أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-10-2016
1706
التاريخ: 27-10-2016
1115
التاريخ: 2023-12-27
991
التاريخ: 27-10-2016
1914
|
مفهوم الملكية لدى الأكّاديين:
تعتبر المملكة الأكّادية دون شك ، أقدم دولة في العالم القديم انطلق ملوكها من اطار دويلة المدينة الضيق ومن القوقعة الاقليمية الى خارج الحدود الجغرافية للممالك الصغيرة ذات الامكانيات المادية والبشرية المحدودة . اذ اسسوا مملكة كبيرة واسعة مترامية الأطراف ، يحق لنا ان نعتبرها اول امبراطورية عرفها التاريخ .
وخضعت لنفوذها شعوب عديدة وقبائل كثيرة منها المستقر في دول المدن والممالك الصغيرة ذات الحضارات المتطورة ، ومنها البدو الرحل بين منطقة واخرى ومنها الهمجي الغريب القابع على سفوح الجبال .
لقد ذكرنا ان الملوك السومريين السابقين كانوا قد ركزا جهودهم – باستثناء لوجال زاجّيزي – على حسم الصراع الداخلي فيما بينهم . وكان هم المنتصر أخيراً صد الهجمات العيلامية عن حدود اراضي دويلته ودويلات المدن السومرية الأخرى الخاضعة لنفوذه . ولم تكن محاولة آخرهم – كما ذكرنا – الا مجرد مخطط ملك متسرع طموح ادرك خطر جماعات البؤر البشرية الأصلية الأكّادية والأخرى المتحالفة معها – المتعاظم ، الذي كان استخدام معظم القادة السومريين للقلب (باتيزي) أو (انزي) بمثابة تعبير عن تقوقعهم على انفسهم وارتباطهم بالمعبد السومري ، الذي اصبح – بفعل عقلية المشرفين على تسيير اموره – متخلفا وعاجزا عن مواكبة التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي أخذ يسود المنطقة .
وكان الأمراء السومريون خدما فعليين للمعبد والهه ، بينما اصبح الملوك الأكّاديون (الهة) للشعب الأكّادي وللشعوب والقبائل الأخرى المتحالفة معهم أو التابعة لامبراطوريتهم ، وذلك تمشيا مع سياستهم التوسعية .
لقد كان الملك (سرجون) اول من مهد الطريق لذلك عندما أطلق على شخصه تسمية لم يقدم عليها احد قبله وهي (سرجون الهي) ، ثم صارت هذه التسمية لقبا ثابتا لابنه الملك (ريموش) اي (ريموش الهي) . وكان (مانيشتوسو) و (شار- كاليشارّي) يضعان أحياناً الشارة الكتابية الخاصة بالآلهة قبل اسميهما تعبيرا عن الوهيتهما . اما الملك (نارام – سن) فكان اكثرهم تطرفا في هذا المجال عندما جعل الشارة الالهية لا تفارق اسمه وتعني (الالوهية المطلقة) أي (اله أكّاد) ولم يكتف هذا الملك بذكر ذلك في الكتابات فحسب ، بل رمز اليه في تعبير تصويري على نصبه التذكاري ، وخالف بذلك التقليد الذي عرفه جميع الملوك الأكّاديين . وتمثل هذا التعبير الجديد في شكل القرنين ، اللذين لم يزينا عادة في هذا العصر الا رؤوس الآلهة ، التي تظهر اشكالها على الأختام الاسطوانية من هذا العصر ايضا (1) .
ولاشك في ان ادعاء الملوك الأكّاديين الالوهية ، كان في الأصل غريبا على طباع قبائل الجماعات البشرية الأصلية خلال العصور السابقة ، شأنهم في ذلك شأن السومريين القدامى السابقين والبابليين العمورّيين اللاحقين . لقد كانوا يعبدون الاله (شمش) والربة (عشتار) وآلهة اخرى الى جانب هذا الثنائي . فمن أين أخذ الملوك الأكّاديون هذا التقليد ، الذين ترفعوا به عن الشعوب والقبائل التي خضعت لنفوذهم بحيث نشأت بذلك هوة سحيقة فصلتهم ايضا حتى عن شعبهم الخاص ؟
وقد ذكرنا ان الملوك الأكّاديين توسعوا بفتوحاتهم حتى بسطوا نفوذهم على مناطق واسعة من غرب آسية الحالية ، وربما شمل ذلك ايضا مصر وبلاد النوبة .
وعلى كل حال فمن المؤكد ان حدود إمبراطوريتهم كانت قد امتدت من الهضبة شواطئ البحر الأحمر والبحر العربي جنوبا .
ونتيجة لهذا التوسع الضخم فقد احتكوا بالمصريين وتأثروا بفراعنتهم ، الذين كانوا يدعون خلال هذا العصر انهم (ابناء الآلهة) (2) ، لذلك ارجع ان يكون الأكّاديون قد طوروا هذا المفهوم لـ (قدسية الملك) من (ابن الاله) الى (الاله) نفسه . واما سبب هذا التطوير نفسه فقد كمن في تطور الملكية وصراعها السلطوي مع المعبد . وقد حسم هذا الصراع في بلاد ما بين النهرين لصالح الملكية ، التي اخذت منذ بداية العهد الأكّادي تحتل المرتبة الأولى في قيادة البلاد . وأصبح المعبد خاضعا بشكل كامل لمراقبة الملك الأكّادي . واتصف احداث هذا التطور بالتسارع في بلاد ما بين النهرين والتباطؤ والجمود احيانا في مصر . وهناك عامل آخر هام زاد من حدة تسارع الأحداث ودفع الملوك الأكّاديين لسلوك هذا السبيل ، انه فتوحاتهم التي دعمت من مركزهم تجاه المعبد . ولذلك رأوا ان حقهم بـ (الالوهية) امر طبيعي ، طالما ان جميع الحكام السابقين قد عجزوا عن تحقيق ما يفتخر به ملوك (أكّاد) هؤلاء أنفسهم في كتاباتهم . ثم أن ربط الملك (نارام – سن) اللقب الالهي (الاله نارام – سن) باللقب الزمني (ملك جهات العالم الأربع) لدليل واضح يدعم صحة الرأي .
اهمية الأكّاديين الحضارية:
ورافق الانجاز العسكري الضخم الذي حققه الأكّاديون انتشار حضارتهم في معظم الأقطار التي خضعت لنفوذهم . فازدادت جذورهم اللغوية والفنية والدينية رسوخا في تربة هذه الأقطار وابتلعت حضارتهم المتطورة لغات وحضارات بؤر بشرية كثيرة منها المحلي الأصيل ومنها الغريب عن المنطقة.
وكان التفاعل الحضاري بين (الأكّاديين) و (السومريين) قد بدأ خلال عصور مبكرة جدا من تاريخ غرب آسية القديم ، اي قبل أن يستأثر الأكّاديون بالسلطة في بلاد ما بين النهرين . وسهلت ايضا السلطة المركزية ، التي اوجدها الأكّاديون توسع حضارتهم وانتشارها في غرب آسية . والأهم من ذلك كله فقد كانت جوانب هذه الحضارة وخاصة الجوانب اللغوية والدينية والفنية منها كانت اصلية في اكثر هذه المناطق ، ولذلك لم تكن غريبة عن الجماعات البشرية العديدة الأخرى ، التي ارتبطت فيما بينها بصلات متينة بحكم الجوار وكانت تشكل آنذاك الأكثرية الساحقة من سكان شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام وبلاد ما بين النهرين .
وتحاول السلطة الحاكمة دوما ان تستخدم لغة الأم في معاملاتها الرسمية ، وخاصة اذا كانت هذه اللغة بلغت مستوى رفيعا من التطور كاللغة الأكّادية .
وقد استطاعت اللغة الأكّادية بحكم هذا الواقع ان تشق طريقها الى نفوس عامة الشعب وان تسرب الفاظها الى صلب السومرية الكهنوتية في الجنوب ، لدرجة حمل معها ايضا ملوك سومريون من العصر السومري الحديث اسماء نقية في صيغها الأكّادية .
وتأثر السومريون ايضا بالفن الأكّادي ، في النحت والتصوير على حد سواء ، بحيث اصبح المذهب الفني الأكّادي لـ (نارام – سيني) طابعا مميزا للفن السومري الحديث .
واخترقت ايضا الآلهة الأكّادية الرئيسة النطاق الذي ضربه الكهنة السومريون حول معابد الهتهم ومعتقداتهم امام الآلهة الأكّادية . ونفذت الى صلب المجمع الربّاني السومّري وتبوأت فيه منزلة رفيعة الى جانب كبار الآلهة السومرية العريقة .
لذلك لم يقتصر دور الأكّاديين الحضاري على الاقتباس من السومريين ، كما يدعي بعض العلماء ، وانما اعطوهم ايضا الكثير من ابداعهم الحضاري ، الذي تجاوز النطاق الجغرافي الضيق للأرض السومرية الى آفاق واسعة من المجال المترامي الأطراف لحدود إمبراطوريتهم (العالية) . واصبحت الحضارة الأكّادية تشكل الأرض الخصبة لقيام المملكة (البابلية) القديمة بعد قرون عديدة من الانهيار السياسي للإمبراطورية الأكّادية .
_________________
1) Moortgat, A., Vorderasiatlsche Rollsiegel, 1940, Nr. 65-66.
2) Wörterbuch der Mythologie, Bd. 3, S. 396-399, Herausgegeben vod Haussig, H.W.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|