أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-9-2016
231
التاريخ: 9-9-2016
102
التاريخ: 9-9-2016
173
التاريخ: 9-9-2016
163
|
لون من ألوان الكلام المنظوم، ظهر في الاندلس في أواخر القرن الثالث للهجرة، اخترعه محمد بن محمود القبري الضرير كما يرى ابن بسام (1)، أو مقدم بن معافر الفريري في رواية ابن خلدون، (2) وهو يختلف عن القصيدة فمن حيث الوزن تتفق الموشحات المنظومة بالفصحى في معظمها مع أوزان الخليل المعروفة، ولكنها قد تخرج في نماذج أخرى عن هذه الاوزان، لا سيما إذا كانت منظومة بالعامية أو ما يقرب منها في إيثار التسكين في عباراتها، وكذلك تخالف الموشحات قصائد الشعر بخروجها على مبدأ القافية الواحدة واعتمادها جملة من القوافي المتناوبة والمتناظرة وفق نسق معين، واحتواء بعض أجزائها، خاصة الخاتمة على العبارة العامية.
كانت الموشحات في الاندلس ثمرة حياة الغنى والرخاء، تلك الحياة التي جنح الناس فيها الى الترف واللهو والموسيقى والغناء والطرب الى جانب روح التجديد التي سادت في المجتمع الذي تظلله حرية القول والعمل والحركة والابداع.
لم يعرف المشرق – وان كان معهد القصيدة – الموشح إلا في عهد متأخر ذكر أحد الباحثين أن الموشح نقل الى المشرق في أخريات القرن السادس للهجرة (3)، وذهب آخر الى أن ابن سناء الملك أول من أدخل هذا الفن (4) الى المشرق.
ويجدر بنا أن نشير هنا الى أن الموشحات انتقلت الى المشرق بوساطة رحلات العلماء والأدباء والفقهاء في نهاية القرن الخامس للهجرة، وبدأ الشعراء بالنظم على غرارها في مطلع القرن السادس للهجرة، وكانت مصر السباقة الى ذلك، لا سيما الاسكندرية، ومن أبرز الشعراء الذين وصلت الينا نماذج من موشحاتهم: علي بن عياد الاسكندري (5) (ت 572هـ)و ظافر الحداد الاسكندري(6)(ت529هـ) و ابن قلاقس الاسكندري (7)(ت567هـ) وموسى بن علي الاسكندري (8) (ت572).
وقد حاول المشارقة – بعد استيعاب الموشحات الاندلسية وحفظها – أن يظهروا مقدرتهم وكفاءتهم في هذا الفن الجديد، فنظموا فيه، وأجادوا أيما إجادة، وغيروا بعض صوره، وجددوا في ألوانه، وكان ابن سناء الملك (ت 608هـ) أحد المعنين به، وله كتاب (دار الطراز في عمل الموشحات) وقد أورد فيه موشحات أندلسية الى جانب موشحات من نظمه، وكأنه أراد أن يثبت مقدرته فيه وتفوقه على أقرانه المغاربة، ومن محاولاته في هذا التفوق زيادة عدد أجزاء الموشح، لا سيما في الأقفال، حيث أوصلها الى أحد عشر قفلاً في الموشح الواحد، وقد كان العدد المعروف في الموشح الأندلسي لا يكاد يتجاوز سبعة أقفال.
ومضى الموشح المشرقي نحو الازدهار والتطور، وكثر عدد الوشاحين، نذكر منهم على سبيل المثال: ابن الدهان الموصلي (9) (ت 581هـ) وأبا عثمان البلطي الموصلي (10) (ت 599هـ) وابن زيلاق الموصلي (ت 660هـ) وأيدمر المحيوي (ت 674هـ) وشهاب الدين التلعفري (ت 675هـ) وتقي الدين عبد الله بن علي السروجي (ت 693هـ) وأحمد بن عبدالملك العزازي (ت710هـ) وابن دانيال الموصلي (ت 710هـ) وابن الملحمي الواعظ الواسطي (ت 744هـ) وصفي الدين الحلي (ت 750هـ) وابن نباتة المصري (ت768هـ) ...
وتنقسم الموشحات بشكل عام من ناحية الأوزان الى قسمين، منها ما جاء على أوزان أشعار العرب، ومنها ما لا وزن له، وهو كما يقول ابن سناء الملك (11) (الكثير والجم الغفير، والعدد الذي لا ينحصر، والشارد الذي لا ينضبط وكنت أردت أن اقيم لها عروضاً يكون دفتراً لحسابها وميزاناً لأوتادها وأسبابها، فعز ذلك وأعوز لخروجها عن الحصر وانفلاتها من الكف). وقد حاول المستشرق الألماني (هارتمان) في دراسة له ارجاع أوزان لموشحات الى 146 وزناً أو بحراً مشتقة من بحور الشعر العربي الستة عشر، غير ان هذه المحاولة تتسم بالتكلف في بعض جوانبها، اذ هناك موشحات تشذ عن الأوزان التي ذكرها هارتمان، ولا تخضع لها (12).
لقد كانت الموشحات الأندلسية تتراود بين الفصحى والعامية، وقد تساهل عدد من الشعراء في هذه اللغة طالما كانوا يبغون إرضاء الأذواق العامة كما كانت ترضي الأغاني الشعبية هذه الأذواق، أما الموشحات المشرقية فكانت في الغالب تدور – وان لم تخل من اللحن – في تلك الأوزان العربية المعروفة، ويحسن بنا أن نورد هنا موشحة لنقف عن تعاريف أجزائها، قال أحمد بن عبد الملك العزازي (13):
يا ليلة الوصل وكأس العقار دون استتار علمتماني كيف خلع العذار
اغتنم اللذات قبل الذهاب
وجر أذيال الصبا والثياب
واشرب؛ فقد طابت كؤوس الشراب
على خدود تنبت الجلنار ذات احمرار طرزها الحسن بآس العذار (14)
الراح لاشك حياة النفوس
فحل منها عاطلات الكؤوس
تجلى على خطابها في إزار من النضار حبابها قام مقام النثار (15)
أما ترى وجه الهنا قد بدا
وطائر الأشجار قد غردا
والروض قد وشاه قطر الندى
فكمل اللهو بكأس تدار على افرار مباسم النوار غب القطار (16)
فاجن بالوصل ثمار المنسي
وواصل الكأس بما أمكنا
مع طيب الريقة حلو الجنى
بمقلة أفتك من ذي الفقار ذات احورار منصورة الاجفان بالانكسار (17)
زار وقد حل عقود الجفا
وافتر عن ثغر الرضا والوفا
فقلت والوقت لنا قد صفى
يا ليلة أنعم فيها وزار شمس النهار حييت من دون الليالي القصار
أجزاء الموشحة:
المطلع: إذا افتتح الموشح به سمي تاماً، وان لم يستهل به سمي أقرع أي ليس في رأسه شيء، وموشحه العزازي السابقة تامة.
القفل: وهو يشبه المطلع في الوزن والقافية. والاقفال ليس لها عدد محدد، ولكن أغلب الموشحات لها خمسة أقفال، والقفل الواحد يتركب من جزأين فأكثر الى ثمانية أو عشرة، وقد أوصله ابن سناء الملك الى أحد عشر.
الغصن: وهو القسم الواحد من المطلع والقفل والخرجة، وقد يكون جزأين، أو ثلاثة كما في موشحة العزازي، وقد يكون أربعة.
الدور: ويأتي بعد المطلع إذا كان الموشح تاماً، أو مباشرة إذا كان الموشح أقرع، والحد الأدنى له ثلاثة أقسام، وقد يكون أربعة أو خمسة ولا يتجاوز ذلك الا نادراً.
السمط: وهو القسم الواحد من الدور، ويكون مفرداً كما في موشحة العزازي، أو يكون من فقرتين أو ثلاث أو أربع.
البيت: وهو الدور مع القفل الذي يليه (18).
ومن أبرز ما يلاحظ في الموشح المشرقي التطور في الأغراض التي عالجها فإلى جانب الغزل والمجون والخمر والمديح والهجاء والرثاء نجد موشحات في التصوف، والمراسلة بين الأدباء أو ما يعرف بالاخوانايات.
أما من الناحية الفنية فان الوشاحين المشارقة أغرقوا في ضروب البيان والبديع، لا سيما التورية ويذكر المؤرخون أعلاماً في فن التوشيح عرفوا باستعمالهم التورية، منهم ابن نباتة المصري الذي أبدى براعة في استعمالها وتفنن في تحقيق الانسجام بين الملحن والغناء من جهة، وبين ألفاظ الموشحة من جهة أخرى (19).
لقد بقي المشارقة حاملين لواء التوشيح بعد سقوط غرناطة سنة 897هـ. وتفننوا في ألفاظه ومعانيه وصوره، وصاروا يعنون به في مجالس لهوهم وفرحهم، وأثر ذلك عنهم، وصار مستعملاً شائعاً الى عهد قريب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة 1: 469.
(2)مقدمة ابن خلدون ص 584.
(3)الأدب في العصر المملوكي 1: 306.
(4)مقدمة دار الطراز في عمل الموشحات ص 10.
(5)الخريدة، قسم مصر، ص : 44.
(6)ديوان ظافر الحداد ص 334، 338.
(7)ديوان ابن فلافس 1: 81.
(8)الخريدة، قسم مصر، ص: 113.
)9) قال محقق ديوانه: (هو أول شاعر مشرقي عراقي نظم الموشحات حسب استقرائنا الشعر العربي في الشرق، وحسب ما توصل اليه البحث). ص270.
(10)ينظر مقالنا (أبو الفتح البلطي الموصلي)، مجلة الجامعة، العدد 9ن السنة 1978.
(11)دار الطراز في عمل الموشحات ص47.
(12)في الأدب الأندلسي للدكتور جودة الركابي ص302.
(13) المنهل الصافي 1: 344، فوات الوفيات 1:98، عقود الآل في الموشحات والازحال ص 23.
)14) العقار: الخمر. خلع العذار: مجاز عن ترك الحياة، يضرب للشاب المنهمك في غيه.
)15) النضار: الذهب. الحباب: ما يعلو سطح الماء والكأس من الفقاعات. النثار: ما ينثر للعروس.
)16)افتر: ضحك، يقال: افتر ضاحكاً إذا أبدى أسنانه. النوار: الزهر، أو الأبيض منه. القطار: جمع قطر أو قطرة، يريد بعد المطر.
(17)ذو الفقار: سيف لسيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
(18)ثمة اختلاف بين الباحثين في هذه التسميات، فبعضهم يسمى الدور بيتاً.
(19)ينظر (ابن نباتة المصري أمير شعراء المشرق) ص 333 ، 337.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|