أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-2-2017
7575
التاريخ: 10-2-2017
3602
التاريخ: 13-2-2017
2753
التاريخ: 24-2-2017
13816
|
قال تعالى : {وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً} [النساء : 27] .
{والله يريد أن يتوب عليكم} : أي يلطف في توبتكم أن وقع منكم ذلك . وقيل : يريد أن يوفقكم لها ويقوي دواعيكم إليها ﴿ويريد الذين يتبعون الشهوات﴾ فيه أقوال : (أحدها) : إن المعنى بذلك جميع المبطلين فإن كل مبطل متبع شهوة نفسه في باطله عن ابن زيد . (وثانيها) : إن المراد بذلك الزناة عن مجاهد . (وثالثها) : أنهم اليهود والنصارى عن السدي . (ورابعها) : إنهم اليهود خاصة إذ قالوا إن الأخت من الأب حلال في التوراة والقول الأول أقرب .
﴿أن تميلوا ميلا عظيما﴾ : أي تعدلوا عن الاستقامة عدولا بينا بالاستكثار من المعصية وذلك أن الاستقامة هي المؤدية إلى الثواب والفوز من العقاب والميل عنها يؤدي إلى الهلاك واستحقاق العذاب وإذا قيل لم كرر قوله تعالى ﴿يتوب عليكم﴾ ؟ فجوابه أنه للتأكيد وأيضا فإن في الأول بيان أنه يريد الهداية والإنابة وفي الثاني بيان إن إرادته خلاف إرادة أصحاب الأهواء وأيضا أنه أتى في الثاني بـ(أن) ليزول الإبهام أنه يريد ليتوب ولا يريد أن يتوب وإنما قال تعالى ﴿ميلا عظيما﴾ لأن العاصي يأنس بالعاصي كما يأنس المطيع بالمطيع ويسكن الشكل إلى الشكل ويألف به ولأن العاصي يريد مشاركة الناس إياه في المعصية ليسلم عن ذمهم وتوبيخهم ونظيره قوله تعالى {ودوا لو تدهن فيدهنون} ، {ودوا لو تكفرون كما كفروا} وفي المثل : " من أحرق كُدسَه (2) تمنى إحراق كدس غيره " وعلى هذا جبلت القلوب .
___________________
1. تفسير مجمع البيان ، ج3 ، ص66-67 .
2. الكُدس بالضم : الحب المحصود المجموع ويقال له بالفارسية " خر من " .
{واللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ويُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيماً} . الذين يتبعون الشهوات هم دعاة التحرر من القيود الدينية والأخلاقية ، والانطلاق مع غريزة الجنس انّى توجهت ، وهؤلاء موجودون في كل عصر من عهد مزدك إلى آخر يوم ، وان اختلفوا في شيء فإنما يختلفون في الأسلوب تبعا لعصورهم ، وقد تفننوا في القرن العشرين باسم الحرية والتطور ، وتجاوزوا الحد في إثارة الجنس عن طريق الأفلام والروايات ، والأعضاء العارية والحركات . .
وهذا هو الميل والانحراف العظيم الذي أشار إليه سبحانه بقوله : {أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيماً} .
وتسأل : لقد كرر اللَّه سبحانه التوبة في آيتين لا فاصل بينهما ، حيث قال :
{ويَتُوبَ عَلَيْكُمْ واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ واللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} . فما هو القصد من ذلك ؟ .
الجواب : جاءت التوبة الأولى تعليلا لبيان الحلال والحرام من النساء بصرف النظر عن أمر اللَّه بالتوبة وإرادته لها . . أما التوبة الثانية فهي تعبير عن أمره تعالى وإرادته التوبة بترك المحرمات ، وتقابلها إرادة متبعي الشهوات . . ونظير ذلك ان تقول لولدك ، اشتريت لك هذا الكتاب لتقرأه ، فاقرأه . . فذكرت القراءة أولا لبيان السبب الموجب للقراءة ، وأعدتها ثانية ، لأنك تريدها منه ، وتأمره بها .
___________________
1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 301-302 .
قوله تعالى : { وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ } إلخ ، كان تكرار ذكر توبته للمؤمنين للدلالة على أن قوله : { وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً } إنما يقابل من الفقرات الثلاث في الآية السابقة –[{يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النساء : 26]]- الفقرة الأخيرة فقط ، إذ لو ضم قوله : { وَيُرِيدُ الَّذِينَ } « إلخ » إلى الآية السابقة –[{يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}]- من غير تكرار قوله : { وَاللهُ يُرِيدُ } « إلخ » أفاد المقابلة في معنى جميع الفقرات ولغا المعنى قطعا.
والمراد بالميل العظيم هتك هذه الحدود الإلهية المذكورة في الآيات بإتيان المحارم ، وإلغاء تأثير الأنساب والأسباب ، واستباحة الزنا والمنع عن الأخذ بما سنة الله من السنة القويمة.
________________________
1. تفسير الميزان ، ج4 ، ص 240 .
{والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشّهوات أن تميلوا ميلا عظيماً} أي أنّ الله يريد بتشريع هذه الأحكام لكم أن يعيد عليكم نعمه التي قطعت ومنعت عنكم بسبب ذنوبكم ، وارتكابكم للشّهوات ، ولكن الذين يريدون الإِنسياق وراء الشّهوات الغارقين في الآثام والذنوب يريدون لكم أن تنحرفوا عن طريق السعادة ، إِنّهم يريدون أن تسايروهم في اتّباع الشّهوات وأن تنغمسوا في الآثار انغماساً كاملا ، فهل ترون ـ والحال هذه ـ إِنّ هذه القيود والحدود الكفيلة بضمان سعادتكم وخيركم ومصلحتكم أفضل لكم ، أو الحرية المنفلتة المقرونة بالإِنحطاط الخلقي ، والفساد والسقوط ؟
إِنّ هذه الآيات في الحقيقة تجيب على تساؤل أُولئك الأفراد الذين يعيشون في عصرنا الحاضر أيضاً والذين يعترضون على القيود والحدود المفروضة في مجال القضايا الجنسية ، وتقول لهم : إنّ الحريات المطلقة المنفلتة ليست أكثر من سراب ، وهي لا تنتج سوى الإِنحراف الكبير عن مسير السعادة والتكامل الإِنساني ، وكما توجب التورط في المتاهات والمجاهل ، وتستلزم العواقب الشريرة التي يتجسد بعضها في ما نراه بأُم أعيننا من تبعثر العوائل ، ووقوع أنواع الجريمة الجنسية البشعة ، وظهور الأمراض التناسلية والآلام الروحية والنفسية المقيتة ، ونشوء الأولاد غير الشرعيين حيث يكثر فيهم المجرمون القساة الجناة .
_______________
1- تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 102-103 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|