أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-5-2021
2323
التاريخ: 2-5-2020
3206
التاريخ: 1-12-2016
7541
التاريخ: 21-9-2016
2086
|
ينتسب حمورابي إلى أسرة حاكمة أمورية، حكمت بابل منذ بداية القرن التاسع عشر قبل الميلاد حتى عام1595ق.م تقريباً، وكان حمورابي السادس في ترتيب ملوك المملكة البابلية القديمة التي حكمها (1792-1750ق.م)، وكان أشهرهم لأسباب عدة، في مقدمتها أنه أقام دولة مترامية الأطراف، ضمت مناطق بلاد مابين النهرين، دجلة والفرات كلها، ووصل نفوذه إلى مناطق مجاورة في شمالي سورية وجنوب غربي إيران (عيلام)، حتى غدت المملكة البابلية في عهده أكبر دول الشرق القديم وأكثرها قوة وازدهاراً، وصارت اللغة البابلية لغة التجارة والأدب والدبلوماسية في العالم القديم، وبقيت كذلك حتى حلت محلها اللغة الآرامية منذ القرن السادس قبل الميلاد. وكانت أوضاع المنطقة عند استلام حمورابي سدة الحكم مضطربة، وكل حاكم يحاول فرض سيطرته على من حوله، فيجمع الأنصار، ويثبت حكمه بإحكام تبعية الملوك الصغار له، كما يُعلم من رسالة لموظف كبير لملك ماري (تل الحريري اليوم)، يقول فيها: (إنه ليس ثمة ملك واحد قوي بنفسه، فحمورابي يقف وراءه (ويتبعه) عشرة إلى خمسة عشر ملكاً...) ثم يعدد غيره من الملوك. فكان على حمورابي أن ينتهج سياسة عُرف بها دون غيره من المنافسين، وهي سياسة التحالف المؤقت، وسياسة الخطوة التي تتبعها خطوة تعززها، فكان يتحالف مع الأقرب ضد البعيد، وعندما ينتصر على البعيد، يعود إلى الأقرب بعد أن يتحالف مع غيره. وعلى الرغم من وقوف ملك ماري زيمري ليم معه، وتقديم العون الدائم من المحاربين والعتاد، وإقناع ملك حلب بمؤازرته في ذلك، فإنه لم ينج من مصير غيره من الحلفاء حين جعله حمورابي آخر الضحايا، فأكمل بذلك حمورابي توسيع دولته بعد ثلاثين سنة من المعارك والتحالفات.
لم تكن حنكة حمورابي تقتصر على السياسة والحرب، بل تبدو أيضاً في تنظيم المملكة وإدارتها، وكان يتابع بنفسه شؤون الأقاليم ويتدخل فيها، فألغى منصب الإنسي Ensi (الحاكم المحلي) الذي لم يعد صالحاً في الدولة الكبيرة، وعين موظفاً كبيراً مكانه لإدارة الأقاليم والمدن الكبيرة، يتبع توجيهات الملك ويستمد صلاحياته المحدودة منه. وغيّر النظام الاقتصادي أيضاً، فلم يعد القصر يمتلك مقدرات الدولة الاقتصادية وحده، ويتصرف بها، بل ظهرت الملكية الخاصة، وصارت لها مكانة بارزة في المجتمع، في مجال ملكية الأرض وزراعتها، وفي الأعمال الحرة والخدمات. كما برز دور إله مدينة بابل المحلي «مردوك» الذي كان شأنه لا يختلف عن شأن مدينة بابل نفسها، قبل وصول حمورابي إلى العرش، فصار إلهاً للدولة كلها، وأهّله هذا لاحتلال مكانة رفيعة في مجمع الآلهة السومري - الأكادي.
لم يصب حمورابي بالغرور، على الرغم من الإنجازات السياسية الكثيرة التي حققها، والوحدة التي تمت على يده وجمعت كل مناطق بلاد مابين النهرين، فلم يؤلّه نفسه، كما فعل غيره من الملوك العظام من قبل، بل اكتفى باللقب المألوف (ملك الجهات الأربع)، وكان مخلصاً لرعاياه (ذوي الرؤوس السود) كما تدعوهم المصادر، وحريصاً على رعاية مصالحهم، وتحقيق العدالة والرفاهية لهم، فأطلق على نفسه لقب (الراعي( و(الوالد).
قانون حمورابي:
تعود شهرة حمورابي العظيمة إلى التشريعات التي عُرفت باسمه، ودُعيت «قانون حمورابي»، الذي توّج به أعماله الكبيرة طوال ثلاثة وأربعين عاماً قضاها في حكم بابل. فقد أصدر قانونه في العام الرابع والثلاثين من حكمه، بعد أن استقرت الأحوال في كل البقاع التي دانت لحكمه، وصار من الضروري أن تنظم العلاقات بين مختلف فئات المواطنين، وبين لمواطنين والقصر، وأن تحدد حقوق الجميع بما يتلاءم والأعراف السائدة، وينسجم مع التقاليد الساميّة. وقد دوِّن النص باللغة البابلية وبخطها المسماري على مسلة من حجر الديوريت الأسود، ارتفاعها 2.25م، ومحيطها عند القاعدة 1.90م، أما قسمها العلوي فهو أضيق وذو شكل هلالي، ويظهر عليه مشهد يمثل الملك حمورابي واقفاً أمام إله الشمس، إله العدالة. وتُعرض المسلة، التي عثر عليها عام 1901، اليوم في متحف اللوفر بباريس.
يتألف القانون من المقدمة، ومن المتن الذي يشتمل على المواد القانونية، ومن خاتمة، أما المقدمة فتشمل نحو 303 أسطر، وصيغت بلغة شعرية، يتحدث فيها حمورابي عن أعماله المختلفة، ويؤكد شرعية حكمه، ثم تتوالى مواد القانون وعددها 282 مادة. ويعالج القانون قضايا اقتصادية واجتماعية عرفها المجتمع في عهد حمورابي، فهي تتناول أمور القضاء والأمن، وحقوق المحاربين ومسؤولياتهم وشؤون الزراعة والملكية وشروط القروض، والأحوال بما تتضمنه من أمور الزواج والطلاق والميراث، وتتطرق إلى القصاص والتعويضات، وإلى أجور أصحاب المهن، واشتملت في ثناياها على أحكام راقية يقبلها المنطق في كل عصر، وأحكام أخرى يصعب على المرء قبولها إلا بمنطق العصر الذي ظهرت فيه. وغلب على معظم المواد طابع الشدة والقسوة في مواجهة الإضرار بمصالح الدولة والاعتداءات على النفس والمال، وكان المبدأ الذي يتعامل معه، معالجة الأضرار التي لا تتسبب بالموت، هو (العين بالعين والسن بالسن)، ولكنه لم يطبق على كل الطبقات الاجتماعية، إذ كان المجتمع في عهد حمورابي وفي قانونه ينقسم إلى ثلاث طبقات:
الأحرار والعبيد وطبقة متوسطة بينهما، فإذا ما نجمت الأضرار نفسها عن طبقة عليا ولحقت أفراداً من طبقة أدنى كانت العقوبة أخف، وتقضي بالتعويض المادي وحده. وفي الخاتمة يرجو حمورابي من الآلهة أن تعاقب كل من لا يعمل بقانونه أو يحاول محو اسمه عنه، ويؤكد أن هدفه من وضع القانون إحقاق الحق وتطبيق العدالة.
لم يكن حمورابي أول ملك في بابل يضع القوانين، كما كان يفترض الباحثون قبل اكتشاف قوانين أورنمو، وليبيت عشتار وأشنونة، فلم تكن تشريعاته وليدة عهدها وحده، ولم تكن الأولى من نوعها، بل تضمنت بطبيعة الحال مواد كثيرة سبقه إليها أصحاب القوانين السابقة، وأبقت بعضها على حاله، وعدلت بعض المواد الأخرى، وزادت عليها مواد جديدة تناسب العصر الذي صدر فيه القانون. وقد كان لقوانين حمورابي تأثير كبير في قوانين الشرق القديم وتشريعاته.
استمرت الدولة البابلية بعد حمورابي على يد خمسة خلفاء من نسله، ولكن الضعف بدأ يدب في أوصالها، والأخطار تتهددها، والأقاليم تنفصل عنها بدءاً من عهد ابنه سمسو إيلونا، حتى وجه الحثيون لها ضربة قاضية عام 1595ق.م، ولكنهم لم يبقوا في بابل بل انسحبوا منها، واستلم الحكم الكاشيون الذين كانوا يتربصون ببابل الدوائر، وأقاموا دولة فيها دامت نحو أربعة قرون.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|