مفهوم التخطيط
المؤلف:
د. محمد دلف احمد الدليمي
المصدر:
تخطيط المدن والاستدامة الحضرية
الجزء والصفحة:
ص 43 ـ 45
2025-11-23
24
مفهوم مصطلح التخطيط planning لا يخرج عن المفاهيم النسبية للمصطلحات العلمية الأخرى والتي هي ذات مضامين واسعة في مجالاتها النظرية والتطبيقية ، إذ يختلف الباحثون في تحديد المفاهيم كل حسب تخصصه واتجاهاته وخلفياته الفكرية والايدلوجية والانتماءات الأخرى سواء كانت حضارية أو قومية أو دينيه أو فئوية ، إذ أن الوظائف الأساسية التي يحاول الإنسان توظيف التخطيط من اجلها تحدد إلى درجة كبيرة نوع المنطلق أو المرتكز الذي يحدد المفهوم، ويمكن القول هنا أن تنوع المفاهيم الخاصة بالتخطيط وتنوعها لا يعني الاختلاف وإنما التوافق، ولكن زاوية الرؤيا تختلف للأسباب التي ذكرت ويمكن أن تستعرض بعض المفاهيم الخاصة بمصطلح التخطيط ومن وجهات نظر مختلفة المدرسة الفكرية التي ينتمون لها وتبعا للظروف البيئية للأقاليم:-
يرى جون فريدمان في مؤلفه التخطيط الإقليمي (Regional planning) إن التخطيط هو عملية تحديد وإبراز الأهداف الاجتماعية المراد تحقيقها من خلال إعادة تنظيم وترتيب النشاطات المختلفة في مجال زماني ومكاني معين.
جون كلاسون يرى أن الاختلافات القائمة بين المناطق المختلفة من النواحي الاقتصادية والحضارية والسياسية تستدعي اللجوء إلى التخطيط في سبيل تحقيق المعالجات الضرورية لهذه الاختلافات وبالتالي تكون هناك حاله من التوازن بما يؤدي إلى تحسين الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
أما بيتر هول فيرى أن التخطيط يعني إعادة ترتيب أجزاء الشيء الواحد (to arrange the parts of) ويعني امتلاك القدرة على التصور للكيفية التي يكون عليها ذلك الشيء والتي ينبغي أن تكون أفضل صورة ممكنة ضمن الظروف المكانية والزمنية المحددة وكذلك إدراك المنجزات التي ستحقق في مرحلة لاحقة، ويمكن أن يكون المجال المكاني إقليما فيكون ذلك التخطيط الإقليمي.
أما الاقتصاديون فيرون أن التخطيط وسيلة أساسية لقيادة وتحقيق النمو الاقتصادي المتسارع في الأقطار الأقل تطورا من خلال زيادة الدخل والاستثمار الذي ينعكس على الحياة الاقتصادية للسكان بما يحقق رفع المستوى المعاشي ويرى الدكتورسعدي محمد صالح أن التخطيط يعني مجموعة من التحويرات النظرية والعملية التي يجريها الإنسان بإرادة واعية على عناصر البيئة في سبيل أن يحقق أكبر منفعة عبر أفضل استعمال الجميع مصادر الثروة الطبيعية والبشرية من اجل حالة أحسن وحياة أفضل للإنسان والمجتمع الإنساني ضمن ظروف مكانية وزمانية محددة وبهدف تحقيق المصالح العامة القائمة على العدل والمساواة والرفاه للمجتمع وترى أن التخطيط هو مجموعة من القرارات والإجراءات التي تتخذ من قبل متخصصين وتستند على أسس نظرية قابلة للتطبيق على واقع الحال من اجل تنظيم أو تطوير أو تنمية قطاع معين أو من اجل تحقيق تنمية شاملة من خلال الاستثمار الأمثل لموارد البيئة الطبيعية والبشرية بما يحقق تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي وبالتالي تحقيق الرفاهية للمجتمع ، إن هذه الإجراءات والقرارات تتخذ من خلال عملية تخطيطية (planning process) متكاملة ومنتظمة تتضمن الخطوات الآتية:
1- دراسة واقع الحال (existing situation) العملية التخطيطية تحتاج إلى دراسة جغرافية شاملة للخصائص التي يتصف بها البلد أو الإقليم او المناطق الحضرية تتضمن دراسة واقع الحال الطبيعي والذي يشتمل على دراسة التكوين الجيولوجي، أشكال السطح ، المناخ ، التربة الموارد المائية والنبات الطبيعي ، ثم دراسة السكان ، نموهم ، وتركيبهم الديموغرافي ، وتوزيعهم الجغرافي ، ثم دراسة الجانب الاقتصادي بكافة قطاعاته الزراعية ، الصناعية والخدمية ، ثم دراسة موضع وموقع المدينة وطرق النقل ونمط المباني والخدمات العامة البني التحتية والخدمات المجتمعية ومشكلات التلوث من خلال هذه الدراسة يتم الكشف عن الإمكانات والمعوقات للتخطيط.
2 ـ في ضوء ما يتم من دراسة واقع الحال يتم تحديد الأهداف المراد تحقيقها من العملية التخطيطية وعادة ما تكون أهداف عامه وأهداف خاصة وأهداف مرحلية وتحدد وفق الإمكانات المتوفرة.
3 ـ وضع البدائل (alternatives ) اللازمة لتحقيق الأهداف، هذه البدائل قد تكن ثلاثة أو أكثر، ولكن يفترض أن تكون ضمن التوجه العام الذي يحقق الأهداف وبالتالي تكون قابلة للاختبار وفق معايير علمية تحدد من قبل متخصصين لاختيار البديل الأفضل.
4- اختيار البديل الأفضل الذي يفترض أن يكون مناسباً للنظام الاقتصادي والسياسي للدولة أو الإقليم الذي يقع تحت تأثير ذلك النظام، فإذا كان النظام الاقتصادي يقع تحت تأثير النظام الرأسمالي فعادة ما يستخدم للمفاضلة بين البدائل طريقة (in put out put analyses) تحليل الكلف والفوائد، وإذا كان النظام رأسمالي فعادة ما تستخدم طرقة تحليل الكلف والفوائد (cost benefit analysis) وما بين الاثنين يمكن أن تستخدم أي طريقة أخرى للاختبار شرط أن تحقق الأهداف المحددة مع مراعاة النظام الاقتصادي والسياسي للبلد الذي تقع تحت تأثيره.
5- اعتماد البديل الأفضل (Best Alternative) وهنا يجب أن تتخذ الأجرات الآتية:-
- تحديد المسؤوليات الإدارية اللازمة للتنفيذ ويفترض أن تكون تلك المسؤوليات واعية ونزيهة الإدارة المشروع المحدد لها.
- رصد الأموال اللازمة لتنفيذ المشاريع.
- تحديد البرنامج الزمني لتنفيذ تلك المشاريع.
6- المباشرة في تنفيذ الخطة على الواقع حسب البرنامج التطبيقي المحدد ، مع الأخذ بنظر الاعتبار الأولويات في التنفيذ حسب ما تسمح به الإمكانات الفنية على أن لا تتداخل الأعمال بشكل يؤثر على المسار العام للخطة، مع مراعاة البرنامج الزمني.
7- اختبار مرحلي للخطة المنفذة مع تحديد نسب الانجاز وحسب البرنامج الزمني ، من خلال هذه الإجراءات يتحقق الاطمئنان بأن الخطة تنفذ بشكل سليم، فضلا عن الالتزام بالبرنامج الزمني المحدد بحيث يتم تقييم كل مرحلة وعلاقتها بالمرحلة اللاحقة.
8- اعتماد مبدأ العودة إلى البداية Feed Back في حالة مواجهة عقبات أثناء التنفيذ بحيث تؤدي تلك العقبات إلى انحراف الخطة في تحديد الأهداف المحدد لها أو عند اكتشاف كون الخطة لا تحقق حاجات السكان وتطلعاتهم ، وفي هذه الحالة الأمر يتطلب مراجعة كل المراحل السابقة بحيث تتحقق من خلال المراجعة الاستثمار الأمثل (full utilization ) للموارد وتحقيق أعلى منفعة من خلال تنفيذ الخطة.
الاكثر قراءة في جغرافية التخطيط
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة