيس البدء أول ملوك الحيرة الذي وصلت أخباره مدونة ويكون تاريخ وفاته سنة 328م.
وتتالى بعد امرئ القيس عند المؤرخين أسماء لملوك لخميين من دون أن يتفقوا على تواليهم أو أسمائهم أو مدة حكمهم وإن كانت السمة الإخبارية التي تفتقر إلى ما يؤيدها غالبة على معظم رواياتهم، ويبدو أن فترة حكم هؤلاء امتدت بين النصف الأول من القرن الرابع ونهايته.
في نهاية القرن الرابع ومطلع القرن الخامس يتعرف الباحث ملكاً لخمياً هو النعمان الأول الذي حكم على أكثر التقديرات قرباً من الحقيقة في الفترة بين 390- 418م، وقد عُرف النعمان الأول باسم النعمان السائح؛ لأنه ترك ملكه في أواخر أيام حكمه ولبس المسوح وخرج مستخفياً هارباً لا يعلم به.
ويظهر من وصف الإخباريين له أنه كان محارباً قوياً ورجلاً حازماً قامت بينه وبين عرب الشام غزوات وحروب كان يستعمل فيها كتيبتيه؛ الدوسر وأهلُها من تنوخ، والشهباء وأهلُها من الفرس، وقد اشتهرت كتيبة الدوسر بشدة بطشها حتى ضرب بها المثل فقيل (أبطش من دوسر)، وإلى النعمان ينسب بناء قصر الخورنق، وكان سبب بنائه أن كسرى يزدجرد ابن بهرام شاه كان لا يبقى له ولد، فسأل عن منزل بريء مريء صحيح من الأدواء والأسقام فدل على ظاهر الحيرة، فدفع ابنه بهرام جور إلى النعمان وأمر ببناء الخورنق مسكناً له، وأنزله إياه وأمره بإخراج ابنه إلى بوادي العرب.
خلف المنذر الأول (418-462م) أباه النعمان على العرش، وكانت له منزلة رفيعة عند كسرى يزدجرد حتى إنه على ما يذكر الطبري شرّفه وأكرمه وملكه على العرب، وكان له دور مهم في الحروب التي وقعت بين الروم والفرس في عهد بهرام بن يزدجرد.
تولى بعد المنذر عدد من الحكام ليس من أخبارهم ما يستحق الذكر أو التفصيل، حتى جاء المنذر بن ماء السماء (512-554م) وهو أول المشهورين من ملوك الحيرة المناذرة اللخميين، وماء السماء لقب أمه مارية بنت عوف ابن جشم بن هلال بن ربيعة من بني النمر بن قاسط، لُقبت بهذا اللقب لجمالها وحسنها، كما عرف المنذر عند بعض الإخباريين بذي القرنين وذلك لضفيرتين كانتا له من شعره، وتزوج المنذر من هند بنت عمرو بن حجر آكل المرار الكندي فولدت له عدة أولاد من بينهم عمرو بن هند نسبة إلى أمه، (وإليها ينسب دير هند الكبرى). كان للمنذر دور بارزٌ في الحروب التي قامت بين فارس وبيزنطة، كان من أهمها الحرب التي خاضها المنذر إلى جانب حلفائه الفرس سنة 528م واستطاع التوغل في بلاد الشام حتى بلغ مدينة أنطاكية سنة 529م وانسرب فيها إلى داخل الأراضي البيزنطية في آسيا الصغرى، وأحرق هناك عدداً من المدن والقرى من بينها مدينة خلقدونية.
وعندما عين الامبراطور البيزنطي جستنيان Justinianos الحارث بن جبلة الغساني ملكاً على عرب الشام، وأعطاه لقب فيلارك وأوكل إليه أمر حماية حدود بلاده من اعتداءات عرب العراق، لم ينقطع النزاع بين المنذر بن ماء السماء والحارث بن جبلة حتى قُتل المنذر بن ماء السماء سنة 554م في المعركة المعروفة بيوم حليمة.
خلف المنذر بن ماء السماء على ملك الحيرة ابنه عمرو بن هند (554 -574م) وتتلخص أعماله الحربية في غزواته ضد القبائل العربية أولاً وغزواته ضد الروم ثانياً، أما غزواته ضد القبائل فكان من بينها غزوة على بني تغلب لامتناعهم عن نصرته في طلب ثأر أبيه القتيل يوم حليمة، فما كان منه إلا أن جمع جموعه ودهمهم في ديارهم وأوقع بهم، كذلك غزا بني تميم وقتل منهم مئة شخص انتقاماً منهم لقتلهم أحد إخوته المسمى بسعد وتعرف هذه الغزوة باسم يوم (أوارة الثاني) ويدّعي الإخباريون أنه ألقى بالقتلى في النار وأنه سمّي نتيجة لذلك (المحرّق).
أما أشهر غزواته ضد عرب الشام الغساسنة فكانت سنة 563م زمن الحارث بن جبلة، وقد أعاد الكرة سنة 566، 567م، وكان قائد جيوشه في هاتين الغارتين أخوه قابوس، وقد قام بهاتين الغزوتين انتقاماً لشرف المبعوثين الحيريين اللذين عاملهما الامبراطور جوستين معاملة سيئة.
ولعمرو بن هند شهرة وأخبار طويلة في كتب الأدب، ولأكثر الشعراء الجاهليين خبر معه، وكانت مجالسه حافلة بأخبار المنافسات الشعرية، ويروي صاحب (الأغاني) أن نهاية عمرو بن هند كانت على يد الشاعر عمرو بن كلثوم إثر إهانة لحقت بوالدته من جانب أم الملك.
تولى بعد عمرو بن هند أخوه قابوس ابن المنذر (574 - 578م) الذي قام بعدة غارات على بلاد الشام واستغل الخلاف الذي قام بين المنذر بن الحارث بن جبلة والامبراطور جوستين، واستمرت غارات عرب العراق على حدود الروم في الشام ثلاث سنوات، أي خلال القطيعة التي قامت بين المنذر بن الحارث والبيزنطيين، فلما تم الصلح بينهما عادت جيوش غسان إلى مهاجمة الحيرة وإنزال الخسائر بها.
كان آخر ملوك المناذرة النعمان (583 - 605م) أكبر أبناء المنذر بن المنذر، وقد ملكه كسرى وألبسه تاجاً فيه اللؤلؤ والذهب، وكانت قوافله ولطائمه تذهب إلى الحجاز، وامتد سلطانه جنوباً إلى منطقة البحرين وغرباً إلى جبلي طيئ، وقد أدى اتساع رقعة الأرض التي حكمها إلى احتكاكه مع كثير من القبائل العربية، وكان قصر النعمان بن المنذر مقصد الشعراء، وعاش النابغة الذبياني في كنفه ومدحه بعدة قصائد، كما قصده عدد من الشعراء البارزين كالمنخل اليشكري وطرفة ابن العبد وفي شعرهم جميعاً ذكر واضح لروعة بلاطه واتساع سلطانه.
وقد ساءَت العلاقة بين النعمان بن المنذر أبي قابوس وكسرى لأسباب اختلف المؤرخون فيها وفصّلوا فيها إلى حد كبير، ولكن يفهم مما رواه الدينوري في الأخبار الطوال أن الذي جعل كسرى يقتل النعمان ويشتت شمل أسرته وينزع الملك منها هو عواطفها العربية ونزعتها الاستقلالية، وأنه تثبت من هذه الأمور من كتب وصلت إلى حوزته، وقد أوكل كسرى أمر الحكم في الحيرة إلى إياس بن قبيصة الذي لا يتزعم عصبية عربية تهدد النفوذ الفارسي في العراق، وقد ظل إياس في منصبه من سنة 605-614م ولعلّ أشهر ما حدث في عهده هو وقعة ذي قار التي كانت أول وقعة تنتصر فيها القبائل العربية على الجيش الفارسي.
حضارة الحيرة:
كانت الحيرة في عهد المناذرة اللخميين من المراكز الحضارية المهمة في مختلف الميادين، فقد كان لموقعها بين العراق والشام وبلاد العرب أثر كبير في احتكاك أهلها بغيرهم من الشعوب، فتأثروا بالثقافات العالمية آنذاك كالفارسية واليونانية والسريانية، وكان لمعرفة أهلها باللغة الفارسية أثر كبير في نقل آداب الفرس إليهم، وكان ملوك الحيرة يشجعون الشعراء ويغدقون الهبات عليهم، وغدا بلاطهم مقصد مشاهير شعراء الجاهلية، وكانت الحيرة تزخر بمعاهد العلم ومدارسه، وكان الطب متقدماً في الحيرة زمن اللخميين وظلت الحيرة مركزاً طبياً قائماً بعد ظهور الإسلام وقيام الدولة الإسلامية. واشتهر أهل الحيرة بالزراعة وكانت مزارع النخيل والبساتين تمتد في نواحيها من النجف حتى الفرات. وكذلك اشتغل الحيريون بالتجارة، وكانت القوافل تحمل تجارة الهند والصين وعمان والبحرين من الحيرة إلى الحجاز وتدمر وحوران، وتقدمت الصناعة في الحيرة وبلغت درجة كبيرة من الإتقان حتى نسب إلى الحيرة عدد كبير من الصناعات، وكانت صناعة النسيج من أرقى صناعاتها وخاصة أنسجة الحرير والكتان والصوف، واشتهرت الحيرة أيضاً بصناعة السيوف والسهام ونصال الرماح والتحف المعدنية والحلي وأدوات الزينة الذهبية والفضية المرصعة بالجوهر.
وتجلت عبقرية الحيريين وفنهم في فن البناء في ميدانين اثنين ميدان القصور وميدان الأديرة والكنائس، أما القصور فمن أشهرها الخورنق والسدير، فضلاً عن قصور أخرى لم تبلغ شهرة هذين القصرين، كقصر سندار، وقصر الزوراء والقصر الأبيض وقصر مقاتل وقصر العدسيين.
وأما الأديرة والكنائس فكانت عديدة في الحيرة والمنطقة المجاورة لها، وكان لتنصر المناذرة أثر كبير في دفعهم بناء العديد منها، وتحفظ كتب الديارات وتقاويم البلدان أسماء عدد منها، ويعد دير هند الكبرى من أشهر الأبنية التابعة لهذه الزمرة، وهناك دير هند الصغرى الذي بنته هند بنت النعمان ابن المنذر وأقامت فيه حتى ماتت ودفنت فيه.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|