موضع المدينة وموجزها التاريخي:

تقع مدينة بابل على بعد نحو (90) كم جنوب بغداد , وقبل ان تصل السيارة الى طريق الحلة – بغداد وقبيل الوصول الى التل العالي المعروف بابل يقطع طريق السيارات آثار نهر النيل القديم ويقطع من بعد ذلك بقليل سور المدينة الخارجي.

ان الاسم السومري للمدينة هو الصيغة المؤلفة (كادنكرا) اما الاسم البابلي السامي اي (باب ايلو) او(باب ايلي) فهو ترجمة للصيغة السومرية ومعنى الاسم باب الاله او الالهة .

ومع ان هناك امارات على وجود مستوطن في موضع بابل يرجع تاريخيه الى عصور ما قبل التاريخ (نحو 4000ق.م) الا ان اقدم اشارة تاريخية الى المدينة قد جاءتنا من عهد السلالة الاكدية (في حدود 2350ق.م) وكذلك ذكرت المدينة في اخبار سلالة اور الثالثة . على ان بابل لم تكن في هذه العهود ذات شان سياسي خطير في تاريخ العراق القديم الا منذ قيام سلالتها الاولى(1880- 1580ق.م) التي اشتهرت بملكها السادس حمورابي حتى اصبحت عاصمة الامبراطورية التي اسسها . ومما يدل على اهمية موضع بابل انها ظلت عاصمة للبلاد حتى العهد السلوقي . وحين بنى سلوقس عاصمته الجديدة (سلوقية) (تل عمر الان) التي سميت بأسمه اخذت بابل بالاضمحلال .

لقد قاست المدينة كثيرا من بعد نهاية سلالة بابل الاولى ولاسيما على ايدي الاشوريين ونخص بالذكر ما وقع لها في عهد الملك الاشوري سنحاريب الذي عمد بعد قيامها بالثورة على تدميرها ودك حصونها وقصورها في (689ق.م).

ان اخر حقبة مجيدة في تاريخ بابل تقع بالعهد المعروف بالعهد البابلي الاخير (625-538ق.م) الذي اشتهر بحكم الملك الشهير (نبو خذ نصر الثاني)(604- 562) والواقع ان شكل بابل , قصورها ومعابدها واجزاءها الاخرى مما حققه المنقبون الالمان في خلال الاربعة عشر عام في بداية هذا القرن , انما هو عمل هذا الملك بالدرجة الاولى وعمل  ابيه(نبو بو لاسر) وبعض الملوك الذين خلفوا نبوخذنصر. لقد حكم هذا الملك اثنين واربعين عاما(604-562) تعد من العهود المجيدة في التاريخ البشري, ومع ما قام به هذا الملك من حروب موفقة الا ان شهرته التي خلدته انما كانت في اعماله العمرانية في بابل التي يصح ان نقول انه اعاد بناءها من جديد لاسيما قصورها ومعابدها واشتهر ايضا بالتعمير والبناء في معظم مدن العراق القديم المهمة حيث نجد آثار الاجر المحتوم باسمه منتشرا في خرائب المدن القديمة.

وبعد غزو الفرس الاخمينيين بابل على ايدي كورش(538 ق.م) دخلت بابل ومعها جميع القطر تحت حكم الدولة الاخمينية و ومما  يقال عن بابل في العهد الاخميني انها بقيت على اهميتها وان ملوك هذا العهد اتخذوها عاصمتهم الشتوية في معظم الاحيان . وينبغي ان يكون قد حدث في مجرى الفرات في هذا العهد تغير مهم في مجراه, واخذت بابل تفقد اهميتها منذ العهد السلوقي بتأسيس العاصمة الجديدة سلوقية الا انها استمرت كمستوطن الى العهود الاسلامية.