أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-9-2016
476
التاريخ: 2024-08-14
394
التاريخ: 2024-08-13
403
التاريخ: 20-9-2016
397
|
الكلام في قاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده: يقع الكلام في المقام في جهات:
[جهات البحث] :
الجهة الأولى: ان هذه القاعدة تنحل الى قاعدتين :
الأولى قاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده والثانية أن ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده، ولا بد من التكلم في كل واحد منهما بنحو الاستقلال.
الجهة الثانية: في بيان المراد من القاعدتين :
فنقول المراد من القاعدة الأولى أنه لو كان مقتضى العقد الضمان كالبيع أو الاجارة وأمثالهما إذا فرض فساد العقد يتحقق الضمان والمراد من القاعدة الثانية أنّ العقد لو لم يكن موجبا للضمان كالهبة أو العارية وأمثالهما أنه لو فرض فساد العقد لا يتحقق الضمان.
الجهة الثالثة : في مدرك القاعدة الأولى :
والذي يمكن أن يقال أو قيل في تقريب الاستدلال عليها وجوه :
الوجه الأول: قاعدة الاقدام وقبل الخوض في البحث نقدم مقدمة وهي أن تحقق كل حكم وضعي يحتاج الى قيام دليل عليه ومع الشك تكون النتيجة عدمه كما هو الظاهر وإن شئت فقل الضمان امر حادث ومع الشك فيه يحكم بعدمه بالاستصحاب.
فنقول: تقريب الاستدلال بقاعدة الاقدام أنه لو باع زيد داره من عمرو بألف دينار مثلا فقد أقدم على كون المشتري للدار ضامنا في قبال ألف دينار فاذا فرض فساد البيع يبطل الضمان بالمثل أي الدينار ويبقى أصل الضمان أي الدار تكون مضمونة في يد المشتري.
ويرد عليه ان دليل صحة البيع يقتضي ضمان الدار بالدينار والمفروض بطلانه والاقدام تعلق بهذا المقيد وغيره لم يتعلق به الاقدام مضافا الى أن أيّ دليل دل على كون الاقدام بنفسه موجبا للضمان وبعبارة واضحة لا يجوز تملّك مال الغير الّا بأحد الاسباب الشرعية ولا دليل على أن الاقدام بما هو يوجب الضمان وصفوة القول في المقام ان الاقدام لم يتعلق بالمثل أو القيمة وعلى فرض تعلقه لا دليل على كونه مؤثرا ومقتضى الأصل عدم تأثيره والذي يدل على المدعى أنه لو أقدم أحد على ضمان تلف مال غيره وبنى عليه لا يكون ضامنا ولا أظن أن يدعي أحد كونه موجبا لضمان المقدم بل التفوه به يقرع الاسماع.
الوجه الثاني: النبوي المعروف: على اليد ما أخذت حتى تؤديه «1» بتقريب أنّ المستفاد من الحديث ان من أخذ مال الغير يكون ضامنا لما أخذه الى زمان أدائه الى مالكه.
ويرد على الاستدلال بالحديث أولا انّ الحديث ضعيف سندا فان أحد رواته سمرة وهو من الملاعين والاشقياء فلا اعتبار بحديثه إن قلت ان الأمر وإن كان كذلك لكن عمل المشهور به يجبر ضعفه قلت: قد ذكرنا مرارا ان عمل المشهور بالخبر الضعيف لا يجبر ضعفه كما ان اعراضهم لا يوجب وهن الخبر المعتبر كيف وقد ثبت في الأصول عدم اعتبار الشهرة الفتوائية فيكف يمكن ان ما لا يكون معتبرا في حد نفسه يكون جابرا لما لا اعتبار له أو يكون مسقطا لأمر معتبر أ ليس مرجعه الى التناقض.
مضافا الى أنّ استنادهم في فتاويهم الى هذا الخبر غير معلوم ومجرد ذكرهم الخبر في كلماتهم لعله من باب كونه مؤيدا للمراد.
وثانيا: ان المستفاد من الحديث انّ الثابت على الآخذ ما أخذه الى زمان ادائه أي يكون تلفه بعهدته وبعبارة أخرى الآخذ لعين مملوكة للغير ضامن لدركه الى زمان تأديته الى مالكه ولازم هذه القاعدة أنه لو وصل ما أخذه الى المالك بسبب آخر كما لو آخذه ثالث بغير اذن الآخذ ورده الى مالكه عدم رفع الضمان عن الآخذ إذ الغاية التي توجب ارتفاع الضمان أن يؤديه الى مالكه والمفروض أنه لم يتحقق هذا المعنى.
وثالثا: انّ لازم المستفاد من الحديث أنه لو تعدد الآخذ كما لو كانوا عشرة وتلف ما أخذه في يد الأخير يكون جميع الأخذين ضامنين للمالك وهل يمكن الالتزام به.
إن قلت كيف لا يمكن الاستدلال على المدعى بالنبوي المشهور والحال ان جملة من الاساطين في كلماتهم اسندوا هذا الحديث الى النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فانهم في مقام الاستدلال قالوا لقول النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم على اليد ما أخذت حتى تؤديه هذا من ناحية ومن ناحية أخرى ان الظاهر من الإخبار كونه حسيا فيكون الحديث معتبرا من حيث السند وبعبارة أخرى بعد اسناد هؤلاء الاعلام كالشهيد وابن زهرة والعلامة الحديث الى النبي الاكرم صلّى اللّه عليه وآله وسلّم واحتمال كون أخبارهم حسيا حيث أنه يمكن انّه وصل اليهم بواسطة كابر عن كابر يكون الحديث تاما سندا.
قلت: يرد على التقريب المذكور أولا ان هذه الجملة لا تكون ظاهرة في الإسناد الحسي ولذا نرى كثيرا ما يطلق في كلمات الأصحاب للنبوي وامثاله والحال أن القائل لا يكون في مقام الاسناد وثانيا ان الدليل على حجية قول الثقة سيرة العقلاء لا أنه هناك اطلاق أو عموم يؤخذ به فلا بد من الأخذ بالقدر المتيقن منها فاذا فرض ان هذا الحديث كان مشهورا من قديم الزمان ولم يتعرض المحدثون لسنده وكانوا يعاملون معه معاملة المرسل وبعد ذلك أحد الفقهاء اسنده الى النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بالإسناد الحسي مع كونه بعيدا لا نجزم بأن العقلاء يحملون مثل الخبر المشار إليه على الحس ويعملون به فالنتيجة عدم امكان اثبات اعتباره صناعة الا أن يقال ان السيرة وإن كانت كذلك لكن يكفي لإثبات الاطلاق النصوص الدالة على حجية قول الثقة اللهمّ الّا أن يقال: ان الأخبار الدالة على حجيّة قول الثقة لا تكون حكما تأسيسا بل حكم امضائي لبناء العقلاء وسيرتهم فلا يكون مدلول الأخبار أوسع من مفاد السيرة وبعبارة واضحة انّ الأخبار ناظرة الى ما يكون مورد ارتكاز العقلاء فلاحظ واغتنم.
الوجه الثالث: الروايات الواردة الدالة على ان الامة المبتاعة اذا وجدت مسروقة بعد أن أولدها المشتري أخذها صاحبها وأخذ المشتري ولده بالقيمة منها ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يشتري الجارية من السوق فيولدها ثم يجيء مستحق للجارية فقال يأخذ الجارية المستحق ويدفع إليه المبتاع قيمة الولد ويرجع على من باعه بثمن الجارية وقيمة الولد الذي اخذت منه «2» ومنها ما رواه جميل بن دراج عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل اشترى جارية فاولدها فوجدت الجارية مسروقة قال:
يأخذ الجارية صاحبها ويأخذ الرجل ولده بقيمته «3» ومنها ما رواه زرارة قال:
قلت لأبي جعفر عليه السّلام الرجل يشتري الجارية من السوق فيولدها ثم يجيء رجل فيقيم البينة على آنها جاريته لم يبع ولم يهب قال فقال ان يرد إليه جاريته ويعوّضه بما انتفع قال كان معناه قيمة الولد «4» ومنها ما رواه زرارة أيضا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رجل اشترى جارية من سوق المسلمين فخرج بها الى أرضه فولدت منه أولادا ثم أتاها من يزعم أنها له وأقام على ذلك البينة قال يقبض ولده ويدفع اليه الجارية ويعوّضه من قيمة ما أصاب من لبنها وخدمتها «5» بتقريب انّ ضمان الولد مع كونه نماء لم يستوفه المشتري يستلزم ضمان الأم بالأولية فتدل هذه الروايات الشريفة على ان ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.
ويرد عليه أولا ان هذه الروايات لا ترتبط بالمقام فانّ الضمان في مورد الروايات من الواضحات إذ الامة المبتاعة قد فرضت مغصوبة والبائع هو الغاصب والكلام في المقام فيما لو باع العين المالك وثانيا أنه لو اغمضنا النظر عن الجواب الأول وفرضنا ارتباط النصوص المشار إليها بالمقام لكن نقول الروايات الواردة في مورد خاص واطار مخصوص والكلام في المقام في الكبرى الكلية وبعبارة واضحة ان الموجبة الجزئية لا تكون دليلا على الكبرى الكلية فلاحظ.
الوجه الرابع: الروايات الدالة على عدم حلية مال امرء الّا بطيب نفسه والدالة على عدم جواز التصرف في مال الغير الّا باذنه منها ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال من كانت عنده أمانة فليؤدّها الى من ائتمنه عليها فانه لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله الّا بطيبة نفسه «6» ومنها ما في حديث آخر عن صاحب الزمان عليه السّلام قال: لا يحل لأحد أن يتصرف في مال غيره بغير اذنه «7» بتقريب ان العقد لو لم يكن صحيحا لا تنتقل العين الى الطرف المقابل وتكون باقية في ملك المالك والمستفاد من هذه الروايات عدم حلية مال الغير الّا باذنه كما أنه لا يجوز التصرف في ماله الّا باذنه وحيث انه غير راض على الفرض يكون تلقه موجبا للضمان.
ويرد على التقريب المذكور انّ الحكم التكليفي لا يتعلق بالاعيان الخارجية والظاهر من هذه الروايات حرمة التصرف كما صرح به في بعضها وبعبارة واضحة اذا استند الحكم التكليفي الى العين الخارجية لا بد من تقدير الفعل كي يصح الاستعمال فلا مجال للاستدلال بهذه الطائفة على المدعى.
الوجه الخامس: النصوص الدالة على ان حرمة مال المؤمن كحرمة دمه.
منها ما رواه أبو ذر عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في وصية له قال: يا أبا ذر ايّاك والغيبة فانّ الغيبة اشدّ من الزنا قلت ولم ذاك يا رسول اللّه قال: لأنّ الرجل يزني فيتوب الى اللّه فيتوب اللّه عليه والغيبة لا تغفر حتّى يغفرها صاحبها يا أبا ذر سباب المسلم فسوق وقتاله كفر وأكل لحمه من معاصي اللّه وحرمة ماله كحرمة دمه قلت يا رسول اللّه وما الغيبة قال ذكرك أخاك بما يكره قلت يا رسول اللّه فان كان فيه الذي يذكر به قال اعلم انك اذا ذكرته بما هو فيه فقد اغتبته واذا ذكرته بما ليس فيه فقد بهته «8» ومنها ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر وأكل لحمه معصية وحرمة ماله كحرمة دمه «9» بتقريب انّ إتلاف مال المؤمن مثل إتلاف نفسه يوجب الضمان.
ويرد عليه ان الوجه المذكور على فرض تماميته اخص من المدعى إذ الموضوع المذكور فيها عنوان المؤمن أي الشيعي الاثنى عشري والحال انّ البحث في المقام عام.
وثانيا: انه على تقدير تماميته يختص الضمان بصورة الإتلاف والحال ان الكلام أعم من الإتلاف فيكون الدليل أخص من المدعى أيضا.
وثالث انّ الجملة المذكورة ذكرت في سياق عدة أمور ظاهرة في الحكم التكليفي فلا ترتبط هذه الطائفة بالجهة الوضعية وإن أبيت عن ذلك فلا أقل من الاجمال إذ وحدة السياق لو لم تكن موجبة لانعقاد الظهور في الحكم التكليفي فلا أقل من كونه مانعا عن انعقاد في الحكم الوضعي وإن شئت فقل اقتران اللفظ بما يصلح للقرينية مانع عن الظهور فتكون الجملة مجملة فلاحظ.
إن قلت يمكن إثبات المدعى بتقريب آخر وهو انّ حرمة المال تقتضى عدم جواز المزاحمة حدوثا وبقاء وهذا وإن لم يفد الّا الحكم التكليفي ما دامت العين موجودة لكن عدم تدارك التالف نحو من المزاحمة فلا تجوز فيجب التدارك باداء البدل فبالنتيجة انّ هذه الطائفة وإن لم تدل على الضمان بالمطابقة لكن تدل عليه بالالتزام.
قلت: تمامية التقريب المذكور تتوقف على اشتغال الذمة بالتالف وتمام الاشكال في اثبات هذه الجهة وإن شئت فقل ان الحكم لا يتعرض لموضوع نفسه بل لا بد من احرازه وببيان آخر الموضوع مقدم على الحكم رتبة والحكم متوقف على موضوعه فلو احتاج اثبات الموضوع الى الحكم يلزم الدور المحال.
الوجه السادس: انه قد ورود في جملة من النصوص أنه لا يصلح ذهاب حق أحد: منها ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام هل تجوز شهادة أهل الذمة على غير أهل ملتهم؟ قال: نعم إن لم يوجد من أهل ملتهم جازت شهادة غيرهم أنه لا يصلح ذهاب حق أحد «10» ومنها ما رواه سماعة قال:
سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن شهادة أهل الملة قال، فقال: لا تجوز الّا على أهل ملتهم فان لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم على الوصية لأنه لا يصلح ذهاب حق أحد «11» وقد حقق عندهم ان العلة تعمم فبعموم العلة نحكم في المقام بالضمان كي لا يذهب حق المالك.
ويرد عليه ان التقريب المذكور يتوقف على أمرين أحدهما أن يكون المراد من الحق المال، ثانيهما ان يكون المراد من عدم صلاح ذهابه الضمان وكلا الأمرين محل الاشكال ولا شاهد عليهما أضف الى ذلك أنه لا يشمل صورة التلف ويختص بالاتلاف يضاف الى جميع ذلك ان الحديث الرابع من الباب غير تام سندا.
الوجه السابع: قاعدة لا ضرر المستفاد من عدة نصوص: منها ما رواه عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بالشفعة بين الشركاء في الأرضين والمساكن وقال: لا ضرر ولا ضرار وقال اذا ارّفت الأرف وحدّت الحدود فلا شفعة «12» ومنها ما رواه أبو عبيدة الحذاء قال: قال أبو جعفر عليه السّلام كان لسمرة بن جندب نخلة في حائط بني فلان فكان اذا جاء الى نخلته ينظر الى شيء من أهل الرجل يكرهه الرجل قال: فذهب الرجل الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فشكاه فقال يا رسول اللّه ان سمرة يدخل عليّ بغير اذني فلو ارسلت اليه فامرته ان يستأذن حتى تأخذ اهلي حذرها منه فارسل إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فدعاه فقال يا سمرة ما شأن فلان يشكوك ويقول يدخل بغير اذني فترى من أهله ما يكره ذلك يا سمرة استأذن اذا أنت دخلت ثم قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يسرّك أن يكون لك عذق في الجنة بنخلتك قال: لا قال لك ثلاثة قال لا قال ما أراك يا سمرة الّا مضارّا اذهب يا فلان فاقطعها واضرب بها وجهه «13» ومنها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ان سمرة بن جندب كان له عذق في حائط لرجل من الأنصار وكان منزل الأنصاري بباب البستان فكان يمرّ به الى نخلته ولا يستأذن فكلّمه الأنصاري أن يستأذن إذا جاء فأبى سمرة فلما تأبّى جاء الانصاري الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فشكا إليه وخبره الخبر فأرسل إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وخبّره بقول الأنصاري وما شكا وقال اذا أردت الدخول فاستأذن فأبى فلما أبى ساومه حتى بلغ به من الثمن ما شاء اللّه فابى ان يبيع فقال لك بها عذق يمدّ لك في الجنة فأبى أن يقبل فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم للأنصاري اذهب فاقلعها وارم بها اليه فانه لا ضرر ولا ضرار «14» ومنها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام نحوه الّا أنه قال : فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم رجل مضارّ ولا ضرر ولا ضرار على مؤمن قال ثم أمر بها فقلعت ورمى بها اليه فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم انطلق فاغرسها حيث شئت «15» ومنها ما رواه عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: لا ضرر ولا ضرار «16» ومنها ما عن دعائم الإسلام: روينا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه سئل عن جدار لرجل وهو سترة بينه وبين جاره سقط فامتنع من بنيانه قال: ليس يجبر على ذلك الا أن يكون وجب ذلك لصاحب الدار الاخرى بحق أو بشرط في أصل الملك ولكن يقال لصاحب المنزل استر على نفسك في حقك ان شئت قيل له فان كان الجدار لم يسقط ولكنه هدمه أو أراد هدمه اضرارا بجاره لغير حاجة منه الى هدمه قال: لا يترك وذلك ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال: لا ضرر ولا ضرار وانّ هدمه كلّف ان يبنيه «17» ومنها ما عن دعائم الإسلام: وروينا عن أبي عبد اللّه عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السّلام ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال: لا ضرر ولا ضرار «18» بتقريب انّ المستفاد من هذه القاعدة ان الحكم الضرري لم يجعل في الشريعة وحيث انّ عدم الحكم بالضمان ضرري على المالك ينفى والنفي في النفي يقتضي الاثبات: أقول المعتبر في هذه النصوص الحديث الثالث من الباب الثاني عشر وقد ذكرنا في بحث القاعدة انّ الحق هو الالتزام بان المستفاد من الحديث النهي عن الضرر والاضرار بالغير ولا يكون الحديث ناظرا الى ادلة الأحكام وحاكما عليها وتفصيل هذه الجهة موكول الى ذلك البحث ومن اراد التفصيل فليراجع ما حققناه في المجلد الثاني من كتابنا الموسوم بآرائنا في اصول الفقه هذا أولا، وثانيا أنه على فرض الاغماض عما تقدم وسلمنا كون الحديث ناظرا الى الأحكام فانما يكون ناظرا الى الأحكام المجعولة والمفروض أن عدم الجعل لا يكون من مصاديق المجعولات وثالثا أنّه يقع التعارض بين الطرفين فان الحكم بعدم الضمان على الآخذ يقتضي الضرر على المالك وأيضا الحكم بالضمان يقتضي الضرر على الآخذ ولا وجه للترجيح ورابعا ان الضمان على تقدير القول به بمقتضى التقريب المتقدم واغماض النظر عن الاشكال المتقدم، يختص بصورة الإتلاف أو الانتفاع والحال أن المدعى أعم أي الضمان حتى مع التلف السماوي فهذا الوجه أيضا لا يترتب عليه أثر.
الوجه الثامن: السيرة العقلائية بتقريب ان العقلاء بما هم كذلك يرون الآخذ ضامنا للبدل في صورة تلف العين هذا من ناحية ومن ناحية أخرى ان الشارع الأقدس لا يكون له قانون خاص في قبال القوانين العقلائية فاذا فرض تحقق السيرة ولم يردع عنها الشارع نكشف أنه أمضاه وبعبارة أخرى مجرد عدم الردع لا يكون كافيا بل الأمر متوقف على الامضاء وحيث ان الشارع يرى سيرة العقلاء ولم يردع يكشف عن امضائه فيتم الأمر ويثبت المدعى.
أقول: التقريب المذكور تام ولكن لا ينطبق على المقام وببيان جلي اثبات المدعى بالتقريب المذكور يتوقف على عدم الردع والحال أن الشارع ردع هذه السيرة بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } [النساء: 29] .
توضيح المقام ان المستفاد من الآية الشريفة ان تملك مال الغير بايّ سبب كان يكون فاسدا والسبب الوحيد عبارة عن التجارة عن تراض فتملك المالك بدل العين من الآخذ أكل بالباطل فيكون فاسدا فالسيرة على فرض تماميتها مردوعة بالآية ولعمري ما افدته في هذا المقام في كمال الجودة والدقة فما الحيلة وما الوسيلة.
الوجه التاسع: وهو الوجه الأخير ارتكاز المتشرعة بما هم كذلك.
ان قلت الآية الشريفة تردع الارتكاز قلت أين ذهبت فان المدعى انّ المتشرعة بما هم كذلك يرون الآخذ في مفروض الكلام ضامنا وحيث انجر الكلام الى هنا ننبّه بنكتة وهي انه فرق بين السيرة العقلائية والارتكاز الشرعي أو السيرة الجارية بين المتشرعة فان السيرة العقلائية لا ترتبط بالشرع ولكن الارتكاز الشرعي أو السيرة الجارية بين أهل الشرع من الشرع ومن الشارع وينبغي أن يحفظ على التحقيق المذكور ويستفاد منه في جملة من الموارد واللّه وليّ التوفيق هذا تمام الكلام في القاعدة الأولى.
وأما الكلام في القاعدة الثانية :
وهي ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده: فربما يقال في وجه عدم الضمان أنه اذا فرض العقد صحيحا لا يوجب الضمان فلا ضمان في فاسده بالأولوية والتقريب المذكور فاسد إذ عدم الضمان في صورة الصحة من باب ان العين تصير مملوكة للطرف المقابل بالعقد ومن الواضح ان المالك لا يكون ضامنا لمملوكه وأما في فرض الفساد فان المفروض بقاء العين في ملك مالكها فلا جامع بين المقامين وكل منهما يباين الآخر والذي يختلج بالبال في هذه العجالة أن يقال لا موجب للضمان أما حديث على اليد فقد تقدم انه غير تام سندا ولا سيرة على الحكم بالضمان لا من العقلاء ولا من اهل الشرع وإذا وصلت النوبة الى الشك يكون مقتضاه عدم الضمان هذا بالنسبة الى تلف العين وأما في صورة الإتلاف فالظاهر أنه يشكل الجزم بعدم الضمان إذ مقتضى قاعدة الاتلاف كون المتلف ضامنا، واللّه العالم بحقائق الأمور وعليه التوكل والتكلان.
________________
(1) سنن البيهقي: ج 6 كتاب العارية ص 90 وكنز العمال: ج 5 ص 257 نقله عنهما مصباح الفقاهة: ج 3 ص 87.
(2) الاستبصار: ج 3 ص 84 الباب 57 الحديث 1.
(3) الاستبصار: ج 3 ص 84 الباب 57 الحديث 2.
(4) نفس المصدر الحديث 3.
(5) نفس المصدر ص 85 الحديث 5.
(6) الوسائل الباب 3 من أبواب مكان المصلي الحديث 1.
(7) الوسائل الباب 1 من أبواب الغصب الحديث 4.
(8) الوسائل الباب 152 من أبواب العشرة الحديث 9.
(9) الوسائل الباب 158 من أبواب العشرة الحديث 3.
(10) الوسائل الباب 40 من أبواب الشهادات الحديث 1.
(11) الوسائل الباب 40 من أبواب الشهادات الحديث 4.
(12) الوسائل الباب 5 من أبواب الشفعة الحديث 1.
(13) الوسائل الباب 12 من أبواب احياء الموات الحديث 1.
(14) نفس المصدر الحديث 3.
(15) نفس المصدر الحديث 4.
(16) نفس المصدر الحديث 5.
(17) مستدرك الوسائل: ج 17 ص 118 الباب 9 من أبواب احياء الموات الحديث 1.
(18) نفس المصدر الحديث 2.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|