الأسس الجغرافية للتخطيط الاقليمي (الأسس الطبيعية - أشكال السطح) |
2283
11:19 صباحاً
التاريخ: 31-8-2016
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-2-2022
999
التاريخ: 3-3-2022
1863
التاريخ: 2023-03-16
834
التاريخ: 9-7-2021
1786
|
يحتاج المخطط الى الالمام الكامل بأشكال السطح كالمرتفعات والوديان ودرجات الانحدار وزوايا ميل المنحدرات والأودية النهرية واتجاهات الحواجز الطبيعية الرئيسية ، ويحتاج كل شكل من هذه الأشكال الى دراسة تفصيلية لمعرفة أهميته ودوره في المظاهر الطبيعية والبشرية والاقتصادية المختلفة وهو المجال الذي يسهم فيه الجغرافي بدور كبير (1) :
ولأشكال السطح تأثير كبير في النشاط البشري وتطوره ، وخاصة ما يتعلق بالإنتاج الاقتصادي ، كما أن لها دوراً واضحاً في التخطيط الاقليمي ، وقد تكون أشكال السطح عاملاً مساعداً للنشاط البشري وقد تكون معرقلة له ، فالسهول تعد أكثر ملائمة للنشاط من الجهات الجبلية وبالتالي أكثر استيعاباً لأعداد كبيرة من السكان ، وعلى العكس من ذلك يقل السكان في المناطق الجبلية لوعورتها وشدة انحدارها وانجراف التربة باستمرار في حالة وجودها ، وصعوبة اتصالها بالجهات المجاورة وارتفاع تكاليف انشاء الطرق المختلفة بها لعدم انتظام السطح وضرورة انشاء الممرات في بعض الأحيان.
ويفضل الانسان سكنى المناطق الجبلية في الأقاليم الحارة لاعتدال مناخها كما هي الحال في كينيا وتنزانيا بأفريقيا ، والمكسيك وكولومبيا واكوادور في أمريكا اللاتينية ، ففي مثل هذه الدول ترتفع كثافة السكان في الجهات الجبلية عنها في الجهات منخفضة المنسوب حيث تشتد درجة الحرارة وترتفع نسبة الرطوبة .
وتتوافر في المناطق السهلية كل الظروف التي تلائم الانتاج الاقتصادي وتساعد على تجمع السكان بأعداد كبيرة ، فاستواء السطح يساعد على حفظ التربة التي تتسم بجودتها وخصوبتها وخاصة الفيضية منها مما يساعد على قيام زراعة ناجحة تعمل على استقرار السكان بأعداد كبيرة في مراكز عمرانية متباينة الأشكال ، كما يسهل في هذه المناطق مد الطرق المختلفة التي تعمل على ربط السكان وتسهل انتقال كل من الأفراد والأفكار ، لذا يلاحظ ان كل الحضارات البشرية القديمة في مصر أو في العراق أو في الهند أو في الصين نشأت وتطورت في مناطق السهول ، يستثنى من ذلك حضارة الأنكا في أمريكا الجنوبية التي نشأت في نطاق جبال الانديز .
ولا يقتصر النشاط البشري في المناطق السهلية على الزراعة لتوافر مياه الانهار والتربات الخصبة ، وانما قد يمارس الانسان ايضاً حرفتي التعدين والصناعة اذا ما توافرت مقوماتهما ، وقد نجح الانسان في ممارسة حرفة الزراعة في بعض المناطق الجبلية سواء كان ذلك في مناطق الوديان (وهي مناطق تتسم بسمك تربتها الكبير نسبياً وبأنها محمية من الرياح القوية) أو على السفوح المنحدرة بعد أن حولها الى مدرجات كما حدث في اليابان وأندونيسيا والفلبين واليمن وليبيا . وقد تفوقت بعض المحاصيل المزروعة فوق المدرجات الجبلية على مثيلتها المزروعة في المناطق السهلية من حيث الجودة ، كما هي الحال بالنسبة للبن اليمني المزروع على المدرجات والذي يعد أجود أنواع البن في العالم ، ولكن لا ترجع الجودة هنا الى عامل الارتفاع فقط وانما ساهم في ذلك عوامل أخرى أهمها خصائص المناخ ونوع التربة ، وقد نجحت مثيلتها المزروعة في السهول ، ففي بعض جهات جنوب شرق آسيا المزدحمة بالسكان وحيث يشتد الضغط على الاراضي الزراعية اتجه الانسان الى زراعة الأرز على المدرجات الجبلية حتى أصبح أرز المرتفعات يلعب دوراً هاماً سد احتياجات الأسواق المحلية مع أرز السهول .
واستطاع الانسان التغلب على أهم المشاكل التي تعترض زراعة المناطق الجبلية وهي مشكلة تعرية التربة وانجرافها بتنظيم العمليات الزراعية واتباع طريقة الحرث الكنتورية وفيها تتعامد خطوط الحرث مع اتجاه الانحدار .
ويعد التعدين وقطع الأشجار والرعي والسياحة أهم الحرف التي يمارسها الانسان في المناطق الجبلية ، فالجهات الجبلية أماكن مثالية لاستخراج الموارد المعدنية لعدم انتظام سطحها وتضرسه مما يؤدي الى سهولة ظهور الخامات المعدنية في المناطق المقعرة ، وعلى جوانب الأودية ، لذا يرى البعض أن الجهات الجبلية مما ساعد على انتشار حرفة قطع الاشجار وانتاج الأخشاب والورق والحرير الصناعي كما هي الحال في جهات كثيرة من قارتي أمريكا الشمالية وأوربا بصفة خاصة ، وأحياناً تكسو الحشائش سفوح جبلية أخرى مما يساعد على ازدهار حرفة رعي الماشية على السفوح غزيرة الأمطار ، والأغنام والماعز على السفوح الأقل مطراً . وتعتبر السياحة حرفة هامة في بعض الجهات الجبلية حين تنتشر الغابات وتتساقط الثلوج التي تكون غطاء دائماً من الجليد يساعد على ممارسة هواية التزحلق على الجليد مما يجذب أعداداً كبيرة من السياح ، وفي مثل هذه الجهات تساهم السياحة بدور كبير في الاقتصاد القومي كما هي الحال في سويسرا ولبنان .
وكثيراً ما يكون للمناطق الجبلية أثرا مباشرا في تكون جهات صحراوية جافة وذلك عندما تعترض الرياح المحملة ببخار الماء والتي تسقط أمطارا غزيرة ، ثم تصبح جافة عندما تصل الى الجهات الواقعة في ظلها ، مثال ذلك هضبة الحوض العظيم في امريكا الشمالية ، والنطاق الصحراوي الواقع خلف جبال أطلس في المغرب العربي بأفريقيا ، وحوض تاريم في آسيا ، والنطاق الصحراوي في وسط وغرب أستراليا . وسقوط الأمطار الغزيرة على الجهات الجبلية الوعرة يؤدي الى تجمع المياه في مجاري سريعة استغلتها بعض الدول في توليد الكهرباء لإدارة مصانعها كما هي الحال في السويد والنرويج وسويسرا وايطاليا حيث استطاعت هذه الدول تعويض افتقارها في موارد القوى الأخرى كالفحم وزيت البترول باستغلال الساقط المائية في المناطق الجبلية لتوليد الكهرباء .
وتتجمع مياه الامطار المتساقطة على المناطق الجبلية وتغذى أحيانا أنهاراً كبيرة تمتد في جهات صحراوية ، لذا تصبح مثل هذه الأنهار أساساً هاما للزراعة والحياة في مثل هذه الجهات كنهر النيل في النطاق الصحراوي الممتد شمال شرق أفريقيا ، ونهري سيحون وجيحون في التركستان السوفيتية بقارة آسيا .
ولاختلاف درجة انحدار السفوح الجبلية أثر واضح في الانتاج اذ عليها يتوقف سمك التربة وثباتها ، وبالتالي امكانية زراعة السفوح او استغلالها كمراعي ، ويلاحظ ان لمواجهة السفوح الجبلية للشمس أثراً في تحديد نوعية المحاصيل التي يمكن زراعتها ، فالسفوح التي تحظى بكمية كبيرة من أشعة الشمس يناسبها زراعة المحاصيل التي تتحمل الجفاف لارتفاع درجة حرارة تربتها ، كما تتميز المحاصيل التي تنمو بها النضج المبكر بفعل أشعة الشمس ، أما السفوح الأقل تعرضا لأشعة الشمس فتحتفظ تربتها بنسبة أكبر من الرطوبة لانخفاض درجة الحرارة مما يلائم نمو المحاصيل التي تحتاج الى كمية كبيرة من المياه ، ولمواجهة السفوح لأشعة الشمس وموقعها بالنسبة لدوائر العرض أثر مباشر في تحديد مدى ارتفاع خط الثلج الدائم أو انخفاضه وبالتالي تحديد مدى ارتفاع المناطق المستغلة سواء كمراعي أو كغابات .
ولاختلاف درجة الارتفاع دور غير مباشر في نوعية الانتاج ، فعامل الارتفاع فوق منسوب سطح البحر يؤثر في درجة الحرارة التي تؤثر بدورها في نوعية الانتاج الزراعي ، فلكل محصول درجة حرارة خاصة تلائمه ، فالشيلم والشوفان والبنجر والبطاطس يلائمها درجات الحرارة المنخفضة ، بينما تناسب درجات الحرارة المعتدلة كل من القمح والشعير ، في حين تحتاج محاصيل كقصب السكر والأرز والقطن والذرة الى درجات حرارة مرتفعة .
ويتضح اثر عامل الارتفاع على تباين الانتاج الزراعي من تتبع نوعية الانتاج على هضبة الحبشة في أثيوبيا بشرق أفريقيا ، ففي الجهات منخفضة المنسوب التي تعرف بإقليم القلة تنمو المحاصيل التي تحتاج الى درجة حرارة مرتفعة كالبن والقطن وقصب السكر والأرز ، بالإضافة الى أشجار الموز والمطاط والأبنوس ، اما في الجهات متوسطة الارتفاع والتي تعرف بإقليم الويناديجا فتنمو المحاصيل التي تحتاج الى درجة حرارة أقل كالقمح والشعير والتبغ وبعض أشجار فاكهة البحر المتوسط ، في حين تنمو الأشجار والحشائش التي تحتاج الى درجة حرارة منخفضة في الجهات مرتفعة المنسوب والتي تعرف بإقليم الديجا الذي يتحول الى مراعي ألبية تربى فيها الأغنام والماعز .
وجدير بالذكر أن تباين مظاهر السطح وما تبع ذلك من اختلاف مظاهر النشاط الاقتصادي أدى الى قيام حركة تبادل تجاري بين الأقاليم السهلية والجبلية كما هي الحال في بعض جهات سويسرا وايطاليا ، كما أدى الى قيام الرعاة في العالم القديم بحركة انتقال فصلية بين المناطق السهلية والجبلية تعرف باسم Transhumance .
وعموماً يمكن القول بأن دراسة أشكال السطح تعد أساساً هاما عند الشروع في وضع تخطيط يهدف الى استغلال سطح الارض في اقليم ما وتعميره ، ولتوضيح ذلك نذكر ان أشكال السطح تعد من العوامل الهامة التي يضعها المخططون في الاعتبار عند الشروع في تنفيذ أحد المشاريع التالية (2) :
1- مد شبكات الطرق وخطوط السكك الحديدية .
2- انشاء الموانئ والمطارات وتحديد مواقعها .
3- البحث عن المياه الجوفية .
4- الاستخدامات العسكرية (الطبوغرافية العسكرية) .
_______________
(1) للتوسع في هذه الدراسة انظر :
Carter, C. C., Land, - Forms and Life, London, 1938
(2) للتوسع في هذا الموضوع انظر : على عبد الوهاب شاهين ، بحوث في الجيومورفولوجيا ، الاسكندرية ، 1977 ، ص . ص 205 – 210 ، ص 215 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|